الشاعر المغربي إدريس علوش يكشف لـ (الزمان) خبايا جيل الثمانينات
الكاتب حاوره: عبدالحق بن رحمون
"أذهب إلي القصيدة كما لو أني ذاهب إلي الوظيفة"
البوصلة جاءت من روح المبادرة التي أعلناها ذات مساء ونحن في مقهى أنا وصديقي الشاعر محسن العتيقي أكيد أننا واصلنا النقاش حول الفكرة في فضاءات أوسع وأرحب، المبادرة بدأت بسيطة كفكرة وهو الانتصار لقيم الجمال، والاحتفاء بالنص الحداثي، والعمل انسجاما مع نفس روح المبادرة أن يكون للمغرب حضورا في هذا العالم الافتراضي اللامتناهي.
الشاعر المغربي إدريس علوش من الأسماء الشعرية المتفردة، له تجارب شعرية متجددة وجادة، ولاشيء آخر في جبته غير الشعر، يمتلك أفقا معرفيا بشؤون وشجون القصيدة المغربية المعاصرة. ويعتبر أن الشعر يحتاج للإنفتاح على الأفاق المتعددة للتجارب الإنسانية إبداعا وسلوكا وحضارات. وكشف الشاعر المغربي ادريس علوش لـ (الزمان): في حوار شامل وموسع قضايا الشعر وجيل الثمانينيات والثقافة الالكترونية والورقية وصداقته للمبدعين البوهميين، إلى جانب بوحه بأسرار القصيدة والكتابة لديه، موضحا في ذات الوقت أن "الأساس هو خوضه في غمار الشعر بكل ما أوتي من قوة الصورة والمتخيل، والفعل، والرؤية للعالم والتفاصيل والكون والحياة، وبمعنى آخر يقول: "لتصبح عنده الكتابة الشعرية مسؤولية وليست ترفا ذهنيا أو تمارين في الكتابة. ويؤكد هنا أنه أحيانا يذهب إلى القصيدة كما لو أنه ذاهب إلى الوظيفة. وللإشارة فالشاعر ادريس علوش، شاعر، مفرد، بصيغة الجمع. هو جبل في صورة أكثر من جبل وأكثر من بحر، شاعر كثير السفر والترحال، له صداقات وعلاقات طيبة مع الجميع وفي العديد من الدول العربية التي زارها وحل ضيفا على مهرجاناتها.
كما يعد ادريس علوش أحد رواد قصيدة النثر، وواحد من رواد المواقع الالكترونية الثقافية ومن مؤسسيها، ومن فرسان جيل الثمانينيات. ويسمونه بالطفل البحري وسفير الشعر المغربي. والذين صادقوا هذا الشاعر يدركون بديهيته وتلقائيته وصدقه وإخلاصة للابداع، فهو شاعر أسس لنفسه أفقا مغايرا مبنيا على أسس متينة، فقد خبر دروب الموج، كما خبر أسرار مدينة مسقط رأسه "أصيلة" والتي أعطاها الشيء الكثير من عمره وروحه، والتي يحفظ كتابها الأول عن ظهر قلب، وكذا تفاصيلها الصغيرة المنسية. وهو الماركسي المغربي، الملتزم بالقضايا العربية والمصيرية، أغوته الصحافة الثقافية واشتغل بها صحفيا منها المكتوبة أو الاذاعية، مسهما في إغناء حقلها وتقليب تربتها، مُراكما في ذات الوقت مجموعة من العناوين الإبداعية الصادرة ابتداء من ولادة "الطفل البحري"، ثم "دفتر الموتى"، ومرثية حذاء، وفارس الشهداء، و"قفازات بدائية" وصولا إلى "زغب الأقحوان". كما آخر سيصدر له قريبا رواية موسومة بـ : "فحوى الشتات" إلى جانب كتاب يعنى بـ : "ذاكرة المنع" .
ولمعرفة المزيد من هذا البوح الصريح، ستطلع عليه عزيزي القارئ في نص الحوار التالي:
□ أنت دائم السفر والتجوال، وتحب الشعر بجنون إلى أين ذاهب بك هذا المطاف؟
■ إلى البحث عن مزيد من الجغرافيات الممكنة للاحتماء من شراسة الاستعارات الباردة، والتفاعل مع الأفق الجديد للقصيدة.السفر يوفر هذه الإمكانيات المذهلة لمواصلة فعل الإبداع، شخصيا أعتبر السفر قصيدة لامتناهية وخزان أساسي يمد المبدع بجرعات الإبداع التي يحتاجها ليظل منسجما مع اختياراته المرتبطة بالكتابة كشرط حياتي لوجوده وكيانه الإنسانيين.
□ أنت سفير الشعر بالمغرب لمنظمة شعراء العالم بالتشيلي وما دور هذه المهمة الديبلوماسية؟
■ كنت و لم أعد كذلك، والمهمة في هذا الإطار افتراضية ليس إلا.
□ يقولون عنك أنك صديق الجميع... وتحب فلسطين حبا جما... وصديق تشي غيفارا... وصديق الاشتراكية... وتعتبر الأزمة الاقتصادية لا تعنيك... ولا تصدق وباء أنفلونزا الخنازير... وأين وصلت مع هذه الواقعية والشفافية والتي تُحدث فيها دائما انقلابا مع الورق والقلم... ثم مع حاسوبك الشخصي حين تأتي لتكتب الشعر؟
■ ما تروج وتسوق له وسائل الإعلام التابعة بحكم قوة الرأسمال الذي ينتجها للقوى المعادية لحق الشعوب في تقرير مصيرها، علينا أن لا نصدقه وأن نستهلكه كيقين، بل علينا أن نخضع كل نتائجه إلى إعمال العقل والاستناد إلى الوعي النقدي الذي نتسلح به، لنفهم على الأقل حقيقة ما يجري، على سبيل المثال هل يمكن أن يصدق عاقل أن الاحتلال الأمريكي للعراق كان بهدف تحرير الشعب العراقي من الاستبداد..؟، وأن فلسطين في ظل هذا الراهن الملتبس والغامض، وفي ظل أيضا موازين قوى مختلة، يمكن أن تعرف طريقها إلى بناء الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس..؟ وفي ظل هذا الزمن المعولم الذي يهدف إلى تسليع الإنسان وتشيئه وإفراغه من كل مضمون إنساني ...إلى غير ذلك من القضايا العالقة والموضوعة على أجندة الصراع الدائر في الكون الآن، أنت لا يمكن إلا أن تكون مع تحدي تشي غيفارا ممانعا ومتحيزا عضويا لآدمية الإنسان وكرامته على أرضه، ومع عدالة القضية الفلسطينية مع أحمد سعادات ومروان البرغوثي ونهج الحكيم مع دلال المغربي وأم جبر ومع اللاجيئين في منافيهم وبؤر الشتات، ومع الشعب العراقي في تقرير مصيره بعيدا عن أي تدخل أجنبي أو طائفي وآيا كان هذا التدخل، وضد كل أشكال العولمة في أبعادها الاقتصادية والتوسعية، على الأقل ليكون لك وقع أقدام وأثر يذكر فوق اليابسة. ربما نفس الوعي هو الذي يجعلك تشك في الحملة الدعائية المسعورة التي تروج لها بعض المؤسسات الرأسمالية لترهيب الناس من "وباء "يدعى أنفلونزا الخنازير، إلى غير ذلك من الخلفيات المفتعلة لإرباك المجتمعات وخلق حالات الفزع لديها عوض القيام بدورها الوظيفي الهام والأساسي في استشراف المستقبل عبر بنائه وفق أسس الحداثة والعقلانية والديمقراطية، وهي الاستراتيجيات التي لاتتنافى مطلقا مع الاشتراكية - والماركسية كفكر وفلسفة أساسية في فهم الجدل القائم بين هذه التناقضات- التي تتصدى إلى كل أنواع الاستغلال والاستلاب... هذه جملة من الأسئلة التي تؤرقني من موقع أني كاتب وشاعر وكائن وجودي وماركسي مغربي وماركسيتي لم تعد سرا- يضحك -، وهو نفس القلق الذي يلازمني سواء كنت أمام الحاسوب أو في حضرة القصيدة.
□ هل لا تزال تؤمن أن الكتابة تأتي عبر الإلهام؟
■ الكتابة ممارسة يومية، والإيمان بأنها إلهام يسقط المبدع في الاستيهامات التي لا تنتهي. أومن بأن النص مفهوم إجرائي يحتاج للفعل أكثر مما يحتاج لأفق انتظار واهم، يحتاج للخيال الواسع كما يحتاج للمرجعيات المتعددة، يحتاج للقراءة المستمرة والمتواصلة، كما أنه يحتاج للإنفتاح على الأفاق المتعددة للتجارب الإنسانية إبداعا وسلوكا وحضارات.
□ عكس ما يعتقده البعض من أن الشعراء هم أكثر بوهيمية ويتميزون بعدم الانضباط ...لكن بالموازاة هناك من يرى أن الشعراء هم بطبعهم ميالين إلى الرقة والسمو للبحث عن الجمال والأبدية... كيف تنظر إلى هذه الرؤية والتي أريدك أن توضحها أكثر ؟
■ ليس الشعراء فحسب، كل المبدعين مسكونين بالانتصار إلى قيم الجمال والعدل واستشراف المستقبل الأجمل والأفضل، وهذه من بين وظائف الأدب الأساسية والإستراتيجية في آن، حتى وإن أتت نصوصهم أحيانا بمضامين ومحتويات سوداوية وقاتمة فالهدف هو نقد هذا الوضع، تصحيحه إن أمكن ولو بمفردة، وهذا ليس بالضرورة أضعف الإيمان فقد يكون أقواها. البوهيمية كفلسفة وتوجه خاص في الممارسة الحياتية، هي اختيار فردي للتعاطي مع تناقضات اليومي تضمن للمبدع ممارسة حريته بعيدا عن نمطية السائد والجاهز، هي ليست سيئة، شخصيا أحب هؤلاء المبدعين البوهميين، لكني لم أعد قادرا على مسايرة إيقاعهم الحياتي الجميل والباذخ لاكراهات أساسها أن لي أبناء ولديهم مواعيد دقيقة تخص ناقوس المدرسة.
□ ما هو السر الذي يميز تجربتك الشعرية ويجعلك تميل إلى قصيدة التفاصيل والأشياء الأقرب إلى سيرتك الذاتية ؟
■ الأساس هو أني أخوض في غمار الشعر بكل ما أوتيت من قوة الصورة والمتخيل، والفعل، والرؤية للعالم والتفاصيل والكون والحياة التي تٌكتب لهذه النصوص التي أنسجها، وبمعنى آخر تصبح عندي الكتابة الشعرية مسؤولية وليست ترفا ذهنيا أو تمارين في الكتابة. أحيانا أذهب إلى القصيدة كما لو أني ذاهب إلى الوظيفة، وهذا ليس من باب الاستعارة بل هو من باب الإخلاص والوفاء. هذا منطلقي، ولسنوات أسير على هذا النهج، وبهذا المعنى-أيضا- يصبح الشعر سيرة حياتية في اليومي والمعيش.
□ هل الشعر له مستقبل مع الشبكة العنكبوتبة ؟
■ مستقبل الشعر في قوة مضامينه، في استشرافه للمستقبل، في استيعابه للقلق الإنساني والوجودي، في انتصاره لقيم العدل والجمال كما أسلفنا.التقنية قد تفيد فقط في سعة الذيوع والانتشار، وأعتقد هذا هو دور الشبكة العنكبوتية.
□ أنت ابن مدينة أصيلة وأعطيت الشيء الكثير لهذه المدينة...وماذا أعطتك هذه المدينة؟
■ أصيلة من المدن الملتبسة في التاريخ البشري، مدينة مستعصية على الفهم، ليس من السهل اختراق خصوصياتها. ظاهريا قد تبدو جميلة ومذهلة، في جوهر حياتها اليومية، العادية والبسيطة وهي ليست كذلك – للأسف البالغ والشديد- بل هي قاسية إلى حد الألم وحظها جارح، يعرف ذلك جيدا من يكتوون بلا جدواها في الانتماء إلى المستقبل وآفاقه المرتبطة عضويا بما هو تنموي اقتصاديا وثقافيا، أقصد سكان المدينة طبعا.فـ: "نيرون" أحرق روما لكي يستمتع بضوئها،أو فقط ليراها وهي تضيء.تمة من فعل بأصيلة الأمر نفسه وكأن التاريخ يعيد نفسه للمرة الثانية وفي شكل ملهاة هذا مؤكد وفعل حاصل، حاول أن يجعل منها مدينة فاضلة على غرار "طوباويات" أفلاطون، فيما المدينة برمتها أصبحت عنده بمثابة مصحة نفسية تعالجه من جنون العظمة والحالات القصوى للاكتئاب التي ربما تعتريه خصوصا في الصيف، والآن الشمس على أطراف النخيل ولا أحد يتكهن بما يمكن أن يحدث في المستقبل.
للحقيقة المدينة أعطتني أكثر مما قدمت لها،أعطتني القدرة على الفعل والإبداع وهذا رأسمال لا يفنى، فيما تركتها لأسباب تتعلق بأسباب الرزق والعيش وسبلهما، لكني على صلة دائمة بها، وأحن إليها دوما.
□ هل تعتقد أن الشعر إلزام عليه أن ينصف ويكون إلى جانب القضايا الكبرى والمصيرية؟
■ كل القضايا التي يتقاطع معها الشعر كبيرة ومصيرية، بما فيها القضايا الذاتية، الحميمية والخاصة جدا، الشعر يعكس بالضرورة قلق الإنسان فوق اليابسة، ويفصح بقوة النص عن فحوى هذا القلق، الذي يشبه إلى حد كبير مصير الإنسان والبشرية.
□ كثير من الشعراء الذين كانوا معك منذ بدأت الكتابة والنشر أين اختفت أصواتهم؟
■ كثيرا ما كنت أطرح هذا السؤال على نفسي، كان هناك العديد من الشعراء من جيلي تستهويهم القصيدة إلى حد الثمالة والدهشة، كانوا منشغلين بها ويحيون باستعاراتها، عاد الذين ماتوا منهم، وكانوا شعراء جيدين أو كما يقال شعراء بكل ما تحمله الكلمة من معنى، على سبيل المثال الشاعر الراحل أحمد بركات والشاعر الراحل كريم حوماري وآخرون... ما تبقى منهم من الأحياء لا أعرف ماذا فعلت بهم سبل الحياة، أحيانا نلتقي في مناسبات وهي نادرة على كل حال نستحضر عبرها ماضينا المشترك في صياغة أفق للقصيدة المغربية، لكن وحتى الآن لا أعرف دافعهم في التوقف عن الكتابة.
□ الإعلام الثقافي المغربي (الورقي) بدأ يؤمن بالتدريج بعالم النشر الالكتروني وإن كان ذلك جد متأخر ما مستقبل الثقافة المغربية مع هذا العالم الافتراضي؟
■ في المغرب حظ الإعلام الثقافي الورقي جارح، لا أحد اهتم لأمره، ولا أحد دعمه. وظلت كل المبادرات فردية، ولهذا الاعتبار لم تعمر طويلا-أقصد هذه المبادرات والتجارب-، وهناك من لا يزال يحاول ويخوض غمار التجربة باعتماده على إمكانياته المادية والذاتية.
مع تجربة الثورة الرقمية أصبح من الممكن إصدار مجلة أو جريدة أو نشرة أو حتى حكومة أو دولة افتراضية طبعا-يضحك- بأقل ما يمكن من الإمكانيات، المادية أقصد،لأن الإمكانيات البشرية هي الضامنة لاستمرار هذا المشروع أو الطموح وهذا يعني أنها هي الأخرى تحتاج لحوافز، حوافز مادية بالأساس حتى تستمر هذه التجربة وتتواصل –للأسف هذا لا يحدث إلا عند بعض المواقع المحظوظة وهي نادرة في كل الأحوال حتى لا نقول شبه منعدمة ولكن الرهان يبقى مفتوحا على المستقبل.
أما في المغرب فحتى التشريع القانوني لترخيص المواقع الاليكترونية غير موجود وإلى الآن، وهذا تخلف واضح تتحمل فيه وزارة الإعلام كل المسؤولية لأنها لم تبدل أي مجهود يذكر لمسايرة ركب التطور وروح العصر، وهذا مشكل أخر. الأكيد أن للمواقع الاليكترونية في المغرب بما فيها المواقع الثقافية مستقبل ينتظرها، وهذا لن يتأتى إلا في ظل العشر سنوات القادمة بمعنى أننا نحتاج لتراكم كمي أولا لنصل إلى الكيف الذي سيميز هذه التجربة وهذا المسار.
وأعتقد أن المشكلة في جوهرها ليس الاعتراف حتى وإن كان هذا الاعتراف متبادلا بين الورقي والاليكتروني، المشكلة تكمن في كيفية الانتقال من الممارسة الثقافية العادية إلى أخرى مؤسساتية وهذا هو الإشكال؟
□ أنت الملقب بالطفل البحري ... أين وصل بك هذا الطفل مع الشعر ؟
■ لا يزال ينادمني، أعرف أنه لم يعد مشاغبا كما السابق، لكنه يصر أن يحاكي ما يعتريني من قلق وجودي وفوضى عارمة قد أسميها مجازا ما تبقى لي من العمر وأرصفة الحياة بالإضافة إلى كونه أصبح الآن رصينا يميل إلى الصمت ويبتعد عن الضوضاء أو لنقل بصورة أخرى إنه أضحى كركدنا بريا. ولو أننا لم نعد نلتقي كثيرا فأنا أحن إليه وأحن إلى أيام العمر الباذخة التي لم نكن أنا وهو – بالطبع- نعير حينها للزمان أي انتباه.. تصور كم افتقدته الآن، لم أعد أراه إلا في مناسبات قليلة، لكن في يوم ما سيعاودنا الوصال لنراجع معا شعب العمر ونرثيه بمحبة.
□ لم يعد اليوم الحديث عن مسألة المجايلة في الشعر المغربي بنفس الحدة التي كانت في السنوات الأخيرة من القرن الماضي. ما الأفق الذي أضافه جيل الثمانينيات للقصيدة؟
■ بهذا المعنى نفهم أن النقاد، وخاصة نقاد الشعر، لم يعد مفهوم الأجيال والمجايلة وإسهامات كل جيل في مواصلة التراكم الإبداعي في مسار القصيدة المغربية الحديثة موضوعا على رأس قائمة أجندة اهتماماتهم النقدية، وفي كل الأحوال هذا يدخل في صلب عمل النقاد لا الشعراء، ولا يمكن أن نعتدي على صلاحيات إستراتيجيتهم النقدية.
التراكم النصي لجيل الثمانينيات من شعراء القصيدة المغربية كان مفصليا إلى حد كبير، ومعهم كبر أفق القصيدة اتسع وتمادى وتجاوز القطرية إلى ما هو أفسح وأرحب وهذا معطى موضوعي وليس كلاما للدعاية أو الاستهلاك المجاني أو حتى الإشهاري منه، وأصبح للشعر المغربي معنى دالا وحضور رصين وأساسي وفعال، تطورت القصيدة المغربية بمجهود هؤلاء، وبخلفيات متعددة ومتنوعة، نوعية وإبداعية في المتخيل والصورة وتجريب الاستعارات الحداثية، وفي تكريس بلاغة مستمدة من روح العصر وتجلياته، وهذا ما ساعد بشكل كبير شعراء العقود التي أتت فيما بعد في تطوير وتفعيل المشهد الشعري المغربي الذي لم تعد التجربة المشرقية وحدها أفقه الوحيد بل أصبح بآفاق لامتناهية تعكس تعددية تركيبته المجتمعية الثقافية.
□ كانت لك أيادي بيضاء أغنيت فيها الساحة الثقافية في أكثر من مرة من خلال مبادراتك الإعلامية والثقافية منه إصدارك لمجلة مرافئ، وأخيرا البوصلة، كل ذلك كيف تنظر للتجاوب الذي وجدته من قبل المثقفين ؟
■ على المبدع أن يساهم في إثراء المشهد الثقافي والإبداعي الذي ينتمي إليه، سواء بالحضور أو الفعل أو خلق روح المبادرة هذا ما كنت أحاول ولازلت أن أرسخه كفعل وتقليد، لا أعتبر نفسي ناجحا بما يكفي، لكني لا أمنع نفسي من الممانعة والمقاومة، ومواصلة نفس الفعل ودائما انسجاما مع أفقي الثقافي والفكري والإبداعي.
□ أنت من مؤسسي موقع البوصلة ... والتي صار له اليوم موقع وحضور لافت للانتباه، لكن ما هي أهم المشكلات التي تواجهك وكيف صرت تتحداها ليستمر هذا الموقع بكامل حيوته ونشاطه ؟
البوصلة جاءت من روح المبادرة التي أعلناها ذات مساء ونحن في مقهى أنا وصديقي الشاعر محسن العتيقي أكيد أننا واصلنا النقاش حول الفكرة في فضاءات أوسع وأرحب، المبادرة بدأت بسيطة كفكرة وهو الانتصار لقيم الجمال، والاحتفاء بالنص الحداثي، والعمل انسجاما مع نفس روح المبادرة أن يكون للمغرب حضورا في هذا العالم الافتراضي اللامتناهي. لاينقصنا الآن سوى جهة داعمة حتى يستمر هذا المشروع ويتطور، وهو الحظ الذي لم يحالفنا لحدود اليوم. في موازاة ذلك نصر أن نواصل هذا الحلم بكل أوتينا من قوة الفعل الإبداعي والفني وثبات الروح المغامرة.
================================================
أجرى الحوار:: عبدالحق بن رحمون
Azzaman International Newspaper - issue 3577 Date 26/4/2010.
جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3577 - التاريخ 26/4/2010
التعليقات (0)