رجل بألف رجل
الشاعر الدكتور شهاب غانم يتحدث لـ ايلاف :
مشروع ( كلمة ) حضاري يعيد إلى الأذهان زمن العباسيين ،،
لا أعرف الكثير عن القصيدة الشعبية وأنا مع تفصيحها ..
العالم العربي يعاني من أزمة تخلف وليس فقط أزمة في الحركة الأدبية والإبداعية !! ..
----------------------------------------
حوار أجراه : عمر محمد شريقي
----------------------------------------------------------------------
يقال بأن أجمل الحوارات هي التي يحتويك بها الضيف بكل إجابة ، وعندما التقيت بالشاعر الدكتور شهاب غانم في حوار خاص كان فيه الهدوء حاضرا كأناقته المتميزة في أسلوبه الجذاب والتي عكس على جو الحوار ، وشاعرنا حقق لتجربته الأدبية بعدا أشمل من محيطه وفي هذا الحوار تحدث فيه عن مشوار من الشعر وكشف لنا فيه الكثير من الآراء الأدبية والخاصة وبهذا يكون شهر ابريل مميز بحضور هذا الاسم المتميز :
اسمحوا لي سيدي أن أحييكم أجمل تحية وأبدأ حواري معكم بسؤال حضرتكم تكتبون الشعر بنفس فكري وفلسفي ، فهل هذا هو بالنسبة لكم فلسفة أم فكرة أم هما الاثنان معا ؟
في بعض قصائدي هناك نفس تأملي وهذا أمر موجود عند عدد من الشعراء العرب والأجانب. وهو يظهر بوضوح عند شعراء أمثال زهير بن أبي سلمى والمتنبي وأبي العلاء المعري وإيليا أبي ماضي وغيرهم. الشعراء كثيرا ما يفكرون في الأسئلة الوجودية الكبرى وأسئلة الحياة ويتحدثون عن الحق العدل والحب والجمال وكل هذه الأسئلة تخطر لي في عالم نحن فيه كعرب ومسلمين نعاني الأمرّين من الأجنبي ومن القريب ولكن من أنفسنا أيضا وعدم محاولتنا النهوض من كبواتنا الفردية والجماعية
كيف تكتب الشعر أو بمعنى آخر كيف يغريك الشعر ؟
الشعر في الواقع يأتي بنفسه ويحاول إغراء الشاعر ببيت أو أكثر يخطر له وبجمال ذلك البيت أو بفكرته الشعرية وكثيرا ما أتكاسل عن تسجيل تلك اللمحة الشعرية فتضيع القصيدة. وقد أسجل ما عنّ لي وربما أكمل تلك الأبيات فتصبح مقطوعة أو قصيدة وربما لاأتمكن من إكمالها. وأحيانا في حالات نادة تفرض القصيدة نفسها وتنهال بعض الأبيات بشيء من السهولة والتدفق والعفوية.
شهدت الحركة الثقافية الإماراتية نقلة نوعية من خلال مبادرة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي بمشروع ( كلمة ) والذي هو إسهام حضاري ثقافي ،، ماذا تقول في ذلك ؟
مشروع ( كلمة ) مشروع حضاري هام جدا بمبادرة من سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي لترجمة مختارات من أهم المؤلفات العالمية العلمية والأدبية إلى العربية فهو بهذا يعيد إلى الأذهان مشروع المأمون بيت الحكمة في زمن العباسيين ومشروع محمد علي مدرسة الألسن في مطلع عصر النهضة بمصر لترجمة ما أنتجه الآخرون ، ومشروع كلمة في مرحلة مقبلة أيضا سيقوم بترجمة مختارات من نتاج العرب إلى اللغات الحية وقد نشر لي المشروع منذ أيام كتابا مترجما مـــن الشعر الهندي بعنوان ( كيف انتحر مايكوفسكس ) ويشرف على المشروع الصديق الشاعر الناقد الدكتور علي بن تميم ، وهناك مشروع هام آخر بعنوان ( ترجم ) في دبي بمبادرة من صاحب السمو الشيخ الشاعر محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء ويشرف على المشروع الصديق الأديب ياسر حارب ويساعده الصديق الشاعر علي الشعالي .
نلاحظ أن القصيدة الشعبية اتجهت إلى التفصيح والرمزية والحداثة ،، كيف ترى هذا اللون من الكتابة وهل أنت معها أو ضدها ،، ولماذا ؟
أعترف بأنني لا أعرف الكثير عن القصيدة الشعبية ولا أقدر على كتابتها وأنا مع تفصيح القصيدة الشعبية وتحديث مضامينها وأساليبها لتصبح في متناول القارئ العربي في كل مكان.
برأيك القصيدة الشعبية هل هي متصدرة في المكتبة العربية ؟
لا أظنها تتصدره ولكنها نالت اهتماما كبيرا في السنوات الأخيرة وصارت لها مجلات وبرامج وجوائز كبرى مثل شاعر المليون ويكتبها بعض كبار الأمراء والشيوخ ولها جمهور كبير خصوصا في دول الخليج واليمن وهناك كثير من الشعراء الذين يجيدونها ويجيدون إلقاء شعرهم ويمكن لشخص مثلي أن يستمتع بسماعها أكثر من قراءتها.
من خلال البحث عن حضرتك وما كتبت من شعر وأدب وترجمة وجدت الشاعر شهاب غانم بألف رجل في آن واحد ،، كيف تستطيع تقسيم نفسك ما بين عملك الوظيفي وبين الشعر والأدب والترجمة ؟
دراساتي كانت متنوعة بين بعض فروع الهندسة والإدارة والإقتصاد والصناعة. أما الشعر فقد كان صديقي طوال عمري منذ المدرسة الابتدائية أقرأه وأحفظه ثم في المدرسة الثانوية بدأت محاولاتي في كتابته واستمر الأمر حتى يومنا هذا. أما كتاباتي النثرية فبدأت في النصف الثاني من السبعينيات في شكل مقالات ذات طابع نقدي في الصحف والمجلات. اما ترجمة الشعر فبدأتها منذ مطلع التسعينيات واستمرت عقدين حتى الآن أترجم فيها الشعر العربي المعاصر إلى الإنكليزية ونماذج من الشعر الأجنبي إلى العربية. طبعا أنا تعودت أن أعمل بجدية ساعات طويلة معظم الأيام ولذلك استطعت أن أحتل وظائف رئيسية في مجال الهندسة والإدارة والإقتصاد وأقرا يوميا في كتب ومجلات وصحف مواضيع تتعلق بالوظيفة والشعر والأدب وأن أكتب أيضا بحيث صار لدي اليوم أكثر من اربعين كتابا منها أكثر من 10 بالإنكليزية.
ألا تعتقد أن الإعلام الامارتي مقصّر بحقك ؟
انني أنال قسطا طيبا من اهتمام وسائل الإعلام الأماراتية من صحف عربية وإنكليزية وتلفزيون وإذاعة كما أنال اهتماما من بعض الإعلام الأجنبي مثل الإعلام الهندي في كيرالا حيث أحظى باهتمام أكثر من أي شاعر عربي على الإطلاق. وقد ترجم شعري إلى الماليالم ونشر في كتاب هناك وبذلك أكون أول شاعر عربي ينال مثل ذلك الإهتمام كما كانت صورتي صورة الغلاف لإحدى المجلات وظهرت في الصفحة الأولى لبعض الصحف ، وعلى سبيل المثال فخلال شهر مارس الجاري ظهرتُ في التلفزيون والإذاعة وفي مجلات مثل اليمامة وهذه أعطتني 5 هذه صفحات من التغطية وقبلها مجلة الشروق ايضا خمس صفحات ودبي الثقافية التي نشرت لي كتاب الشهر الذي وزع مجانا مع المجلة بعنوان قصائد من شعراء جائزة نوبل وهي تنشر لي في كل عدد قصيدة مترجمة ومجلة جواهر تنشر لي في كل عدد مقال في صفحتين وكذلك مقالات في صحيفة الخليج وفي صحيفة 26 سبتمبر والخليج تايمز ومجلة الرافد ، وشاركت في محاضرة وأمسية شعرية في النادي الإيراني ونشرت أخبار وحوارات كثيرة معي في خمس صحف مختلفة وفي معرض الكتاب بأبوظبي عرضت لي 6 كتب جديدة في آن واحد فالحمد لله على كل ذلك. والإنتاج الجاد هو المهم في نظري أكثر من الإعلام والدعاية بل وحتى الجوائز.
يقال أن كل من يعيش في الخليج يتأثر بسلطة الشعر ،، إلى أي مدى أثر الشعر على نفسية شاعرنا شهاب غانم ؟
ليس في الخليج فحسب بل كل العالم العربي فالإنسان العربي ما زال يهتم بالشعر أما في الغرب فقد تضاءل الاهتمام به. ولكن اهتمامي الشخصي المتواصل بالشعر مستمر منذ الطفولة.
من خلال كتاباتك ومؤلفاتك الكثيرة جدا هل النقد تناول تجربتك بشكل ويليق بسمعة شاعر عريق ؟
في العالم العربي معظم النقد هو نقد صحفي سريع وأنا نلت من ذلك قسطا لا بأس به وفي أعمالي الشعرية الكاملة التي صدرت هذا الشهر مقتطفات من أكثر من مئة ناقد كتبوا عن تجربتي الشعرية خلال العقود الماضية وبعض ما كتبوه أفكار عميقة أفادتني. ولكن النقد في شكل كتب وأطروحات ما آمل أن يحظى به شعري في المستقبل. والحقيقة ان علاقاتي مع النقاد والأساتذة قليلة كما انني لا أنتمي إلى أية شلل وعلى كل فالنقد في الوطن العربي يركز على أسماء قليلة بارزة لها نجومية حتى في دول مثل مصر ولبنان فكيف بالإمارات.
جوانب الحركة الأدبية العربية تعاني من أزمة تؤثر على كافة دارسين من إبداع وغيره ،، كيف تقيم هذه الظاهرة ؟
العالم العربي يعاني من أزمة تخلف وليس فقط أزمة في الخركة الأدبية والإبداعية وتنسحب الأزمة على المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والعلمية إلخ. ولكن بانتشار التعليم ووسائل الاتصالات وانتشار الانترنت والقنوات الفضائية وازدياد الوعي يبدو ان الأمور قد تتغير وآمل ذلك وعلى كل واحد منا أن يقدم أقصى ما يستطيع. يجب ألا ننسى أن إسرائيل لم تستطع أن تهزم المقاومة في لبنان وغزة وهذه من مظاهر تغير الصورة القاتمة.
من خلال هذه الأعمال الضخمة لكم ،، ما الذي حققته تحديدا في الترجمة وماذا أثمرت ذهنك ومخيلتك وإحساسك العالي ؟
مشروعي في الترجمة مقتصر على ترجمة الشعر وبدأ عفويا عام 1990 عندما طلبت مني إحدى الصحف أن أقدم ترجمة لإحدى قصائدي أسبعيا ولكني وسعت الأمر بحيث قدمت ترجمات للشعراء الإماراتيين والعرب أيضا وجمعت ذلك في نحو عشر مجموعات وأيضا بدأت ترجمة الشعر الأجنبي إلى العربية بانتظام في بعض الصحف والمجلات وخاصة بعد صدور مجلتي الصدى ودبي الثقافية وتجمعت لدي ست مجموعات. وكل هذه الترجمات نالت رضى القراء واكتسبت خبرة وثقة في ترجمة نماذج متميزة قابلة للترجمة.
إلى أي حد هو الناقد الإماراتي صديق للشاعر الإماراتي ؟
النقاد الإماراتيون قليلون وما كتبوه عني كان إيجابيا. ولكن هناك كثير من الأساتذة العرب الذين يعملون في جامعات الإمارات وفي الصحف الإماراتية وكثير من هؤلاء كتبوا عن تجاربي في الشعر والترجمة إيجابيا أيضا ولهم جميعا جزيل شكري.
هل الشعر الإماراتي بخير وصحة جيدة ؟
الشعر الإماراتي مثل الشعر في العالم العربي فيه الغث والسمين وهناك شعراء متميزون في الفصيح والشعبي ولن أذكر الأسماء لكي لا أنسى أحدا ولكن في العام الماضي أصدرت كتابا تناول عشرة شعراء إماراتيين راحلين متميزين وصدر الكتاب عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي نشرت عددا من كتبي وآخرها أعمالي الشعرية الكاملة في معرض الكتاب بأبوظبي فلها الشكر على جهودها في سبيل الثقافة والتراث.
التعليقات (0)