مواضيع اليوم

الشعب يريد تعدد الزوجات!!!.

محمد مغوتي

2011-10-24 00:03:18

0

    من بنغازي بدأت شرارة الثورة الليبية، و من هناك تم الإعلان الرسمي عن نهاية نظام القذافي و بداية مرحلة جديدة في تاريخ هذا البلد. مرحلة بذل من أجلها الشعب الليبي الغالي و النفيس... و يبدو أن قادة ليبيا الجدد اختاروا أن يردوا جميل الشعب و مكافأته على التضحيات التي قدمها من خلال تبشيره بإلغاء قانون منع تعدد الزوجات الذي كان ساري المفعول في جماهيرية القذافي حتى اليوم. و تلك بداية الغيث...
    هذا القرار الذي أعلن عنه رئيس المجلس الإنتقالي في ليبيا بمناسبة الاحتفال ب" مقتل القذافي" و تحرير ليبيا يحمل أكثر من دلالة، لكنه يشير مع الأسف الشديد إلى طبيعة العقليات التي تراهن عليها شعوب المنطقة في إحداث التغيير المنشود. إذ كان حريا بالسيد رئيس المجلس الإنتقالي أن يطمئن الليبيين و يحدد تصورا سياسيا أو خارطة طريق لمستقبل البلد، وذلك في أفق بناء دولة ديموقراطية بمؤسسات منتخبة. ذلك أن النهاية الفعلية لنظام القذافي ليست إلا البداية الأولى في درب طويل من التحديات التي تقتضي إعادة بناء البلد و وضعه على سكة الأمن و الإستقرار. و انسجاما مع الأمل الذي يساور كل أبناء الشعب الليبي في مستقبل يقطع الصلة مع ممارسات الماضي، كان جديرا بحكام ليبيا الجدد أن يؤكدوا منذ الآن على هيبة الدولة و ضرورة الاحتكام إلى القانون. و لعل مقتل القذافي نفسه يشكل مدخلا أساسيا في هذا الموضوع. فقد شهد العالم كله صورا مخزية يظهر فيها العقيد الليبي أثناء إلقاء القبض عليه، و بعد قتله أيضا. و هي صور لا تليق بثورة أرادها الليبيون مناسبة للانعتاق و التحرر لا للإنتقام و ادعاء البطولات الزائفة... مقتل القذافي بتلك الطريقة البشعة لا يمكن أن يمر بدون حساب إذا أراد المجلس الإنتقالي التأسيس لحقبة جديدة فعلا. و من هذا المنطلق كان على السيد عبد الجليل أن يعلن عن فتح تحقيق في ما جرى حتى يعلم الجميع أن الدولة الجديدة تقوم على الحق و تحتكم إلى القانون. و إعدام القذافي و ابنه و عرض صورهما بتلك الطريقة كان خطآ جسيما يحسب على الثورة و ليس نصرا عزيزا يحسب لها...
    رئيس المجلس الإنتقالي إذن تناسى كل هموم و مخاوف الشعب الليبي، و اختار أن يزف إلى رجال الثورة الأشاوس- و هم يرقصون طربا على جثة العقيد- قرارا ينهي مصادرة حقهم في التعبير عن فحولة قتلها قانون سابق منع عليهم تعدد الزوجات. و هكذا تبدأ ليبيا العظيمة عهدها الجديد بهذا الفتح المبين. قرار قد يعتقد معه كل من لا يعرف ليبيا أن الدنيا هناك بألف خير، و أن دواعي إسقاط النظام لم تكن متعلقة بديكتاتورية القذافي و طغيانه و فساد حاشيته، بل كانت تتعلق تحديدا برفض هذا القانون المجحف الذي مس حرية الليبيين و كرامتهم و حقهم في تعددية " جنسية" تشرعها مؤسسة الزواج في الإسلام. و إذا كانت الثورة الليبية ( كغيرها من الثورات التي عرفتها و تعرفها عدد من دول المنطقة) قد تعالت على الإيديولوجيات و شاركت فيها كل الأطراف، فإن المستقبل رهين بالمضي قدما في إرساء أسس دولة مدنية تحتكم لقواعد الديموقراطية و حقوق الإنسان كما تنص عليها المواثيق الدولية. لكن تأكيد رئيس المجلس الإنتقالي على العمل من أجل إلغاء كل القوانين التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية هو بمثابة خطوة توحي ببوادر دولة دينية في هذا البلد. و من الواضح أن هذا الإعلان هو دغدغة للمشاعر، و هو أيضا تعبير عن نفوذ موقف الجماعات الإسلامية داخل المجلس الإنتقالي، و هي التي شاركت بقوة في الثورة التي أدت إلى إسقاط النظام السابق. ذلك أن مرحلة ما بعد القذافي تمثل بداية لمخاض سياسي عسير يبدو أن التيار الإسلامي سيكون له دور بارز في صياغة تفاصيله. لكن أي اختيار غير دولة مدنية حقيقية سيمثل انكسارا للثورة و نكوصا نحو الماضوية. و هو ما من شأنه أن ينقل البلد من ديكتاتورية فردية إلى ديكتاتورية دينية تختفي وراء ذريعة الخصوصية و الهوية الإسلامية للبلد. ثم إن مهمة المجلس الإنتقالي في هذه المرحلة ليست هي الإعلان عن قرارات من هذا القبيل، بقدر ما تتجلى في العمل على تحقيق انتقال " سلس" للسلطة عبر البدء بخلق الظروف القانونية للمرحلة المقبلة، و على رأسها وضع دستور للبلاد يرسم معالم مستقبل ليبيا. و بعد ذلك يكون لكل حادث حديث.
    إن الشعب الليبي اليوم في وضع لا يسمح له بالتراجع و العودة إلى الخلف بأي شكل من الأشكال. لقد ثار الليبيون من أجل المستقبل و القطع مع الماضي. و هم الآن في محطة مفصلية أمامها تحديات جسيمة تخص الأمن و الإستقرار و الحريات و العيش الكريم، و ما عدا ذلك هو في أحسن الأحوال عبث لا يليق بالمقام. فهل ستثور الزوجات في ليبيا على أول قرار "غير مشروع" يصدر في عهد المجلس الجديد؟!.
        محمد مغوتي.23/10/2011.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !