مواضيع اليوم

الصراع السياسي يخرج على النص الدستوري

الصراع السياسي يخرج على النص الدستوري!
محمد عبد الجبار الشبوط
قد يختلف العراقيون حتى في مسألة الحكم على دستورية او عدم دستورية تأجيل جلسة البرلمان. لكني احسب ان النقاش حول الدستورية لم يعد ذا مغزى و لاجدوى. فقد تراجع الدستور الى الوراء، ولم يعد صاحب الدور الرئيسي في العملية السياسية، ولم يعد بمقدوره ان يكون الحكم، حيث لم يعد الخضوع له محل اجماع ورغبة حقيقية لدى الكتل السياسية وزعمائها، خاصة وان بعض هؤلاء ليسوا شخصيات منتخبة، لا داخل احزابهم ولا في المسرح العام.
لا يعني تأجيل جلسة البرلمان اقل من ان الصراع السياسي الذي تخوضه القبائل السياسية العراقية تمكن من تحقيق الفوز بالضربة القاضية على النص الدستوري.
لقد تمكنت هذه القبائل المسماة احزابا سياسية،من تطويع ذراع الدستور العراقي، والتصرف خارج سياقاته وتوقيتاته، جاعلة من ارادتها السياسية، وهي ارادات غير متفقة ومختلفة بدرجة كبيرة، سلطة عليا تفوق سلطة الدستور، الذي له السمو في الدول الدستورية الديمقراطية العريقة، كما تمكنت من تهميش ارادة الناخب العراقي، وافراغ الانتخابات العامة من أي معنى سياسي.
هذا يعني بالحرف الواحد ان الدستور لم يعد له وجود، وان الصراع على السلطة يجري في غياب الدولة، عن الوعي والتأثير والممارسة. لهذا اقول انه لا معنى للبحث عن الدستورية وعدم الدستورية، بعد ان اصبح الحديث عن كون العراق دولة دستورية يواجه صعوبات حقيقية، اهم من الحديث عن طبيعة تأجيل الجلسة.
بعض اسباب ضعف سلطة الدستور تكمن فيه، هذا الى جانب الاسباب الموضوعية التي تكتنف العملية السياسية منذ ولادتها مع تشكيل مجلس الحكم المنحل، في تموز (يوليو) من عام 2003.
فعلى سبيل المثال، ينص الدستور العراقي على أن يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال 15 يوماً من مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، ويجب على المجلس الجديد أن يختار في جلسته الأولى رئيساً له ونائبين للرئيس وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وعبر الانتخاب السري المباشر، ثم يقوم مجلس النواب خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً بانتخاب رئيس الجمهورية، ويقوم الأخير خلال 15 يوماً بعد انتخابه، بتكليف مرشح الكتلة الاكثر عدداً في مجلس النواب بتشكيل الحكومة، ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف ثلاثون يوماً لإنجاز مهمته، فإذا لم ينجح يكلف رئيس الجمهورية شخصاً بديلاً عنه.
هذه ثلاثة اشهر بالتمام والكمال، يضاف اليها ان المصادقة على نتائج الانتخابات تتم بعد ثلاثة اشهر كما استفدنا من تجربتين سابقتين. وهذا يعني ان عملية تداول السلطة، وهي في صلب النظام الديمقراطي تتطلب في الديمقراطية العراقية الناشئة ستة اشهر في الاقل. فيما لا تتطلب في دول اخرى اكثر من يوم او عدة ايام، وفي بعض الاحيان شهرا واحدا. اما ان تستغرق ستة اشهر، فهذا يعني البلد في حالة ازمة سياسية ودستورية، على مستوى التشريع والنظرية، وعلى مستوى التطبيق والممارسة، في نفس الوقت.
الحل العاجل لهذه المعضلة هو فك الاشتباك بين الجداول التي يحددها الدستور والفصل بينها وبين الانتخابات. والغرض ادامة وجود البرلمان. يتم ذلك عبر: اولا، انتخاب رئيس الجمهورية كل ست سنوات، و ثانيا، انتخاب نصف اعضاء البرلمان كل اربع سنوات. وللدورة الحالية يبقى نصف اعضاء البرلمان لمدة اربع سنوات، فيما يبقى النصف الاخر لمدة سنتين فقط، حيث يجري بعد سنتين انتخاب النصف الثاني.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !