الشيعة... والحاجة للمرجع العراقي الصرخي.
المرجعية الدينية بوصفها منصب وقيادة إسلامية لا تعني من منظور القرآن ولا من وجهة نظر القائد الرسالي عملية تسامي وتعالي وترفع على الأمة، والهمينة عليها، والتحكم بمقدراتها، واستغلالها لتحقيق مكاسب وأهداف شخصية ...، وإنما هي مسؤولية خطيرة ومهمة عظيمة الهدف منها هداية الناس لما فيه خيرهم وصلاحهم، وتوفير حياة كريمة ينعم بها الجميع دون تمييز، من خلال ما تمتلكه من جانب علمي يجعلها أكثر فهما لتعاليم السماء، وأكثر استيعابا لها، فتكون رؤيتها وقراراتها وخطاباتها ومواقفها تامة وصحيحة وسليمة وحلولها ناجعة ومثمرة.
لقد وضع الشارع المقدس ضوابط علمية ينبغي أن تتوفر فيمن يشغل هذا الموقع من أهمها شرط الأعلمية بمعنى أن يكون المرجع هو الأعلم من بين المجتهدين بالدليل والأثر العلمي وليس مجرد ادعاء أو تسويق إعلام، كما أن وحدة القيادة ومركزيتها من أدبيات الفكر الإسلامي بل إنها قضية عقلية فطرية تاريخية لأن تعدد القيادات يؤدي إلى فساد الأمور وتشتت القرار وتمزق المجتمعات، وعندما نراجع التاريخ والسنن الإلهية نجد أن القانون الإلهي قائم على وحدة القيادة فلم يرسل نبيين في زمن واحد ولقوم واحد وحتى خلافة الأنبياء قائمة على ذلك القانون فالخلفية واحد، وحتى في قضية الإمامة وفقا لمذهب الإمامية فان الإمام واحد تكون له القيادة حتى لو تزامن اثنين أو أكثر معا، فالحسن "عليه السلام" كان هو الإمام والخليفة وله القيادة مع وجود الحسين "عليه السلام" وكان الحسين مطيعا لكل ما يصدر من الحسن وهكذا....
لكن ما حدث ويحدث في الساحة الحوزوية والعراقية بعيد كل البعد عن تلك الثوابت فنجد تعدد المراجع وكل منهم يطرح نفسه ورسالته التي يشترط فيها تقليد الأعلم، وهذا يعني انه يعتقد بنفسه انه اعلم وإلا لا يحق له أن يطرح رسالته إذا لم يكن اعلم، لأنه مبتدع ضال على حد وصف الإمام الصادق "عليه السلام"حيث قال:(من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من اعلم منه فهو مبتدع ضال)، يضاف إلى ذلك عدم اعتماد الضوابط الشرعية العلمية في تحديد الأعلم بل وحتى المجتهد فكانت النتيجة أن تصدى من ليس بأعلم بل ليس بمجتهد فذهبت أمور الناس من سفال إلى سفال وهذه نتيجة حتمية اخبر عنها الإمام الصادق "عليه السلام" بقوله: (ما ولت أمة أمرها رجلاً قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم سفالاً حتـى يرجعوا إلى ما تركوا) والواقع والتجربة الراهنة الحالية كفيلة بإثبات هذه الحقيقة.
من هنا تبرز الحاجة الضرورية إلى المرجع الواقعي الجامع للشرائط صاحب الأثر والدليل العلمي الشرعي الأخلاقي، ونحن إذا نظرنا بعين الإنصاف ووضعنا النماذج المطروحة في الساحة تحت مجهر البحث والتشخيص والتقييم والفرز العلمي الموضوعي الحيادي، نجد ثمة مرجعية فرضت نفسها بقوة العلم وسمو الأخلاق ومبدئية المواقف وثباتها تمثلت بالمرجع الديني العراقي العربي الصرخي الحسني الذي تجسدت فيه كل معاني وميزات وأولويات المرجعية الرسالية، وهو نموذج حي فعال حمل روح الرسالة، وأخرجها من قوقعة النظرية إلى فضاء التطبيق الخارجي الحقيقي الصادق، ليبرز لنا الإسلام المحمدي الأصيل والتشيع العربي، خاليا من كل الشوائب والأمور الدخيلة التي ألصقت بهما بسبب سلوكيات ومواقف البعض ممن يدعي الانتساب إليهما.
وكان للمنهج القرآني في الدعوة والنصيحة الحضور المميز في المسيرة العلمية لهذه المرجعية الرسالية إذ أنها رفعت وتمسكت وعملت بشعار {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...{فحققت أروع ملحمة في ساحة النزال العلمي انتصر فيها العلم والدليل العلمي على الجهل وأساليبه الواهية وكشفت جهل وزيف مدعي المرجعيات والاجتهاد.
لقد أثرت مرجعية الصرخي الساحة العلمية والاجتماعية والسياسة وغيرها بأفكارها ومواقفها الصادقة وحلولها الناجعة التي ثبت دقتها وتماميتها، وواصلت مسيرتها في الدعوة الحقيقية إلى التوحد والعدل والسلام وإشاعة ثقافة التعايش السلمي، واحترام حقوق الجميع انطلاقا من الوثيقة الإنسانية الخالدة : (الناس صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق) ، فبياناته ومواقفه الثابتة تفوح عبقا إلهيا رساليا إنسانيا خاليا من روائح كل ألوان التمييز الديني أو الطائفي أو العرقي أو غيره،فبابه مفتوح للجميع وحرصه ونصحه يفيض على الجميع، ويتحسس همومهم ، ويعيش معاناتهم، ووقف إلى جانب مظلوميهم، ودافع عن حقوقهم ومقدساتهم، فصار برانيه في كربلاء قبلة تقصده مختلف شرائح المجتمع لتنهل من معينه الصافي، وتتنور من فكره الوهاج وأخلاقه السامية، ولم تأخذه في ذلك لومة لائم، آو تهديد وقمع ظالم، ولم تستميله المغريات ، ولم تزحزحه كل ألوان وأساليب التهديد أو الترغيب والقمع التي تعرض لها وأصحابه والتي لم يسبق لها نظير فكان ولا يزال كالجبل الشامخ تنكسر أمامه رياح الجهل وأعاصيره المرضية .
إنها مرجعية فرضت وجودها بقوة العلم والمنهج العلمي ، وثبات المواقف ، وسمو الأخلاق ، وهي ذاتية المقومات لأنها شقت طريقها العلمي والإصلاحي والتضحوي دون الاستعانة بالشرق أو الغرب.
إن الحديث عن هذا المرجعية المعطاءة يطول ويطول وهو ليس دعاية وكلام مجرد عن الدليل والأثر العلمي الشرعي الأخلاقي بل هو حقيقة ثابتة وساطعة ويكمن للباحث المنصف الاطلاع على سيرة ومواقف هذه المرجعية من خلال موقعها ليلمس بنفسه نتاجها وعطائها، وختاما نقول نحن لسنا بحاجة إلى مرجع، لأنه موجود، ولكن بحاجة إلى اعتماد المعايير الشرعية العلمية الأخلاقية لمعرفة المرجع الجامع للشرائط ،حتى لا تتكرر المأساة.
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (1)
1 - rrdd467@yahoo.com
محمد المرشدي - 2015-10-10 04:01:52
مرجعية السيد الصرخي الحسني حملت هموم العراق والعراقيين لانهما مرجعية عراقية ولدت من رحم هذا الشعب المظلوم.