لايفارق الحزن الأم الشيشانية بسبب ما حدث لها ولعائلتها كلهم مجرمون..لا يختلف كثيرًا الجندي الأمريكي والبريطاني في حربهما علي العراق عن الجندي الإسرائيلي في قمعه للشعب الفلسطيني أو الجندي الروسي في قمعه للشعب الشيشاني، كلهم يقترفون جرائم ضد البشرية وضد المدنيين من النساء والأطفال. ولأن المرأة دائمًا هي الأكثر تضررًا من ويلات الحرب، نجدها في كل من العراق وفلسطين والشيشان تزداد معاناتها مع جنود الاحتلال. وتأتي المرأة الشيشانية علي رأس هذه القائمة؛ حيث إنها تتعرض لأسوأ معاناة من آثار الحرب والحصار وأيضًا تجاهل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.
قتل الحوامل
ففي إطار عمليات تمشيط أمنية يصفها الروس بـ"زاخستكي" ومعناها "التطهير"، يقوم الجنود الروس باغتصاب الشيشانيات وقتل الحوامل، قائلين لكل ضحية عند قتلها: "أنت حامل بإرهابي!".
وفي هذا الصدد تصف جمعية مراقبة حقوق الإنسان في نيويورك في تقرير لها -بالتعاون مع جمعية العلاقات الروسية الشيشانية- قرية شيشانية تعرضت لعملية تطهير من قبل الجنود الروس قائلة: إن تلك العملية تتجاوز كل أشكال العنف والقهر الممارس ضد المرأة والشعب الشيشاني.
كما يذكر التقرير أن سكان القرية تم مطاردتهم إلي حقل؛ حيث أجبروا علي مشاهدة النساء وهن يغتصبن، وعندما حاول أزواجهن الدفاع عنهن كبلت أيدي 68 منهم ووضعوهم في شاحنة مصفحة واغتصبوهم أيضًا.
تروي زهرة من "أنيكالوي" قائلة: "إن الجنود الروس وصلوا في 23 أغسطس 2002 الساعة الخامسة صباحًا، وكانت هناك نحو 100 سيارة عسكرية مليئة بالجنود. تسلق نحو 20 منهم كانوا مدججين بالسلاح ويضعون علي وجوههم كمامات إلي داخل الساحة والبيت وأطلقوا النار عند أقدامنا ثم أخذوا أوراق إثبات الشخصية التي قدمناها لهم وبدءوا يمزقونها".
ثم ذهبوا إلي منزل جيراننا عائلة "ماغوميدوف"، وقد سمعنا طلقات وصراخ جارتنا "أمينة" التي تبلغ من العمر 15 عامًا، تبعه صراخ أخيها قائلاً: "اتركوها.. اقتلونا عوضاً عنها!".
ثم سمعنا مزيدًا من الطلقات وشاهدنا من النافذة ضابطًا من الـ "آمون" القوات المسلحة الروسية الفيدرالية شبه عار وهو منقض علي أمينة التي كانت ملطخة بالدماء من جراء إصابتها بالرصاص.
المغتصِب.. بطل قومي!
وتعد قضية العقيد "بودانوف" من أشهر القضايا الشاهدة علي جرائم الروس الوحشية ضد المرأة الشيشانية، ففي ليلة 26 – 27 مارس عام 2000 الشهر الذي يحتفل فيه العالم بالمرأة كان العقيد "يوري بودانوف" قائد كتيبة الدبابات المرابطة قرب بلدة "تانغي– تشو" في منطقة "أوروس مارتان" الشيشانية يحتفل مع بعض جنوده بعيد ميلاد ابنته، وصادف ذلك إعلان فوز بوتين في الانتخابات الرئاسية لروسيا.
وفي الواحدة صباحًا اصطحب بودانوف طاقم إحدي العربات العسكرية إلي البلدة المجاورة واقتحم منزل "آل كونغايف"، وتحت تهديد السلاح خطف ابنتهم إيلزا -18 سنة- أمام أنظار إخوتها الأربعة ونقلها إلي موقع الكتيبة. وفي الرابعة صباحًا استدعي حراسه وطلب منهم دفن جثة الفتاة التي كانت عارية تماماً بعدما تمزقت ملابسها؛ وهو ما دفع "آل كونغايف" إلي إثارة القضية أمام منظمات حقوق الإنسان وساحات القضاء داخل روسيا: وأثبت الفحص الطبي أن "إيلزا" تعرضت للاغتصاب بطريقة وحشية قبيل موتها ثم ماتت خنقاً.
وتحولت القضية إلي إدانة لممارسات الجيش الروسي في الشيشان، إلا أن المجرم تحول معها إلي بطل قومي أرسل قائد القوات الفيدرالية آنذاك في الشيشان الجنرال "شومانوف" برقية إلي والدي "بودانوف" قال فيها: "إن بودانوف بطل قومي يحق لكما أن تفخرا به"!!
وساهمت الصحف الروسية في ذلك وتزايدت الاعتصامات أمام المحكمة العسكرية الروسية تطالب بتبرئته.
وجاء فحص طبي آخر ليثبت أن "بودانوف" كان في حالة نفسية أقرب إلي الجنون قتل خلالها الفتاة، ووردت شهادات للمحكمة من قبل جنود روس بأن الفتاة حاولت الوصول إلي سلاحه وقتله. وبرأت المحكمة "بودانوف" ووصفت منظمات حقوق الإنسان قرارها بأنه رسالة إلي الضحية تقول: "قتلوك.. ورغم ذلك أنت المذنبة".
تجاهل المجتمع الدولي
وما زالت المرأة الشيشانية تعاني من التجاهل من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي والشعوب الإسلامية بالرغم من حالة الحرب والحصار والتهجير وحياة المخيمات واستهداف الجنود الروس لها للعام الرابع علي التوالي؛ وهو ما جعلها لا تحتفل بيومها الذي يواكب أيضًا الثامن من مارس يوم المرأة العالمي والذي حوله الشيشانيون بثقافتهم وهويتهم الإسلامية -كما يقول مبعوثهم في القاهرة "أسود خاريخانوف"- إلي يوم للأم والزوجة والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة يتم الاحتفال فيه بهن وتقديم الهدايا لهن وتنال الأم النصيب الأكبر فهو عيدها ورمز لمكانتها في قلوب أبنائها.
فالأم الشيشانية -كما يؤكد خاريخانوف- في المهجر أو مخيمات اللاجئين يسكن الخوف قلبها علي أبنائها من حملات التمشيط والاعتقالات الروسية، ولا يفارق الحزن نفسها علي ما حدث لوطنها وزوجها وأبنائها.
الأسبوع أونلاين
26/6/2010
التعليقات (0)