د. ازهار رحيم
ـــــــــ
اتساءل كيف يكون شعورك وأنت تجبر على تقديم التوضيحات والشروح الى بعض الذين
يستمتعون بدفعك الى دائرة مغلقة من المناقشات التي لا جدوى منها سوى استفزازك واقتناص وقتك الثمين في موضوعات يطرحا صاحبها؟ ليس الا ليكرر ما تناقله الأقلام السوداء والبرامج التي تلتقط كل ما من شانه ان يشوه ويحور الحقائق لتصب في صالح أمزجة الجهات التي تخضع من التغييرات المناهضة لمصالحها.. مثل هؤلاء قد أدمنوا الكسل ومنحوا نظارات القراءة إجازة طويلة.. تألفوا مع ما تختزنه الصناديق المغلقة والمستكينة فوق الكتف باسم الرأس ,, هذه الصناديق نادرا ما تفتح وان فتحت فإمام شاشة التلفاز فقط واخبار بعض القنوات والبرامج التي تعرض معظم تصريحاتها وإخبارها بشأن العراق بالمقلوب وتنقل الصورة والحدث بما يتوافق مع سياسيتها وامزجة مموليها.. فترى كل واحد من هؤلاء يرفع شعارا.. انا اعترض اذا انا موجود.. فيعترض على كل من يعتلي كرسيا ليدير شؤون مؤسسة ويسفه أي تطور يستجد على ارض الواقع مستندا بذلك الى الإيحاءات وحوارات من يلقيهم في يومه دون ان يكون له رأي فيها فهو يجد حرية الصحافة انفلاتا فكريا علينا محاربته، والفدرالية انفصال والتعددية صراع مبيت على السلطة وكل من ترجم كلمة للأجنبي هو خائن وكل من امتلك سيارة جديدة (حواسم).. وهكذا لا ترضيه سوى الصور السوداء التي إلفها في الماضي وان كانت محملة بالأخطاء التي مازلنا ننغمس في مستنقعها ونحارب من اجل لخروج منها عذرا ان تصورتم ان مثل هؤلاء هم من الموالين للنظام البائد.. او ممن كانوا يتذللون تحت اقدامه ليقتاتوا من فتاته، بل العكس هم من كان في الظل مكمنه طيلة السنوات الماضية وممن حفروا الصخر في سبيل الحصول على لقمة تسد رمقهم اذن لماذا يتحفون بهذه النغمة التي لا تكاد تفارق حديثهم؟
هؤلاء من عاشوا في العتمة ومازالوا .. استأنسوا بها بحكم الاعتياد وليس بحكم القبول والرضا تشربوا الانقياد للماضي الذين كانوا جزا منه بكل ما يحمل من أفكار شوفينية ونظرية التفوق العرقي والمؤامرة مؤمنون ان الغوص في مستنقع الظلم أجدى لهم من ترقب المجهول .. كل واحد من هؤلاء يعلم في قراره نفسه ان فكر جيدا,, وبإمعان ان ما يحدث الان هو الصواب.. الحرية والديمقراطية التي ظللت سنواتنا هي طريقنا الوحيد للمستقبل ولكنه لا يجسر حتى على التفكير فكل ما مضى كان قانعا به باعتباره طريقا وسمته الأقدار والتي لابد وان يستسلم لها لان لا طاقة له بتحديها فيصبح متعصبا أعمى للماضي بكل مساوئه..
العقل البشري يصيبه العجز والشلل عندما نتوقف عن استعماله ويعلوه الصدأ وعندما نتركه قابعا في زاوية النسيان.. وخير ما يفعله المرء تجاه هذه الصناديق المغلقة والتي اسمها في الأصل ,, العقول.. ان يفتحها بالقراءة والاستماع والولوج بقوة الى كل المساحات المضيئة والمشاركة بدل الاعتراض والعمل المتواصل بدل الاتكال والانتظار ما يفعله الاخرون..
بومة منيرفا لاتحلق الا عند الغسق
ان أوان التحليق.. لنتوج بالحكمة أيامنا الآتية وندع روح اذار تنساب عبر اوجاعنا لتينع افراحا.. وان كانت ضئيلة ولكنها ستمتد بقوة.. ما دام هناك من يهفو الى الحياة..
كاتبه وصحفية عراقية
التعليقات (0)