النفوذ الأمريكي يتراجع في الشرق الأوسط، وسيما في العراق وسوريا والسعودية ومصر, فراغ يفتح شهية الرئيس الروسي "بوتين" للحركة مع دول الأوسط, وعلى ما يبدو هناك خطوات في تجاه استئناف العلاقات العسكرية مع مصر بعد القرار الأمريكي بتجميد جزء كبير من المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة.. إذن المنطقة اليوم أمام مخاوف أمريكية من العودة للحرب الباردة التي كانت بين القوتين "الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي" في منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات, وأمام حماس روسي جديد لتحسين العلاقات والتواجد, وسيما بعد ما نجحت المبادرة والدبلوماسية الروسية في منع الرئيس أوباما" من توجيه ضربة عسكرية لسوريا, وهذا يؤكد أن ليس هناك فرص كبيرة للتفرد الأمريكي على المنطقة مرة أخرى.
فالنتيجة المنتظرة من هذه المتغيرات قد تكون حول إعادة التوازن الذي يسمح للدول الخروج الرومانسي من الهيمنة والتفرد الأمريكي للمنطقة, وقد تساهم مساهمة حقيقية في التعامل مع ملفات وقضايا الأوسط, ومنها قضية الصراع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي, بحيث يمكن وصف المسلك الروسي الجديد بالرجوع للمنطقة, في أنه يعطي أمل في إعادة العمل الضاغط على الطرف الإسرائيلي من بوابة عودة التعادل للتدخل الدولي في الصراع القائم على الوجود.
وعليه لا يمكن مجرد التفكير في العواقب الكارثية للفشل والتبعات المخيفة للإخفاق, لذلك يجب أن تدفع هذه المتغيرات المجتمع الدولي من أجل اغتنام فرصة بناء سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين, على ضوء أن الوقت يمضى ونافذة الأمل تضيق ودائرة الفرص تتقلص والمستقبل يتقدم على ما يبدو في تجاه فرصة الوقت الإضافي لتحقيق السلام والاستقرار للمنطقة.
بحيث يمكن القول أن السياسة الروسية الخارجية اِتسمت عمومًا بعدم الثبات تجاه المنطقة العربية وسيما مع القضية الفلسطينية, رغم الإفراط الحاصل للموقف الروسي مع الأزمة السورية, وبالرغم من عدم الثبات في السياسة الروسية من حيث درجة تركيزها أو حدتها إلا أنها على علاقات مع جميع الأطراف.. فالدول العربية كانت ومازالت تميل إلى الإبقاء على الوضع الراهن في التحالف مع الغرب, ولا تدعو إلى التغيير إلا قليلاً مع السياسة الخارجية الأمريكية, وهذا أكيد على حساب علاقاتها مع روسيا.
بقلم: أ. مـنــار مـهــدي
التعليقات (0)