الصبـــــــر
من المفترض أن جميع الأخوة مرشحى ما يسمى تجاوزاً "المعارضة المصرية" تجاوزوا سن المرهقة الفكرية بعدما سكن كثير منهم فى "النرجسية السياسية " و "حب الظهور" و "عشق الذات " وقبلوا المشاركة فى المهزلة التى بدأت منذ أكثر من شهرين وأُسدل الستار عن المسرحية الهزلية ليلة أمس فى أنتخابات عكست بوضوح يدركة غير البصير ، وشاهده المبصرون عن كثب وكما قلت سابقاً فى مقام التعليق عن الاخ الفاضل الدكتور محمد البرادعى ورغبتة فى الترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية ، أن الديمقراطية المصرية أنتهت بالتعديلات الدستورية التى ألغت رقابة القضاء ومحت مبدأ قاض لكل صندوق ، فى ظل مباركة تسعة عشر حزباً صورياً أعتقد أن أغلبية المصريين المقيدين بجداول الانتخابات لا تعرف حتى أسماء أياً منها ولا أشخاص ممثليها ،
واحد وأربعون مليون ناخب هى الاحصائية الرسمية لعدد الذين لديهم الحق فى الانتخاب المقيدين بالجداول حضر منهم وفق التصريح الرسمى الحكومى نسبة لا تزيد عن 25% وأختاروا الحزب الوطنى الديمقراطى مع عشرة نواب ممثلين لتسعة عشر حزباً !!!
وتوالت البيانات الحماسية والمظاهرات والأضطرابات التى لم يكن ضمن مشاركيها عدد يزيد بأى حال عن العشرات ، أو على أقصى تقدير المئات أحتجاجاً على "التزوير" و "التسويد" وغير ذلك حال تساقط الرموز المرشحة من هذه "المعارضة" ...
قَبل هؤلاء المرشحون المساهمة فى اللعبة ، ودافعوا عن المشاركة فى غياب اشراف القضاء ومع أعلان الحزب الحاكم عن شعارات مستهلكة كالنزاهة والشفافية والحياد وغير ذلك فى مقابل شكاوى مضادة قبل بدء المهزلة وأثناء سيرها وبعد اسدال الستار ونهاية العرض الهزلى !!!
وأطل علينا عبر شاشات الفضائيات الرسمية وغير الرسمية عجائز وشيوخ على مرمى حجر من لقاء الله تعالى الحسيب الرقيب ومازال كلُ منهم مستمسك بالدفاع المستميت عن الديمقراطية التى رسم حدودها وأبعادها وحدد معناها الحزب الوطنى الديمقراطى وحدة !!!
بالامس عمداء سابقين لكليات الحقوق مع الاسف ، وقضاة سابقين ، وصحافيين لازالوا مستمسكين بالشباب عبر صبغات شعر ، واربطة عنق وردية ، وضعتهم الحكومة ضمن ما يسمى بالمجلس القومى لحقوق الانسان واللجنة العليا للإنتخابات ، كل هؤلاء مارسوا التضليل والكذب ودافعوا عن حقوق الانسان ،
ومن العجب أن أحدهم بدأ حديثة بأن حقوق الانسان لا علاقة لها بالانتخابات فقط وانما الثقافة التى يسعى اليها المجلس القومى لحقوق الانسان هى تعريف المواطن بحقوقه الاقتصادية والاساسية وليس فقط حق الانتخاب أو الترشيح !!!
طبعاً الأخ الكريم وهو عميد سابق لأحدى كليات الحقوق مع الاسف كان يرتدى رباط عنق هيرمس أو ديور ، وبدلة من فيرساتشى أو جوتشى وتبدو ملامحه فى الثلاثين اشاد بالدور الكبير الذى قامت به الحكومة فى تعزيز مفاهيم حقوق الانسان وبإنخفاض عدد الشكاوى المقدمة ضد ممارسات الشرطة مع الشعب ، وبأن المجلس لم يتلقى أكثر من تسعة عشر شكوى فقط عن الانتخابات !!!
لم يجرؤ المذكور اعلاه عن الحديث عن تحدى الحكومة ممثلة فى السيد/ صفوت الشريف لأحكام القضاء النهائية واجبة النفاذ بوقف الانتخابات ، وتحدى الحكومة لتلك الاحكام وأجراء الانتخابات رغم أنف القضاء وأحكامه ، وكأن أحترام قدسية الحكم أصبح مبدأ فى مزبلة التاريخ وعفوا عن أستخدامى لهذا اللفظ البذىء لكنها الحقيقة المؤسفة !!!
ستة وعشرون حكماً قضائياَ بوقف أجراء الانتخابات تتحلل الحكومة منها ، ويتحدث السادة اعضاء مجلس حقوق الانسان عن النزاهة والحياد والشفافية وأحترام القانون ، أى قانون هذا الذى تحترمه الحكومة التى تضرب بأحكام القضاء عرض الحائط !!!
وأى نزاهة وشفافية تلك التى تحدث عنها هؤلاء الشيوخ الذين اخفت الصبغة الشيب من رؤسهم وقتلت الرغبة فى حب الظهور الصدق فى كلامهم !!!
وبدأت على الاتجاه الاخر اتهامات العمالة لبعض جمعيات المجتمع المدنى التى رصدت لحساب الخارج تجاوزات ( قال الرجل بثقة إدعاء بالتجاوزات وتضخيم !!!)
كما انتقد الحزب أداء بى بى سى والجزيرة واتهم كل المحطات بتعمد التشويه وتزييف الواقع وحتى الخارجية الامريكة لم تسلم من النقد بأنها تتدخل فى شأن داخلى ...
وعبر اسلاك الحدود نلقى نظرة على جيران مصر والاردن وسوريا ولبنان ، دولة الاحتلال الصهيونى ، دولة القمع والارهاب والعنف ، الانتخابات التى تجرى فيها منذ ستين عاماً ، لم يقدم فيها طعن أو يدعى بشأنها مدعى بالتزوير أو استغلال النفوذ أو انعدام الشفافية أو منع مرشح بل يحتفظ فى مجلسها المكون من مائة وعشرون عضو حصد منهم اثنى عشر عرببا مقاعد لهم في انتخابات 2006، منهم مجلي وهبي، الذي عين نائب وزير الخارجية، وغالب مجادلة وزير الثقافة والعلوم والرياضة،
الانتخابات لديهم تحت اشراف كامل للقضاء ، أشراف حقيقى ، يمنع فيها المسئوليين الحكوميين من الظهور فى وسائل الاعلام طوال فترة ترشيحهم ، تداولت الاحزاب فيها السلطة عبر هذه السنوات ، وتألف فيها القوى فى اكثر من مرة لعدم تحقيق الاغلبية النسبية !!!
الديمقراطية العربية غير بالطبع ، صناعة وطنية خالصة ومتجدده ، ودائما تفخر بالنزاهة والشفافية والحياد ،
ان المقاطعة كانت ولا تزال القرار الصائب فى ظل انعدام اشراف القضاء الحقيقى ولزوم تعديل الدستور ووقف الصفقات الفاشلة التى يصر عليها النرجسيين عاشقى حب الظهور ولعل الدرس كان مفيداً لهم عسى أن يتقاعدوا أو يجلسوا إلى أنفسهم برهة ليتبينوا أن الحزب الوطنى الديمقراطى ليس لديه أى توجه أو نية أو أتجاه للعدول عن تملك ارادة الشعب عبر الترهيب أو التزييف أو أى وسيلة والسيطرة على كل ما فى مصر حتى دورات المياة !!!
أحترمت أخى الفاضل سامح عاشور يوم أن أعلن أنه يحترم قرار الحزب الناصرى بالمشاركة لكنه لن يشارك لأفتقد الانتخابات أسس النزاهة والشفافية والحياد ، وأنعدام الاشراف القضائى وشكلية هذا الاشراف ،
وأحترمت كل من قال بالمقاطعه ، وأولهم حزب الجبهة وغيره من الكتاب والناشطين لأن الأمر بدا للعيان أكثر وضوحاً ، وعكست انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى رغم عدم أهمية هذا المجلس بوضوح ما سيجرى ...
لكنها النرجسية وعشق الذات صعب ومؤلم ويدفع الفرد نحو ذاته بعيداَ عن الحقيقة ، ويدفعنا للشعور بالشفقة على ما نالهم والهزيمة النكراء التى حاقت بهم ...
تعطى المشاركة الشرعية ، وتمحو المقاطعة الشرعية ، أو على الاقل تعفى المشاركين من إثم تزييف الارادة ، وتزوير الواقع ..
أعتذر عن هذا الغم ، ولكنى امضيت مساءً عصيباً أرتفع فيه الضغط بسبب هؤلاء الشيوخ الذين كما قلت قاربوا على النهاية ، وثقلت بالسيئات والظلم موازينهم ،
وكفى ...
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ( إبراهيم الآية 42)
التعليقات (0)