كل الناسِ يُحبون الصراحة ، مع أن أغلبهم ليسوا صرحاء ، وكلهم يشيدُ بها فضيلة ِمن الفضائل الإنسانية - لمن استطاع بلوغها - لكن قلة منهم عرفوا الحد الفاصل بينها وبين التجريح ، كون المشهد مِن مشاهد : السهل المُمتنِع .
فالصراحة هي دليلُ طلاقة النفس ، ودليلُ تحررها من الكبت والإثم .. لذلك تساهم بشكل كبير في إرساء قواعد الصحة النفسية .. وتجعلُ التواصل البشري مبنياً على الصدق والمصداقية ، بعيداً عن النفاق.. فهي بمثابة التعبير الحر عن الآراء التي تكون بناءة بصورة تلقائية .. فيصحح المخطئ منا أخطائه بعد إخطاره بها ، حتى و إن كانت مرة ولم يستسغ طعمها .
فأنتَ لو قلت لي مثلاً : أنتم معشر المسلمين مقصرين في تعاملاتكم في ظل دينٍ يضمن لكم الرقي والإزدهار .. لقمتُ بتحيتك على صراحتك ، على أساس أنها حقيقة ورأي بناء ، رغم أن طعمها مر ، إلا أنه كالدواء الذي يدفعني خطوة نحو الشفاء من تقصيري ( كمسلم) ... هذا من جانب ... ومن الجانب هناك شيءٌ مُستنسخ عن الصراحة لكنه ليس صراحة بل تجريح :
فلو سرق منك أحد المسلمين شيئاً مثلاً ، أو أساء إليكَ وجئتني وقلت لي : أنتم معشر المسلمين سراقين ، فأنت تتهمني بما لاتعرفني به ، وجعلت من المسلمين كافة سراقين ، رغم برائتهم من تهمتك المبنية على أساس التجريح .. وهنا ينبغي أن تخبرني بالآتي : أنتم معشر المسلمين تدعون الإلتزام بتعاليم دينكم لكن بعضكم يسرق ، وبعضكم يزني ، وبعضكم يكذب ... و ... و... وأنا كمسلم سأتقبل صراحتك بصدر رحب ، بل وسآخذ بها رأياً بناءاً في تحسين سلوكي ، ودعوة إخواني لتحسين سلوكاتهم .
لو أدرك البشر قيمة الصراحة لعاشوا في وفاقٍ ووئام ، ولأصبحوا مرايا بعضهم البعض التي تريهم جوانب تقصيرهم وتجاوزاتهم ونقائصهم ، ليصنعوا بذلك صورة : البشرية التكاملية.
تاج الديــــن : 2009
التعليقات (0)