يعتقد الاسلاميون بكل تياراتهم أنهم عندما يطالبون باتخاذ الشريعة مصدرا وحيدا لسن القوانين السياسية و الاجتماعية ة الاقتصادية و العلمية .. إنما يطالبون أن يكون التشريع ربانيا/ سماويا .. و هذا يعبر عن جهلهم بالاسلام و تضارب كل عقائدهم مع عقائد الاسلام ... لأن شرعة الله و شرعه الحكيم إنما تسير بمقتضاه الحياة منذ خلقها الله ... فالكواكب كلها تسير في مداراتها و حدودها التي رسمها الله لها منذ الأزل . و عالم الحيوان و النبات و البحار ... لا تزال الحياة تسير فيه كما أرادها الله له ...
أما "عالم الانســــــــــان" فقد تميز دون غيره من العوالم بــــــ"الحريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة " التي شاءها الله لعبيده من البشر كي يتمكنوا من أن يكونوا خلفاء الأرض دون وصاية أحد من العالمين ... فرسم لهم "حدودا" تاركا لهم مجالا حيويا شاسعا يتحركون داخله لتحقيق استخلافهم على الأرض دون أن يقعوا في الظلم أو التجني على بعضهم بعضا أو على بقية المخلوقات ...
و الحد Clôture كما هو معلوم يفصل بين شيئين : ( مرغوب ) و ( منبوذ ) ، لذلك نجد الأنبياء و الصالحين يرغبون الناس في (الحد المرغوب ) و ينفرونهم من ( الحد المنبوذ ) فتجاوز "حدود الله المرسومة" يعتبر ظلما للنفس و للآخرين و تجاوزا للمسموح به ما ينتج عنه عقوبة "دنياوية و أخراوية " لذلك تكررت توصية الله لعباده بالقول "( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ( 229 سورة البقرة /
فعندما يشرع الله حد الزنا = أقصى عقوبة لجريمة الزنا / قائلا :
({الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور : 2] ).
لا يقصد منه بتاتا أن جريمة الزنا تستوجب عقوبة الجلد في كل الحالات بل يترك للقاضي المسلم أن يتخير العقوبة الملائمة لعقوبة "جريمة الزنا " مراعيا وقائع هذه الجريمة و حيثياتها و الأطراف المشاركة فيها و وضعيتهما الاجتماعية و الأسرية ... واضعا نصب عينية معيار الله وهو أن أقصى عقوبة "لجريمة الزاني و الزانية هي الجلد مائة جلدة " و كذلك العقوبة بالنسبة لجريمة السرقة " فهي أقصى عقوبة لها هي القطع قال تعالى :
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة : 38]
و إذا ما نظرنا وجدنا أن كل حدود الله قد تنزلت بعد بناء الدولة الاسلامية بالمدينة المنورة علمنا أن كل "الحدود الاسلامية" لا يمكن أن ينظر في إمكانية وضعها ضمن القوانين المعمول بها إلا بعد أن نطمئن إلى قناعة جل أفراد الشعب المسلم بهذه الحدود الربانية و ايمانه بها واستسلامه في أن يحتكم إليها بعد أن يكون مجتمعنا الاسلامي قد حقق كفايته الاقتصادية و انسجامه الاجتماعي واستقراره الأمني و تحقيقه للإزدهار و النمو و التطور المنشود ... حتى تكون هذه الحدود حماية له من المتطفلين الذين يريدون أن يعبثوا باستقرار البلاد و أمنها /
رسول الله لم يؤت أمة الاسلام غير القرآن / الوحي المعجز ؟
http://rasoulallah.net/v2/document.aspx?lang=ar&doc=783
و هل أتانا "رسول الله " غير "رسالة الوحي المعجزة" التي قد عصمه الله لإبلاغها إلى الناس كافة و كلف 5 كتاب لتدوينها حالما يتنزل عليه بعض منها و أحرق كل ما عداها ... قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة : 67
التعليقات (0)