الشاعر نصر سامي يحلق في سماء الحلم و الينابيع
البشير عبيد
أصدر في المدة الأخيرة الشاعر و الكاتب ناصر سامي كتابين شعريين جديدين هما:عودة أورفي ،95 من القطع المتوسط عن دار ورقة للنشر.وقد قسم هذا الديوان إلى ثلاثة أجزاء.
الجزء الأول سماه الأعتاب متضمنا قصائد: مخدع مهمل للوقوف على شجر الليل، شتاء الأبد، الأوديسة، النهايات و عودة أورفي.
أما الجزء الثاني المعنون بالمنازل فقد ضمنه القصائد التالية:ضوء أخير لتحرير الكائن، شرفة واطئة لنحاتات البريق، وقفة أخيرة لإضاءة الدواخل، فجر لقداسات داس عليها الليل لآثار خطاياه، مديح لخبط أجنحة الطائر الجبلي الصاعد الجبل، دكنة باردة لمنازل الصباح، قداس أخير لسادنة المعبد و سلمى كعادتها تغني.
أما الجزء الثالث / الملحق فقد تضمن حوارا مطولا أجراه معه الناقد الصحفي المعروف كارم الشريف الذي بين فيه رؤيته لفن الشعر و الكتابة عموما و مواقفه من الساحة الأدبية و الثقافية في تونس و الوطن العربي.أما الكتاب الثاني المعنون بهبوط ايكاروس، 118 صفحة تكفلت بنشره دار الأطلسية بتونس العاصمة فقد تضمن قصائد طويلة: النبي، هبوط ايكاروس، وردة الضوء و سلمى كعادتها تغني( لا ندري لماذا نشر القصيدة الأخيرة في كتابين صادرين في نفس الفترة)، علما بأن الشاعر نصر سامي قد أصدر الى حد الآن الكتب / الدواوين التالية:
- ذاكرة لاتساع اللغات، دار الأطلسية للنشر، تونس 1996
- أنهار لأعالي الضوء، دار الأطلسية للنشر، تونس1997
-عربة لخيل الأساطير المعروف بكتاب السيرة، دار الإتحاف للنشر بتونس 2001
-كتاب الحب، در سيبويه للنشر 2006(كتاب شعري صور بالاشتراك مع الرسام التونسي المقيم بألمانيا، تم تحويله إلى عرض مسرحي لدعم من وزارة الثقافة و المحافظة على التراث بعنوان "مديح البيت" و عرض في 2008/2007).
- بردى عن دار lapas نشرت بفرنسا 2006( قصيدة باللغتين العربية و الفرنسية. ترجمتها إلى الفرنسية صفية التريكي و أعدت لوحات الكتاب الرسامة الفرنسية فرانسواز رومار).
- الأمطار ala stansa de la poet، ايطاليا 2006( قصيدة بالعربية و الفرنسية و الايطالية، ترجمتها إلى الفرنسية آسيا السخيري و ترجمها إلى الايطالية و قدم الكتاب و نشره الشاعر الايطالي جيوزي نابوليانو.
يقول نصر سامي في كتابه هبوط ايكاروس" أتوهم أحيانا أني أتكلم. لكن الكلمات تعود الى أذني زهرات رمال خرساء. أفتح قلبي لحديث العشب و رفات طيور الشاطئ و صراخ الأدغال . تنمو في قلبي لغة من صمت الغابات أفهم فيها العالم، أفهم فيها كيف أؤلف ألحانا للفرحة و أنا مسكون بالحزن.أفهم فيها كيف أكون و كيف أمسح بالكلمات مآسي الكون". يضل دائما الغموض من أهم المدارات الشعرية التي تخط التجربة الفنية و تدرجها في سياق جمالي يكسر الرتابة و التكرار علما بأن كتابات نصر سامي الشعرية و النثرية تأخذ الكثير من تجليات المجاز و الإطلاق و ترحل بالحبر و العبارة إلى مناخات التأويل و القراءات المتعددة و هذا يعتبر في حد ذاته انجازا يعبر عن موهبة حقيقية تتجاوز الادعاء مثلما تسلك بعض الأصوات" الشعرية" الطالعة هنا و هناك كالأعشاب الطفيلية رغم أن هذه الأصوات تفتقر الموهبة المشود لها من نقاد معروفين إضافة إلى عدم اطلاع هؤلاء على المدونة الشعرية التونسية و العربية قديما و حديثا إضافة إلى جهلهم بما أفرزته مدونة الشعراء في شمال العالم و جنوبه و يبدو لنا من خلال اطلاعنا على إصدارات الشاعر و الكاتب نصر سامي،أن هذا الرجل المهوس بالكتابة و الحفر في مجاهل الحبر قد بدأ منذ سنوات يخط لنفسه بصمة خاصة في مسار الشعر التونسي و لا ننسى هنا تقديم الشاعر العربي العراقي الكبير سعدي يوسف لمجموعة نصرالشعرية الأولى ذاكرة لاتساع اللغات سنة 96 من القرن الماضي .. آنذاك تكهن له جمع كبير من شعراء و كتاب و نقاد هذه البلاد بمستقبل في مسار الكتابة الشعرية. وبإمكاننا هنا أن نتساءل هل نصر سامي استلهم كتاباته الأخيرة من هذا القول الذي أورده في كتبه الروائي و الناقد الكبير الدكتور مصطفى الكيلاني " لسنا نريد غموضا يستحيل معه الإفهام بتعطل منطق اللغة و انحباس اللفظ و تفكك العبارة و كأننا بذلك نشهد موتا للكتابة". يقول نصر سامي أن الشعر لم يكن لعبة بريئة. و يقول في موقف آخر" أتمسك بالشعر الآن، أتمسك به كخيار للحياة، كعشبة خلود" دون أن ينسى أن يفاجئنا بموقف آخر مغاير" الشعر ليس غير قبر، أنا مجبر على فتحه و على تصور نفسي الجثة الممدودة في الداخل". هكذا اذن تلتقي الكراهية و المحبة في نفس الزاوية، و هذا ليس بغريب عن التركيبة النفسية و الفكرية لأي كاتب ذلك أن الكتابة هي السفر السريالي و الرحيل الأزلي إلى المجهول و الذهاب بخطوات واثقة إلى أقاصي الحلم.
من مؤلفاته :أنهارلأعاليالضوء
التعليقات (0)