الصراع الإمبريالي الصهيوني , والإقتصادي الإستثماري الصيني ... أفريقيا نموذجا ...
لايخفى, على المتتبع خصوصا في الجانب الإقتصادي, أن القارة الأفريقية فيها من الموارد الطبيعية ماتفتقر إليه الكثير من بقاع العالم , وقد مرت هذه القارة بالكثير من المراحل المتارجحة مابين الحروب الداخلية, أو إستحمارها من الكثير من الدول الإرهابية الغاصبة, حتى وصل الأمر الى موضوعة تجارة العبيد, وهذا الذي أبدعت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة, ولا زالت آثاره البغيضة يعاني منها الرجل الأسود إينما كان وحيثما وجد , ثم ومع تطور العقل السياسي, لبعض منهم, قامت عدة ثورات تمكن خلالها بعض من أقاليمها ان تطرد, المستحمر وتصنع لنفسها لنقل على أقل تقدير كيانا مستقلا نوعا ما , ثم توالت الثورات الشعبية لبقية الأقاليم, وكان ماكان من تأسيس الدول التي هي اليوم تشكل القارة الأفريقية .
لكن هل تمكنت الدول الإرهابية المتسلطة أن تنسى تلك الصفعات التي تلقتها من لدن هؤلاء الثوار , الواقع والصورة الحاضرة تقول لا وألف لا , حتى لانذهب بعيدا ونغوص في عمق التأريخ ونضيع الفكرة, نأتي من منتصف القرن الماضي , حينما إنتبهت الإمبريالية العالمية ومخططتها الصهيونية الى المارد الصيني, وتأثيره المستقبلي على وجودها داخل هذه القارة, والذي يعتبر تهديدا لمصالحها الإقتصادية العليا, فتوالت زيارات بعض من رموز هذه الإمبريالية الى تلك القارة, موفرة لنفسها حضورا سياسيا ودبلوماسيا, وبالتالي تحسين صورتها من خلال الدعم الإقتصادي , وهنا أسرعت الشركات لوضع إستثماراتها,( وإن كان البعض منها يخسر) لكن ينبغي أن تؤدي المهمة التي أتت من اجلها, وكانت هذه الإستثمارات لاتختص بمجال دون آخر بل شملت كل المجالات والميادين, حتى يخيل لسكان تلك القارة, أن هؤلاء عازمون فعلا, على تطوير وتنمية بلدانهم دون مقابل , وطبعا هذا يتم ايضا من خلال المواد الإعلامية التي تقوم بها مؤسسات خاصة لهكذا نوع من التوعية المساندة, بحيث لايمكن معها أن يكون هناك منافسا يخترق هذا المد ويسعى الى فضح مخططاتهم ,
ولكن بطبيعة الأشياء, فكما هناك راية الشر , هناك راية الخير , إنتبه البعض من قادة هذه الدول التي نالت ( الإحتقلال ) الى أن هناك مياها تجري من تحتهم دون أن يستفيدوا منها , وهنا برزت الحاجة الى معرفة الحس الوطني وفرزه ومعرفة رجاله, لذلك سعت تلك الشركات وأسيادها الى مبدأ المساومة مع من ركب في قاربهم , أن تقضي على الحس الوطني ورجاله,على قاعدة ,( تبقى فيما انت عليه وإلا فلا) , وهنا بدأت لعبة الحروب الأهلية ومعروف, أن القارة عبارة عن مجموعات قبلية تمتلك القابلية لهذا النوع من التقاتل, فكان لهم ذلك وإستقر الحال لرجالهم , ثم بدأت مرحلة اخرى من المخطط , وهي أنها زرعت في كل كيان ( زاوية ) من الممكن تحريكها مستقبلا وحسب الحاجة ....هذه تفاصيل لاحاجة لنا في بحثها الآن ...
من المعروف أيضا, أن فرنسا بما انها قريبة جغرافيا الى أفريقيا, فكان لها الحظ الأوفر في نشر ثقافتها ولغتها, ومن خلال هذا العنوان, إنتشرت مستحمراتها واصبحت هي اللاعب الأول تقريبا في الساحة, وبنت دولتها وأسست لبناها التحتية من خيرات وثروات أفريقيا, مستغلة بذلك عدم قدرة تلك الشعوب على إستكشافها وإستثمارها, وذلك لنقص في الوعي التكنلوجي وهو ناتج عن التخلف الذي مورس بحق شعوب هذه القارة الغنية . هنا تنبهت بعض الدول التي أصبحت تحقق نموا إقتصاديا متسارعا يؤهلها للعب دورا إستثماريا خارج دولها , ومن هذه الدول هي الصين, التي غزت الأسواق العالمية بمنتوجاتها البسيطة والرخيصة, بالمقارنة مع مثيلاتها من منتجات الدول الأخرى, وذلك لإمتلاكها جل المواد الأولية التي تحتاجها هذه الصناعات, والأيدي العاملة التي لاتكلف شئ يذكر , هنا فاقت الإمبريالية من غفوتها الى هذا المارد الهائج, وأخذت تخطط من جديد نحو هذه القارة وبموجب المعطيات العالمية الجديدة , بدأت من حيث الوجع الأفريقي, وهو حقوق الإنسان فأفرجت عن المناضل الأسود مانديلا, وأنهت دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا , ومنها توالت الزيارات, كانت آخرها زيارة الإرهابي القاتل ( بيل كلنتون وعاهرته ) الى هذه القارة, وكيف أخذ يشارك في حملة البناء ويضع الطابوقة تلو الأخرى, وهذه إشارة سياسية الى دول معينة,( أننا نحن سنبني أفريقيا وهي لنا وحدنا بكل مافيها من نفائس فوق الأرض أو تحتها )
. وهنا جددت لعبتها مع ادواتها التي سبق وأن أبقتها, وهي تلك الزوايا التي زرعتها في كل كيان, ففي الصومال حدث ولا حرج, وفي راواندا وفي ساحل العاج , ولكن اخطر منطقة موبوءة وخصبة لإثارة القلاقل هي تلك التي في جنوب السودان, الذي أعتقد سيضيعه العرب عاجلا إن لم تتداركه وهنا ستصبح لنا فلسطين ثالثة بعد كارثة العراق . السباق الأمريكي والصيني نحو أفريقيا, نتوقع له أن يأخذ منحا آخر في التعاطي مع شوؤن هذه البلاد , ومعلوم أن التبادل التجاري مابين الإثنين يفوق أي تبادل آخر, وذلك لنشاط اسواقها والوجود البشري الصيني داخل أمريكا, إضافة الى أن جل الشركات الأمريكية تقوم بتصنيع غالبية منتجاتها في الداخل الصيني, لرخص الأيدي العاملة ووفرتها , إذن كلاهما يحتاج الى المادة الأولية والسوق لتصريف مايصنعه من تلك المواد, و الفرق بين الإثنين( وهذا طبعا في الوقت الحاضر) أن أمريكا, تنظر لهذا الأمر ليس بعين المصلحة المشتركة أو من باب التطور في العملية الإقتصادية, ولا من جهة تنمية الموارد البشرية, ولا مساعدة شعوب المنطقة, علميا لتتلعم كيفية إستكشاف وإستغلال ثرواتهم , بل العكس هو الصحيح تماما , أما الصين( وهذا في الوقت الحاضر) لاندري, قد تلجأها الظروف لتتحول آجلا الى دولة جشعة ومستغلة فهي الآن في دور الإستثمار النزيه, ولا تتدخل في الشوؤن السياسية لتلك الدول, إنما دو رها المساعدة والمشورة ,
وهذا طبعا يعطي إنطباعا جيدا لدى تلك الدول عن هذه السياسة المحايدة , من هنا جاءت حاجة أمريكا المجرمة في تأجيج الصراعات الداخلية بين شعوب تلك الدول, وقلنا هي أصلا من نوع قبلي, فهي ناضجة لهكذا صراعات فبدأت بجنوب السودان كما اسلفنا, ومن هنا أيضا, وعلى إعتبار أن الكيان الصهيوني هو أقرب جغرافيا الى السودان, لذا أقحمته في قضية يهود الفلاشا, ومن هنا كان للكيان الصهيوني وجودا ماديا ضاهرا للعيان وإستطاع هذا الكيان, ان يمتد بجذورة القذرة الى النقاط الساخنة على الساحة الأفريقية, وأصبح حارسا أمينا للمخطط الإجرامي الإمبريالي الأمريكي , حيث وصل الأمر ببعض المغرر بهم من سكان جنوب السودان, أن يلجأ الى الكيان الصهيوني ( طبعا هذا بعلم السلطات المصرية المتواطئة مع سيدهم الكبير ) وكذلك بعض الفصائل التي تسمي نفسها معارضة لنظام الحكم في السودان, تفتتح لها مكاتب تمثيلية لدى هذا الكيان , ؟!..
..ولما رأت أمريكا أن الصين لاتكترث بما يدور هناك من تقلبات سياسية, بل هي ماضية في سياستها الإستثمارية, وهي تحقق نجاحات لابأس بها , ثارت حفيضتها وزادت من وتيرة تأجيجها للمشاكل, وآخرها ماجرى اول من أمس في السودان وما ظهر في الإعلام أغنانا عن تفصيله هنا . نقول : أن أي من إحتلال أو غزو وأي كان نوعه, هو ليس مقبولا عندنا ونقول لكل من يريد أن تكون العلاقات على مبدأ التكافؤ في فرص الحياة الحرة الكريمة أهلا به , ونقول لأهلنا وأصدقاءنا في أفريقيا, أنظروا الى مصالحكم ومستقبلكم وأين تكمن ومع من, حتى لاتضيعوا أنفسكم وأوطانكم, فتكونوا لعنة دائمة للتأريخ . نقول للعرب والمسلمين, أنقذوا السودان, لاتتماهلوا كما في غيره, ونحن اليوم نستذكر تلك النكبتين التي منينا بهما, حذاري أن تخطؤا مرة ثالثة حينها لاينفع الندم ولا ضرب اليد باليد ......
التعليقات (0)