نحن نعيش على كوكب واحد ، ونستنير دروب أيامنا بسراج شمس واحدة ، ويطل علينا ضوء قمر واحد ، بل ونستنشق هواءاً متشابها ونطرح آخر أيضا متشابها .. نحن نتشارك أشياء كثيرة كبشر ، لكننا لم نصبح بعد (وحدة) بمنطق العقلانية وبمنطق فكرنا البشري .. فالأشياء التي نتشاركها لم تكن لتجعل جدران (الآخر) تذوب وتضمحل حتى في لفظ (نحن) .. ربما لأن إنسلاخنا عن الطبيعة هو ماجردنا من الإحساس بالإنتماء ، أوأن إنغماسنا في تملق ذواتنا هو الذي أعمانا عن رؤية كل تلك الروابط ؟!..
وما نسفته الأديان والمعتقدات من روابط كان أكبر مما عززته من بناءات ، وليس ذلك لأن الأديان جاءت لتشتيت الإنسانية ووضع دعائم لتشرذمها ، بل لأن البشر تأخذهم (العزة) في معتقداتهم ولو بالإثم ، فتجدهم يتبادرون إلى الدفاع عنها بالهجوم على معتقدات غيرهم ، وإقصاء كل مَن سواهم مِن دائرة (الإنسانية السوية) ..
فأن أقول لمسيحي أو ليهودي أو لبوذي أو لمجوسي أو لملحد : أخي في الله ، فهو في حد ذاته إشكال عقيم من بدايته ، وحتى لو إستمر عقودا طويلة من النقاشات ، لأن كل واحد من أولئك يملك تصورا خاصا به لإلهه ، وكلٌّ يتمسك بتعاليمه التي يقبل تحت رايتها - فقط - مُآخاتي ، ومسامرتي على ضوء الشمس والقمر..
أما إذا ركنتُ إلى الأصل والجذر البشري (للتذكير) بسرد حكاية (أبينا آدم) ، فسأكون (قاصاًّ مخبولا) يجتر أساطير الأولين ليضحك على عقول الآخرين ، طبعا ، فهناك من لايعترف بالأصل البشري بقدر إعترافه وميله لأن يكون من أصول حيوانية بحتة (والقرد مثالا) ..
إذا لانفع من سرد قائمة الروابط الكثيرة المشتركة بين البشر ، والكفيلة بجمع صفهم وكلمتهم ، ماداموا جميعا مقتنعون بحدودهم التي فصلوا بها أنفسهم عن غيرهم .. ولانفع من دعوات الأخوة الإنسانية مادامت فئات منها تتنكر لإنتمائها المشترك ، وتتنصل من الوحدة بحجج هي رؤى ذاتية ومتطرفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديــن : 02 - 2010
التعليقات (0)