عندما أعلنت هلري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الشرق الأوسط الجديد ضحكنا عليها وإعتبرنا تصريحها نوعا من بدع الدعاية الأمريكية التي تعودنا عليها . ونسينا تصريحها كما نسينا غيره ومضت الأيام وفجأة قامت ثورة في تونس أضعف جزء في حلقة الشرق الأوسط الأمريكية وهرب بن علي وهو لا زال في قصره وجنوده حوله . وجاءت إنتفاضة الشعب المصري في ميدان التحرير فتخلى الرئيس مبارك عن منصب رئاسة الجمهورية والسلطة لا زالت في يده وأيدي مساعديه وتلامذته من جنرالات الجيش . ثم جاء دور ليبيا المنسية والتي يأس من تحركها اكثر المتفائلين وتحرك الشعب في ثورة عارمة ورفض القذافي أوامر امريكا بالخروج وتوفير مكان أمن له . ومن سوء حظ القذافي أن كتائبه ليست جيشا رسميا ولا سيطرة أجنبية عليها فكان ما كان . وتحرك بعدها الشعب اليمني وأجبرت أمريكا صالح بالتنازل لنائبه وكان . وتحرك الشعب السوري ورفض الأسد أوامر امريكا كما فعل القذافي فكان ما يجري الأن . وسارعت امريكا والدول الغربية بأيعاز منها بالتخلي عن اصدقائهم المقربين من الحكام العرب الدكتاتوريين بمن فيهم القذافي بعد فراق طويل . وكل هؤلاء الحكام كانوا ملتزمين في تسيير امور بلادهم وشعوبهم بتعليمات مبرمجة في واشنطن حرصين على فتح أسواق بلادهم دون قيود للشركات الغربية والمصنوعات الغربية . بل أكثر من هذا قامت أمريكا والدول الغربية بتأييد الثورات العربية علنا ورسميا وأطلقوا عليها الربيع العربي وحرصوا على نجاحها بالتدخل العسكري المباشر أو غير المباشر راسا او عن طريق اتباعها من دول الخليج القزمية . كل هذا حدث ورحبنا نحن الشعوب العربية وأصبحت أمريكا والدول الغربية من أعز أصدقائنا ولهم الأولوية في التعامل معنا إقتصاديا وتجاريا وعسكريا وأستراتيجيا ، بل نسينا حتى قضية فلسطين مصدر خلافنا مع أمريكا والغرب طوال قرن من الزمن . حدث كل هذا دون أن نتذكر تصريحات هلري كلينتون بالشرق الأوسط الجديد . والان وقد إنتهت المرحلة الأولي من الربيع العربي أو الشرق الأوسط الجديد بدأت امريكا وأتباعها تفكر في المرحلة التي تلي عهد الدكتاتوريين الكبار ومن سيتولى الحكم بعدهم . الاصرار على الديمقراطية وحرية الأنتخابات هي الطريق الوحيد الى ضمان شعوب عربية صديقة ، والتلاعب والتدخل يجب ان يتما في هذا النطاق وتحتاج هذه السياسة الجديدة الى أسلوب مختلف ومن وراء ستار عن الشعوب العربية . ولما كانت توجهات الرأي العام العربي معروفة ومدروسة من طرف أمريكا والدول الغربية كان لا بد من محاولة نبذ سياسة الصدام مع الحركات الاسلامية التي تريد التفاوض وتقبل ما قبله حكام العرب السابقين إذا وصلت إلى الحكم . إن أمريكا والغرب لا يريدون الأستمرار في التدخل العسكري المباشر لمحاربة الحركات الأسلامية كما عملت في أفغانستان ومع القاعدة في كل أرجاء العالم الأسلامي فقد كان ذلك مجهودا مضنيا كلف الارواح والأموال الطائلة دون نجاح كامل معها . والأمر واضح هوضرورة التعامل مع الحركات الاسلامية بأسلوب جديد . فماذا تريد هذه الحركات مثل الأخوان المسلمبن أكثر الحركات الأسلامية إنتشارا ونفودا . تريد الوصول ألى الحكم وتولي تسيير اموربلادهم ، وليس هناك مانع لدى امريكا والدول الغربية من تحقيق ذلك ولكن هذا يجب ان يتم بطريق التفاوض ولو سريا مع زعماء هذه الحركات الأسلامية وأن يعرفوا إن عدم تدخل أمريكا ضدهم وإستمرار الدعم االامريكي والدول الغربية لهم يحب أن يكون بشروط وهي الاعتراف الكامل بالمعاهدات الدولية والأتفاقيات الثنائية مع إسرائيل مقدمة للأعتراف الكامل بها ، والسوق الحرة ، والمحافظة على حقوق الشركات الغربية ومنع التأميم ، واحترام رعاياها المقيمين في البلاد العربية . وإحترام حقوق الأنسان بما في ذلك حقوق المرأة كاملة وعدم فرض الحجاب عليها أوأية قيود على السواح الاجانب وسلوكهم الأجتماعي الذي تربوا عليه . وبإختصار إتباع نفس السياسة التي تتبعها دول الخليج الأن في تعلملها مع أمريكا والغرب . وإذا توفرت هذه الشروط فلن تتعرض الولايات المتحدة وحليفاتها لوقف الأخوان المسلمين من الوصول إلى الحكم وقد تحقق هذا في تونس وأخيرا في مصر وسيعم هذا منطقة الشرق الأوسط وستقف الحكومات العربية الجديدة مع الدول الغربية ضد كال من يهدد المصالح الأقتصادية والتجارية والاستراتيجية الغربية في المنطقة العربية مثل إيران وهكذا ترسم خريطة الشرق العربي الجديد .
التعليقات (0)