"الأزهر الفيروزي عجيري" شاعري جزائر طالع من ملح الأرض ومسكون بالفجائع، ولعل أول فجيعة سكنته ولازمته هي تلك التي اشتق منها مُسمّاه "فيروز" فكان الفيروزيّ.. التقيته منذ أيام، وحدّثني عن فكرته "المجنونة في أن يعرض دواوينه، التي أصدرها مؤخرا، للناس في الشوارع، ويصافح مختلف فئات المجتمع ويحرّضهم على القراءة من "يديّ الشاعر".. كنت واثقا أنه سيفعلها فهو "الفيروزي" ولكن أن ينجح فتلك مسالة أخرى لا سيما ونحن في الجزائر وعلاقة الشاعر بمجتمعه لها ألف حكاية وعلاقة الناس بالشعر حكاية أخرى.. وفي حدود معرفتي ان الشاعر التونسي "نصر سامي" بادر بـ"السوق الإبداعية" التي تطوف المدون وتعرض الإبداعات في الأماكن العامة، وقد نجح سامي ولاقت مبادرته قبولا جماهيريا كبيرا جدا.. واليوم أنا أتصفّح الفيسبوك، وقعت على ما دوّنه الشاعر الفيروزي عن تجربته الأولى في "الشاعر الجوّال"، وشدّني ما كتبه وها أنا أثبته بحرفيته لعله يفتح نقاشا فيسبوكيا او في فضاءات أخرى حول "الشاعر الجوّال" الذي يطوف بأشعاره و"يسوّق" دواوينه بين عموم الناس وفي الأماكن العامة المفتوحة، وليت مديريات الثقافة تنتبه للأمر وتؤسس لهذه "الثقافة" وتسهم في تذليل بعض الصعاب التي قد تعترض طريق الشعراء في تجوالهم.. وأترك القارئ مع ما كتبه الشاعر "الأزهر الفيروزي عجيري":
"أيها الأصدقاء.. كانت الرحلة إلى سطيف موفقة للغاية. ونجحت تجربة الشاعر الجوال. وكان فضاء حديقة التسلية المفتوح ركحا للتواصل بيني وبين القراء المتعطشين. وكأنهم لأول مرة يرون شاعرا على الأرض. وهم يتساءلون أسئلتهم البريئة.. ما معنى البيع بالإهداء؟- أنت كتبت هذه الأشعار؟- هذه الدواوين الثلاثة من تأليفك أستاذ؟- من تكون فيروز هاته؟- وهم يتصفحون الدواوين. ويتذوقون-من مختلف الأعمار من الجنسين-. حتى بعض العجائز يقرؤون.- وقّع لي أستاذ.. اسمي فلان-فلانة-. وقع باسم فلانة حبيبتي.. باسم أستاذي... ، وفي ساعتين نفدت الكمية التي أخذتها معي (وكانت معتبرة)-
أول ما نفد "دموع النخلة العاشقة"، فمن قال أن الجزائريين لا يحبون؟- وبعده ديوان المعدمين، فمن قال أنهم لا يضحكون، و بعده فلسفة شعيب لخديم، فمن قال أنهم لا يفهمون؟.
كان حلم الشاعر الجوال مجرد رأي ناقشت فيه صديقنا جمال صمادي ذات سنة. وها هو يكلل بالنجاح في أول خرجة. لذلك أتمنى أن أوفق في تعميم التجربة على باقي ولايات الوطن. أيها الكتاب.. الأدب في بلادي مازال بألف خير فانزلوا إلى قرائكم، ولا تخجلوا من عرض إبداعكم.. فها هو بائع السجائر و الشمة لا يخجل-وها هو بائع ملابس الخردة الداخلية لا يخجل. وبائع الأغاني الساقطة يروجها بمكبرات الصوت ولا يخجل-. يجب أن نصنع مجدنا بأيدينا.. كيف يعجز مبدع عن تسويق حمس مائة أو ألف نسخة من ديوانه، ولا يعجز بائع الشمة عن بيع مئات الأكياس في اليوم الواحد.. لا تلقوا اللوم على القراء، إنهم يقرؤون وبنهم كبير.. اقتربوا منهم وسترون/لا أخفيكم سرا كي أقول لكم أنني سحبت ثمان مائة نسخة من إصداراتي الأخيرة و لست متخوفا إطلاقا من تسويقها.."
سطيف: من أكبر المدن الجزائرية وأجملها، تقع في الشرق الجزائري.
الشمة: نوع من التبغ لا يدخّن ولكنه يُوضع في الفم تحت الشفاه..
انظر ضربة حرف
التعليقات (0)