الشاعر
رابح التيجاني
أعرف من الشجر
الزيتون والرمان
والتين ،
أعرف من السمك
كلب الماء والشابل
والسردين ،
أعرف من الطيور
الباشق والزرزور
وغراب البين ،
أعرف أسماء الورود
ولا أميز بين السوسن
والياسمين ،
أعرف من الناس
الأشباح والمجانين
والشياطين ،
لا أذكر من الكتب
إلا العناوين ،
لا أقرأ الرقم إذا أمسى
ملايين ،
أعرف من الأدوية
الأحمر والأسبرين ،
والبنسلين ،
لم أعاين زلزالا
ولا غضبة براكين ،
أتأوه
وأغني ياليل يا عين ،
أتحدث عن الكون
والغيب
والعالمين ،
ما كدحت بغير قلمي
وقدمي
وأحكي عن تعب العمال
والفلاحين ،
ما زرت السجون إلا للزيارة
وأبكي باسم المساجين
والمناضلين ،
ما ارتفعت في الفضاء لحظة
وأصف سماوات الأنبياء
وسديم أينشتاين
وغاغارين ،
ما جعـت جوع الجائعين ،
ما مت موت الميتين ،
أستهلك النساء حد الإدمان
وتنبض قصائدي بالشكاة
والحنين ،
أضحك من أعماقي
وتتحدر كلماتي تأوها
وأنين ،
أشيخ عذابا
وقصائدي تتصابى ألوانا
همسا ورنين ،
أفك طلاسم الأسئلة
والحيرة والتعجب
ويدوخني اليقين ،
أستثير الوحدان والمعنى
وأحيا حياة العابثين ،
لا أفرح فرح الفرحان
ولا أحزن حزن الحزين ،
أبني ألف بيت في لحظة
ولا أبني لي كوخا أو عشا
أو عرين ،
لا أفهم بعض ما أقول
وأشرح مع الشارحين ،
لا أتزحزح حجرا
وأطاوع التعابير والتلاوين ،
أرسم المستقبل للإنسانية
وأصرف عمري ضائعا
سيد الهائمين ،
أنكتم في المجالس
وإذا خلوت لنفسي
حاربت الطواحين ،
أصرف العمر حالما
وأنبه النائمين ،
أستشير فرويد
وأصدق ابن سيرين ،
لم أنصهر في أتون الإحتراق
وأبحث عن مكان
بمجمع الخالدين ،
لم أصل قمة
وأوزع على الزواحف العكاكيز
والنياشــــــين ،
لا أفكر في غير الخبز
وأعجن الفلسفات والعلوم
والقوانيــــــــن ،
آكلها باردة
وأمسح عرق الجبـــيـن ،
لا أذكر ما كان عشائي
وأروي أزليات السنين ،
أعيش عالة
وأمــــــــوت مدين ،
أشرب الكوكاكولا والويسكي
أدخن المارلبورو
وأساند فلسطين ،
أتودد أتملق الأعيان
وأنحشر بين البسطاء
والطيبين ،
والمساكين ،
أراوغ وألعن اللعين ،
أخاتل أنافق
وأدعو لحبل الله المتين ،
أرجو السلامة
وأثقب السفين ،
أعامل أحبائي بشدة
وأنصح الناس بالمرونة
واللين ،
لم أنصر نفسي
وأراني ناصر المعذبين ،
أخالني عبقري زماني يوما
ويوما تالفا
جعجعة ولا طحين ،
أنادي بالحرية
وأنصب لها حتى في القصيدة
كمين ،
أنشد المساواة والعدل
ولا أثق بالموازين ،
أهتاج إذا استكان الناس
وإذا اهتاجوا أستكين ،
أقدر أسحر بالبساطة
وأساير أصنام الكتابة
والتابعين ،
لا أبارك أندادي
وأقول آمين ،
لم أخترع طائرة إذاعة إبرة
وأقسم بأنها بنات الخيال المبدع
شعر مبين ،
أسمي الطبيعة التناسق الفوضى
روعة الروعة
ويروعني الرعب من الديناصور
والتنين ،
أسبق أول الشجعان
وأول الهاربين ،
لا أشكو الفصام أنا
أنا واحد أنا
وأكثر من تسعة وتسعين ،
لا أستجلي إبداع الدارجة
وأترجم روائع بريفير
وبوشكين ،
لم أذرع من الأرض غير ذراع
وأثرثر حول القارات والبحار
والنـــاس أجمعيـــــــن ،
الأولين والقادمين ،
ما وما
ما وما
وانتظروا قصيدتي
بعد حيـــــــــــــن .
( نثرية نشرت بجريدة العلم /5 نونبر 1985)
التعليقات (0)