الشيعة والصحابة
يحكم الشيعة بردة جميع الصحابة إلا سبعة على أكبر تقدير، ومن هؤلاء السبعة – في نظرهم – المقداد وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر ... رضي الله عنهم أجمعين. جاء في "الكافي" للكليني:
"عن أبي جعفر عليه السلام : كان الناس أهل ردة بعد النبي –صلى الله عليه وسلم– إلا ثلاثة. فقلت(1): من الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي (2).
ولقد أصبح معروفا أن من ضروريات مذهب الشيعة لعن الصحابة، خاصة الخلفاء الثلاثة الأوائل وعائشة الصديقة رضي الله عن الجميع. يقول المجلسي مثلا في كتابه "العقائد":" ومما عد من ضروريات دين الإمامية : استحلال المتعة وحج التمتع والبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية " (3).
وقد تم تخصيص أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بدعاء يقرأه الشيعة في صلواتهم، ويدعى لديهم "دعاء صنمي قريش"، يعتبرونه من أفضل الطاعات ، ويبدأونه هكذا : " بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم العن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما، وإفكيهما وابنتيهما (4)، اللذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرّفا كتابك، وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أولياءك، وواليا أعداءك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك . اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهما وأشياعهما ومحبيهما، فقد خربا بيت النبوة، وردما بابه، ونقضا سقفه ..." (5) .
بل من أخبث ما تفتق عنه "عقل" الشاتمين للصحابة رضوان الله عليهم قول من يعتبره الشيعة "عمدة المحققين"، إذ قال :" اعلم أن أشرف الأمكنة والأوقات والحالات وأنسبها للعن عليهم – عليهم اللعنة – إذا كنت في المبال فقل عند كل واحد من التخلية والاستبراء والتطهير مرارا بفراغ من البال : اللهم العن عمر ثم أبابكر، وعمر ثم عثمان، وعمر ثم معاوية، وعمر ثم يزيد، وعمر ثم ابن زياد، وعمر ثم ابن سعد، وعمر ثم شمرا، وعمر ثم عسكرهم وعمر ، اللهم العن عائشة وحفصة وهند و أم الحكم، والعن من رضي بأفعالهم إلى يوم القيامة "(6) .
وللقارئ الكريم أن ينظر إلى قمة الخبث ، والتي لاتخطر على بال، في الجمع بين عبارة : "أشرف الأمكنة والأوقات " وكلمة "المبال" و " التخلية والاستبراء والتطهير" وبين "اللعن" و " فراغ من البال"!!
ولعلماء الشيعة كتب خصصوها لشتم الصحابة –رضي الله عنهم– وثلبهم، وامتداح أعدائهم وتعظيمهم. ويظهر ذلك، في كثير من الأحيان، من عناوين تلك الكتب . ومن ذلك :
1- كتاب "المناقب والمثالب " لابن هلال الثقفي (7) . ويذكر فيه فضائل أهل البيت وما رآه مثالب لمن اعتبرهم أعداءهم، ومنهم – في نظره – أبوبكر الصديق رضي الله عنه .
2- الاستغاثة في بدع الخلفاء الثلاثة ، لأبي القاسم الكوفي (8). ويقول بعض الشيعة عن هذا الرجل أنه كان –في بداية أمره- "مستقيم الطريقة"، ثم غلا في آخر أيامه .
3- "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت " لشيخهم الكركي (9). وقد صنف الكركي هذا الكتاب في لعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
4- "عقد الدرر في بقر بطن عمر " لياسين أحمد الصواف البحراني . وقد ذكر فيه صاحبه مبحثين :
الأول : حول عمر رضي الله عنه، و"ما لم يذكره المؤرخون المزيفون من حقائق حوله " حسب صاحب الكتاب .
الثاني : ما يتعلق بما سموه "فرحة الزهراء"، أي يوم مقتل عمر رضي الله عنه .
وقد طبع الكتاب بعد أن غير الشيعة عنوانه إلى "عقد الدرر في إدخال السرور على بنت سيد البشر " ، وذلك قصد التمويه على القراء .
وقد جاء في خاتمة الكتاب :"... وينبغي لأهل الإيمان وذوي الدين والإيقان أن يتذوقوا في هذا اليوم بالفرح والسرور، ويلبسوا ما يمكنهم من الثياب الفاخرة البهية، وإدخال السرور على فقراء الشيعة الإمامية، فإنه من أفضل الطاعات وأكمل الصدقات وأحسن العبادات، فرحا بقتل العتل الزنيم والأفاك الأثيم، نجل صهاك (10) الخبيثة الفاجرة البغية..." .
5- "الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب وما يترتب عليه من المطالب" ليوسف البحراني (11)، والذي يحكم فيه بردة عائشة رضي الله عنها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيأتي ذلك .
6- "فرحة الزهراء" للشيخ أبي علي الأصفهاني . والمقصود بسر تلك الفرحة قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طرف أبي لؤلؤة المجوسي الذي يعتبره الشيعة مؤمنا، بل صحابيا !! وقد قام بقتله –في نظرهم- حتى لايتمكن الخليفة من الزواج من أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه . وقد اتخذ الشيعة من ذلك اليوم ، وهو يوم التاسع من ربيع الأول، يوم عيد يحيونه كل عام . والغريب أن فاطمة رضي الله عنها فرحت –حسب الشيعة- بمقتل عمر بعد موتها، حيث ماتت رضي الله عنها في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
7- "الشذوذ الجنسي لدى عمر بن الخطاب " لآيتهم ميرزا جواد التبريزي (12)، ويُذكر عن هذا "الآية" أنه القائل :" لو أدخلني الله إلى الجنة ووجدت عمر بن الخطاب فيها لطلبت من الله أن يخرجني منها " .
8- "الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار" لعبدالأمير الفاطمي النجفي ، وقد صدر سنة 2004 .
والمعروف أن الشيعة يكنون الصحابة بكنى وألقاب كانوا يتداولونها فيما بينهم تقية حينما كانوا ضعافا . ولما أصبحت لهم دولة تتفاوض مع أمريكا ضد المسلمين في العراق وأفغانستان مثلا، أعلنوا عن المقصود بتلك الألقاب والكنى. وكذلك فعلوا لما كانت لهم دولة صفوية رافضية . لذلك يورد صاحب الكتاب كل لقب أو كنية والملقب أو المكنى بها من الصحابة وغيرهم ، مثل هارون الرشيد... فمثلا :
- يكنون أبابكر رضي الله عنه بالكنى التالية: فرعون، أبوالنكث، آثم، أبوتيم، الضال، أبوجهل، أبوجبر، زريق ، ...
- يكنون عمر رضي الله عنه بالكنى التالية: رمع، هامان، زفر، أبوالشرور، الآخر، الضال، ...
- ويخصون عثمان رضي الله عنه بألقاب: ابن مخنث قريش، أبوالدواهي، ابن الهاوية، ...
- وكذلك عمرو بن العاص رضي الله عنه بألقاب: ابن الباغية، ابن الجزار، ابن دعي ستة، ...
وهكذا مع غير هؤلاء !!
9- "فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب"، ومعه رسالة "شهادة الأثر على إيمان قاتل عمر" للشيخ الإيراني أبي الحسين الخوئيني (13) . ومما يذكره في هذا الكتاب عن عمر رضي الله عنه، مثلا، أنه "الجبت الذي عادى النبي صلى الله عليه وسلم وآله... وفرعون الذي حرف القرآن ... وأذاع في الأرض الفساد ... وأظلمت من كفره الدنيا، والذي طلب –عند مماته- أن يشرب النبيذ " !!(14)، و "أن الكبش خير منه " (15) ... وغير ذلك من الطامات والدواهي .
هذه نماذج قليلة جدا مما "جادت" به "القرائح" العفنة لقوم دينهم اللعن والشتم واللطم والنياحة وعبادة الأضرحة والزنا المبرقع ببرقع الدين (المتعة)... فهل ينتظر من مثل هؤلاء أن يقولوا خيرا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
الشيعة والصديقة رضي الله عنها:
استنكر بعض علماء الشيعة ، منهم الشيخ الصفار وكمال الحيدري وغيرهما، إقامة "الحفل" الذي شتمت فيه عائشة رضي الله عنها . بل نشرت بعض وسائل الإعلام ، وبحفاوة بالغة، خبرا عن "فتوى" – لانصها - لعلي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية (16) . غير أننا بالرجوع إلى مجموعة من كتب الشيعة المعتبرة لديهم ، فإننا نجد نفس السباب والطعن واللعن للصديقة ولحفصة ، زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يبين أن ذلك اللعن ثابت أساس، بل ثابت عقدي، من ثوابت المذهب الشيعي الإثنا عشري . يقول د. محمد عمارة : " إن الحزن الأشد قد أصابني عندما علمت أن هذا (الفحش الفكري) (17) ليس مجرد تعصب أعمى يمارسه العامة ...وإنما هو (فكر مذهبي) تتناقله المصادر التراثية الشيعية التي تدرس في الحوزات العلمية، وتتشكل به وتصطبغ عقول الفقهاء والعلماء والمراجع التي يقلدها العوام، بل تطبعه وتوزعه ...بالمجان دور نشر ومكتبات ..." (18) .
وبما أن هذا "الفحش العقدي" ثابت مذهبي لدى الشيعة، فإن استنكار بعضهم لما اجترحه ذلك المعتوه، في لندن، في حق السيدة عائشة رضي الله عنها، يطرح علامات استفهام حول الأمر، خاصة وأن من الثوابت العقدية لدى الشيعة ممارسة التقية مع غيرهم . فلديهم، في أصول الكافي، أن جعفر الصادق رضي الله عنه قال : "إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولادين لمن لاتقية له "(19) .
وإن شئتم مثالا على تلك التقية في الموقف من الصحابة، فدونكم كتاب "أجوبة مسائل جار الله"، حيث يصرح صاحبه مثلا : "على أنّا نتولى من الصحابة كل من اضطر إلى الحياد –في ظاهر الحال- عن الوصي، أو التجأ إلى مسايرة أهل السلطة بقصد الاحتياط على الدين، والاحتفاظ بشوكة المسلمين، وهم السواد الأعظم من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين، فإن مودة هؤلاء لازمة، والدعاء لهم فريضة..."(20) . ثم يلتمس العذر لمن كفر الشيخين رضي الله عنهما، فيقول : "لو فرض أن في الشيعة جماعة يكفرون أو يلعنون الذين ذكرهم هذا المرجف (21)، فإنهم إنما نزلوا في ذلك على حكم الأدلة الشرعية ! وهبها شبها، لكنها توجب العذر لمن غلبت عليه، لأنها لاتعدو الكتاب والسنة !! وقد أوجبت لهم القطع الجازم بما صاروا إليه، فهم معذورون ومأجورون ..." (22).
وسواء التزم الشيعة – في حوارهم مع أهل السنة – التقية في موقفهم من الصحابة وغيرهم أم لا، فإن مايهمنا هو أن نبين نظرتهم إلى الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما، انطلاقا من كتبهم ومما يتردد فيها عن أمنا عائشة رضي الله عنها :
أ- إلصاق الكبائر بها :
من ذلك :
1- اتهامها بقتل النبي صلى الله عليه وسلم بالسم :
جاء في كلمة الشيعي المعتوه في "الحفل" المذكور، قوله عن عائشة رضي الله عنها، "أنه يصعب تعداد جرائمها في حق الإسلام والمسلمين، وأبشع هذه الجرائم قتل رسول الله صلى الله عليه وآله " !!
وذكر شيخهم زين الدين البياضي النباطي " في حديث الحسين بن علوان عن الصادق عليه السلام في قوله : (وإذ اسر النبيء إلى بعض أزواجه حديثا ) هي حفصة . قال الصادق عليه السلام : كفرت في قولها: (من انبأك هذا ؟) . وقال الله فيها وفي أختها : (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما )، أي زاغت، والزيغ الكفر . وفي رواية أنه أعلم حفصة أن أباها وأبابكر يليان الأمر، فأفشت إلى عائشة، فأفشت إلى أبيها، فأفشى إلى صاحبه، فاجتمعا على أن يستعجلا ذلك يسقينه سما . فلما أخبره الله بفعلهما هم بقتلهما، فحلفا له أنهما لم يفعلا، فنزل : (ياأيها الذين كفروا لاتعتذروا اليوم) " (23) .
وبعض تفاسير الشيعة ، مثل تفسير العياشي وتفسير الصافي للكاشاني ثم البرهان للبحراني، تذكر –عند قوله تعالى : (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) (الآية)- أن عائشة وحفصة –رضي الله عنهما- سقتا رسول الله صلى الله عليه وسلم السم !!! جاء في تفسير العياشي مثلا : عن عبدالصمد بن بشير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قتل، إن الله يقول : (أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )، فسم قبل الموت، إنهما سقتاه قبل الموت . فقلنا : إنهما وأبوهما شر من خلق الله " (24) .
أما صاحب كتاب "فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب" فيتهم الشيخين أنهما سقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم السم، ومنفذا العملية هما ابنتاهما عائشة وحفصة – رضي الله عنهما- وسميا ذلك "لدا" !! (25) .
ويذكر أحد خبثاء المتشيعين أن عائشة رضي الله عنها "أساءت إلى رسول الله كثيرا وجرعته الغصص، ولكن النبي رؤوف رحيم، وأخلاقه عالية وصبره عميق . وكان كثيرا مايقول لها:ألبسك شيطانك ياعائشة!
وكثيرا ماكان يأسى لتهديد الله لها ولحفصة بنت عمر " (26).
وبصيغة أخرى يقول متشيع آخر : "لقد كانت –يقصد الصديقة- مصدر قلق وإزعاج للرسول صلى الله عليه وسلم، مزعجة مشاغبة كادت تشيبه قبل المشيب " (27) .
وفي مكان آخر يقول : " جاءت عائشة تطالب بدم عثمان بعد أن كانت تتمنى أن يقطع إربا إربا، وذلك مستمسك تاريخي بأن عائشة كانت طائشة عابثة، لم تكن تهدف الحق من وراء تحريضها على عثمان..."(28).
2- اتهامها بأنها قذفت السيدة مارية رضي الله عنها لما ولدت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ذكر المجلسي في ذلك "أحاديث" تتهم أن عائشة رضي الله عنها قذفت السيدة مارية القبطية رضي الله عنها برجل قبطي، ومن ذلك ما ذكره عن قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )، إذ قال:
" نزلت في مارية القبطية أم إبراهيم ، وكان سبب ذلك أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله : إن إبراهيم عليه السلام ليس هو منك، وإنما هو من جريح القبطي، فإنه يدخل إليها في كل يوم . فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لأمير المؤمنين عليه السلام:" خذ السيف وائتني برأس جريح" . فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام السيف ثم قال: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، إنك إذا بعثتنى في أمر أكون فيه
كالسفود المحمى في الوبر، فكيف تأمرنى : أتثبت فيه أم أمضي على ذلك؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : " بل تثبت". فجاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى مشربة أم إبراهيم، فتسلق عليه . فلما نظر إليه جريح هرب منه ، وصعد النخلة. فدنا منه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: انزل . فقال له : يا علي ، اتق الله ، ما ههنا بأس ، إنى مجبوب . ثم كشف عن عورته ، فإذا هو مجبوب . فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما شأنك يا جريح؟ فقال: يارسول الله صلى الله عليه وآله ،إن القبط يجبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم ، والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين، فبعثنى أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأونسها ، فأنزل الله عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ" (الآية ) (29).
ومن الروايات التي أوردها :
- عن عبدالله بن بكير قال قلت لأبي عبدالله : جعلت فداك، كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطى، وقد علم أنها قد كذبت عليه أولم يعلم، وإنما دفع الله عن القبطى القتل بتثبت علي؟ فقال بلى، قد كان، والله علم؛ ولو كان عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي حتى يقتله، ولكن إنما فعل رسول الله لترجع عن ذنبها؛ فما رجعت، و لا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها (30).
- وذكر أن عليا رضي الله عنه احتج على أهل الشورى فقال: نشدتكم بالله، هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله إن إبراهيم ليس منك، وإنه ابن فلان القبطى، قال يا على اذهب فاقتله، فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بعثتنى أكون كالمسمار المحمى في الوبر أو اتثبت؟ قال: لابل تثبت، فذهبت، فلما نظر إلي استند إلى حائط فطرح نفسه فيه، فطرحت نفسى على أثره، فصعد على نخل وصعدت خلفه، فلما رآنى قد صعدت رمى بازاره فاذا ليس له شئ مما يكون للرجال، فجئت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الحمد لله الذى صرف عنا السوء أهل البيت؟ فقالوا: اللهم ل . فقال:اللهم اشهد (31).
- وقال عند قوله ( إن الذين جاؤا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ) : "إن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بنى المصطلق من خزاعة ، وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية و ما رمتها به عائشة " (32) .
وقد أشار إلى هذا الأمر عبدالحسين في مراجعاته فقال، وهو يقدم أمثلة لما اعتبره استسلاما من عائشة رضي الله عنها - في تصرفها – "للعاطفة والغرض ": "وحسبك مثالا لهذا ما أيدته – نزولا على حكم العاطفة – من إفك أهل الزور إذ قالوا، بهتانا وعدوانا في السيدة مارية وولدها إبراهيم (عليه السلام)، ماقالوا، حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة – على يد أمير المؤمنين – محسوسة ملموسة (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) "(33). ثم أحال في الهامش على "مستدرك الحاكم " وتلخيصه للذهبي.
والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك بسنده عن أَبُي مُعَاذٍ سُلَيْمَان بْن الأَرْقَمِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَة ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : " أُهْدِيَتْ مَارِيَة إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا ، قَالَتْ : فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقْعَة ، فَاسْتَمَرَّتْ حَامِلا ، قَالَتْ : فَعَزَلَهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا ، قَالَتْ : فَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ وَالزُّورِ : مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْوَلَدِ ادَّعَى وَلَدَ غَيْرِهِ ، و انَتْ أُمُّهُ قَلِيلَةَ اللَّبَنِ ، فَابْتَاعَتْ لَهُ ضَائِنَةَ لَبُونٍ ، ف انَ يُغَذَّى بِلَبَنِهَا ، فَحَسُنَ عَلَيْهِ لَحْمُهُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَدُخِلَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَقَالَ : " كَيْفَ تَرَيْنَ ؟ " فَقُلْتُ : مَنْ غذِّيَ بِلَحْمِ الضَّأْنِ يَحْسُنُ لَحْمُهُ ، قَالَ : " وَلا الشَّبَهُ " ، قَالَتْ : فَحَمَلَنِي مَا يَحْمِلُ النِّسَاءَ مِنَ الْغيرَةِ أنْ قُلْتُ : مَا أَرَى شَبَهًا ، قَالَتْ : وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُولُ النَّاسُ ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ : " خُذْ هَذَا السَّيْفَ ، فَانْطَلِقْ فَاضْرِبْ عُنُقَ ابْنِ عَمِّ مَارِيَة
حَيْث وَجَدْتَهُ " ، قَالَتْ : فَانْطَلَقَ ، فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ عَلَى نَخْلَةٍ يَخْتَرِفُ رُطَبًا ، قَالَ : فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَلِيٍَ وَمَعَهُ السَّيْفُ ، اسْتَقْبَلَتْهُ رِعْدَةٌ . قَالَ : فَسَقَطَتِ الْخِرْقَةُ ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ، شَيْءٌ
مَمْسُوحٌ "(34) .
غير أن هذا الحديث ضعيف، وليس فيه أن البراءة كانت على يد علي رضي الله عنه !!(35).
فإذا كانت أمنا عائشة رضي الله عنها قذفت – وحاشاها ذلك – مارية رضي الله عنها، فلماذا لم يقم الرسول صلى الله عليه وسلم عليها حد القذف ؟
يجيب الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة ولم يُبعث نقمة، وكأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن رحيما – أو كان نقمة – يوم أقام الحدود وطبق شرع الله على سائر الناس !! ثم يذكرون أن مهديهم المنتظر هو الذي سيقيم عليها الحد حينما سيظهر !! جاء في "بحار الأنوار" عن عبدالرحيم القصير قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام : أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها . قلت : جعلت فداك، ولِمَ يجلدها الحد ؟ قال : لفريتها على أم إبراهيم صلى الله عليه . قلت : فكيف أخره الله للقائم عليه السلام ؟ فقال له : إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة (36).
معنى هذا الكلام أن "قائمهم يتولى تنفيذ ما عجز أفضل الخليقة عن تنفيذه، وذلك في عصر الرجعة المزعوم، كما يفترون . وهذا يعني أن القائم أكمل من خاتم النبيين، وأقدر على تحقيق دين الله ممن أرسل قدوة للعالمين "!! (37) .
3- اعتبارها امرأة "جاهلية" :
يقول المتشيع المغربي إدريس هاني :
" لقد روى السنة في صحاحهم (كذا !) أن الرسول صلى الله عليه وآله قال : (من مات وليس في عنقه بيعة لإمام زمانه مات ميتة جاهلية ). وعلى هذا الحكم تكون عائشة جاهلية، لأنها خرجت عن إمام زمانها وهو علي (ع) . فكيف يعقل أن تؤخذ منها السنة النبوية وهي تخالفها ؟ " (38) .
والحديث الذي ذكره هذا المتشيع على أنه في صحاح أهل السنة لم يرد فيها هكذا . بل ورد ، في صحيح مسلم، بهذا اللفظ :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية " (39) .
وهناك روايات أخرى للحديث عن أبي هريرة وابن عباس وغيرهما – رضي الله عن الجميع - ليس فيها ذكر لعبارة " لإمام زمانه" كما زعم المتشيع المذكور .
وهذه العبارة -" لإمام زمانه "- وردت في رواية في أصول الكافي " رواه (1/377) عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان عن الفضيل عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبدالله مرفوعاً .
وأبو عبدالله هو الحسين بن علي رضي الله عنهما .
لكن الفضيل هذا-وهو الأعور-أورده الطوسي الشيعي في الفهرست (ص126) ثم أبو جعفر السروي في معالم العلماء (ص81) ولم يذكرا في ترجمته غير أن له كتاباً ! وأما محمد بن عبدالجبار ، فلم يورداه مطلقاً ، وكذلك ليس له ذكر في شيء من كتبنا ، فهذا حال هذا الإسناد الوارد في كتابهم الكافي الذي هو أحسن كتبهم كما جاء في المقدمة (ص 33) .
ومن أكاذيب الشيعة التي لا يمكن حصرها قول الخميني في كشف الأسرار (ص197) :
[ وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة منقول عن النبي... ] . ثم ذكره دون أن يقرنه بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه عادته في هذا الكتاب ! فقوله : [ وأهل السنة] كذب ظاهر عليه ، لأنه غير معروف لديهم "(40) .
فكيف يصبح الحديث في صحاح كتب السنة ؟
إنها عادة الشيعة "لإفحام" خصومهم من أهل السنة : أخْذ ُ حديثٍ مفترى أو ضعيف، أو فيه زيادات ليست منه، أو حُذف منه شيء ، أو تأويله تأويلا قبيحا... ثم الادعاء بعد ذلك أنه في صحاح أهل السنة !!
وإذن، فمادام هذا "الحديث" – بالعبارة التي فيه – غير صحيح ، فمن أين رمْيُ السيدة الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنهما ولو كره المبتدعة – بالجاهلية ؟
4- ولبعض الشيعة تفسير خبيث لكلمة "فخانتاهما" في الآية العاشرة من سورة التحريم ، إذ يرى ذلك البعض أن الخيانة المقصودة هي ارتكاب الفاحشة :
- قال علي بن ابراهيم القمي في قوله (ضرب الله مثلا) : ثم ضرب الله فيهما مثلا فقال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ،كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) فقال : والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة، وليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق ... ، وكان فلان يحبها ؛ فلما أرادت أن تخرج إلى...قال لها فلان:لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم؛ فزوجت نفسها من فلان(41) .
هذه الرواية فيها بياض وتعمية لفلانة وفلان بسبب التزام القمي للتقية . لكن مفسرا آخر ملأ البياض ووضح المقصود بفلان في نفس الرواية فقال : " في تفسير علي بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله: " ضرب الله مثلا " فقال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) قال: والله ما عنى بقوله: فخانتاهما إلا الفاحشة، وليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق البصرة، وكان طلحة يحبها؛ فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة قال لها طلحة: لا يحل لك أن تخرجى من غير محرم فزوجت نفسها من طلحة "(42).
فمن هي "فلانة" التي سيقام عليها الحد في نظر الشيعة ؟
إنها – في نظرهم – البريئة المطهرة من فوق سبع سماوات ، أمنا عائشة رضي الله عنها !!!
هذا الرأي لايقول به كل الشيعة ، إذ يذهب الكثير منهم إلى أن الخيانة المقصودة في الآية هي " إفشاء سره – أي الرسول صلى الله عليه وسلم - ونفاقهما (43) إياه وتظاهرهما عليه كما فعلت امرأتا الرسولين " (44) نوح ولوط عليهما السلام. ويستشهدون بقول ابن عباس رضي الله عنهما : " ما زنت امرأة نبي قط " (45)، باعتبار " ما في ذلك من التنفير عن الرسول و الحاق الوصمة به " (46) .
وعلى الرغم من ذلك ، فإن صدور الاتهام بالزنا من بعض كبار علمائهم أمر جلل ! بل إن أحد آياتهم كتب كتابا عن الخيانة المزعومة لعائشة رضي الله عنها ، وقال في خاتمته :
" فتحصل لنا مما تقدم أن عائشة خائنة للرسول الأعظم في عقيدته، وخائنة له في فراشه !!!...هذا ما وصلنا إليه بمقتضى سعينا الخالص وجهدنا في البحث والتحقيق لفهم الخيانة الواردة في سورة التحريم والأخبار بحق عائشة وحفصة والعامرية والكندية ، وهو حجة علينا وعلى من يرجع إلينا في معرفة أحكام الدين ..." (47) .
ومن الشيعة من يتهم الصديقة أنها " جمعت دنانير من خيانة " !! قال البرسي في "مشارق الأنوار" :
" لما قدم الحسن بن علي عليهما السلام من الكوفة، جاءت النسوة يعزينه بأمير المؤمنين عليه السلام، ودخلت عليه أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت عائشة : ياأبا محمد ، ما فقد جدك إلا يوم فقد أبوك . فقال لها الحسن عليه السلام : نسيت ِ نبشك في بيتك ليلا بغير قبس بحديدة، حتى ضربت الحديدة كفك ِ فصارت جرحا إلى الآن ، تبغين جرارا خضرا فيها ما جمعت من خيانة !! حتى أخذت منها أربعين دينارا عددا لاتعلمين لها وزنا تفرقيها في مبغضي علي من تيم وعدي قد تشفيت بقتله !! فقالت : قد كان ذلك " (48) .
لو قال لي أحد خصوم الشيعة أن لهم مثل هذا الكلام عن الصديقة ، قبل أن أتوصل إليه بنفسي من خلال كتبهم ، لما صدقت !! كيف يصل البغض والحقد على زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بهؤلاء إلى درجة اتهامها في عرضها ، هي الطاهرة المبرأة من فوق سبع سماوات، وينسون فضائحهم في فتاويهم الجنسية ؟!
ينسى هؤلاء أن المتعة لديهم عقيدة، وينسون أن منهم من يجيز فيها التناوب على المرأة بين شخص وآخر ، بلا حق لها في أن تحتج أو ترفض ، بل بمباركة الحاكم وإجباره لها على القبول !(49) ثم يتجرأون على مقام الصديقة !!
إنهم ، بأحكامهم هذه ، يهينون المرأة التي كرمها الله سبحانه ، لاعائشة الطاهرة وحدها !
أما أمنا هذه ، فيكفيها شرفا أن الذي برأها هو الله سبحانه . قال القرطبي رحمه الله :
" إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة ، فبرأها الله تعالى ، فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر " (50) .
الهوامش :
1- أي الراوي عن أبي جعفر.
2- الكافي 8/245 .
3- العقائد للمجلسي ، ص 85 .
4- أي أمي المؤمنين عائشة وحفصة رضي الله عنهما .
5- الدعاء منشور بتمامه في كتاب "الشيعة الإثنى عشرية وتكفيرهم لعموم المسلمين" لعبدالله بن محمد السلفي، ص 43 و 44 و 45، وقد نقله عن : المرعشي في كتابه "إحقاق الحق "، 1/97.
6- الشيخ محمد التورسيركاني، لآليء الأخبار ، 4/92 .
7- إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي، ت 283 للهجرة .
8- علي بن أحمد ت 352 ه .
9- علي بن الحسين بن عبدالعالي الكركي ، الملقب بالمحقق الثاني (870ه/1465م-940ه/1533م) .
10- المقصود ب"صهاك" أم عمر رضي الله عنه . ويذكر الشيعة أنها كانت جارية في الحبشة، وكانت لعبدالمطلب الذي حملت منه ب "الخطاب" . وهذا الأخير أولدها –بعد بلوغه وعلى الرغم من أنها أمه- بنتا ألقتها، خوف الفضيحة، بين بيوت أحشام مكة . فلما وجدها هشام بن المغيرة رباها وسماها "حنتمة" . فتزوجها الخطاب بعد أن كبرت، فولدت له عمر ...!! لاحظ ، أيها القاريء الكريم، مايمكن أن يؤدي إليه الحقد الأسود على الفاروق رضي الله عنه من الافتراء والدجل !!!
11- يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني (1107 ه/1696م – 1169 ه/1756 م) .
12- جواد التبريزي (1926/2006).
13- الملاحظ أن هذا الكتاب من نشر "هيئة خدام المهدي" في لندن، وهي الهيئة التي أقامت "حفل" شتم عائشة رضي الله عنها كما سبق .
14- فصل الخطاب ، ص7.
15- نفسه، ص 215.
16- ينظر في الملحق موضوع "فتوى علي خامنئي بشأن أم المؤمنين. ذلك اللغز!!"لأحمد الظرافي، حيث يشكك فيه صاحبه في وجود الفتوى أصلا ، كما في قوله :"فهذه الفتوى – في حقيقة الأمر – غير موجودة، ولا يوجد لها أصل، ولم تنشر في أي موقع، ولا يوجد لها تسجيل بصوت علي خامنئي. وكل ما نشر هو خبر– مجرد خبر - نشرته وكالة مهر الإيرانية، عن صدور هذه الفتوى، دون أن تنشر صورة للفتوى. وبعد ذلك تكفل نشطاء التعبئة الإعلامية التابعون لمكاتب تصدير الثورة، التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، ووزارة الإرشاد، وحزب الله اللبناني، تكفلوا، بالباقي، إي بعملية الترويج للفتوى، ونشرها في المواقع والمنتديات، وأطلقوا لأقلامهم العنان في الإشادة بآية الله علي خامنئي، وبفتواه المزعومة التي اعتبروها نموذجا للحرص على وحدة المسلمين، وبأنها تدل على أن النظام الإيراني الحالي، الذي أسسه آية الله الخميني، سباق دوما للتقريب بين المذاهب، ولتسوية الخلافات بين السنة والشيعة. بل وخرجت علينا أصوات تمن علينا بهذه الفتوى، في حين انبرت أصوات أخرى– بما فيهم أصوت من أهل السنة المغرر بهم - مطالبة علماء السنة بإثبات حسن النية تجاه الشيعة، ودفع الثمن المقابل لتلك الفتوى، وذلك بإصدار فتاوى مماثلة لها، أي تقرب السنة من عقيدة الشيعة الاثنى عشرية..." (عن موقع : على الرابط :
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/06/02/200066.html
17- يقصد موبقات الشيعة مثل تكفير الصحابة وعموم المسلمين ...وفي نظري هذا ليس "فحشا فكريا" فقط، بل هو "فحش عقدي" .
18- فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والسنة، د. محمد عمارة، ص 111 .
19- أصول الكافي، 2/217 .
20- أجوبة مسائل جار الله، عبدالحسين شرف الدين، ص17/18 .
21- يقصد الشيخ موسى جارالله التركستاني الروسي (1225 ه/1878 م- 1369 ه/1949 م)، شيخ الإسلام في روسيا قبل الثورة البلشفية وإبانها، أ ُخذت أسرته رهينة عند البلاشفة بعد أن رفض الدعاية لهم، فهاجر من بلده وزار بلدانا إسلامية كثيرة، ومنها العراق وإيران حيث تعرف فيهما على عقائد الشيعة وأسرارهم . فوجه عدة أسئلة إلى علمائهم يستوضحهم فيها حول تلك العقائد . وحينما لم يتلق جوابا، نشر
كتابا ينتقد فيه مذهبهم تحت عنوان : "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة " . وكان ، قبل نشر الكتاب، قد أظهره للشيعة، فهددوه بالقتل، وفر من غدرهم إلى مصر حيث توفي رحمه الله . وقد كان رحمه الله واحدا من دعاة التقريب بين الشيعة والسنة في بداية أمره، وذلك قبل أن يخالط الشيعة .
وكتاب عبدالحسين رد متأخر على "الوشيعة"، وهو رد يخفي أكثر مما يعلن . ومن غرائب صاحبه أنه يتباكى في هذا الكتاب عن وحدة الأمة، فيقول عن أسئلة جارالله : "فما وقفت عليها حتى أوجست من مغازيها خيفة على الوحدة الإسلامية أن تنفصم عروتها وتتفرق جماعتها، إذ وجدت فيها من نبش الدفائن وإثارة الضغائن مايشق عصا المسلمين ويمزقهم تمزيقا، والدور عصيب، والظروف حرجة..."( أجوبة مسائل جار الله، ص7) . لكنه يصدر – في نفس الوقت – كتابا يحكم فيه على أبي هريرة رضي الله عنه بالنفاق والكفر !! فأين هو الحرص على الوحدة الإسلامية ؟
22- أجوبة مسائل جار الله ، ص 21.
23- الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ، زين الدين البياضي، ص 3/168 .
24- تفسير العياشي، ص1/200 .
25- ص 212 من الكتاب .
26- فاسألوا أهل الذكر، التيجاني السماوي ، ص 75.
27- لقد شيعني الحسين، ص 341 .
28- نفسه ، ص337 . ولعل الرجل يشير إلى ما رواه ابن الأثير في تاريخه (3/206-207) وأشار إليه عبدالحسين الموسوي في "مراجعاته" في الهامش (ص 343-344) ، وذكره محققها في ذيله عليها كما يلي : "خرجت عائشة من مكة تريد المدينة بعدما خرجت منها لحاجة، فلما كانت بسرف لقيها رجل من أخوالها من بني ليث يقال له عبيد بن أبي سلمة، وهو ابن أم كلاب، فقالت له : مهيم ؟ قال : قتل عثمان وبقوا ثمانيا . قالت : ثم صنعوا ماذا ؟ قال : اجتمعوا على بيعة علي . قالت : ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك . ردوني ردوني . فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه .
فقال لها : ولم َ؟ والله إن أول من أمال حرفه لأنت ِ ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر . قالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول . قال لها ابن أم كلاب :
فمنك ِ البداء ومنك الغِيَـــــرْ ومنك الرياح ومنك المطـــــرْ
وأنت أمرت بقتل الإمـــــام ِ وقلت لنا إنه قد كـفـــــــــــــر ْ
فهبنا أطعناك في قتلـــــــــه وقاتله عندنا من أمـــــــــــــر
ولم يسقط السقفُ من فوقنـا ولم ينكسف شمسنا والقمـــــر
وقد بايع الناسُ ذا تُـــــــدرإ يزيل الشَّبا ويقيم الصَّعَـــــــرْ
ويلبس للحرب أثوابهــــــــا وما من وفى مثل من قد غدر
فانصرفت إلى مكة فقصدت الحِجر فسترت فيه، فاجتمع الناس حولها، وخطبت فيهم خطبة إلى أن قالت: والله لإصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم ..." .
هذه الحادثة "لم تذكر إلا في الكتب التي تروي الغث والسمين، والتي شأنها سياقة الروايات بالأسانيد أو بدونها أيضا، مثل ما أشار إليه هذا الموسوي في هامشه ذاك من العزو لتاريخ الطبري والكامل لابن الأثير ... ومعلوم أن ابن الأثير في كامله يسوق تلك الحوادث دون إسناد ولاعزو ولاتقرير لصحته وثبوته، فلايصح الاعتماد عليه لوحده عند من أراد التثبت والتصحيح ..." (الحجج الدامغات لنقض كتاب المراجعات، أبو مريم الأعظمي، ص 691) . ثم ساق صاحب هذا الكلام سند الحادثة من الطبري، وفيه أربعة مجاهيل، كما أن المنقول عن عائشة رضي الله عنها خلاف ذلك ...
وواضح أن همنا الآن هو بيان موقف الرافضة من عائشة رضي الله عنها، لا الرد على ما قالوه ضدها، ومن شاء الرد فعليه بكتاب الأعظمي المذكور، فقد أجاد وأفاد في الرد على "المراجعات" ، وقد ذكر صاحبها عبدالحسين جل مااتهمت به عائشة الصديقة من الشيعة، في خبث غريب في إرسال الشبهة أو التهمة ، وربما عنه أخذ إدريس هاني في كتابه المذكور أعلاه .
29- بحار الأنوار للمجلسي، 22/153-154. ومثله في تفسير القمي في الجزء الثاني، عند تفسير نفس الآية في الحجرات .
30- نفسه ، 22/154 .
31- نفسه ، 22/154 .
32- نفسه ، 22/154 - 155.
33- المراجعات، ص 344. وإيراد هذا الشيعي للآية في آخر كلامه يعني أنه يرمي السيدة عائشة رضي الله عنها بالكفر !! وسيأتي الكلام عن هذا التكفير للصديقة رضي الله عنها .
34- المستدرك (4/39).
35- علق صاحب كتاب "الحجج الدامغات" على هذا الحديث فقال :"...ومن كان عنده أدنى حظ من علم الأسانيد – لامثل هذا الخرف عبدالحسين – ورجع إلى المستدرك لعلم بسقوط هذا الخبر وعدم صحته بالمرة ، إذ أن في إسناده سليمان بن الأرقم أبومعاذ البصري مولى الأنصار، وهو ضعيف بالاتفاق ، وقال عنه أبوحاتم والدارقطني والترمذي وغيرهم : متروك الحديث . فلا يلتفت إلى أحاديث هؤلاء المتروكين إلا من ترك هدى الله وأقبل على خطوات الشيطان مثل صاحبنا هذا ..." (ص660).
36- البحار ، 52/314-315 . والمهدي ، عند الشيعة، رجل دموي، إذ يزعمون أنه سيقوم بتخريب الحرمين وإخراج الشيخين من قبريهما وإحراقهما، وأنه يمضي في العرب قتلا وذبحا ... وسيحكم بشريعة داود عليه السلام !!
وإنك لتعجب مما ذكره - مع هذه الهمجية التي ينسب الشيعة لمهديهم ممارستها ضد الشيخين وعائشة رضي الله عنهم، وضد العرب والحرمين ...- أحد دعاة التقريب من المحسوبين على أهل السنة والجماعة في قوله : "ولئلا ندخل في جدل لاطائل تحته فإننا نقول : إن من شاء أن يؤمن بمسألة المهدي ومجيئه في آخر الزمان، كما يقول جمهور أهل السنة، فلاتثريب عليه . ومن آمن بعقيدة المهدية والغيبة والرجعة ، كما يقول جمهور الشيعة الإمامية ، فهذا شأنه . والمسألة كلها لامدخل لها في الإيمان أو الكفر . وهي، وإن كانت عند الإمامية من العقائد، فليست عند أهل السنة كذلك، فلامسوغ لاتخاذها مادة للخلاف والاختلاف " (العلاقة بين السنة والشيعة، لمحمد سليم العوا، ص 65) . وفي كتيب داعية التقريب طامات ودواهي أبسطها تزوير الحقائق .
37- أصول مذهب الشيعة ، د. ناصر القفاري، ص 2/1068 .
38- لقد شيعني الحسين، ص 326 .
39- رواه في الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ... حديث 58 .
40- الألباني رحمه الله، السلسلة الضعيفة والموضوعة، الضعيفة 350 . ويُنظر أيضاً الضعيفة 2069 .
41- تفسير القمي ج2 ص 377 .
42- نور الثقلين ، عبدعلي بن جمعة العروسي الحويزي ، ج5 ص 376 .
43- أي عائشة وحفصة رضي الله عنهما .
44- تفسير الصافي ج5 ص 197 .
45- رواه الطبري .
46- التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة الطوسي، ج 10 ص 52 .
47- "خيانة عائشة بين الاستحالة والواقع، للشيخ محمد جميل حمود العاملي، محقق كتاب الأكاذيب (المراجعات) ،ـ ص 99 . وقد ذكر هذا "الآية" أنه كتب ما كتب استجابة لمن وجه إليه سؤالا في بعض المنتديات الإلكترونية ، وذلك كالتالي : " هل تعتبر عائشة خائنة وقامت بالفاحشة ؟ فإن كانت الإجابة كلا، فما هو حكم من قال عنها أنها خائنة، بمعنى الفاحشة ؟" (ص 6 من الكتاب ).
48- مشارق أنوار اليقين للبرسي ، وعنه أخذه المجلسي في البحار ، 32/276 .
49- قال الخوئي ، أحد مراجعهم :"لو صالحها – أي المتمتع بها - على أن يبرئها المدة، وأن لا تتزوج بفلان، صح الصلح ووجب عليه الإبراء؛ فإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر تولاه الحاكم. ولا يجوز لها أن تتزوج بفلان، لكنها إن تزوجت به صح التزويج. وإن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها، فإن امتنعت أجبرها الحاكم؛ فإن تعذر إجبارها زوجها الحاكم منه...."( الخوئي، منهاج الصالحين، 2/273 (المسألة 1309)). ومثل ذلك عند محسن الطباطبائي الحكيم، إذ يقول : " ولو أبرأها المدة على أن لاتتزوج فلانا فتزوجت لم يصح التزويج ، ولو أبرأها على أن تتزوج بفلان فلم تتزوج كانت آثمة . وليس له الرجوع بها ، وله أن يجبرها على التزويج " ("منهاج الصالحين" له، 2/162 ).
50- الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي رحمه الله ، 12/147 .
التعليقات (0)