5- حينما قال المعتوه "ياسر الحبيب" ما قاله في حق أمنا عائشة رضي الله عنها ، ومن ذلك الحكم عليها بأنها " تأكل في النار الجيف، وهي معلقة من رجليها ، بل وتأكل لحم جسدها "، ذكر أن حكمه ذاك كان "بمقتضى القرآن والسنة ، واعتمادا على الأحاديث التي رواها العامة والخاصة " !!
فأي نص في القرآن يذكر مثل هذه الأمور ؟
إن كتاب الله موجود بين أيدينا، فأين هي الآية التي تذكر ذلك ؟
لاوجود لها في كتاب الله سبحانه، اللهم إلا إذا كفر ذلك المعتوه فادعى وجود ذلك في كتاب آخر !!(1).
وأما الأحاديث التي رواها من سماهم بالعامة، أي أهل السنة والجماعة في اصطلاحهم، فما فيها حديث واحد ضعيف، بله حديث صحيح أو حسن ، رووه فيما ذكره المعتوه، سوى حديث واحد ذكره صاحب كتاب "الكبائر" –الإمام الذهبي رحمه الله، وابن حجر الهيثمي في الكبائر كذلك ، كلاهما دون سند، والحديث كالتالي :
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا وفاطمة رضي الله عنها ووجدناه يبكي بكاء شديداً، فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ قال : "يا علي، ليلة أسري بي إلى السماء، رأيت نساء من أمتي يعذبن بأنواع العذاب، فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن، ورأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة قد شدت رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها ،ورأيت امرأة معلقة بثديها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار عليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها ، والملائكة تضرب رأسها بمقامع من نار.
فقامت فاطمة رضي الله عنها وقالت: حبيبي وقرة عيني، ما كان أعمال هؤلاء حتى وضع عليهن العذاب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا بنية: أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، وأما التي كانت معلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت تفسد فراش زوجها، وأما التي تشد رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت لاتنظف بدنها من الجنابة والحيض وتستهزيء بالصلاة .
وأما التي رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن حمار، فإنها كانت نمامة كذابة.
وأما التي على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها، فإنها كانت نمامة حسادة (2).
هذا الحديث عند الشيعة في "بحارالأنوار" بزيادات كثيرة تبين اعتماد المعتوه في لندن عليه . وقد أورده المجلسي عن الوراق عن محمد الأسدي عن سهل عن عبدالعظيم الحسني عن محمد بن علي الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال :
"دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يبكي بكاء شديداً، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء، رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد فأنكرت شأنهن، لما رأيت شدة عذابهن، رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثديها، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها، والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة قد شدت رجلاها إلى يديها، وقد سلط عليها الحيات والعقارب. ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها،
فتقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمتها ومؤخرتها بمقارض من نار، ورأيت امرأة تحرق وجهها ويديها وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار، وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار.
فقالت فاطمة رضي الله عنها: حبيبي وقرة عيني، أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟
فقال صلى الله عليه وسلم: يا ابنتي: أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها، وأما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأما التي كانت تأكل جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس، وأما التي شدت يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف، وكانت تستهين بالصلاة. وأما العمياء الصماء الخرساء، فإنها كانت تلد من الزنا، فتعلقه في عنق زوجها، وأما التي كانت يقرض لحمها بالمقارض، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال، وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها، وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوادة، وأما التي كان رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن الحمار، فإنها كانت نمامة كذابة، وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها، وتخرج من فيها. فإنها كانت قينة - مغنية - نوّاحة حاسرة.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها"(3).
هذا الحديث علق عليه شارح "الكبائر" – وهو الشيخ محمد بن صالح العثيمين - في الهامش بقوله : "لم أعثر عليه، وإن كان ظاهر البطلان" (4) .
أما سنده في "البحار" ففيه عدة مجاهيل مثل علي بن عبد الله الوراق وعبد العظيم بن عبدالله الحسنى.
وقد كتبت عن الحديث اللجنة الدائمة للافتاء نشرة تحذيرية وبينت أنه موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بوضعه كذلك عدة من العلماء المعاصرين.
وليس غريبا أن يعتمد المعتوه، شاتم أحب زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، على مثل هذه الأحاديت الواهية أو الموضوعة، ثم ادعاء الاعتماد "على الأحاديث التي رواها العامة والخاصة" !! إذ بالضعيف والموضوع يبني الشيعة ثقافتهم، بل عقائدهم في المتعة والولاية والرجعة ... (5). وقد مر نموذجان سيئان لهذا المنهج مع المتشيع المغربي ادريس هاني ثم اللبناني عبدالحسين شرف الدين الموسوي .
6- الحكم بكفرها ، وأنها ارتدت، وأنها في النار :
يتفق علماء الشيعة الإمامية على أن عائشة رضي الله عنها قد كفرت بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم . لكن يختلف لديهم المنهج في تناول الموضوع . إذ يصرح بعضهم بالتكفير، ويلجأ بعض آخر لأسلوب اللف والدوران، تقية في التعامل مع أهل السنة والجماعة بسبب أنهم يعيشون بينهم أو لظروف وملابسات أخرى .
فالمفسر الطباطبائي مثلا يشير إلى الأمر بشكل خفي فيقول : " في التمثيل (6) تعريض ظاهر شديد لزوجي النبي صلى الله عليه وسلم حيث خانتاه في إفشاء سره وتظاهرتا عليه وآذتاه بذلك، وخاصة من
حيث التعبير بلفظ الكفر والخيانة وذكر الأمر بدخول النار " (7) .
وأسلوب اللف والدوران نجده مثلا عند عبدالحسين شرف الدين في مراجعاته، ، إذ تجده يترضى عن عائشة رضي الله عنها حينا، ويُعَرّض بها أحيانا .
يقول مثلا في المراجعة الثانية والسبعين :" إن لأم المؤمنين عائشة فضلها ومنزلتها " (8) . لكنه حين يذكر أنها أيدت – بزعمه – قذف مارية رضي الله عنها، وقد مر هذا ، يقول : " وحسبك مثالا لهذا ما أيدته – نزولا على حكم العاطفة – من إفك أهل الزور إذ قالوا، بهتانا وعدوانا في السيدة مارية وولدها إبراهيم (عليه السلام)، ماقالوا، حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة – على يد أمير المؤمنين – محسوسة ملموسة (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) "(9). وهذا إيحاء بتكفيرها .
ثم قال عن أم سلمة رضي الله عنها، وهو يعرض مرة أخرى بعائشة رضي الله عنها : "ولاضرب امرأة نوح وامرأة لوط لها مثلا " (10) ، ثم قال في الهامش : " إشارة إلى قوله تعالى (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأتا لوط ) إلى آخر السورة " (11). وفي هذا " تنويه بما تريده الرافضة من تكفير أم المؤمنين بنص كلام رب العالمين " (12) .
غير أن الشيعة وهم يوردون الآية حول ضرب المثل " للذين كفروا " لايتعاملون - بنفس المنطق – مع تتمتها، وهي قوله تعالى : (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) (التحريم : 11) . فلئن كان المثل المضروب للذين كفروا في الآية الأولى متعلقا بعائشة وحفصة رضي الله عنهما، فبمن يتعلق المثل المضروب "للذين آمنوا" في هذه الآية : خديجة رضي الله عنها ، أم فاطمة رضي الله عنها، أم من ؟ ...
فبأي جواب أجابوا سوف يكون الرجل الذي يقابل المرأة التي ذكروا – وهو محمد عليه الصلاة والسلام أو علي رضي الله عنه - مثلُـه هو فرعون!! فهل هذا مايريدون ؟
حاشا نبينا الكريم وعليا أمير المؤمنين ذلك !
إننا نضع أصبعنا هنا على سمتين من سمات الذهنية الشيعية، هما : "حينما يكون المسكوت عنه لدى الشيعة أخطر من المصرح به "، و "الاستهانة بصحابة رسول الله صلى الله عله وسلم وأزواجه والتنقيص منهم يقود حتما إلى الاستهانة بعلي وآل البيت –رضي الله عنهم – بل برسول الله صلى الله عليه وسلم "... وهي سمات تحتاج في الحقيقة إلى بحث مستقل .
وممن صرح بتكفير عائشة رضي الله عنها- من الشيعة – معتبرا ذلك من ضروريات مذهبهم، شيخهم يوسف البحراني الذي قال : " إنها ارتدت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما ارتد ذلك الجم الغفير المجزوم بإيمانهم سابقا ... وأنها مستحقة للنار واللعن والعذاب، وأن ذلك من مستلزم مذهب الشيعة وأحقية ائمتهم الإثني عشر " (13) .
هذا الأمر يؤكد عليه شيخهم حسين آل عصفور البحراني الذي قال :
"...فبهذا نعتقد ونقطع بأن معاوية وطلحة والزبير والمرأة وأهل النهروان وغيرهم ممن حاربوا عليا والحسن والحسين عليهم السلام كفار" (14) .
بل إن الحكم بكفرها – وحاشاها رضي الله عنها ذلك – دليل لديهم على إمامة أئمتهم . فمن لم يؤمن
بكفرها يعتبر جاحدا لإمامة أئمتهم، وهو مايعتبر كفرا مخرجا عن الملة لديهم . توضيح ذلك أن الشيعة يؤمنون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بالإمامة بعده . لكن عائشة رضي الله عنها فندت هذا الرأي انطلاقا من معاشرتها رضي الله عنها الطويلة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفاته . قال ابن حجر العسقلاني رضي الله عنه :
" قال القرطبي : كانت الشيعة قد وضعوا أحاديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي ، فرد عليهم جماعة من الصحابة ذلك، وكذا من بعدهم ..." (15) .
ولذلك فإن عائشة رضي الله عنها لما ردت على فكرة وجود وصية بالخلافة لعلي رضي الله عنه، فإنها هدمت دعامة أساسية من الدعامات التي يقيم عليها الشيعة مذهبهم . فالإيمان بصدقها وعدالتها – وهو مايؤمن به أهل السنة والجماعة – يعني رفض فكرة "الوصية" ، ثم الإمامة كما يؤمن بها الشيعة . قال أحد علمائهم :
" مما يدل على إمامة أئمتنا الإثني عشر، أن عائشة كافرة مستحقة للنار، وهو مستلزم لحقية مذهبنا وحقية أئمتنا الإثني عشر، لأن كل من قال بخلافة الثلاثة اعتقد إيمانها وتعظيمها وتكريمها، وكل من قال بإمامة الإثني عشر قال باستحقاقها اللعن والعذاب، فإذا ثبت كونها كذلك ثبت المدعى، لأنه لاقائل بالفصل" (16) .
ومما ذكرته عائشة رضي الله عنها ، إحقاقا للحق، في نفي وجود وصية من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة، ماجاء فيما أخرجه البخاري رحمه الله عن الأسود قال : ذكروا عند عائشة أن عليا رضي الله عنهما كان وصيا ، فقالت : متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري – أو قالت : حجري – فدعا بالطست ، فلقد انخنث (17) في حجري فما شعرت أنه قد مات ، فمتى أوصى إليه؟(18) .
وفي نظر الشيعة هي كافرة لما يلي :
محاربتها الإمام في نظرهم :
قال زين الدين البياضي النباطي : " قالوا : أذهب الله الرجس عنها . قلنا : وأي رجس أعظم من محاربة إمامها ، فهذا أعظم فاحشة " (19) .
معاداتها وبغضها – في نظرهم – لعلي رضي الله عنه . قال صاحب " الأربعين ..." السابق ذكره :
"...وأما الدليل على كونها مستحقة للعن والعذاب، فإنها حاربت أمير المؤمنين عليه السلام، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم : "حربك حربي" ، ولاريب في أن حرب النبي صلى الله عليه وسلم كفر .
وفي صحيح البخاري في باب ما ينهى عن السباب واللعن، بإسناده قال رسول الله صلى الله عله وسلم : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "(20) .
وأنها عادت عليا أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ...
وأنها كانت مبغضة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله : إن بغضه نفاق ...
ومما يدل على بغضها قوله عليه السلام مخاطبا لأهل البصرة : فإني حاملكم إن شاء الله على سبيل الجنة، وإن كان ذا مشقة شديدة ومذاقة مريرة، وأما فلانة فأدركها رأي النساء وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، إلى آخر الكلام " (21) .
فمما يدل على كفر عائشة رضي الله عنها ، في نظر هذا الرافضي ، مجموعة نصوص :
الأول : ما ينسبه الشيعة للرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : "حربك حربي" . وقد ذكر صاحب "المراجعات" أن الإمام أحمد روى من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ، وذكر رواية أخرى لنفس الحديث (22).
وهذا الحديث بين صاحب "الحجج الدامغات" أنه ضعيف بمجموع طرقه، إذ من رواته من حكم علماء الجرح والتعديل بأنه كذاب (مثل تليد بن سليمان الكوفي الأعرج، وهو شيعي)، أو بالغلو في التشيع ورواية المناكير (داود بن أبي عوف أبو الجحاف ) (23) .
الثاني : حديث "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "، وهو مايسمى عند الشيعة بحديث غدير خم . ولفظه، كما ساقه صاحب "المراجعات" في المراجعة 54، من رواية الطبري "وغيره بسند مجمع على صحته عن زيد بن أرقم قال :خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خم تحت شجرات فقال: أيها الناس، يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وإنكم مسؤولون ..." إلى أن قال صلى الله عليه وسلم:"ياأيها الناس، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه – يعني عليا - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ..." (24) . ثم أورد روايات أخرى للحديث لدى الحاكم وأحمد والنسائي وغيرهم .
ورواية الطبراني إسنادها ضعيف لوجود راو ضعيف رمي بالتشيع هو "حكيم بن جبير "، وبالتالي فالسند ليس "مجمعا على صحته" كما ادعى ذلك الرافضي عبدالحسين . كما أن رواية أحمد ضعيفة هي الأخرى . أما رواية النسائي فهي نفسها رواية الطبراني كررها الرافضي !
بقيت رواية الحاكم، وهي رواية صحيحة . لكن السؤال المطروح هو :
هل بالفعل عادت عائشة رضي الله عنها عليا بن أبي طالب رضي الله عنه وحاربته ؟
هذا ما سنراه بعد الانتهاء من الكلام عن النص الثالث الذي أورده الرافضي ، مستدلا به – حسب زعمه- على كفر عائشة رضي الله عنها، وهو :
الثالث : قوله : " علي باب علمي، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به، حبه إيمان ، وبغضه نفاق ".
هذا النص ذكره الرافضي عبدالحسين شرف الدين في مراجعاته، ثم علق عليه في الهامش فقال : " أخرجه الديلمي من حديث أبي ذر، كما في ص 106 من الجزء السادس من كنز العمال " (25).
والمعروف عن كتاب "كنز العمال" أن صاحبه – المتقي الهندي – جمع فيه عددا كبيرا جدا من الأحاديث مرتبة على حسب الحروف والأبواب، ورتب تلك الأبواب أيضا حسب الحروف . فلم يكن قصد المصنف أن يميز الأحاديث الصحيحة عن غيرها . ولذلك تجد فيه كل أنواع الحديث، وقد جعله العلماء من مظان الضعيف والموضوع .
بل إن كل حديث عزاه المتقي الهندي إلى الديلمي في "مسند الفردوس" فهو ضعيف . وهذا ما ذكره السيوطي رحمه الله ، على تساهله، في مقدمته لجمع الجوامع، وهو مانقله المتقي الهندي في مقدمة "كنز العمال" ملتزما بمضمونه، إذ قال السيوطي رحمه الله :
" كل ما عزي لهؤلاء الأربعة (26) ، أو للحكيم الترمذي في نوادر الأصول، أو للحاكم في تاريخه، أو لابن النجار في تاريخه، أو للديلمي في مسند الفردوس، فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو غلى بعضها عن بيان ضعفه "(27) . هذا أولا .
أما ثانيا،فإن الحديث عند الديلمي في "مسند الفردوس"،كما ذكر ذلك صاحب "الحجج الدامغات"(28)، هو بدون إسناد . وقد ذكر له السيوطي رحمه الله سندا فيه مجاهيل .
غير أن الشطر الأخير من الحديث ورد – عند أهل السنة – عند مسلم وغيره . ففي صحيح مسلم عن زر قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي :"ألا يحبني إلا مؤمن، ولايبغضني إلا منافق " (29).
والحديث ليس خصيصة لعلي رضي الله عنه ، إذ في صحيح مسلم أيضا، عن عدي بن ثابت قال : سمعت البراء يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار : " لا يحبهم إلا مؤمن، ولايبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله " (30).
ولنعد إلى سؤالنا السابق : هل بالفعل عادت عائشة رضي الله عنها عليا بن أبي طالب رضي الله عنه وحاربته ؟
هذا العداء يزعم وجوده علماء الشيعة، إلى درجة أن منهم من ذكر أنها بلغها رضي الله عنها "موته، فسجدت لله شكرا، ثم أنشدت :
فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قـر عـيـنا بالإياب المسافــر"(31)
وهذه "رواية مكذوبة باطلة لايعرف سندها ولامخرجها، ذكرها الأصفهاني في كتابه (مقاتل الطالبيين)، وليس هذا من طريق ثقات الأخبار "(32) .
وفي المقابل ، هناك الكثير من النصوص الصحيحة تبين أن العداوة التي يذكرها الشيعة لم تكن موجودة، وإنما الذي كان اختلاف في الآراء .
قال ابن حجر رحمه الله في "الفتح" :" أخرج ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبدالرحمن بن أبزى قال : انتهى عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي إلى عائشة يوم الجمل وهي في الهودج فقال : ياأم المؤمنين، أتعلمين أنني أتيتك عندما قتل عثمان، فقلت ماتأمرين، فقلت ِ: إلزم عليا ؟ فسكتت "(33) .
فلئن كان العداء مستحكما في نفس شخص لآخر، فكيف يشير على غيره أن يلزم من يعاديه ؟
وأورد الذهبي رحمه الله في "السير" عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : انتهينا إلى علي رضي الله عنه فذكر عائشة فقال : خليلة رسول الله . وقد علق الذهبي على هذا الكلام بقوله :
"هذا حديث حسن، ومصعب (34) فصالح لابأس به، وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ماوقع بينهما، فرضي الله عنهما " (35) .
ومما ذكره الطبري، من رواية سيف بن عمر الضبي (36)، أن عليا رضي الله عنه جهز "عائشة بكل
شيء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع... فخرجت على الناس وودعوها وودعتهم وقالت : يابني، تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة، فلايعتدن أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ماكان بيني وبين علي في القديم إلا مايكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار . وقال علي : ياأيها الناس، صدقت والله وبرت ، ماكان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة " (37) .
إن ماقام به علي رضي الله عنه هنا هو استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ تنبأ عليه الصلاة والسلام بما سيحدث بعده . قال ابن حجر رحمه الله :
"أخرج أحمد والبزار بسند حسن من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب : إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر . قال : فأنا أشقاهم يارسول الله ؟ قال : لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها " (38) .
بل أكثر من ذلك، فإن الطبري يذكر في تاريخه أن عليا رضي الله عنه "لما علم أن رجلين نالا منها بعد موقعة الجمل – قال أحدهم : جُزيتِ عنا أمنا عقوقا، وقال الآخر : يا أمنا توبي فقد خطيت – بعث إليهما القعقاع بن عمرو التميمي ، فجاء بهما، فقال علي رضي الله عنه : أضرب أعناقهما، ثم قال : لأنهكنهما عقوبة . فضربهما مئة مئة، وأخرجهما من ثيابهما (39) .
فاين العداء هنا ؟
لايوجد هذا العداء إلا في عقل من يتعامل مع التاريخ بذهنية "الانتقام" و"الحقد" على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهي ذهنية تلجأ إلى التزوير لبناء ذلك التاريخ ، و"شيطنة" الآخر الذي لايريد ذلك التزوير ! (40) ،وإلا فإن الصحابة رضي الله عنهم أطهر قلوبا من أن يضمروا الحقد لبعضهم البعض، حتى وهم في حالات خلاف .أخرج البخاري عن عبدالله بن زياد الأسدي قال : لما صار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة . فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن، فاجتمعنا إليه، فسمعت عمارا يقول : إن عائشة قد صارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي (41) .
قال ابن حجر رحمه الله :"مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، وأن عائشة مع ذلك لم تخرج بذلك عن الإسلام ولا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار وشدة ورعه وتحريه قول الحق " (42) .
هذا رأي عمار بن ياسر رضي الله عنه في أمنا عائشة رضي الله عنها . فما رأيها فيهن وقد وقع ماوقع بين أنصارها وأنصار علي ، وعمار منهم ؟
يقول ابن حجر مرة أخرى :"أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال : قال عمار بن ياسر لعائشة لما فرغوا من الجمل : ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم – يشير إلى قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن)، فقالت : أبواليقظان ؟ قال : نعم . قالت : والله إنك ماعلمت لقوال بالحق . قال : الحمد
لله الذي قضى لي على لسانك "(43).
فكيف حدثت إذن الحرب في "وقعة الجمل"، بين أنصار عائشة رضي الله عنها، وأنصار علي رضي الله عنه ؟
بداية نشير إلى أن أصل الخلاف بين الفريقين كان حول الاقتصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه .
فالجميع كان مقرا بوجوب غقامة الحد على أولئك القتلة، لكن عائشة رضي الله عنها ومن معها كانوا يرون التطبيق الفوري لذلك الحد . في حين كان رأي علي رضي الله عنه تأجيل ذلك التطبيق على أولئك القتلة، موضحا مبرره في قوله :" إن هؤلاء لهم مدد وأعوان" (44)، ولهم أنصار في قبائلهم ، وقد
تؤدي المطالبة بتسليمهم إلى وقوع حروب وفتن تشتت الأمة وتفقد معها الدولة الإسلامية هيبتها . وفي الحوار الذي أجراه القعقاع بن عمرو رضي الله عنه –خلال سفارته بين علي وعائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم لأجل الصلح – توضيح دقيق لرأي كل فريق كما سيأتي .
ولذلك فعائشة رضي الله عنها لما خرجت إلى البصرة لم يكن غرضها القتال، وإلا لكانت توجهت إلى المدينة حيث بويع لعلي رضي الله عنه . وإنما كان القصد هو الإصلاح بين الناس . أخرج أحمد رحمه الله أن الذين أشاروا عليها بالخروج قالوا لها :"تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم "(45). وقد ذكروا لها –رضي الله عنها- قوله تعالى : (لاخير في كثير من نجواهم إلا من امر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس) (النساء :114) . وفي "المصنف" لعبدالرزاق أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول ، بعد "الجمل" ، بأنها إنما كانت تريد "أن يحجز بين الناس مكاني، قالت : ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبدا . قالت : لم يسمع الناس كلامي ولم يلتفتوا إلي " (46).
وقد أشار القاضي ابن العربي المعافري رحمه الله إلى هذا الخروج إلى البصرة فقال : "خرج طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم رجاء أن يرجع الناس إلى أمهم فيرعوا حرمة نبيهم، واحتجوا عليها بقول الله تعالى : (لاخير في كثير من نجواهم إلا من امر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس) (النساء :114)، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح وأرسل فيه . فرجت المثوبة واغتنمت الفرصة، وخرجت حتى بلغت الأقضية مقاديرها " (47) .
وقبل أن يلتقي الجيشان، تحرك القعقاع بن عمرو رضي الله عنه بهدف إجراء الصلح، إذ قدم البصرة "فبدأ بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال : أي أماه، ما أقدمكِ هذا البلد ؟ فقالت : أي بني، الإصلاح بين الناس، فسألها أن تبعث إلى طلحة والزبير رضي الله عنهما ليحضرا عندها ، فحضرا، فقال القعقاع : إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها، فقالت: إنما جئت للإصلاح بين الناس، فقالا: ونحن كذلك . قال : فأخبراني ماوجه هذا الإصلاح وعلى أي شيء يكون، فوالله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرناه لانصطلحن ؟ قالا: قتلة عثمان، فإن هذا إن تُرِك كان تركا للقرآن . فقال : قتلتما قتلته من أهل البصرة...فغضب لهم ستة آلاف، فاعتزلوكم، فإن تركتموهم وقعتم فيما تقولون، وإن قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الذي حذرتم وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منه، يعني أن الذي تريدونه من قتل
قتلة عثمان مصلحة، ولكنه يترتب عليه مفسدة هي أربى منها . وكما أنكم عجزتم عن الأخذ بثأر عثمان من حرقوص بن زهير لقيام ستة آلاف في منعه ممن يريد قتله، فعلي أعذر في تركه الآن قتلة عثمان ، وإنما أخر قتل قتلة عثمان إلى أن يتمكن منهم، فإن الكلمة في جميع الأمصار مختلفة . ثم أعلمهم أن خلقا من ربيعة ومضر قد اجتمعوا لحربهم، بسبب هذا الأمر الذي وقع . فقالت له أم المؤمنين رضي الله عنها : فماذا تقول أنت ؟
قال : أقول إن هذا الأمر الذي وقع دواؤه التسكين، فإذا سكن اختلجوا، فإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير وتباشير رحمة وإدراك الثأر؛ وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر وائتنافه، كانت علامة شر، وذهاب هذا
الملك ؛ فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولا، ولاتعرضونا للبلاء فتتعرضوا له، فيصرعنا الله وإياكم . وايم الله إني لأقول قولي هذا وأدعوكم إليه، وغني خائف ألا يتم حتى يأخذ الله حاجته من هذه الأمة، التي قل متاعها ونزل بها ما نزل، فإن الأمر الذي قد حدث أمر عظيم (48)، وليس كقتل الرجل الرجل ولا النفر الرجل، ولا القبيلة القبيلة .
فقالوا : قد أصبت وأحسنت، فارجع، فإن قدم علي وهو على مثل رأيك صلح الأمر .
فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه ورضيه من رضيه، وأرسلت أم المؤمنين عائشة تُعْلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء (49) .
ظهر إذن أن الصلح – لا الحرب - كان هدف الطرفين، فبات الناس ليلتهم تلك على أمل إتمامه، بعد أن تم الاتفاق عليه، بين الفريقين . لكن قتلة عثمان –رضي الله عنه- أرعبهم أن يتم، إذ سيفضي إلى إقامة الحد عليهم .فما العمل ؟
لقد بيتوا أمرهم بليل، وهجموا على الفريقين في جنح الظلام ، وأعملوا فيهم السيف . فاعتقد فريق علي رضي الله عنه أن فريق عائشة رضي الله عنها غدر . واعتقد الفريق الآخر أن الغدر أتى من فريق علي .
وحدثت المأساة !
قال شارح الطحاوية :"فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من علي ولا من طلحة والزبير، وإنما أثارها المفسدون من غير اختيار السابقين " (50) .
وقال ابن العربي رحمه الله :"قدم علي البصرة، وتدانوا ليتراءوا، فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجر بينهم الحرب، وكثرت الغوغاء على البوغاء . كل ذلك حتى لايقع برهان، ولاتقف الحال على بيان، ويخفى قتلة عثمان، وإن واحدا في الجيش يفسد تدبيره، فكيف بألف ؟!"(51) .
فلم تحارب عائشة رضي الله عنها إذن عليا، ولاحارب علي رضي الله عنه عائشة، باعتبار القصد والنية .
لذلك مما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح أن عليا قام يردد يوم الجمل : "اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت "(52).
كما أن عائشة رضي الله عنها كانت – بعد ذلك - إذا قرأت قول الله تعالى :(وقرن في بيوتكن) (الأحزاب :33)، تبكي حتى يبتل خمارها من البكاء، وتقول كلما تذكرت الجمل : "وددت أني كنت غصنا رطبا، ولم أسر مسيري هذا "(53) .
أما الاحتجاج على أهل السنة بما جاء في "نهج البلاغة" منسوبا لعلي رضي الله عنه في حق الصديقة رضي الله عنها، فإن ذلك لايلزم أهل السنة ولاغيرهم بشيء، مادامت نسبة "نهج البلاغة" لأمير المؤمنين رضي الله عنه مشكوكا فيها، وقد مر شيء من هذا . وأضيف أنه قيل مرة لأحد مراجع الشيعة في لبنان، وهو السيد محمد حسين فضل الله، في حوار أجري معه :
" ورد في نهج البلاغة حول المرأة كلام يحطها دون الرجل مثل : (المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لابد منها ) و (إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول ) . وفي وصيته للحسن : (إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفَن، وعزمهن إلى وهن ) (54) .
هل يعني هذا أن المرأة لاتنتخب و لاتنتخب ؟....أم أن في نسبة بعض النصوص إلى الإمام (ع) شكا، لاسيما أن الشريف الرضي يقول: إن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا "(55). فكان مما ذكره في آخر جوابه، بعد أن شكك في نسبة بعض ذلك الكلام الوارد في السؤال للإمام علي رضي الله عنه :
"...أما عن اعتبار نهج البلاغة كوثيقة معصومة في تمثيل فكر الإمام (ع) باعتبارها النص الصحيح الموثوق به من ناحية علمية، فهذا ما لانستطيع الجزم به، لأن هناك الكثير من الكلمات والخطب لم تثبت بسند موثوق به " (56) .
الهوامش :
1- ذكر الكليني في الكافي (1/239-241) مثلا رواية نسبها لجعفر الصادق رضي الله عنه ، ونحن نعتقد أن الإمام جعفر بريء مما نسب إليه، قال فيها : "إن عندنا مصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله مافيه من قرآنكم حرف واحد " !!
وفي "بحار الأنوار" للمجلسي (26/48) عن علي بن حمزة عن أبي عبدالله عليه السلام : "...وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام، أما والله مافيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وخط علي " !!...
بهذا ومثله يؤمن بعضهم، ولعل المعتوه من ذلك البعض .
2- الكبائر للإمام الذهبي رحمه الله، ص 258 ، ولم يعلق عليه مخرج أحاديثه بشيء .
3- بحار الأنوار ، 13/351 .
4- شرح الكبائر للعثيمين، ص 285 .
5- ينظر الكتاب القيم لأحمد حارس سحيمي بعنوان : " توثيق السنة لدى الشيعة الإمامية وأهل السنة "، حيث يبين ضعف أو وضع الأحاديث التي اعتمدها الشيعة في إثبات الإمامة وزواج المتعة لديهم، انطلاقا من كتبهم في الرجال .
6- يقصد قوله تعالى (ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة نوح وامرأتا لوط ...) (الآية) .
7- الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي . وهذا التفسير قيل أنه ثمرة التقريب بين السنة والشيعة، على الرغم مما فيه من إشارات مثل هذه .
8- المراجعات ص 335 .
9- نفسه ، ص 344 .
10- نفسه ، ص 350 .
11- نفسه ، ص 350 . ومثل هذا الكلام تجده عند إدريس هاني في كتابه : لقد شيعني الحسين ، ص 341 .
12- الحجج الدامغات ، مرجع سابق ، ص 686 .
13- الشهاب الثاقب ، يوسف البحراني، ص 236 .
14- محاسن الإعتقاد في أصول الدين، حسين آل عصفور البحراني، ص 157.
15- الفتح ، 5/455 .
16- الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين " ، محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمي ، ص 615/616 .
17- أي انثنى ومال .
18- كتاب الوصايا ، باب الوصايا ...، حديث 2741 .
19- الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ، ص 3/165 .
20- كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لايشعر ، حديث 48 . وكذلك كتاب الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن ، حديث 6044، والروايتان عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
ومن العجيب استشهاد رافضي بما رواه البخاري ! لكن قد يكون المنطلق "من فمك أدينك" ، أو ما يعبر عنه بعض الشيعة بقوله : " إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه " . وقد يكون غير ذلك . لكن المعروف عن الرافضة أنهم لايقيمون لكتب الحديث عند أهل السنة أي اعتبار . ومن ذلك أن أحدهم (الشيخ محمد صادق النجمي) كتب كتابا سماه "أضواء على الصحيحين"، وانتهى فيه إلى أن صحيح البخاري مثلا "كتاب مشحون بالعصبيات الإفراطية والأعمال المغرضة "(ص 127 )، وأنه مليء بأنواع التقطيع والإسقاط والتزييف وفيه الرواية بالمعنى ..." (نفس الصفحة) !
أما حديث "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "، فقد جمع علماء أهل السنة بينه وبين نصوص أخرى ، كماهو المنهج العلمي الصحيح ، مثل قوله تعالى :(إن الله لايغفر أن يشرك به، ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) (النساء: 47). قال ابن حجر رحمه الله : "لم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير، معتمدا على ماتقرر من القواعد أن مثل ذلك لايخرج عن الملة، مثل حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى ..." وذكر آية النساء السابقة (الفتح : 1/151) .
21- الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين، مرجع سبق ، ص 616 . وقد أحال صاحب الكتاب، في آخر كلامه هذا، على : نهج البلاغة ص 218 برقم 156 .
22- المراجعات ص 333 . والغريب أن عبدالحسين شرف الدين يورد أحاديث لرواة من الصحابة وغيرهم ، وموقفه المعادي لهم معروف، مثل أبي هريرة الذي يحكم عليه – في كتابه "أبوهريرة" – بالكفر والنفاق !! فإما أن الحديث الذي استدل به صحيح ، فيكون أبوهريرة ثقة لديه، وإذن لماذا الحكم بكفره ؟ وإما أن الحديث غير صحيح تجنبا – من الرافضي عبدالحسين – للحكم بإسلام أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه ، فلماذا إذن يستدل به ؟ إنه اللف والدوران كما سبق ذكره .
23- لمن أراد تفصيل ذلك فلينظر الكتاب القيم "الحجج الدامغات لنقض كتاب المراجعات " عند رده على المراجعة 16 .
24- المراجعات، ص 273/274 .
25-ص 222 من المراجعات، المراجعة 48، هامش 2 .
26- يقصد: العقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل، والخطيب في تاريخه، وابن عساكر في تاريخه.
27- جمع الجوامع 1/44 ن وكنز العمال 1/10 .
28- ص 465 .
29- أخرجه في الإيمان، باب الدليل على أن حب الانصار وعلي رضي الله عنهم من الايمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق، حديث 78. وأخرجه أيضا أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة وغيرهم، لكن دون قوله :" علي باب علمي، ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به " .
30- نفس الكتاب ونفس الباب، حديث 75 .
31- عبدالحسين شرف الدين، المراجعات، ص 339 .
32- الحجج الدامغات ، ص 645 .
33- الفتح 3/71-72.
34- مصعب بن سلام، أحد رجال السند .
35- سير أعلام النبلاء، 2/176 – 177 .
36- قال عنه ابن حجر في "التقريب" أنه عمدة في التاريخ .
37-الطبري، 4/544 . وهنا نسأل الذين يزعمون أن عائشة الصديقة الكريمة وقعت في الفاحشة – وحاشاها رضي الله عنها ذلك – فلماذا لم يقم عليها علي رضي الله عنه، وهو الحاكم الفعلي والشرعي، حد الفاحشة ؟
38- الفتح، 13/69 .
39- تاريخ الطبري، 5/280، والبداية والنهاية لابن كثير، 7/258 .
40- يعتبر الشيعة أهل السنة والجماعة "نواصب"، وقد روى شيخهم ابن بابويه القمي، والملقب عندهم بالصدوق، في كتابه "علل الشرائع" (ص 601، طبعة النجف)، عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : ماتقول في قتل الناصب ؟ قال : حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل . قلت : فماترى في ماله ؟ قال : توه ماقدرت عليه !!
41- رواه في الفتن، باب بدون ترجمة، حديث 7100 .
42- الفتح، 13/73.
43-الفتح، 13/73 .
44- ابن كثير، البداية والنهاية ، 7/240 .
45- المسند (6/52) .
46- مصنف عبدالرزاق الصنعاني، بسند منقطع ، ص5/457 .
47- العواصم من القواصم، لابن العربي المعافري رحمه الله ص 156 .
48-يقصد استشهاد الخليفة المظلوم عثمان بن عفان رضي الله عنه .
49- البداية والنهاية، 7/249 .
50- المنحة الإلهية في تهذيب شرح الطحاوية ، ص 375 .
51- العواصم من القواصم، ص 159 . ونفس التحليل تجده عند ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/239)، وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/157 – 158)، والذهبي في "تاريخ الإسلام" (1/15) وغيرهم ...
52- أخرجه ابن أبي شيبة 37791 .
53-أخرجه ابن أبي شيبة 8/717 – 718 . ونشير إلى أن عائشة رضي الله عنها لما خرجت لتصلح بين الناس، فقد فعلت ذلك انطلاقا من قوله تعالى : (لاخير في كثير من نجواهم إلا من امر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس) (الآية)، ونحن نعتقد أن الحق كان مع علي رضي الله عنه، بدليل ما رواه ابن أبي شيبة (7/ 538) والبزار بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لزوجاته أمهات المؤمنين :" أيتكن صاحبة الجمل الأدبب؟ تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب، يُقتَل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثير، وتنجو بعدما كادت " . والحديث صححه الألباني (الصحيحة 846 و 474 ) .
وروى أحمد (6/52 – 97 ) وابن أبي شيبة (7/536 ) والحاكم (3/129)أيضا بسند صحيح أن عائشة رضي الله عنها لما خرجت معهم إلى البصرة مرت على بعض مياه بني عامر ليلا، فنبحت عليها الكلاب،
فقالت عائشة : أي ماء هذا ؟ فقالوا : ماء الحوأب . فوقفت وقالت : ما أظنني إلا راجعة ! ما أظنني إلا راجعة ! فقال لها طلحة والزبير : مهلا يا أماه رحمك الله، بل تقدمي إلى البصرة فيراك المسلمون، فيصلح الله ذات بينهم " . والحديث صححه الألباني (الصحيحة 374 ) .
نقول هذا الكلام كي نشير إلى أن عائشة رضي الله عنها اجتهدت ، وقد تكون أخطأت، لكن هذا لايعني أنها خرجت بسوء نية كما يذكر ذلك الروافض .
54- مما نسب إلى علي في "نهج البلاغة" كذلك : (اتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، ولاتطيعوهن في المعروف حتى لايطمعن في المنكر ) !! وفيه : (المرأة عقرب حلوة اللّسْبَة ) (نهج البلاغة، قصار الحكم 61) . واللسبة هي اللسعة ، يقال : لسبته العقرب أي لسعته . والمعنى أن المرأة كالعقرب في الإيذاء، لكن لسعتها ذات حلاوة !!
55- حوار أجراه معه نعيم علوية تحت عنوان : "نهج البلاغة وحوار حوله مع العلامة السيد محمد حسين فضل الله" ، مجلة "الفكر العربي " عدد 42 .
56- نفسه .
التعليقات (0)