رغم أني أرفض رفضاً قاطعاً المساس بعرض الآخرين حتى لو لم يكونوا مسلمين، أو كانوا مخطئين، لأن النصيحة يجب أن تكون بالأسلوب الأمثل، والأفضل أن تكون في السر وليس العلن، لأنها إذا كانت على الملأ فإنها تصبح فضيحة وليست نصيحة، وذلك لكي تؤدي هدفها المنشود.
رغم أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أٌمر بالدعوة إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة، وخاطبه ربه في سورة النحل بقوله تقدست أسماؤه وتنزهت صفاته: «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، فنفذ الأمر بحذافيره دون نقصان، لأنه، صلوات ربي وسلامه عليه، لا ينطق عن الهوى، ولا يعصي الله ما أمره، فخاطبه ربه في سورة آل عمران بقوله: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».
دعا الرسول الكريم قومه إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام باللين واللطف، ولم يرد عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه جرح أحداً بالقول أو الفعل، بل إنه كان يقابل السيئة بالحسنة، ويعفو عمن ظلمه، إلا أنهم قابلوه بالتكذيب والتعنيف، رغم علمهم بأنه مرسل من عند الله، ورغم ذلك لم يحاول أذيتهم، ويتجلى ذلك عندما أتاه ملك الجبال وقال له: «لو شئت أطبقت عليهم الأخشبين ــ الجبلين ــ فرد عليه، صلوات ربي وسلامه عليه، بقولته المشهورة، التي كتبت بحروف من نور على صفحات التاريخ: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً».
رغم أني انتقدت الشيخ الدكتور عبدالله بدر عندما وجه كلاماً لاذعاً لإلهام شاهين، لا لأنه أخطأ في حقها، بل إن كل ما قاله عنها صحيح وليس عليه غبار، فالمذكورة لها باع طويل في العري وإثارة مشاعر الشباب، ولم يخلُ لها فيلم أو مسلسل من المشاهد الخليعة، وذلك موثق بالصور والفيديو على الشبكة العنكبوتية، حتى إنها عندما تحدثت في السياسة، سكتت دهراً ونطقت كفراً، وكانت كل آرائها ضد رغبة السواد الأعظم من الجماهير، التي رفضت إعادة النظام القديم مع تغيير الأشخاص، ولم تقف تصريحاتها المثيرة للجدل عند هذا الحد بل إنها أثارت حفيظة إخواننا السوريين المعذبين ليلاً ونهاراً على يد النظام الأسدي الفاسد، الذي يأتيه المدد من كل حدب وصوب للقضاء على العزَّل، المطالبين بحقوقهم المشروعة، عندما صرحت عبر وسائل الإعلام مرات عدة بأنها تناصر الطاغية بشار.
حشاني أن أنتقد الشيخ بدر، فهو رجل دين مشهود له بالصلاح، ولكني انتقدت أسلوبه في الطرح، ونزوله لمستواها، لأني كنت أتمنى منه أن ينصحها ولا يفضحها، لكي لا تؤخذ عليه غلطة، تستغلها الفنانة ومن والاها من أرباب أجهزة الإعلام الصفراء للحصول على شهرة دون ثمن.
فور تصريح الشيخ بدر عن الفنانة، قامت الدنيا ولم تقعد، وأخذ الكثير من المتسلقين، الذين يبحثون عن شهرة، بالدفاع عنها بشدة، وتدويل الموضوع، وكأنه أخطأ في حق السيدة العذراء البتول مريم، عليها وعلى ابنها صلوات الله وسلامه، أو في حق السيدة عائشة، رضي الله عنها وأرضاها، التي برأها الله من فوق السبع الطباق، وأفردت لها الصحف صفحات كاملة، كما استضافتها القنوات الفضائية ومنحتها الساعات لتشد من أزرها، وتزيدها شهرة فوق شهرتها الزائفة، التي ستكون عليها وبالاً يوم العرض على الله إن لم تتب.
رغم أن الرئيس الدكتور محمد مرسي يعلم يقيناً أن الشيخ لم يخطئ في حق الفنانة، إلا أنه أيضاً جاملها وشد من أزرها، وأنا لا ألومه على ذلك، لأنه يتقلد منصباً سياسياً، وهذا واجب عليه، فهو أب لكل المصريين، سواء كانوا مسلمين أو أقليات، وعليه احتواؤهم، مع اختلاف معتقداتهم.
الفنانة وكل من سار على دربها يعلم أن ما قاله الشيخ في حقها ليس بخطأ، بل إنها الحقيقة المرة، التي يعف اللسان عن ذكرها، لكنهم استغلوا هذا الموقف للحصول على الشهرة دون عناء.
بدلاً من أن تفكر الفنانة في الاعتزال، وستر جسدها، الذي أصبح كالسلعة الرخيصة للمشترين، وتلجأ إلى الله بالتوبة والإنابة، وتندم على ما قدمت من مشاهد خليعة، أثارت شهوة الشباب، أعلنت بكل بجاحة أنها ستقاضي الشيخ، لترد اعتبارها، وكأنه افترى عليها.
كم مرة أُهين فيها رسولنا الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، من أحط خلق الله على الأرض، ولم نر مثل هذه الضجة الإعلامية التي صحبت انتقاد الشيخ للفنانة، وكأننا أصبحنا في زمن غربة الإسلام، والفنانين أصبحوا أكرم عندنا من رسولنا الحبيب، الذي لولاه ما خلقنا، وما شممنا رائحة الجنة.
لماذا لم نسمع من وسائل الإعلام أي دفاع عن أغلى وأطهر مخلوق عرفته البشرية؟ أم أنه أصبح رخيصاً عليهم، رغم أنه من أخرجنا من الظلمات إلى النور، وسيأتي يوم القيامة شفيعاً لنا، ليخرجنا من لهيب النيران إلى جنة الرضوان.
محمد أحمد عزوز
كاتب وناشط سياسي مصري
التعليقات (0)