عندما تجد آراء مواطنين مُطابقة لآراء حكوماتهم حول مختلف القضايا الداخلية والإقليمية ، فذلك مؤشر على أن أولئك المواطنون بنفس عقلية أنظمتهم الحاكمة لو كانت مُتحجّرة ، وبنفس نظرتها للأمور لو كانت قاصرة !..
عندما تجد مواطنين يدافعون عن حكومات فاسدة وظالمة ومستبدة ، فذلك مؤشر آخر على أن أولئك المواطنون من نفس الطينة .. وأنهم لصوص ومنافقين وكذابين وخونة كمسؤوليهم !..
عندما تجد أن كلامي السابق يُجانب الصواب ، فإنك حتما ستتساءل مثلي عن جدوى الثورات العربية القائمة ، مادامت تقودها شعوبٌ مُتشبّعة بمبادئ وتوجهات وحتى تعاملات أنظمتها الفاسدة السابقة ومُتشرّبة بها حدّ الثمالة ؟!..
يعني مانفع أن يُولّى على التونسيون مثلا حاكما عادلا ، وأمينا ، وطيبا ، ونزيها ، وشريفا .. إذا كانوا هم من تحته ظلمة ، وخونة ، وبيروقراطيون ، ومُختلسون لأموال دولتهم ؟!.. وإذا كانت تعاملاتهم مغشوشة ولا تختلف عنها في زمن حكومة بن علي الفاسدة ؟!.. ما نفع أن ترتدي تونس ثوب حكومة جديدة نزيهة ، فوق جسدها ـ المتمثل في الشعب ـ المُتسخ ؟!.. ونفس الأمر ينطبق على مصر ؟!..
النظام ليس الحاكم ، ولا الحكومات المُتعاقبة ، بل هو الشعب الباقي والخالد في أرضه ووطنه ، والذي يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه .. بسن قوانينه بنفسه .. وبالعدالة الإجتماعية المُعاشة واقعا ملموسا ، وبالإخاء ، والتضامن ، والتكاتف ، وبالوفاء للوطن وخدمته !.. وحين يكون الشعب صالحا وصادقا ، فإن أي حاكم يُولَّى عليه حتى ولو كان فاسدا ، فهو لن يملك القوة ولا الدعم ولا السند لإشاعة الفساد في أرجاء الوطن !.. أما أن يتم إسقاط رأس النظام الفاسد ويبقى الشعب برمته من بعده فاسدا ، أوتظل مظاهر الفساد تعشش في مؤسسات الوطن ، فذلك معناه أن النظام الفاسد باقٍ ولم يسقط !..
إذا أرادت الشعوب إسقاط أنظمتها الفاسدة فعلا ، فعليها بإسقاط الفساد من النفوس .. لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم !.. أما في الظروف الراهنة ، وبحسب الذهنيات السائدة ، فإن أي حاكم يُولى على تونس أو مصر لن يختلف عن سابقيه ، لأن تلك الشعوب لم تبدأ بعد بتخريج النزهاء الشرفاء !..
29 . 06 . 2011
التعليقات (0)