مواضيع اليوم

الصهيونية تحت المجهر

رباح القويعي

2009-12-18 14:27:48

0


لقد بات واضحاً وأكثر من أي وقت مضى أن الكيان الصهيوني لا يعتمد في بقائه وقوته على جنوده وأسلحتهم المتنوعة فقط، فهذه مظاهر طبيعية لكيان أسس نفسه على أشلاء الضحايا وقوي عوده واشتد ساعده بدماء الأبرياء من أبناء الأمة العربية الفلسطينية، ولكن الأخطر من ذلك والتي يعتمد “الاسرائيليون” تماماً على مساندتها هي القوى الداعمة للصهيونية والتي تتمثل في الجماعات والمنظمات الأصولية (المسيحية - المتصهينة) ممن يعتقدون وبإيمان عميق ان “اسرائيل” هي رمز الخلاص وتتجسد هذه الحركة المسيحية وفكرها المتهود في مؤسسات إعلامية وإمكانيات مالية كبيرة وتحالفات متعددة تظهر بشكل قوي في الولايات المتحدة الأميركية ولها ارتباطات وثيقة وكبيرة مع “اسرائيل” فهي باعتقادهم تمثل تحقيق النبوءات التوراتية وهي أيضاً تشكل الحليف الأقوى والشريان الأساسي لواشنطن في المنطقة•
اليهودية كدين تعتبر مغلقة فلا يحق لغير اليهودي أن يتهود كعقيدة وبمعنى آخر فلا تبشير ولا دعوة في الدين اليهودي، ولكن المرء يمكن أن يتهود كفكر ويخدم من خلال موقعه المصالح اليهودية المختلفة، ولقد أدرك حكماء صهيون ذلك منذ وقت بعيد واتجهوا الى اختراق الساحة الفكرية والعقيدية وفق مخطط مدروس ومتقن فكانت الصهيونية وليدة التراث الفكري الاستعماري الغربي في القرنين التاسع عشر والعشرين وهي أداته في المنطقة، وقد بدأ الاهتمام الغربي بالصهيونية كفكرة منذ القرن السابع عشر ولكن الاهتمام الفكري تحول الى فكر سياسي ثم الى مخطط استعماري ثابت تحركه الأدمغة اليهودية، أو كما يطلق عليها (أدمغة أحبار اليهود)، واستطاعت هذه الأدمغة عبر مخططاتها المحكمة والمتقنة إيجاد قناعات ثابتة لدى شرائح المسيحيين في الغرب بأن دعمهم للدولة “الاسرائيلية” إنما هو التزام ديني لا غبار عليه ولهذا فلم يكن السر الحقيقي للنجاح الصهيوني في الغرب يعود الى سيطرة اليهود على الإعلام فقط أو الى مقدرتهم العالية على الإقناع والتلاعب بالعقول ولكن الى أن الصهيونية الجديدة تشكل فرعاً من عقيدة ملايين المسيحيين الذين يؤمنون بأن دعمهم لإسرائيل هو واجب ديني!!
ومن هنا فإن “اسرائيل” في نظر الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً إنما تخدم مصالحهم مباشرة في المنطقة حتى لو ظهرت بعض بوادر الاختلاف والتي غالباً ما تكون هامشية لا تذكر، فقضية وجود “اسرائيل” وبقائها كدولة قوية وامتلاكها لكل أسباب القوة هي قضية مسلم بها لا اختلاف عليها في الغرب وكذلك الحال بالنسبة الى دعمها المتواصل تحت حجج مختلفة ومن مصادر عديدة، فلا تكاد تخلو دولة في الغرب لا تخصص مساعدات لإسرائيل في ميزانيتها كما ان كل ما تتوصل اليه هذه الدول من تكنولوجيا حديثة ومتطورة في مختلف الميادين يصل فوراً الى الكيان الصهيوني دعماً له لمواصلة بقائه وازدياد بسط نفوذه وما ذاك إلا لأن الفكر اليهودي بات مسيطراً على العقول الغربية وباتت تلك الشعوب تخدم المصالح العديدة للإسرائيليين دون تهويد عقيدي وإنما فكري وهو أخطر مئات المرات من الأولى، فليس ضرورياً أن تكون يهودياً حتى تكون صهيونياً، لأن الصهيونية ليست جزءاً من تاريخ اليهود ولا التوراة ولا التلمود، ونحن نرى ونعلم أن الصهيونية لم تظهر في يهود سوريا واليمن والمغرب، ولكنها ظهرت في يهود الغرب، فهي إذن جزء من الحركة الاستعمارية الغربية بشكل أساسي واستطاعت الأدمغة اليهودية تسخير بعض المسيحيين لخدمتها تماماً كما استطاعت شراء بعض المسلمين العرب وغير العرب وهي وإن كانت قليلة جداً ونادرة في الحالة الأخيرة إلا أنها (الصهيونية) لا تألو جهداً في مواصلة مخططاتها ومحاولاتها المتكررة لتسخير الشعوب كافة لخدمتها وتحقيق أهدافها بالترغيب تارة والترهيب تارات عديدة وتعلم وتدرك في ظل توازن القوى المعدوم عالمياً في الوقت الحالي ان أحداً لن يحاسبها أو يتهمها أو يوقفها عند حدها جراء ما تفعله من جرائم وانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني وإن كان ما تريده تأخذه بالطريقة التي تحددها هي دون أن تشغل بالها بالنتائج وهي مطمئنة تماماً بأن أصحاب القرار في الدول الغربية سيواصلون تقديم الدعم بكل أشكاله منطلقين من فكر صهيوني راسخ في عقولهم وإيمان مطلق لديهم بأن دعم “اسرائيل” ومساندتها إنما هما واجب مبدئي ديني لا تراجع عنه

د. رشيد بن محمد الطوخي
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !