مواضيع اليوم

الشارع السوداني في إنتظار الثورة

مصعب المشرّف

2011-10-06 11:21:11

0

الشارع السوداني في انتظار الثورة

 

 

 

 

الكاتب: علي بركيـــة

المصدر: Sudanvotes

يعيش الشارع السوداني حالة من السكون. تباينت الآراء في تحليل الدوافع والأسباب، وسكب مداد كثير عن صمت هذا الشارع رغم توافر كل الشروط الموضوعية للثورة... الشعب السوداني سبق كل الدول العربية في صناعة الثورات (أكتوبر 1964 - أبريل 1985)، ولكنه ظل رغم توالي كل المصائب عليه في حالة صمت وترقب. كثيرة هي الأسباب التي أخذت لتبرير الحالة السودانية.
.................
من بين هذه الأسباب ذُكر القمع الحكومي المكثف، تكسير كل أدوات وآليات العمل السياسي المدني المعارض بإستغلال إمكانات الدولة – الأمن والاقتصاد والإعلام، إضافة إلى حالة الضعف لدى قوى المعارضة المدنية – الأحزاب السياسية، حيث يعتقد على نطاق واسع خاصة لدى الشباب أن الأحزاب مخترقة من قبل الأجهزة الأمنية، وتعمل بعض قياداتها على تزويد الأجهزة الأمنية بكل تحركات المعارضة.

أسباب عدم تحرك الشارع السوداني، رغم توافر كل شروط الثورة ضد الحكم القائم، يرجعها بعض المراقبين إلى أسباب كثيرة تؤدي إلى فشل التظاهرات التي تدعو لها مجموعات شبابية، منها الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات، حيث أدى ذلك إلى سرعة تفريق التظاهرات وزرع الخوف في نفوس الكثيرين، وإحجام قطاعات كبيرة عن المشاركة.
..................
يقول الأستاذ محمد ضياء الدين الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الإشتراكي المعارض أنه "رغم توافر كل الظروف الموضوعية لصناعة حراك جماهيري، يحقق تطلعات الشعب السوداني في الحرية ومحاربة الفساد والإستبداد، ورغم أن التجربة السودانية سبقت التجربة العربية، إلا أن بعض النخب التقليدية المعارضة أصبحت جزءًا من الأزمة، وبالتالي لايمكن أن تكون جزءًا من الحل، تعمل ضمن أسباب أخرى على تعطيل الحراك الجماهيري".
ويضيف ضياء الدين: "هذه النخب تعايشت مع الدكتاتوريات لفترات طويلة، وتآلفت مع الفساد والإستبداد ولذلك تساهم في تعطيل قدرات الشارع السوداني في التعبير عن نفسه".
و يواصل الاستاذ ضياء الدين حديثه قائلا: "هذا طبعا بالإضافة للواقع السوداني المعقد واستمرار الحرب في عدة مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. عموما كل ما سبق سيعمل على زيادة الاحتقان في الشارع السوداني، الذي سينفجر دون أي توقيت معلوم، ولن تستطع أية قوى سياسية السيطرة عليه وقد ينزلق السودان نحو المجهول".
.................

وهناك من يرى أن حالة السكون والصمت في الشارع السوداني لا تعكس مدى نجاح الحكومة، بقدر ما تعكس حالة من الإحتقان وسط قوى التغيير قد تنفجر في أيه لحظة.
في سيكولوجية الجماهير يقال أنه مع مرور الوقت يتعود الناس على القهر والإذلال، بل ويصبح مطلبا نفسيا لهم. حكومة الإنقاذ لها أكثر من 22 عاما في السلطة، أجيال عديدة شبت وترعرعت في زمن الانقاذ وتحت تأثير الآلة الإعلامية لجهاز الدولة، ومع تطاول فترات الدكتاتورية تظهر بعض الصفات السالبة مثل السلبية و القابلية للإيحاء والاستهواء والاستلاب.
ورغم ذلك فمنطق الثورات يقول: "التضييق طويل الأمد على فئة الإصلاح مع تراكم الفساد والاستبداد لحقبةٍ طويلةٍ يأخذ المجتمع نحو لحظة انفجارٍ ثورية حتمية... وهي وإن كانت حتمية الحدوث إلا أنها مجهولة التوقيت".
.................

يقول الدكتور الحاج حمد محمد خير القيادي السابق بالحزب الشيوعي السوداني والأستاذ بجامعة الخرطوم "أن هناك عدة عوامل غير مرئية تساعد على إمتصاص غضب الشارع السوداني، من الناحية الاقتصادية تشكل تحويلات المغتربين السودانيين عامل اقتصادي مهم، حيث تبلغ هذه التحويلات حوالي مليار دولار تساعد العديد من الأسر على مواجهة غلاء الأسعار". ويضيف خير "هناك مشروعات التعدين الأهلي للذهب التي تمتص غضب وطاقة شريحة هامة، وهي شريحة الشباب".
................
من جانبها ترى الحكومة السودانية أنها محصنة ضد ثورة الربيع العربي، وأن ماحدث في تونس ومصر وليبيا يعزز مكانتها لدى الجماهير السودانية، لأن تلك الحكومات كانت مرتهنة بالكامل للخارج على عكس السودان الذي يقف في وجه الأمبريالية الدولية.
..........................

وكان الرئيس البشير قد استبعد في تصريحات صحفية سابقة قيام ثورة شعبية ضد حكومته، بل قال: "نحن جئنا برغبة الشعب وبعض الدوائر المعادية تتحدث عن التغيير في السودان منذ أكثر من عشرين عاماً". وإن الواقع يدلل أن الشعب السوداني يزداد كل يوم تمسكاً بحكومته...
غير أن هناك من يعطي تفسيراً مختلفاً لحالة الصمت الحالية في الشارع السوداني. يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الإسلامية "أن الحكومة السودانية تتوهم أنها تحظى بقبول في الشارع السوداني، ولكن الواقع يقول هناك أسباب موضوعية تساهم في تأخير الحراك الجماهيري، ويتوقع أن يحدث الإنفجار الجماهيري قريبا جداً، لأن الوضع هنا أصبح في غاية التعقيد".
ويتفق الكاتب الصحفي المعروف عثمان ميرغني مع الدومة في التوجه العام وينظر للموضوع من هذا الجانب "لوكنت مسؤولاً عن أمن السودان .. لتوجست خيفةً من هذا الصمت .. ففي الصمت كلام .. خاصةً عند شعب مسيس حتى النخاع ... وشعب مترابط إجتماعياً بما يسهل تكوين الرأي العام، وتوفير بنية التشبيك العاجل الذي يفضي لإتخاذ موقف جماعي موحد".
ويطرح الواقع السوداني المعقد جملة من الأسئلة المركبة حول ماهية الوضع الحالي للشارع السوداني، ما محرك الرغبة إلى التغيير المطلوب؟ ومن هي القوى المعنية بفعل التغيير؟ وماهي أهدافها؟
هناك من يطالب باستلهام تجارب الماضي السوداني والحاضر العربي لتقويم وضبط اللحظة الثورية للثورة المتوقعة في السودان، وإن كان هناك من يعتقد أن الوضع في السودان مختلف وبالتالي لايمكن نقل تجارب الدول الأخرى، من العوامل التي تعمل على تأخير الإنتفاضة الشعبية في السودان النزاعات الجهوية والعرقية والحركات المسلحة ذات الأجندة المناطقية والجهوية، والتي تكون خصما على العمل الجماهيري المدني، وكانت الحكومة السودانية قد عملت على إضعاف الأحزاب السياسية بإستخدام أساليب مختلفة، أمنية واقتصادية وغيرها.
..................

يقول الدكتور الحاج حمد محمد خير "أن الطبقة الحاكمة هي نفس الطبقة التجارية التي تمسك بمفاصل السوق وتعمل على إضعاف طاقات الجماهير، بزيادة الأعباء الاقتصادية على المواطن، وهناك عامل آخر مهم وهو أن الفئات التي تعاني من الضائقة المعيشية جراء ارتفاع الأسعار هي فئات المثقفين الإنتلجنسيا، لأن الحكومة شغلت الفئات الأخرى بمشروعات مختلفة، والفئة التي تعاني قدرتها على تنظيم وتحريك الشارع ضعيفة".
ويضيف خير "مع تراكم الأخطاء والفساد والاستبداد لا أستبعد أن ينفجر الشارع السوداني في أية لحظة ويعيد ذكرى ثورتي أكتوبر وأبريل".
وتظل الحالة السودانية بحاجة إلى قراءات عميقة ورؤى جديدة تستشرف آفاق المستقبل السوداني المحفوف بكثير من المخاطر، وفي نفس الوقت هناك آمال وتطلعات بقدرة الشعب السوداني على تجاوز هذه المرحلة العصيبة.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات