مواضيع اليوم

الشيخ وفانوسه السحري !

Fatma alzahra

2010-05-27 10:24:04

0

 

مع كثرة العلماء - كما وليس نوعا - في زماننا وكثرة الشيوخ والمفتين .. و تعقد الحياة وكثرة أحداثها و تلون أحوالها .. و مع تضارب الفتاوي و تداخلها .. و انقسام المذاهب و كثرة الملل و النحل و .. وتشكيك العلماء أنفسهم بآراء بعضهم البعض و بتوجهات بعضهم البعض .. أصبحنا نحن العوام في مأزق نفسي حقيقي بسبب تلك العقبات المروعة التي خلَقها لنا علماؤنا الكرام في هذذا الزمان و التي تواجهنا و تواجه حياتنا المليئة بالتعقيد .. فحينما تطرأ قضية معينة في حياتنا أو نحتار في مسألة معينة - وكم هي المسائل الكثيرة التي تحيرنا - و نريد تحري الحلال من الحرام فيها .. فنلجأ من فورنا لشخص له مسمى وظيفي يسمى " المفتي " و الذي – للأسف - عادت صورته القديمة في مخيلة البعض منا لذاك الدرويش الذي يدعي علم كل شيء .. و أصبحنا ننظر له  كالمارد المصباح الذي ننتظر منه قول " شبيك لبيك الشيخ المفتي بين إيديك " .. و نطرح عليه مشاكلنا و نسأله حلولا لها وكأن فعلا بيده المصباح السحري أو أنه حلال المشاكل أو المفوض من الله سبحانه لينهي المشكلات التي تعترضنا في حياتنا !! لدرجة أن البعض أصبح يؤمن بالمثل القائل " حطها براس عالم واطلع منها انت سالم " !!!! فهل فعلا هذه هي الطريقة لحل المشكلات الشخصية !! و هل ظاهرة اللجوء للمفتي ظاهرة صحية لابد لنا أن نتقبلها ونمارسها بل و ندعو الناس لها !! و هل أصبحت عقولنا التي منحنا الله إياها علب فارغة لابد أن لا تعمل و لا تفكر ولا تحلل ولا تربط في مسائل الفقه والدين !! لأننا عوام ولابد أن لا نتكلم في الدين و لا نفتي من عقولنا !! وهل العلم الشرعي بات حكرا على علماء الدين و محرم على غيرهم أن يتعاطوا فيه وفي قضاياه الكثيرة المتشعبة الشائكة و خصوصا تلك المسائل الخاصة بالأحوال الشخصية !!

حقيقية هذه الأسئلة تثار في عقلي بسبب ما أراه من البعض من حولي حول ظاهرة " اللجوء للمفتي " في كل أمر من أمور حياتهم .. حتى بدأ المقتيين أنفسهم يتململون من كثرة الأسئلة وتكرارها و التدقيق فيها وقد ضاقوا ذرعا بنا كعوام و جهال لا وظيفة لنا إلا أن نسأل عن الكبيرة والصغيرة والمهمة والتافهة ! فلمَ نفعل ذلك يا ترى و نحن نتشدق ليل نهار باتباع المنهج النبوي و السير على خطاه !! والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أخبرنا فيما روي عنه عليه الصلاة و السلام (إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال) رواه البخاري و قوله عليه الصلاة والسلام ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه .. وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم .. واختلافهم على أنبيائهم ) رواه البخاري و مسلم ... و الصحابة رضوان الله عليهم هم قدوتنا في السلوك والمنهج كم ندعي .. وقد كانوا يتورعون عن السؤال والاستفسار .. فما الذي حل بالشخصية المسلمة في عصرنا الحالي و التي ما عادت تتخذ من الصحابة والتابعيين و لا حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذاته قدوة يقتدى بهم من الناحية السلوكية والمنهجية في التعاطي مع أمور الدين المختلفة !!

لست هنا لأقلل من أهمية السؤال والاستفسار في حالة عدم وجود معلومة شرعية ضرورية لدى الإنسان البسيط في معلوماته الشرعية أو العامي .. ولكن لما تصل المسألة أن أسال الشيخ هل يجوز الأكل و أنا وقف !! وهل يجوز لبس الساعة باليد اليسرى !! و هل يجوز وضع خاتم الخطبة للمرأة أو للرجل !! وهل يجوز زيارة الأهرامات المصرية !! و هل يجوز السماح للزوجة بالحديث مع السائق !! و الأسئلة قد تكون في مسائل أدق من ذلك .. و نحن متناسين تماما أن كل الأعمال إنما هي رهن للنيات .. و لن يحاسب الله تعالى إنسان مهما كان ذنبه ما دام لم يقع في المحظور بقصد و عمد من نيته .. و الإثم هو ما حاك في النفس وخشي الإنسان أن يطلع عليه الآخرون .. فعلى سبيل المثال قد تكون الفتاة مثلا مرتدية للحجاب و أيضا ربما للنقاب وتؤثم لدى خروجها من المنزل ! كيف !! لإتها إن نوت أن تفتن المارين بها برشة عطر بسيطة .. أو عيون مكتحلة برموش فتانة .. أو بكعب عالي و دقيق تنقر به فوق قلوب الرجال قبل نقرها على الأرض فهنا تكون قد وقعت بالإثم لا محالة و هي تعلم بذلك و إن كانت لا تعرف كثيرا بالحلال و الحرام .. و تأتي هذه المرأة المحتالة لتسأل الشيخ سؤال تافه : هل يجوز لبس الكعب العالي في المجمعات التجارية الخاصة بالنساء !! وهل يجوز وضع الكحل - علما أن النبي كان يكتحل !!!!!!!!!! - و خصوصا أنني ذاهبة من بيت لبيت !! و هل يجوز وضع الطيب لدى خروجي مع العلم أن العطر دهن عود و هو ليس نفاذا للآخرين !!! .. وفي حالة أخرى تكون الفتاة مرتدية للحجاب ولكنها لن تُنبه أو لم يصلها العلم أن " الغرة و هي الشعر في مقدمة الرأس " لابد أن لا تكشف أو أن العنق لابد أن تغطى و هي لا تنوي أبدا أن تلفت الانظار لها أو تفتن أحدا .. كذلك فإن هذه الفتاة مع ما وقعت به من محظور من كشف بعض أعضاء جسدها و شعرها إلا أنها لن تُحاسب لأنها لم تنوي أي نية لفعل حرام .. لان النبي صلى الله عليه و سلم يقول ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ) .. فشتان شتان بين الحالتين.. وقس على هذه الأمور الكثير من القضايا التافهة التي تشغل بال الفرد المسلم هذه الأيام خصوصا النساء .. وآه من النساء يسألن عن كل شيء و لا يتركن شاردة ولا واردة إلا وقد يسألن عنها .. و الأدهى من ذلك أننا نجد بعض السائلات - سامحهن الله - يسألن الشيخ بطريقة تستدعي منه أن يعطيها الفتوى التي تريدها !

لذا فإن على رجال الدين و كل المفتين هذه الأيام مسؤولية جسيمة ترتكز على التوعية و الإرشاد لعامة المسلمين أكثر من ارتكازها على إصدار الفتاوي في كل منحى و في كل صوب .. و هذه التوعية لابد أن تتضمن الكثير من النقاط كضرورة فتح الكتب والمراجع من قبلنا نحن العامة  و التعلم و القراءة من المصادر و الكتب والموثوقة في حال احتاج أي مسلم منا لفتوة معينة أو احتار في قضية مهمة مصيرية خصوصا أننا في زماننا هذا سهُل على المتعلم الوصول لمعلومته بسبب كثرة مصادرها علاوة على المصدر الاساسي للمعلومات ألا و هو الكتاب ، وما أكثر الكتب الشرعية الموثوقة هذه الايام وقد أصبحت في متناول الجميع .. وكذلك على العلماء عدم الالتفات للمتنطعين في الدين فالنبي صلى الله عليه وسلم وعد المتنطعين بالهلاك و تحذيرهم من تتبع الرخص .. وما أكثر الهالكين منا في هذا الزمان !! كما و على العامة من الناس أيضا الإقلال من الأسئلة والاستفسارات قدر المستطاع .. ولنتقي الله فيما نسأل به .. فالله سبحانه لا يُخدع وهو الأعلم بالنيات و الأبصر بها .. وليست الفتوى صكوك غفران سنقدمها للمولى عز وجل لندخل بها الجنة بعد أن توافينا المنية وتغلق سجلاتنا لنحاسب عليها يوم العرض عليه ..

أطيب المنى ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات