مواضيع اليوم

الشيخ اللص الكذاب

عمادالدين رائف

2009-06-30 15:31:18

0


لقاء انتظرته طويلا جمعني بصديقي المحامي يوسف البدري مساء امس وكان كعادته مرحا يشيع السعادة اينما حل، متفائلا، دائم الحديث عن المستقبل السعيد والاحلام الجميلة، ولا يخلو حديثة من بعض الطرائف ولكنه حريص في نفس الوقت على تناول الامور الجدية وله راي حازم في مختلف جوانب الحياة.
ليس من عادته التأخر عن مواعيده .. مما دفعه الى ابداء الاسف الشديد مبررا تأخره بانشغاله بموضوع اثار في نفسه الكثير من الاستياء معبرا عن ذلك بايحاءات مثيرة اشاعت مناخا من الفضول والتشويق بين الحضور لسماع القصة، مما دفع صديقنا وائل الى الالحاح عليه ليقص الحكاية .
فقال البدري حصلت اليوم على توكيل من سيدة عجوز تتهم ابنها بسرقة نحو 3 الاف دولار من حسابها الشخصي، فاتصلت بابنها وطلبت حضوره لربما كنت واسطة خير لحل النزاع بينه وبينها ، وفعلا جاء الشاب وعمره حوالي32 سنة يحمل لحية كثة سوداء طولها لا يقل عن 20 سنتمتر، وفي جبهته طبعة سوداء دلالة على انه لا يفوت فريضة صلاة .
واضاف المحامي البدري قائلا طلبت من السيدة العجوز ان تذكر تفاصيل الواقعة على مسامع ابنها فقالت : دخلت المستشفى منذ اربعة اشهر وطلبت من ابني ان يذهب للبنك لاستلام بطاقة السحب حسب التوكيل العام الذي منحته له، فكان يبلغني ان البنك يرفض تسليم البطاقة له، وان شروط البنك المركزي تفرض الا يستلم البطاقة الا صاحبها كما ابلغه البنك على حد قوله، وقد اتصلت بالبنك وابلغني ان هذا الكلام ليس صحيحا وانه طالما معه توكيل عام فبامكانه القيام باي عمليات مالية نيابة عنك، وابلغته بذلك لكنه كان يصر على قوله بان البنك يرفض تسليم البطاقة له.
واضافت السيدة : بعد ذلك دخلت في غيبوبة استمرت نحو شهر بعد اجراء عملية صعبة ونسيت كل شيء، وقبل اسبوع ابلغني المستشفى ان باستطاعتي العودة الى البيت بعد ان تماثلت للشفاء وطلب مني دفع مبلغ خدمات اضافية قيمتها نحو 1700 دولار، فطلبت ان يسمح المستشفى لي بالخروج لمدة ساعتين لمراجعة البنك لسحب الفلوس من الحساب الذي اصبح فيه مبلغا يغطي مصاريفي هو عبارة عن راتبي التقاعدي لمدة اربعة اشهر.
واستقبلتني مديرة البنك باهتمام كبير كونها تعلم انني اجريت عملية جراحية كبيرة، وفوجئت عندما ابلغتها انني اريد ان اسحب رصيدي لدفع تكاليف المستشفى وابلغتني ان حسابي صفرا "لانك سحبت كل رصيدك".
وابلغتها بانني لم استلم بطاقة السحب لانني منذ اربعة اشهر لم اغادر المستشفى ولم اسحب مليما واحدا من رصيدي..!
فقالت مديرة البنك ان احدا غيرك كان يسحب فلوسك
فقلت لها وكيف يستطيع احد ان يسحب رصيدي ولا احد يملك بطاقة السحب
فبحثت المديرة بالوثائق الرسمية الخاصة بحسابي وقالت ان ابنك وذكرت اسمه الكامل قد استلم البطاقة ، واحضرت اوراق ثبوتية تحتوي على صورة عن الرقم الوطني وتوقيعه على اربعة اوراق تثبت استلامه لبطاقة السحب.
وتابعت السيدة قائلة .. اتصلت بابني على الفور وسالته حول نكرانه استلام بطاقة السحب وها هي كافة الاوراق الثبوتية تؤكد انه استلمها وانه يسحب الفلوس من الرصيد بواستطها من عدة بنوك واخر سحب قام به منذ يومين فقط.
فانكر كل ذلك وقال ان المديرة مخطئة فاعطيت الهاتف للمديرة للتحدث معه وابلغته انها سلمته البطاقة ووصفته قائلة الست فلان الفلاني .. ولديك لحية طويلة وطبعة سوداء على جبينك ..؟ وذكرت له انه جاء يومها مبكرا وانتظر نصف ساعة حتى تم فتح باب فرع البنك للعملاء .. ؟؟؟
ومع ذلك انكر .. حتى ان المديرة قالت .. ان امر ابنك مفزع ومخيف فهو يكذب بوقاحة ولا مؤاخذة .. واضافت قائلة وكي اثبت له انه يكذب ارجو ان تستدعيه للحضور .. وطلبت منه ان يحضر وجاء فعلا وقالت له مديرة البنك
الم اسلمك البطاقة وذكرت لي ان والدتك مريضة وانها بين الحياة والموت وانها بحاجة الى الفلوس ولا تستطيع الحضور، وقلت لك انه طالما معك توكيل عام فمن حقك ان تتسلم البطاقة ..؟؟ و"بالأمرية" الم امزح معك بقولي ان لحيتك طويلة جدا وانك ستكون وسيما لو قصرتها قليلا فقلت ان الرسول لم يقصر لحيته وانك تقتدي بالرسول العظيم ، وانك لمتني لانني البس بنطلونا وشعري مكشوف وقلت لي حرام عليكي فسوف تلقين عذابا شديدا يوم القيامة
ومضت المديرة تقول له .. حرام عليك تكذب يا شيخ .. فانت تقول انك تقدي بالرسول .. ام ظننت ان والدتك ستفارق الحياة فعملت على وراثتها مبكرا.. والله حرام يا شيخ عليك ان تسرق فلوس امك المريضة .
فغضب ابني وخرج من البنك حتى انه لم يصطحبني معه الى البيت واضطررت لركوب سيارة اجرة.
وقال البدري بكت الوالدة بحرارة فطيبت خاطرها .. وابلغتها انني سوف استرد حقها من ابنها مهما كلفني الامر .. ونظرت الى ابنها وقلت ماذا تقول بحق هذه المسكينة ..
فقاطعتني والدته وقالت والله ان الموضوع ليس فلوس ولا انا مهتمة بها .. لكن استيائي وغضبي ناتج عن كذبه وعدم صدقه .. ولو كان سالني لاعطيتها له دون تردد وهو يعرف ذلك .. فانا فتحت له شركة .. ويعمل باسمي ولم اساله في يوم ما ان يعطيني شيئا، وبدلا من ان يسالني اذا كنت محتاجة وان يقدم لي المساعدة في محنتي اجده يسرقني ويكذب علي "وعامل حاله شيخ ومربي لحية طولها مترين".
وقال البدري نظرت الى الشاب الملتحي وطلبت منه ان يعيد الفلوس لوالدته والا سوف "ابهدله" بالمحاكم .. فقال امهلني يومين وسوف ارد لها الفلوس .
فقلت له .. لماذا اخفيت عن والدتك الحقيقة وكذبت عليها .. وكذبت مديرة البنك .. الا يفترض بمن يهتم بلحيته الى هذا الطول ويدعي انه يقتدي برسوله الا يكذب والا يسرق ..؟؟
فقال الشيخ اللص "خلصنا عاد غدا ساعيد لها فلوسها" وخرج من المكتب دون ان يطرح السلام .
كان جميع الاصدقاء ينصتون لصديقنا البدري وفضول شديد يغمرهم وصمت يلفهم وترتسم معالم الغرابة على وجوههم ليس كما قال احدهم من استغراب ان يقوم رجل ملتحي ومدعي الدين والتدين بهذا الفعل المشين ، بل الدهشة كانت كما قال صديقنا فتحي ان الكثير من الناس تنخدع بمثل هذا الشاب وينطلي عليها كذب "المستشيخين" والمتمسحين بالدين.
واضاف فتحي ان امثال هذا الشاب ينتشروا بالريف العربي ويمارسوا كل انواع التدليس والكذب والسرقة وحتى الاعتداء على اعراض الناس واموالهم ولا يجروء الناس البسطاء ان يوجهوا لهم باصبع الاتهام
واخذ الحضور يتجاذبون اطراف الحديث الذي انصب بمجمله على حكايات شبيهة بحكاية السيدة العجوز وابنها الشيخ اللص الكذاب
ابراهيم علاء الدين
alaeddinibrahim@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !