لا شك أن انتشار المسلسلات التركية المدبلجة للهجة السورية «المحكية» كان واسعاً بشكل ملفت للنظر في السنوات الأخيرة ، ورغم معارضة شريحة لا بأس بها من المشاهدين لهذه المسلسلات لأسباب عديدة تخصهم..إلا أن هذه المسلسلات استطاعت في الوقت ذاته أن تستحوذ على نسبة كبيرة من المتابعين لها بشكل دائم ، من خلال قناة MBC الفضائية، وقنوات فضائية أخرى .
هناك من وجد في هذه المسلسلات التركية شيئا ربما يكون مختلفا وجديدا نطلع من خلاله على ثقافات أخرى ونتعرف على ما يجري خارج وطننا العربي وهي جديرة بالمتابعة ، وآخرون رأوا فيها تعديا وخرقا لعاداتنا الشرقية معتبرين إياها «فيروساً» يخرب عقول من يتابعها خاصة ممن هم من جيل المراهقين والأطفال ودعوا إلى مقاطعتها بشتى الطرق حتى لا تؤثر على أولادهم سلبا، وبقية كانت لهم آراء أخرى مختلفة، صحيفة « بلادي اليوم» ناقشت هذا الموضوع من ناحية تأثيرها على الأطفال، لان الطفل «حسب النظريات التربوية» يتوحد مع أبويه أو مربيه شعوريا، ويتعلم منهما عن طريق التقليد والمحاكاة، فيفرح عند رؤيتهم فرحين ويبكي إذا رآهم يبكون حتى لو لم يعرف الأسباب، ومن هنا تعلق بعض الأطفال بمشاهدة هذه المسلسلات لأنهم رأوا آباءهم وأمهاتهم متعلقين بمشاهدتها وتثيرهم أحداثها المبهرجة تقليدا لسلوك الكبار ، ولكن المشكلة الكبرى الآن هي مدى تأثير هذه المسلسلات على نفسية الأطفال وإليكم هذه الحادثة المروعة التي حدثت في إحدى محافظات العراق:
تحقيق : سعد الخياط
وادي الذئاب (انظروا الجريمة)
محمد جبر «شاهد عيان
» قال: الشرطة تحقق مع ثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم (7 – 9) سنوات قاموا بعملية قتل زميل لهم بواسطة مشنقة تم نصبها في إحدى زوايا حديقة منزل الضحية بناحية الدبوني (55 كم شمال مدينة الكوت)».
وأضاف: إن «الأطفال الثلاثة أفادوا بأنهم كانوا يلعبون ويمثلون احد مشاهد مسلسل وادي الذئاب التركي الذي تضمن إعدام احد أبطال المسلسل».
وبيّن أن «القضية تعد من القضايا التي يصعب التحقيق بها كون المدانين أطفال لا يعرفون ماذا فعلوا», مشددا على أن «القضاء سيكون الفيصل».
حديث السيدات ؟
السيدة رندة علي 46 عاما ربة منزل، قالت: إنها كانت تتابع هذه المسلسلات في فصل الشتاء لأن الخروج من المنزل يكون أقل من فصل الصيف، ووقت عرض المسلسل هو «لا وقت طلعة ولا وقت نوم».
وأضافت إنها بعد متابعتها لمسلسلين هما نور، وتمضي الأيام «رأت ألا تتابع هذه الأعمال بعد الآن لأنها اكتشفت أن «لا معنى لها وهي مجرد مضيعة للوقت بقصصها الخرافية الطويلة غير الواقعية»، وتقول «بدأت الآن استثمر الوقت نفسه في قراءة الكتب لأنها تفيد أكثر من المسلسل التركي».
ولكن للسيدة وفاء حسن 50 عاما رأي مختلف إذ قالت: إنها «تستمتع بمتابعة هذه المسلسلات» من حيث المناظر الطبيعية التي تشاهدها أو من خلال القصص التي تجد فيها الكثير من الرومانسية والبطولة، وكان الوصف طبعا اشارة منها الى بطل مسلسل وتمضي الايام «أسمر».
مريم سامي « 48 عاما» تقول: إنها أحيانا «تحتار ماذا تفعل» اذا صادف وجود أحفادها الصغار أثناء عرض المسلسل التركي لأنها بدأت تشعر «بتعلقهم بالمسلسل وشخصياته ولا تريد لهم أن يتعلقوا بهم الى هذه الدرجة المرضية»، فــــــبعض المشاهد في المسلسلات التركية «يجب أن لا يشاهدها الصغار لأنها قد تكون خادشة للحياء، او فيها عنف» على حد تعبيرها.
تخريب القيم
عدنان عبد الله «اكاديمي» قال : بما أن الحديث يدور حول المسلسلات التي تنتمي إلى ثقافة علمانية غربية مثلها مثل القنوات الفضائية التي تبث برامج تستهدف إفساد الشباب العربي المسلم من خلال الإثارة الجنسية مستغلة بذلك بطالته وحرمانه وضعف أداء وسائل إعلامه، لتدفع به إلى أنماط سلوكية انحرافية تتناقض مع قيمه ومعتقداته الدينية. فإن أهداف هذه المسلسلات كما يبدو ممن تحاورت معهم من زملائي سواء في العمل او المنطقة والذين أبدوا آراءهم، أهداف مادية صرفة تشجع على جمع الأموال وترسخ قيم الرأسمالية التنافسية وإفساد القيم الدينية الإسلامية.
ويؤكد ذلك ما يحدث على أرض الواقع في تركيا نفسها من صراعات بين العلمانيين والإسلاميين إلى درجة دفعت بالرئيس التركي إلى التنصل من مسؤولية انعكاسات مثل تلك المسلسلات، وذلك بقوله: هذه ليست حياة الأتراك، وباعتقادي الهدف الأعظم للمسلسل هو الترويج لتركيا وبنات تركيا على حد تعبيره.
الانشغال بها
وسام عبد موظف قال : هذه المسلسلات شغلت الكثير منا للاسف فكثير من الاقارب والاصدقاء لم يلتقوا منذ زمن طويل بسبب هذه المسلسلات لانها اصبحت شغلهم الشاغل لا بل ولم تعد العائلة الواحدة يتحدثون الا في امور المسلسلات التركية، ولاحظت عند كثير من الاشخاص انه عند اقتراب موعد بدء المسلسل التركي يتخلون عن كل اعمالهم مهما كانت وان كان هناك امر طارئ سوف يحل على المنزل لا ليس هذا فقط بل اذا كانوا خارج المنزل اخذوا يهرعون الى منازلهم بسرعة لا توصف لا اعلم لو حان وقت الصلاة هل تهرعون الى صلاتكم هكذا؟ هل اذا ناداكم من هو بحاجة إليكم لبيتم النداء؟ لو فكرتم للحظة بسبب طرح مثل هذه المسلسلات في الوطن العربي لعرفتم السبب..
الطب والنفسي .. والمسلسلات التركية؟؟
أدت متابعة العديد من المراهقين لهذه المسلسلات الى تعلقهم الشديد بها والتشبه بأبطالها وتقليدهم أحيانا الى حد يخرج عن نطاق المعقول.
الدكتور اياد حامد اخصائي الطب النفسي في بغداد حدثنا عن رأيه من الناحية الطبية في ما يحدث، وسبب انتشار هذه الظاهرة بين الجمهور وخاصة من جيل المراهقين والاطفال، ورأى أن «انتشار هذه الاعمال التركية سببه أن جيل الشباب يريد او يبحث عن هذا النمط من الحب والمعيشة». وقد تم استخدام كثير من الأماكن السياحية في تصوير هذه الأعمال لتكون جاذبا للمسلسل، اضافة الى ان هذه القصص تعتمد على الانفعال والمشاعر والعواطف والترقب فدائما المخرج يتفنن بإنهاء الحلقات بشكل يدعو الى التخمين والانتظار.
ورأى د. اياد أنه «لا يوجد دراما في هذه الاعمال والحبكة ركيكة جدا لدرجة اننا نشعر بأنها قصص للأطفال لكنهم استخدموا ممثلين أشكالهم جميلة بالاضافة الى كل ما سبق ليحققوا نجاحا هم أنفسهم لم يكونوا يتوقعوه».
وأضاف د. اياد أنه يوجد في الطب النفسي ما يسمى بـ « التمثل» و هو ان «الشخص يحب ان يتلبس شخصية الفنان الذي يتابعه، ويتمثل بها وبالتالي يعيش مثله وكأنه يحقق حلمه من خلال هذا المسلسل وهذا ما يحصل مع أغلب المراهقين المتابعين لقصص هذه الأعمال».
اما بالنسبة لمتابعة الكبار لهذه المسلسلات قال د. اياد: إن «هذه القصص ربما تكون قد أعادتهم الى الماضي من جهة أو ربما أصبح هناك ما يسمى بـ(سياقة القطيع).
وأكد أن «الكثيرين يتابعون المسلسل التركي من اجل البيوت والفساتين والسيارات وهذا العنصر هام أيضا في طريقة جذب المشاهد».
ووجد أخصائي الطب النفسي أن «المسلسل ومتابعته لا علاقة لها بحدوث المشاكل بين الازواج كما تردد على مسامعنا من قصص وأخبار بل إن الموضوع عبارة عن اشياء متراكمة مسبقا وعلى مدى طويل».
موضحا أن الموضوع « يكون هش من البداية حتى تصل الأمور الى الطلاق بين الزوجين وحتى المسلسل لا يصل الى درجة القشة التي كسرت ظهرت البعير لكن ربما ظهور المشكلة صادف وقت عرض المسلسل».
التعليقات (0)