منذ أن تولي الإسلاميون مقاليد الحكم في تركيا وجُل همهم وإهتماماتهم هو العرب لإعاده إحياء الخلافه العثمانيه البائده وحتي يصبح هناك خليفه عثماني لابد أن يوجد شعب أو شعوب يمارس عليها الخلافه والشعوب الوحيده التي تصلح لهكذا مهمه هي الشعوب العربيه وتركيا لها تجربه ناجحه سابقه معهم ..
فقد بدأ الاسلاميون الأتراك مشوار الخلافه في الدول الاسلاميه التي كانت ضمن أملاك الاتحاد السوفييتي السابق ولكن المحاوله فشلت تماما بعدما إكتشف الاتراك أن تلك الدول ما هي الا أغوار سحيقه ومستنقعات يسهل الانحدار اليها ويستحيل الخروج منها علي الأقل في المرحله الراهنه حتي لا تُستنزف قواهم .. وربما يمكن في المستقبل كعمليات توسعيه في دائره الخلافه ..
مما حدا بالاسلاميين الاتراك تيميم وجوههم شطر العرب ولكن هذه القفزه تتطلب الكثير من تغيير الجلود التركيه السابقه ..
وحتي لا تتشعب بنا الأمور نتحدث عن "الجلد التركي الاسرائيلي" فقد ظلت تركيا العلمانيه "سابقا" هي وإسرائيل فيما يشبه الحلف ويعيشان في شهر عسل دائم من التعاون العسكري والمناورات المشتركه والتبادل التقني والتجاري وحتي المخابراتي ..
وحتي يتقبل العرب بالعثمانيين الجدد كان لابد من تغيير هذا الجلد تماما وإرتداء الدشداشه والعباءه العربيه والإمساك بالسبحه والصلاه وسط الجماعه في المسجد ..
ولكن سلخ أو الإنسلاخ من الجلد الإسرائيلي صعب بعض الشيئ فكان لابد من إفتعال الأزمات والمواقف مثلما حدث إبان الهجوم الاسرائيلي علي غزه ومؤتمر دافوس والغاء المناورات العسكريه المشتركه والتصريحات التي يدلي بها "أردوجان" بين الحين والحين والتي يهاجم فيها إسرائيل بشده وخاصه في بيروت أخيرا إضافه الي المسلسل التركي الجديد الذي يصور اليهود علي أنهم خاطفوا أطفال ومجرمين ..
وأمام كل هذا كان هناك صمت إسرائيلي أو يمكن أن نقول "صبر يهودي" علي الحبيب التركي ربما يعود الي رشده فالعلاقه بينهما ليست فقط ما في العلن ولكن هناك الكثير من العلاقات والاتفاقات والخفايا في السر ويختص الكثير منها بالدول العربيه ولكن علي ما يبدوا أن اليهود أصبح لديهم قناعه أن الحبيب التركي صمم علي إكتساب أرض لدي العرب علي حسابهم وأنه عازم علي الا يتراجع وهنا أظهرت إسرائيل الوجه الآخر لتركيا ..
بيان شديد اللهجه لوزاره الخارجيه الاسرائيليه يدين الممارسات التركيه العدائيه ضدها ومحاوله الإضرار بالعلاقه بين البلدين ومعاداه الساميه ولم تكتفي إسرائيل بذلك بل إستدعت السفير التركي لديها وأهانته إهانه بالغه أمام وسائل الاعلام ..
ولكن ما يلفت الانظار في البيان الإسرائيلي هو جمله "إسرائيل تحرص علي عدم المس بشرف تركيا" وهي جمله تهديديه تخفي تحت منها معاني لا يعرفها سوي اليهود والاتراك وهي ما يجب أن نضع تحت منه خط أحمر .. خاصه أن العلاقه بين جيش الدفاع الاسرائيلي والمؤسسه العسكريه التركيه علاقه خاصه جدا لا ترتبط بأشخاص الحكومات أو توجهاتها علي الاطلاق ..
فما الذي يمس شرف تركيا وتحرص إسرائيل علي عدم المس به بصيغه تهديديه ؟؟
وهل الاتراك فعلا هم "آخر من يمكنه توجيه موعظه أخلاقيه لاسرائيل" كما جاء بالبيان الاسرائيلي ؟؟
وهل بدأ "فاصل الردح" المتبادل بين الاتراك واليهود والذي كما يقول المثل العربي "إذا إختلفت إثنتان تدعيان الشرف عرف أهل الحي كل علاقاتهما الجنسيه السريه" ؟؟
أم أن الأمور يمكن تداركها بسرعه ووقف التداعيات ..
ثم إعلان الرئيس التركي"عبدالله جل" أنه إن لم تعتذر اسرائيل قبل المساء عن إهانه السفير التركي فسيقطع العلاقه معها وهو ما أظنه أعلان متسرع غير مدروس ولن ينفذ ..
وقابله إعلان من مكتب نائب وزير الخارجيه الاسرائيلي بأنه لم يعتاد علي إهانه الدبلوماسيين الاجانب أي "لن نعتذر لكم" .. ثم حديث رئيس الوزراء التركي عن دفئ العلاقه بين الشعبين التركي واليهودي !!
هل زياره وزير الدفاع الاسرائيلي الي تركيا في هذا الوقت المتوتر بالذات للإلتقاء بالقاده العسكريين الاتراك ومعرفه مواقفهم ولماذا صمتهم حيال ما يجري من الاسلاميين الجدد ..
أم للإجتماع بالإسلاميين الجدد وجها لوجه وفتح كل الملفات السريه والتي ربما لا يعلموا عنها شيئا وتعريفهم بالاستحقاقات الاسرائيليه لدي تركيا حتي يستفيقوا ويعيدوا حساباتهم ..
وكما قلنا أعلاه الإنسلاخ أو تغيير الجلد وخاصه الإسرائيلي منه ليس باليسير وخاصه إن كان تحت هذا الجلد أشياء كثيره مخفيه ..
مجدي المصري
التعليقات (0)