يتهم الدكتور محمد بكر البوجي أستاذ الأدب والفكر بجامعة الأزهر في غزة ( إسرائيل ) بسرقة التراث الفلسطيني، إبتداء من الثوب التراثي، والنجمة السداسية، وحتى عملة الشيقل المتداولة في إسرائيل وتسجل كل ذلك باسمها في "اليونسكو".
جهد كبير، ووقت طويل قضاه أستاذ الأدب والفكر بجامعة الأزهر في غزة الدكتور محمد بكر البوجي في البحث والدراسة والقراءة العميقة والتفكير قبل أن يطل على الفلسطينيين والوطن العربي بمعلومات نتائجها إدانة لإسرائيل واكتشافها " كدولة سارقة للتراث والتاريخ لتصنع لنفسها كيانا وهوية ليس هويتها وتاريخ ليس بتاريخها". حسب قوله، مؤكدا أنه يحاول من خلال دراسته، أن يحارب فكريا وتاريخيا لكيان سانده اليونسكو "في سرقته"، محرضا بذلك الجيل الفلسطيني الشاب كي يكون قنبلة فكرية موقوته تدافع عن تراثها وتجمعه وتعيده وتنسبه لنفسها وهذا هو الأصل، حسب رأيه.
الزميل حمزة البحيصي من "إيلاف" إلتقت الدكتور البوجي في مكتبه بجامعة الأزهر، وكان الحوار التالي:
هل سارع الفلسطينيون للحفاظ على تراثهم؟
نحن هنا نحافظ على ملامح المواجهة مع الإحتلال الإسرائيلي الذي يعمل على استملاك كل مناحي الحياة الفلسطينية، حيث يستملك الأرض والثقافة والعقلية والمكان بكامله وما يحتويه، بما في ذلك التراث الذي هو شخصية المجتمع، فإذا زال التراث ذهبت شخصية المجتمع.
ولذلك نحاول غرس تراثنا في عقول شبابنا لاسيما أنه ليس هناك انتشار واسع للتراث الفلسطيني في الجامعات الفلسطينية، وفقط من بادر بذلك هي جامعة الأزهر بغزة وقامت منذ فترة بتدريس مساق التراث الفلسطيني، وبالفعل اختلط الطلاب بالمجتمع وقاموا بجمع الكثير من المواد الخاصة بالتراث.
قمت بتأليف كتاب عن التراث الفلسطيني، كيف كان ذلك؟
كان هذا الكتاب من خلال جهد شخصي وبمساعدة طلابي الذين جابوا قطاع غزة شرقا وغربا من أجل تجميع ملامح التراث الشعبي الفلسطيني، إلى أن قمنا بتجميع أكثر من 220 قصة مثل شعبي وهو ما لم يفعله أحد من قبل لا في التراث الفلسطيني ولا العربي، حيث يتناول الكتاب القصة التي أفرزت المثل الشعبي، لأننا نعرف المثل ومعناه ولكنا لا نعرف قصته، وقد بلغ عدد صفحات الكتاب 200 صفحة تقريبا وهو مقسماً إلى جزئين، الأول في 76 صفحة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أما الثاني فهو لقصص الأمثال الشعبية الفلسطينية، وهناك مقدمة طويلة للكتاب أتحدث فيها عن سرقة اليهود للتراث الشعبي الفلسطيني.
ماذا اكتشفت من سرقات للتراث الفلسطيني قامت بها إسرائيل، ووثقتها داخل الكتاب؟
من خلال البحث والتعمق في هذا الموضوع اكتشفت أن إسرائيل سرقت الشيقل، والنجمة، وتحاول الآن تشويه صورة الكوفية الفلسطينية التي كان يستخدمها الفدائيين، أما إسرائيل فقامت بصناعة الكوفية ووضعت السداسية بداخلها، ولونتها عدة ألوان بالأخضر والأزرق وألوان أخرى، وهذا نوع من التشويه للتراث الفلسطيني.
أيضا فإن المضيفات الإسرائيليات على متن خطوط شركة العال الإسرائيلية للطيران يلبسن الثوب الفلسطيني في المناسبات على أنه ثوب إسرائيلي، وكذلك زوجة موشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق تلبس هذا الثوب في المناسبات الإسرائيلية على أنه ثوب إسرائيلي، بل إن الخبز الموجود في القرى العربية القديمة الآن يقول الإسرائيليون أن أصله إسرائيلي خاصة قرية "طرعان" المتميزة بصناعة الخبز الشعبي.
جاء في كتابك أن إسرائيل سرقت اسم عملة "الشيقل"، وأن لنجمة داوود إشكالية، كيف ذلك؟
كثيرة هي الأمثلة، فالسرقة ليست حديثه على بني إسرائيل، فقد سرقوا وحدة الوزن الفلسطينية أيضا، وهي معروفة لدينا بالعامية في فلسطين حتى يومنا هذا بـ "الشقلة" وهي أصغر وحدة وزن، وقبل دخول الإسرائيليون إلى فلسطين كانت وحدة الوزن لديهم هي المثقال وهذا مكتوب في كتاب التوراة في صفر صموئيل الأول، ثم أخذوا وحدة الوزن الفلسطينية وهي "الشقلة" بمعنى "الرجحة"، ثم سموها "شيقل" سنة 1980م.
أيضا قضية النجمة المتعارف عليها بأنها نجمة داوود، فهناك إشكالية في نسب هذه النجمة لداوود، فداوود كان صبيا وتعلم صناعة الحديد عند الفلسطينيين، فكان شخصا متميزا عند بني إسرائيل فطلب منه قائد الجيش الإسرائيلي شاؤول أن يقتل القائد الفلسطيني جالوت، مقابل أن يزوجه ابنته، فذهب إليه في خيمته فقتله ذبحا، وأخذ منه الدرع والرمح إلى خيمته، وذلك موجود في التوراة، وجالوت كان أهم قائد عسكري في تلك المرحلة ولكنه كان يؤمن بالمعتقدات الفرعونية وهم عبدة الشمس "إله الشمس آتون"، فكان جالوت يرسم الشمس على درعه وهي عبارة عن دائرة صغيرة يخرج منها ستة خيوط وهي عبارة عن أشعة الشمس، فأخذها داوود ثم نسبت إليه السداسية، وليس صحيحا ما يقال في بعض الكتب والتراث اليهودي أن داوود قتل جالوت بالحجر والمقلاع، فهذه قصة فارغة لا أساس لها من الصحة، فلا يجوز لقائد عظيم أن ينازل صبيا، ففي القرآن ذكر أنه قتله ولكن لم يذكر كيف، أما الإسرائيليون فيقولون أنه قتله بالمقلاع وقد جاء ذلك في التوراة، والإسرائيليين يريدون من هذه القصص أن يصلوا إلى أن الله معهم في حربهم ضد الكفار.
وأضيف على ذلك أنه عندما غزا بنو إسرائيل فلسطين لم يأتوا لنشر العقيدة اليهودية لأن المعتقد اليهودي خاص لبني إسرائيل فقط، فهو ليس كالإسلام أو المسيحية دين عولمة ويصلح لكل الناس، وإنما هو خاص ببني إسرائيل، وإنما جاؤوا لاستملاك الأرض فقط والدليل على ذلك أنهم حرقوا أريحا بكامل سكانها وبيوتها وشجرها عند دخولها.
هل كان لإسرائيل هدف من وراء سرقة العملة بالتحديد؟
نستدل على ذلك من الرسومات الموجودة على العملة الإسرائيلية هي رسومات تخضع للعنصرية والفكر اليهودي الذي يطمح للاستيلاء على الأرض العربية من النيل إلى الفرات، وقبل أكثر من عشرين عاما رسموا وكتبوا على العملة المعدنية خريطة "إسرائيل الكبرى" وحدودها من العراق إلى النيل، وقد استدل الوفد الفلسطيني المفاوض على عنصرية إسرائيل التوسعية في مدريد الإسبانية بأن أظهر هذه العملة على شاشة التلفزة العالمية، حيث كانت بحوزتهم هناك.
ما هي أبرز الأشياء اللافتة للنظر في سرقة التراث؟
الغريب أن الإسرائيليين لا يسرقون فقط التراث الفلسطيني والعربي بل يسرقون التراث من دول أخرى، فالشعب الوحيد الذي يسجل لنفسه أربعة آلاف حكاية شعبية هم الإسرائيليون وهذا عدد كبير وخيالي جدا لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تسجله والسبب في ذلك أن اليهود سجلوا معظم قصص الأنبياء لهم، وأيضا اليهود القادمين من كل دول العالم جاؤوا بحكايات من دولهم فأصبحت قصص يهودية، فالقادم من أميركا جاء بقصص من أميركا والقادم من فارس جاء بقصص من فارس والقادم من روسيا كذلك، وتم تسجيلها في المنظمة العالمية للتراث الشعبي "اليونسكو".
وأيضا كي أدلل على طموح إسرائيل القديم في الشرق الأوسط أقول على سبيل المثال في عام 1985 حضر رئيس الوزارء الصهيوني مناحيم بيجن إلى الإسكندرية في مصر ورفض أن ينزل في أفخم فنادق الإسكندرية وهو فندق فلسطين، حتى لا يذكر اسم فلسطين في الإعلام، وأيضا طلب رؤية الأهرام، وقد رآها من خلال طائرة هليوكبتر حلقت به في السماء ثم نزل فقال للصحافيين: تدل هذه المعجزات على عبقرية العقلية اليهودية التي ساهمت في بناء الأهرامات.
قيل بأن إسرائيل حاولت سرقة الأكلات الشعبية أيضا حتى من لبنان وسوريا وليس من فلسطين؟
إسرائيل تحاول أن تسرق كل شيء مثل الأكلات الشعبية والأكلات الشامية كالتبولة والكبة والفول والحمص والفلافل فكلها الآن صناعة إسرائيلية وهناك صراع بين لبنان وإسرائيل في هذا المجال، إسرائيل تحاول أن تسرق كل شيء بالمنطقة.
هل يمكن أن تعطينا شيئا من ملامح وآلية سرقة التراث الفلسطيني؟
من هذه الملامح أنه بعد عام 1967 والحصار الذي أحكم على غزة، لم يكن هناك عمل لمدة أكثر من ثلاث سنوات، وكان معظم الناس يعيشون في فاقة وفقر مدقع، وفجأة ظهر رجل يجوب شوارع ومخيمات قطاع غزة، ويطلب شراء الثوب الفلسطيني من النساء فاضطرت أمي تحت ضغط الحاجة أن تبيع ثوبا أو اثنين من ممتلكاتها الشخصية حتى نأكل، وهكذا معظم أمهاتنا اضطروا لمثل هذا العمل، وقد اتضح فيما بعد أن هذا الثوب يذهب إلى تاجر كبير في غزة وهذا التاجر يرسله إلى تاجر إسرائيلي في تل آبيب، حيث يقوم بصيانة هذا الثوب ثم يكتب عليه "صنع بأيدي نساء في إسرائيل" وهذا حدث منذ ما يزيد عن أربعين عاما.
هل هناك محلات تبيع الثوب الفلسطيني وتقول بأنه صناعة إسرائيلية؟
للأسف هناك مصانع فلسطينية تطرز الثوب الفلسطيني وتبيعه لإسرائيل بصورة تجارية والتاجر لا يهمه قضية التراث وغير التراث، أما في إسرائيل فعدد المهتمين في هذا المجال هم على المستوى الرسمي فقط وليس على المستوى الشعبي.
لماذا يسرق الإسرائيليون التراث؟
هذا محتل وقد سرق الأرض ويريد اليهود أن يسرقوا كل شيئ نعتز به في شخصيتنا الفلسطينية والعربية، فبعد حرب 1967 مباشرة صعد أحد قادة إسرائيل إلى منصة الكنيست وقال ليس هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني فهو لا يملك أدبا ولا تراثا، فرد عليه عضو الكنيست العربي الكاتب والصحفي إيميل حبيبي قائلا: "اقدم استقالتي من الكنيست وسأتفرغ لكتابة أدبٍ يعيش أكثر من دولتكم"، وفعلا نجح إيميل حبيبي في أن يكتب أدبا سيعمر أكثر من ألف عام.
ألا تعتقد بأن لإسرائيل جذورا في فلسطين، ولهم حق فيها؟
تؤكد جميع الأبحاث والاكتشافات الأثرية أنه ليس هناك أي أصول للإسرائيليين في هذا الوطن، ولكنهم يحاولون زرع تراث لهم في فلسطين فيقومون بأعمال غريبة جدا قد لا يصدقها الإنسان، فعلى سبيل المثال نحن عملنا كعمال في إسرائيل فترة السبعينات وكنا نلاحظ بأن اليهود كانوا يحفرون في أعماق الأرض والجبال ويأتون بحجار ضخمة ويكتبون عليها بالعبرية القديمة ومن ثم يقومون بدفنها في قاع الأرض، وهو شيء غريب لكنهم فعلوه لأنهم يريدون أن يزرعوا لهم تراثا في هذه الأرض، وأيضا عندما كنا عمال ونأتي لنصب سطح الباطون يأتي الإسرائيلي ويرمي في السطح عملة معدنية إسرائيلية، وعندما نسأله لماذا ؟ فيقول لنا حتى يبارك الرب هذا البيت، ولكن الصحيح عرفناه فيما بعد وهو أنه يريد أن يزرع له تراثا في هذا الوطن للأجيال القادمة.
ورغم محاولات إسرائيل للعثور على آثار عبرية في فلسطين طوال أكثر من ستين عاما من البحث والتنقيب خاصة في منطقة القدس فإنهم لم يجدوا حتى الآن ما يدل على أي أثر عبري إسرائيلي في هذه المنطقة "حسب ما ورد في الصحافة ومراكز الأبحاث الإسرائيلية بهذا الخصوص" وأن كل ما وجدوه هو تراث روماني وحضارات قديمة قاموا بتدميرها وإخفائها طمسا للحقيقة التاريخية.
هل تسرق إسرائيل التراث الفلسطيني حتى اللحظة؟
كل يوم يقوم الإسرائيليون بسرقة التراث الفلسطيني، وحتى الأولياء الصالحين المدفونين في فلسطين قام اليهود بتغيير لوحات قبورهم وكتابة أسماء يهودية إسرائيلية باللغات العبرية والإنجليزية.
هل سرقة التراث تتم بشكل فردي أو حكومي ورسمي من قبل إسرائيل؟
السرقات مدعومة بشكل حكومي ومخطط لها ويدفع لها مبالغ طائلة من قبل الحكومات المتعاقبة وتتم عمليات السرقة بإشراف إسرائيلي رسمي، فهم يحاولون سرقة إفرازات الأرض وهي الثقافة الشعبية، وأن ينسبوها إليهم قدر الإمكان، وأن يزرعوا لهم تراثا في هذا المكان، وأن يسلبوا التراث منا حتى لا تعد له علاقة بالأرض، لأن الصراع على الأرض وارتباط الإنسان بالأرض هو الذي يحدد مدى استملاكه لها.
ما هي المراجع التي استندت إليها في إيضاح وكشف السرقات الإسرائيلية للتراث الفلسطيني؟
حجتي هذه ومعلوماتي هي من كتبهم وثقافتهم التي نحتج بها، والدليل يكون قويا لدينا، وهذه الحجج هي من كتاب التوراة أو من سلوكهم أو حتى من أي كتب قديمة موجودة، ولكن أقدم كتاب يتحدث عن تلك الفترة هو التوراة، ويصعب أن تجد كتب قديمة تتحدث بهذه الموضوعات، ولابد أن تقرأ التوراة كي تصل إلى المعلومات، فعلى سبيل المثال: كلمة الفلسطينيين تذكر في التوراة أكثر من 80 مرة لأنهم أصل السكان والبلاد كانت لهم، وقد جاء في التوراة مصطلح "التخوم بين فلسطين ومصر" وقد جاء الإسرائيليون إلى فلسطين غزاةً وليسوا دعاة دين، ولا يستطيع أحد أن يلغي التاريخ بكامله مهما أوتي من قوة، لأن تاريخ الشعوب تحفظه الأجيال.
هل نحن قادرين على إثبات أن التراث لنا؟
التاريخ يدعم التراث العربي والجاليات العربية المنتشرة في كل مكان هي القادرة على تحديد نهاية هذا الصراع في هذا المجال، وهناك نشاط سياحي عربي قوي جدا حيث أن استغلال دخول موسوعة غينتس ساعد العرب والفلسطينيين على الحديث في هذا المجال ومحاولة الحفاظ على الحق ولو قليلا وإرجاع هوية بعض الأكلات للعرب كصناعة أكبر ثوب فلسطين في الخليل أو أكبر طبق مسخن أو تبولة، والصراع لا زال مفتوحا في كل الاتجاهات، أما إسرائيل فهي ليست بحاجة إلى غينيتس ولا داعي لأن تدخلها لأنها سجلت كل شيء باسمها في منظمة التراث العالمية (اليونسكو) قبل أن نشعر بالخطأ، وإذا أراد أي شخص أن يتعرف على التراث الفلسطيني، عليه أن يتعرف عليه من خلال مواقع التراث الإسرائيلي، وقد أرسلت منظمة التحرير الفلسطينية في 22/5/2009 من رام الله رسالة احتجاج إلى منظمة اليونسكو تعبر عن استيائها مما جاء من نسب العديد من التراث الفلسطيني لليهود بشكل كامل في اليونسكو، وجاء في الإحتجاج أن فلسطين عضو في هيئة الأمم المتحدة وينبغي أن تعامل بصفتها دولة، ويجب احترام إرادة الشعب الفلسطيني.
وهل استمعت اليونسكو إلى احتجاج السلطة الوطنية؟
في الأيام الأخيرة بدأت اليونسكو بتسجيل بعض الأماكن الأثرية في الضفة الغربية باسم فلسطين ولكن هناك الكثير مما تم توثيقه باسم إسرائيل، مثل الحرم الإبراهيمي فهو مسجل باسم إسرائيل، وسور عكا، والثوب الفلسطيني المطرز، والدبكة الفلسطينية والشعبية، والأمثال الشعبية، وصناعة الفخار أيضا كلها مسجلة باسم الإسرائيليين، وقد حدث أن قام الإسرائيليين باستيراد الفخار من الأراضي الفلسطينية وقاموا بتصديره على أساس أنه صناعة إسرائيلية.
هل هناك جهود فلسطينية حكومية رسمية أخرى وشعبية للتصدي لسرقة التراث؟
هناك جهد متواضع للجمعيات التراثية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكشف بعض هذه الأمور وهي جمعيات محلية دورها محدود جدا، ولذلك نطالب دائما بدعم الفلسطينيين في أراضي 48 لأنهم الأقرب والشهود على سرقة المكان، ويعرفون ذلك جيدا، وهم أدرى الناس بالسرقات الإسرائيلية للتراث الشعبي الفلسطيني، فقد غيرت إسرائيل أسماء الأماكن والقرى والشوارع من عربية إلى إسرائيلية، ومعظم المكتبات العربية والكتب العربية في داخل فلسطين تمت سرقتها ونقلها إلى الجامعة العبرية ونسبوها إليهم، وحتى مكتبة القدس القديمة العريقة تمت سرقة معظمها، ولذلك نقترح إنشاء فرقة تراثية جوالة حول العالم لعرض التراث الشعبي الفلسطيني، وإشعار الإعلام العالمي بذلك.
ألا تعتقد بأن الجهد الإسرائيلي مضاعف في سرقة التراث، علاوة على استخدامهم الدعاية الإعلامية؟
الجهد الإسرائيلي مدعوم ماليا بطريقة غير عادية، أما الجهد الفلسطيني فيقوم على الجهد الذاتي من خلال التبرعات الشخصية، ولا علاقة لوزارة الثقافة أو السلطة الوطنية في فلسطين بهذا الموضوع، وهم فقط يتفرجون ويصفقون ويتحدثون عبر وسائل الإعلام، ولم يفعلوا شيئا، واعتقد أن الأمر السياسي قد سيطر على عقولهم، وهم يعرفون جيدا عن هذه السرقات التراثية ولكنهم لا يتعاطون بالشكل المطلوب، وهناك انشغال وهّم آخر وهو إنشاء دولة فلسطينية، أما الإسرائيليون فيعرفون جيدا ماذا يريدون، وقد فعلوا كل شيء وبقي الآن أن يسرقوا المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي في الخليل والأماكن التاريخية والمساجد في الأراضي المحتلة عام 48.
هل لديك رغبة في استكمال مشروع تجميع التراث الشعبي الفلسطيني؟
نحاول ومن جامعة الأزهر بغزة جمع كل ما نستطيع من التراث الشعبي الفلسطيني، ولدينا الآن مشروع لإصدار ثلاثة كتب أخرى، فهناك كتاب جاهز للطباعة وهو بعنوان "الحكاية الشعبية الفلسطينية في قطاع غزة" ويحتوي على أكثر من 100 حكاية شعبية، وكتاب آخر نحاول أن نجمع فيه معظم الأغاني الشعبية التي تقال في المناسبات الشعبية الفلسطينية، وهناك كتاب رابع يختص بالعادات والتقاليد والمواسم الشعبية والطب الشعبي والقضاء الشعبي والزراعة الشعبية بأنواعها والصناعات الشعبية كذلك.
نقلا عن ايلاف الجريدة
التعليقات (0)