الصرخي الحسني يتسائل : متى تحقق اتحاد اللاهوت بالناسوت ؟
تدخل للمجتمعات الإنسانية الكثير من الحركات التي تتخذ لها طابعاً مميزاً يرتبط بالفكر الذي تنادي به و تسعى لجذب الأفراد لصالحها وتعتمد في ذلك على مدى القدرة التأثيرية التي تمتلكها و تتحكم في إطارها الذي تتبناه، وقد تلجأ هذه الحركات و التيارات الجديدة في شكلها لكن المضمون له من الأصول القديمة ففي بعض الأحيان تعمل على العزف على الوتر الحساس و خاصة تلك التي في تماس حاد مع الأمور الدينية و المذهبية التي تحتل مكانة كبيرة في نفوس و قلوب الإنسان ؛ لأنها أمور يمكن عدها من الخطوط الحمراء التي يجب عدم المساس بها أو التعدي عليها لا من قريب ولا من بعيد، وقد تبحث هذه الأحداث الطارئة في المجتمع عن ما قد يسهل عليها المهمة من خلال البحث عن نقاط الضعف التي يعاني يرزح تحت وطأتها الفرد ولا يمتلك الحلول الصحيحة للخروج من الأزمات التي تعصف به بسببها، ففي واحدة من القضايا المهمة التي بدأت تتغلغل في صفوف المجتمع البشري هي قضية الانقلاب الكبير على الموروث الديني القديم و ما يتعرض له من تشويش للفكر و تلاعب في حقائقه الناصعة ومنها ما يتعلق باتحاد اللاهوت و الناسوت وكذلك ما تريد من وراء قلب الحقائق و خلط الأوراق على البسطاء و الفقراء و كل مَنْ لا يمتلك من العلم شيئاً ؛ فيتحقق لها المطلوب منها، فاللاهوت وكما هو معروف يختص بطبيعة الذات الإلهية، بينما الناسوت فهو يرتبط بطبيعة الإنسان، وقد تناولت كلتاهما الأقلام بشيء من الشرح و التفصيل لكنها ومع عدم امتلاكها المقدمات الصحيحة لإخراج صورتها وكما هي ومن دون رتوش مزيف لها، ورغم كل ما قيل من كتابات فهي تبقى قاصرة غير قادرة على تقديم ما هو الأفضل فيها من أن لا يوجد اتحاد بين الطبيعة اللاهوتية و الطبيعة الناسوتية وهنالك الكثير من الدلائل التي تؤكد هذه الحقيقة الصحيحة، فلو كان هنالك بينهما ففي أي فترة وقع هذا الاتحاد ؟ ثم لنكن واقعين هل الله تعالى يحتاج للإنسان أم الإنسان يحتاج إلى الله سبحانه و تعالى ؟ أيضاً لو كان هنالك اتحاد وكما يتقولون به فمَنْ له الأسبقية في القدم هل اللاهوت أم الناسوت ؟ ثم ما هي المقدمات التي سبقت عملية الاتحاد حتى وفرت الظروف المطلوبة لقيام هذا الاتحاد ؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها للعيان و تبحث عن الإجابة عليها حتى تتضح جملة من الحقائق التي تكشف حقيقة ما كتبته الأقلام و تبنته العقول القاصرة ومن خلف الكواليس فخرجت بمؤلفات ملئت الدنيا لكنها ومما يؤسف له أنها كانت بمثابة البذرة الأولى لضياع البسطاء و دخولهم في دهاليز الشرك و الإلحاد، وقد تناول السيد الأستاذ تلك القضية بالشرح الموضوعي كاشفاً عن حقيقة هذا الاتحاد المزعوم الذي لا وجود له في الخارج و تنوير العقول و إنقاذ البسطاء فقد صدر بحث " لا أزلية ولا لاهوت في اتحاد اللاهوت بالناسوت مقارنة الأديان " للسيد الأستاذ و نذكر هنا ما يفيد في المقام ومنه قوله : ( لو كانت هذه العبادة المُحدثة عبادة أصيلة و أزلية و ضرورية و حتمية لما تركها الأنبياء و الرسل و الكتب السماوية حيث إنهم لم و لن يتعبدوا بها ولم ولن يذكروها أو يشيروا إليها في كتبهم السماوية ولا فيما صدر عنهم من كلام أو فعل، ولو كانت هذه العبادة عبادة أصيلة و أزلية و ضرورية و حتمية لما استغنت عنها البشرية على طول التاريخ إلى يوم حمل مريم بعيسى و حصول الإتحاد المزعوم بين اللاهوت و الناسوت ... ألخ ) وهذا مما يكشف للعالم أجمع خفايا الحركات و التيارات الجديدة في الساحة و أنها بعيدة كل البعد عن تشريعات السماء و لا تمت بصلة لما صدر عنها من أحكام و غايات و أهداف هي رحمة للعالمين و نجاة و خلاص لها من عواقب تلك التيارات الطارئة على الإنسانية جمعاء فالحذر الحذر منها ومن عواقبها الوخيمة التي لا تحمل الخير للإنسان .
بقلم الكاتب احمد الخالدي
التعليقات (0)