- الجمال كمفردة وكصورة ومعنى، هو أقصى الفنون والإبداع
- هكذا أنا أشدّ حنينا لموطني وبلدتي بل وحارتي،
-------------------------------------
الشاعرة ميساء زيدان عزفت على قيثارة الوطن الجميلة وترنمت بدمشق بلغة تشبه الحنين وتحاكي الوجع .. لها حضورها المتحقق ثقافيا من خلال كتاباتها ومشاركاتها الشعرية المتفردة إضافة إلى حضورها الإعلامي في الصحف المحلية من خلال قصائدها كما شاركت في حضور مؤتمرات وفعاليات ثقافية عديدة .. أصدرت حتى الآن ثلاثة دواوين شعرية جميلة وتستعد لنشر ديوانها الرابع قريبا..
بدأت الشاعرة ميساء مع الشعر منذ طفولتها فكانت بدايات خجولة كما فيها من الخوف أن اكتشف عن موهبتها والدها وعمها الذين شجعاها ، وكذلك من خلال مشاركاتها المدرسية والنشاطات في المهرجانات أكسبتها الخبرة ودوام التواصل مع الشعر والقراءة لكبار الشعراء ، ومن ثم تبلورت فكرة الشعر وازداد تولعها من خلال صداقاتها للشعراء والشاعرات وكذلك مواكبتها للساحة الشعرية العربية الى أن أصبحت لها هويتها الخاصة بملامح شعرية مميزة .
وللشاعرة ميساء ثلاثة دواوين مطبوعة هم (شريك لك في القلب) صدر عن المركز الثقافي في دمشق-بابل- القاهرة سنة 2016م والثاني بعنوان (مهراً لحريتي) عن نفس المركز سنة 2017م. وكتب فيهما عدد من النقاد العرب كما تصدّر ديوانها الثاني مقدمة نقدية مهمة كتبها الناقد العراقي الدكتور وليد جاسم الزبيدي. وحديث الياسمين كما يوجد لديها ديوانا رابعا مخطوط بانتظار الطبع في المستقبل القريب ان شاء الله.
تعالوا نتابع معها هذا الحوار :
حاورها : عمر شريقي
** هل أنصفك الأعلام في تسليط الضوء على شعرك عموما وفي سورية خصوصا ؟
في الواقع، مازلتُ أعاني في بلدي من عدم تسليط الضوء على نتاجي ونشاطاتي، فلقد عرفني جمهوري العربي الكبير من المحيط الى الخليج ، وكتب عني نقّاد عرب، وتم توجيه دعوات من دول عربية، لكني في بلدي مازال الاعلام لم ينصفني بعد، عدا لقاءات قليلة معدودة في التلفاز ومشاركات متواضعة هنا وهناك في الصحف ، أتمنى من الاعلام في بلدي أن يضيء جوانب نتاجي الشعري مثلما تقوم به مؤسسات اعلامية عربية كبيرة بهذا الخصوص حيث نشرت لي صحف ومجلات في العراق والقاهرة وتونس ولبنان واليوم أتشرف بلقائي بكم في دولة الامارات العربية المتحدة
** حضرتك شاركت في مسابقات وأمسيات شعرية كثيرة في بلدان عربية برأيك هل يمكن أن يكون الشاعر خير سفير لبلده ؟
الشاعر لسان حال قومه ، يمثل فرد، و يمثل حالة، بل هو وجه المجتمع، لذلك في عصر ما قبل الاسلام، كانت القبيلة تحتفل وتدعو كل القبائل الى الولائم اذا ما ولدَ فيها شاعر، لأن الشاعر أهم من الفارس، فهو المدافع والحامي للقبيلة، والآن وفي التطور الحضاري المجتمع وتكوين الدول العصرية، أصبحت مهمة الشاعر أكبر وأسمى، نعم هو سفير بلاده، وهو لسان حال مجتمعه، وهو صورة الوطن.
** ميساء يقال انها شاعرة الجمال ،، الى أي حد تأثر الجمال في قصائدك ،، و كيف تكتبين القصيدة ؟ أم هي تكتبك ؟
الجمال كمفردة وكصورة ومعنى، هو أقصى الفنون والابداع، ومنْ لم يتأثر بالجمال ليس هو بموسيقي ولا رسّام و نحّات و مطرب ولا شاعر، من الجمال نخلق ونبتكر، بل علينا ان نصوغ الجمال في مفردات الحياة ، لأن الحياة كما ترى ويرى الناس فيه من الخراب والدمار الكثير الكثير، وما علينا إلا أن نزرع الورد والجمال في كل ناحية . أما كتابة القصيدة، لا أتصور أن تكون القصيدة هي منْ تكتب أو تملي، وبالتالي يكون الشاعر أو الشاعرة فقط ماكنة أو آلة للطبع والاستنساخ، أبداً، هذا غير وارد، فالشاعر هو منْ يخلق القصيدة، وهذا يتوقف على الموقف والحادث والانفعال والاحساس وكذلك ثقافة الشاعر، وكيف يتصرف بالكتابة في ولادة النص، بل أين يضع الفارزة والنقطة، وأين ينتهي المقطع وكيف يبدأ وكيف ينتهي، كل هذا يتطلب أعمال الفكر والاجتهاد في سبيل كتابة القصيدة، فالكتابة حريق ومغامرة كبيرة تتطلب ربّان ماهر يستطيع التحكم بكل خيوطها وحبالها وأدواتها.
** أيهما برأيك اقرب في كتابة شعر الغزل المرأة الشاعرة أم الرجل؟
الكتابة والإبداع لا يرتبطا بجنس ، أعني بالرجل أو المرأة، فالرسم والتمثيل والفنون الأخرى، كذلك الشعر والكتابة بأي غرض من أغراضه سواء الغزل أو الرثاء أو الوصف أو غيرها تعتمد على موهبة وذكاء وأدوات الشاعر أو الشاعرة وكيفية التصرف بالنص، وارتباط ذلك بالأحاسيس والمشاعر ، فهناك شعراء كتبوا في المرأة أكثر مما تحسه المرأة ذاتها ، ومثالنا على ذلك شاعرنا الكبير (نزار قباني) لكن هناك من الشاعرات منْ كتبن في ذلك وبرزن في ساحات الشعر، وقد أثبتت المرأة مقدرتها الشاعرية في مختلف الأغراض والفنون.
** كيف تعالج الشاعرة ميساء زيدان قضية المرأة في شعرها بعيدا عن ذاتها الأنثوية وهل استطاعت أن تنصفها أم لا ؟
نعم ، المرأة ، وما أدراك ما المرأة في شعر ميساء زيدان؟ قضية المرأة هي قضيتي ، بل ويمكن للباحث والدارس والناقد أن يكتب عن المرأة في شعري، فلقد كتبتُ عن قضايا المرأة وليس عن قضية واحدة، لأن المرأة أكثر تحسساً وأكثر تفاعلاً من الرجل بقضاياها لأنني صاحبة قضية، ولطالما كتبتُ قصائد ونصوص وكذلك شاركتُ في مهرجانات وقد ألقيت العديد من القصائد بل أن قصائدي تكاد تكون معظمها عن المرأة وقضيتها ومشاعرها ومطاليبها، بل واشتركتُ في مسابقات ثقافية وأدبية وكانت قصائدي تحصد المرتبة الأولى في قضايا المرأة سواء كانت عمودي أو تفعيلة أونثر، ودليلي على ذلك ديواني الأول الذي يشكل صورة للمطالبة بحقوق المرأة واحاسيسها ، والأكثر وضوحاً ديواني الثاني الذي هو صرخة بلسان المرأة حيث يبدأ من العنوان (مهراً لحريتي)..
** إلى أية درجة أنت مرتبطة كشاعرة بالمكان وإلى أي حد يكون هذا المكان بارزاً في كلماتك..؟
المكان وميساء زيدان توأمان، لا أستطيع بدون مدينتي وبلدي أن أولد أو أعيش مثل السمكة اذا ما أخرجتها من الماء، هكذا أنا أشدّ حنينا لموطني وبلدتي بل وحارتي، حتى اذا ما ذهبت الى أي مكان آخر أحس بالغربة واذا ما رجعت أتنفس الصعداء لأني عدتُ حيثُ مكاني واستقراري بل والى ترتيب أفكاري والى الكتابة والابداع ، فالمكان هو الرّحم الطاهر الذي يحتضنني.
** الى أي مدى يمكن أن يوظف الشعر لخدمة القضايا الإنسانية؟
الشعر أداة عظيمة لو تستخدمها الشعوب والأمم فهي عطاء انساني ينبض بالسلام والأمن والحب بكل تفاصيلة وهو الرسالة العالمية لكل الناس وهو الأداة المؤثرة في زرع التسامح وفي الحروب أحيانا.. فهو سلاح ذو حدين، وعلى المجتمع والشعب والمؤسسات أن تتقن استخدامه ، لبناء المجتمعات وزراعة وغرس روح الانفتاح على الآخر وبناء جسور للصداقة والسلم المجتمعي ، كما وأن الشاعر أو الشاعرة أصحاب رسالة فعلينا أن نواكب العصر والمجتمع بكل أحداثه وحوادثه وأن يكون الشعر مرآةً للعصر.
** ما هو جديدك الان ؟ والى اين تريد ان تصل ميساء الشاعرة ؟
جديدي ، كل يوم لدي جديد، ولابد أن أشعر بذلك فالشعر لا يحب الركود والجمود بل يحتاج الى متابعة تكاد تكون يومية سواء قراءة أو كتابة أو مشاركة، ففي كل مرة أخرج الى جمهوري بجديدي الشعري حيث لا أكرر ذاتي و نفسي ولا ذائقتي بل تراني أتجدد وأستحدث مساحات جديدة للكتابة والألقاء والمشاركات.. أما أين اصل فالطموح مشروع لكل انسان ولكل انسان هدف ، وهدفي ألا أستمر بنفس الاتجاه أو بنفس الاسلوب ، فالابداع هو في الجنون واللامألوف. أتمنى أن تجد قصائدي الناقد والقاريء والمتلقي الذي ينصفني.
** ماذا تحلمين في المستقبل؟
أحلم أن تظل لغتنا العربية تخفق في سماوات الابداع وأن نطهر الشعر من المتشاعرين والمتشاعرات وأن تسود النظافة في الوسط الأدبي بعيدا عن الحسد والحقد . لأن عالم الأدب والشعر هو عالم السلام والتسامح والمحبة، كما وأحلم أن يكون ديواني ودواويني مترجمة الى لغات عالمية كي تكون في متناول يد المثقف أينما يكون..
** كلمة أخيرة ؟
في ختام اللقاء أقدم لكم كل كلمات الشكر والتقدير لجهودكم في الاعلام وما تقدمونه به من نشر الابداع العربي وكذلك مد جسور التواصل بين المثقفين العرب وهذا عمل جليل وكبير وفقكم الله ولكم مني كل المحبة وأسمى آيات السلام من بلدي سوريا ومن شعب سوريا ومن مثقفي وأدباء سوريا.
التعليقات (0)