مواضيع اليوم

الشيطان

محمد مزكتلي

2017-11-15 22:58:41

0

 

     الشيطان.

 

أيها الإنسان،هل تعرفُ الشيطان؟.

هل تتخيَّلهُ كما تخيَّلَهُ دانتي في ملحمته؟.

أَم تتصوَّرَهُ كما رسَمَهُ دافنشي في لوحاته؟.

هل لونُهُ أحمرٌ ولهُ قرنان، كما تؤكدُ جَدّاتُنا؟.

أَم أسودٌ ذيلُهُ من نار، مثلُُ ما نضحكُ بذَلكَ على أوْلادنا؟.

إن لم تكن مع هذه أو تلكْ، فألحقْ بي لنعرفْ من هو الشيطان.

أولاً:  طبيعتُه.

الشيطانُ هو تلك الرغبةُ الجامحةُ القابعةُ المتواريَّةُ, في داخلِ كلِّ نفسٍ بشرِية.

تنتظرُ الفُرصَةَ السانحةَ لتُعرِبُ عن وجودهِا، وتُفصِحُ عن قوَّتِهِا الضارية.

إنه الماردُ الذي يسكنُ النفسَ ليشبِعَ شهوتها، ويحققُ مَطالبها البهيمية.

إنهُ كالجراثيمْ، يقبعُ هامداً ساكناً.

إلى أن تتهيأ لهُ الظروفْ، وتتجلى الأعراض.

ليعملُ دونَ هوادَةٍ، في الأذى والتسميمِ والإمراض.

وكما الجراثيم، تستوطنُ الظلَّ والعفنَ والقذارة.

كذلك الشيطان، يتناسخُ في النِفوسِ الضعيفة.

وبين المجتمعات الجاهلة، وأصحابُ العاداتِ والتقاليدِ العفنة.

ثانياً: أهدافُه.

إن أهدافَ الشيطان تتلاقى مع أهدافِ الإنسان في البدءِ والانتهاء.

في النهايةِ مع المسيحِ الدجال، والبِداية كانت حوّاء.

وليسَ غريباً أَن يتحالَفَ من هم بطبيعتهم أعداء.

إنْ توحَّدت الأهداف، وتقاطعت المَنافِعُ والأهواء.

إن هدفَ الشيطان هو تجسيدُ الشرَّ على الأرض، بكلِّ أشكالهِ وصُوَّره.

واهباً لَذَّةً مسمومةً لكل من عَلِقَ في حبائِله.

أما مبلغَ هَمَّهُ وأملَهُ المنشود

فهو تكريسُ التخلفِ والفَقر، وترسيخُ الجهلَ والكُفر.

لينجِزُ ما اْستمْهَلَ له رَبَّهُ، ويُدخِلُ الإنسانَ النار.

ثالثاً: أدواتُهُ ووسائله.

الشيطانُ لِوحدَهُ لا حولَ لهُ ولا قوة، لا يضرُّ ولا ينفع.

إنهُ مرَةً أخرى كالجراثيم، لا يحْياْ إلا في حاضِنٍ أو مَرتَع.

الشيطانُ لا أدواتٌ له ولا معِدات.

على عكسِ ما يعتقدُ الجميع من أنَّهُ صاحبُ خَوارقٍ ومعجزات.

أداتُهُ الوحيدةُ في قهرِ الإنسان،  هيَ الإنسانُ نفسه.

يَرَى بعينيهِ، ويسمعُ بأذنيهِ، وينطقُ بلسانه.

يضربُ بيدهِ، ويقتِلُ بسِلاحهِ، ويعذِبُ بْجلّاديه.

يبطِشُ بِطُغماتِه، ويظلِمُ بظلَّامِه، ويَغوي بِغاوياته.

يخدعُهُ وهوَ يُخَلُّدُ له المجدَ الزائل، وأنَّ ظلْمُهُ عادِل.

مشوِهاً له الحقَّ، مُزيناً الباطل، وهو المَقتولُ إن لم يكن القاتل.

يضحكُ عليهِ بأن اللذَّةَ هي المرتجى، وإرضاءُ النفسِ هو المنتهى.

رابعاً: أصحابُهُ وشُركاه.

الشيطانُ لا يهتَمُ بجنسِ أصحابه، ذكوراً كانوا أم إناثاً أم مُخَنَّثين.

ولا يبالي بمعتقدَهم، يهوداً كانوا، أم نصارى، أَم مسلمين.

المهِمُ أن يكونوا جُهَّالاً، طُلّابُ لذَّة، أنانيين.

مدركون لأجسادِهم وما حولَها، مُقيَّدونَ لغرائزِهم وإشباعُها.

كم يفرحُ الشيطان بِطُلَّابِ الدنيا، وعَلَقُ الكراسي، وجامعو الثروة، وعُشّاقُ الأجساد.

وضِعْافُ النفس، وفاقدو الضمير، والفُسّادُ والحُسّاد.

يهللُ لهم، ويتخذهم أصحاباً وشُركاء.

اللهم نعوذُ بك من هذا البلاء.

الشيطانُ لا يُداهمُ البْيوت، ولا يكسرُ الأبواب، أو يخترِقُ الجدران.

إنما يعلِّقُ إعلاناتَهُ في كلِّ مكان، يعرضُ خدَْماتهُ على الإنسان.

شروطُهُ سهلةٌ واضحة، لا تحتاجُ لبيان.

وكلُّ مَن وقعَ فريسَةَ إعلانِهِ، سعى بقدمَيهِ لمَقامِ الشيطان.

خامساً: أعداؤه.

للشيطان على الأرضِ عَدوّاً واحداً، يخافُهُ حتى الرعب.

وحيالُهُ لا يمكنهُ فعلُ شيء، إلا الفرارَ والهرب.

إنهُ العقل.

العقلُ الذي فَضَّلَ الله بهِ الإنسان، على سائرِ المخلوقات.

العقلُ الذي أدركَ الحَقَّ والخيرَ والجمال.

وتسلَّحَ بالعلمِ والمعرفة، وأقامَ الحضارات.

العقلُ سخِرَ من الشيطان، وكسرَ لهُ قَرْنَهُ، وقطَعَ لهُ ذيلَه.

عندها أدركَ الشيطان بأنَّ العقلَ ليس نِدّاً له.

فترَكَ أصحابَ العقولِ وشأنَهم، ناجياً من شِدةِ بَأْسِهم.

والله خالقُ كلُّ شيء، ومدبِّرُ الكون.

أخبرَ الشيطانَ بأن لا سلطانَ له على أصحابِ العقول.

العقلُ يُفضي إلى الحق، والحقُّ يُسارِعُ الخير.

والخيرُ إلى الجمال، وكلُّ هذا يعني الكمال.

والكَمالُ هو عينُ الإيمان.

العقلُ هو الإيمان، والعكسُ هنا غيرُ صحيح.

فالمؤمنُ قَد يَضِل، وهذا ما ورَدَ في الصحيح.

أما العقلُ، فمُحالٌ ضلالُه، ذلك أن اللَهَ مَن هداه.

وكلُّ مصلحةٌ، أو منفعةٌ، أو مَفازَة، لا تُرْجَى من ما عداه.

اللهم اهدنا بعقولِنا، وثَبِّتنا على ديننا.

حتى لا نُستعبَد من سِواك، بجَهلِنا وإسفافِنا.

سادساً: أماكنُ تواجده.

هو في جحورِ الرذيلة، وكهوفِ الفساد، ومستنقعات الجهل.

قد يتَخَفَّى وراءَ ابتسامةِ رفيق سوء. أو تراه يتسكعُ في السوق.

أو تُلاحِظُهُ واقفاً في شُرْفَةِ بِنْتُ الجيران.

أو متوارياً داخلَ هاتفٍ جوّال.

أو مستلقياً على نَصْلِ سكّين. أو جاثِمٌ فوقَ دبابَة.

وربما تُصادِفهُ عند إشارةِ المرور.

أو خلفَ طاولةٍ أنتَ واقفٌ أمامها  في الطابور.

وقد تُفاجأُ بِهجومهِ عليكَ من مكبراتِ الصوت.

ويَضرِبُكَ إن لم تُصَفِّق بالسَوط.

واليوم، فتحت لهُ ذراعيها، كل الوسائلِ الإعلامية.

وصارَ يصُولُ ويجولُ في الصحفِ والمجلات، والقنواتِ الفضائية.

ينفُخُ نُهودَ وأردافَ المطربات. وينزَعُ الغلالَ عن أجسادِ الراقصات.

ويقطعُ أزرارَ قمْصانَ الممثلين. ويُقَصقِصُ فساتينَ الممثلات.

تراهُ مقدماً للبرامجِ الحوارية. أو قارئاً للأكاذيبِ الإخبارية.

أو يُطِلُّ عليكَ مُتربعاً فوق رأسِ مُعّمَم. أو يَنْسَلُّ من بينِ أنيابِ داعيةٌ مُصمَّم.

سابِعاً: مبيداتُهُ.

لا تجْزَع أيها الإنسان ولا تيأَس، ولا تُصدِّق ما يُقالُ عن الشيطان.

وحكاياتُ سلطانَهُ وقوَّتَهُ وجبروتَهُ، كُلها زيْفٌ وبُهتان.

واعلم بأن له مبيداً فَتّاكاً، مفعولُهُ سريع.

ميسورٌ، رخيصُ الثمن، في مُتناولِ الجميع.

إنه المِداد. المِدادُ الذي في الأقلامِ وعلى الأوراق.

سُمٌّ زعافٌ، لا يجدُ لهُ تِرياق.

وما أن يرى الشيطانُ القلمَ في يدِك، يهربُ مسرعاً.

لِأنَّهُ يراهُ إبْرَةٌ سامَّةٌ، أو رُبما مِدفعاً.

وإن كنتَ رقيقُ القلبِ، لا تُحبُ القتل.

فرُفوفُ المكتباتُ هي زنازينَهُ.

والحروفُ والكلماتُ أصفادُهُ وأغلالُه.

وكلمةُ حق، أو لحظةُ ضمير، أو مجردُ أحساسٌ بالشفقة.

تُأرجِحُ الشيطان على حَبلِ المشنقة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !