تشير معظم الدلائل على الأرض أن الشعب الفلسطيني بغالبيته لا يريد إنهاء الإنقسام بين الأخوه الأعداء في الضفه و قطاع غزه, على لاأقل في الأمد المنظور. فمسيرات الخامس عشر من أذار و التي تم الدعوة لها عبر الفيسبوك و التي إنطلقت تحت شعار الشعب يريد إنهاء الإنقسام-و لا أعرف من قرر ذلك حيث أن الجميع يتحدث بإسم الشعوب هذه الأيام- كانت في المجمل مسيرات هزيله و لم ترقى إلى الحد الأدنى المطلوب لكي تضغط على القادة لتبني مطالب الشارع, و بخاصه المسيرات التي خرجت في الضفه الغربيه والتي لم يخرج في مسيرتها المركزيه في مدينة رام لله سوى بضع ألاف, و هو رقم متواضع إذا ما تم مقارنته بالمسيرة التي نظمها أحد الأحزاب الفلسطينيه قبل بضع أسابيع و هو الحزب الذي يصنف في إستطلاعات الرأي تحت بند أخرون, أي لايشكل مؤيدوا هذا الحزب أكثر من 2%, حيث قارب عدد المشاركون بمسيرة هذا الحزب الصغير أعدداد الشعب الذي يريد إنهاء الإنقسام. و لعل ذلك مؤشر ذو دلاله على أن الشعب لا يريد إنهاء الإنقسام, على الأقل ليس عن طريق دعوات الفيسبوك.
و المؤشر الأخر على عدم نضوج العوامل الموضوعيه التي تدفع بالشعب للنزول إلى الشارع مطالباً إنهاء الإنقسام وجود ما يزيد عن خمسين مجموعه على الفيسبوك تدعوا إلى إنهاء الإنقسام, فحقيقة أن المبادرون للدعوه إلى إنهاء الإنقسام, و هم بكل تأكيد شباب مبادر و متحمس, لكن الحماسه لاتكفي وحدها, هم أنفسهم منقسمون في أبسط الأمور, و مع ذلك ينادون بإنهاء الإنقسام!!!
و بالإضافه إلى ذلك فمجموعات الشباب هذه ايضاً منقسمه حول ألية إنهاء الإنقسام, فكلُ يغني على ليلاه, فمنهم من يدعو إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر, من غير أن يوضح كيفية تحقيق هذا الهدف, و مجموعه أخرى تدعوا إلى إنتخابات تشريعيه في الضفه و غزه و مجموعه ثالثه تدعو إلى إجراء إنتخابات لمجلس وطني جديد يمثل الفلسطينين في أرجاء المعموره. و هنا نرى أيضاً أن الشعب منقسم حول أسلوب إنهاء الإنقسام.
و حركة حماس التي تمثل نسبه كبيرة جداً من الشعب الفلسطيني لا تريد هي الأخرى إنهاء الإنقسام, و كان ذلك جلياً من خلال قمعها لمسيرات إنهاء الإنقسام التي خرجت في قطاع غزة. و لقطع الشك باليقين جاء رد حماس على مبادرة الرئيس الفلسطيني لزيارة قطاع غزة متردداً و بدأت الحركه بوضع العراقيل لهذه الزياره تاره من خلال إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد توقف لعدة سنوات وذلك لتوتير الوضع الأمني في القطاع و تاره أخرى عبر القول أن الزياره مرحبٌ بها لكن يجب على السلطه أن تقوم بهذا و ذلك قبل الزياره. و في هذا السياق فقد جاء موقف حماس من مبادرة الرئيس الفلسطيني لزيارة غزه متطابق مع الموقف الإسرائيلي مما يجعل من مقولة التحالف الموضوعي بين المتطرفين في طرفي ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكثر منطقيه مع مضي الأيام و مع كثرة الدلائل التي تشير إلى وجود هذا التحالف بين حركة حماس و حزب الليكود اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل, فأجندة كلا الحزبين تتقاطع عند الكثير من المفاصل المهمه, فكلاهما يرفض عملية السلام و التفاوض و يرون بإستمرار الإنقسام بين الأخوه الفلسطينيين في الضفه و غزه مصلحه مهمه لهما, لايمكن في المدى المنظور التنازل عن هذا المكسب.
و في ظل تعنت حركة حماس من مسألة المصالحه الفلسطينيه و ضعف التحرك الشعبي المطالب بإنهاء الإنقسام, و المصلحه الإسرائيليه بتعميق هذا الإنقسام,فهل شعار إنهاء الإنقسام مازال شعاراً ممكن التطبيق؟
التعليقات (0)