تابعت كما تابع غيري جلسات المؤتمر الوطني العام الاخيرة وكان إختيار أعضاء المكتب سليما وديمقراطيا . ورغم ما قيل في السيد محمد المقريف فقد كان أختيارا موفقا فلا أعتقد أو أعرف على الأقل في المؤتمرالوطني شخصا أولى منه في هذا المنصب . كذلك كان أختيارنائب الرئيس الاول والثاني موفقا أمام عدسات الكاميرات والعالم أجمع . ورغم أن توزيع الأختيارلعضوبة مكتب المؤتمر على الأقاليم أشم فيه رائحة الفدرالية وامل أن لا يكون هذا التوزيع قاعدة في المستقبل في مناصب الحكومة والمناصب العامة . لأن إتباع مثل هذا الأسلوب يشجع على الأنقسام ولا يشجع على الوحدة لان مسئوليات المناصب العامة تشمل كل ليبيا ولا تشمل مصالح إقليم معين ، فالولاء يجب أن يكون لليبيا وليس للجهوية أو الأقليمية أو القبلية كما كان عليه الحال أثناء فترة الفدرالية التي طبقت سنة 1951 . والشئ بالشئ يذكر فرغم ان أول رئيس للوزراء لليبيا في العهد الملكي اثناء تطبيق النظام الفدرالي شعربمحاولة حكام بعض الولايات تحويل ليبيا إلى دويلات قزمية كدول الخليج العربي ولهذا لجأ إلى المحكمة الأتحادية العليا لأيقاف إصدار إصدار مراسيم ولائية دون توقيع رئيس الوزراء الأتحادي وموافقة مجلس الوزرا ء حتى لا تتحول ليبيا إلى ثلات دول لكل منها واليا ( رئيس دولة )ومجلس تنفيذي(حكومة ) ومجلس تشريعي (برلمان ) أي أربع حكومات يعينها الملك رأسا وخمسة مجالس تشريعية . ورغم حكم المحكمة العليا ببطلان المراسيم التي لم يوقعها رئيس الوزراء إلا أن الولايات إستمرت مستغلة غياب رئيس الوزراء الأصلي في إجازة مرضية في إصدار مراسيم ولائية عن طريق الديوان موقعة من رئيس الوزراء بالوكالة ودون موافقة الرئيس الاصلي ومجلس الوزراء الشرط المكمل لأي مرسوم ملكي . هذا الوضع إضطرأول رئيس لوزراء ليبيا الى الاستقالة .وبعده ساءت العلاقات بين رئيس الوزراء الثاني والولايات بشأن عدم تطبيق قرار المحكمة الأتحادية العليا الذي صدر بألغاء المرسوم الملكي بحل المجلس التشريعي لولاية طرابلس لانه لا يحمل توقيع رئيس الوزراء الاتحادي فاستقال هذا الأخير بدوره . ,وإستمرت العلاقات وأزدت سوءا بين الحكومة الأتحادية والولايات حول إختصاصات الولايات ولم يعد ولاة الولايتين الشرقية و الجنوبية يعترفون بالحكومة الأتحادية معتمدين على دعم الحاشية في الديوان الملكي . وحلال الفترة قبل إعلان الوحدة كانت العلاقات بين الولايتين الشرقية والجنوبية والحكومة الأتحادية تتوقف على العلاقات الشخصية والدبلوماسية بين رئيس الحكومة الاتحادية والولاة تتحسن كلما كانت العلاقات حسنة وتسوء كلما ساءت دون مراعاة للدستور أو القانون ومصلحة ليبيا . كانت الولاية الغربية الوحيدة التي تعترف بالحكومة الأتحادية وقراراتها دون مناقشة وتتعاون في كل المجالات وخاصة شئون الأمن في فترات كل رؤساء الوزراء دون تمييز بينهم من أي ولاية كانوا . وكانت الولاية الشرقية تعتمد على وزرائها في الحكومة الأتحادية في الحفاظ عل مصالحها المميزة والشئون المالية ودعم الحاشية في الديوان الملكي لها . وإستمر هذا الحال بعد الوحدة التي اعلنها الملك للقضاء على هذه الخلافات بعد ان أتعبه الجهد للتوفبق بين الولايات والحكومة الأتحادية وتدخل حاشيته . بل أصبح الأمر أسوأ بعد الوحدة فرغم إلغاء المجالس التنفيذية والتشريعية ومنصب الولاة إلا أن محافظي المنطقة الشرقية والجنوبية ومدراء الشرطة بها لم يكونوا خاضعين لوزير الداخلية وكانوا يعتمدون على الحاشية في الديوان الملكي في تعيينهم ووزاء الأقليم في الحكومة الأتحادية للدفاع عن مصالحهم والأعتمادات المالية وميزانية التنمية . وهكذا كان حال كل الوزراء في تسيير شئون وزاراتهم في المحافظات الشرقية والجنوبية .وكانوا لا يشعرون أنهم وزراء يصرفون شئون وزاراتهم إلا في ولاية طرابلس . ورغم مرور كل الوزراء ببنغازي أسبوعيا في طريقهم ألى مقر الحكومة في البيضاء إلا أنهم لم يكن في أنتظارهم سوى سائقي سياراتهم . ويحكى أن وزير الداخلية وهو من طرابلس يسافر عادة ألى بنغازي في طريقه ألى البيضاء وفي مطار طرابلس يكون في توديعه محافظي ولاية طرابلس الخمسة وحكمادري المناطق الخمسة وكبار ضباط الشرطة وكبار الموظفين ويصل مطارطرابلس في موكب مهيب تقديرا لمركزه الخطير ، وعندما يصل ألى بنغازي لم يكن أحد في إنتظاره سوى سائقه الذي ينقله إلى البيضاء . ولا يرى المحافظ ومدير الامن أنهما في حاجة ألى إستغلال فرصة زيارة وزير الداخلية الى بنغازي لبحت شئون مناطقهم الأمنية معه .وهكذا كان الحال أثناء رجوع وزير الداخلية ، لأن محافظي المنطقة الشرقية والجنوبية ومدراء الأمن بها لا يعترفون به ويعينون من وراء ظهره بأقتراح من جهات عليا . ولا يشعر وزير الداخلية بانه مسئولا عن الشئون الداخلية إلا في المحافظات الغربية وهذا الخلاف بين الولايات والحكومة الاتحادية ليس خلافا بين سكان اقاليم ليبيا الثلاثة بل خلاف بين المسئولين في الحكم كافراد لأهداف ومصالح خاصة وسلطاوية . وليست في مصلحة افراد الشعب الليبي الذين يرتبطون بعلاقات قوية وعلاقات مصاهرة ومصالح متبادلة هم أحرص على الحفاظ عليها . بل أعتقد أن سكان المنطقتين الشرقية والجنوبية أحرص على الوحدة الليبية من سكان المنطقة الغربية لأسباب كثيرة أهمها أصول غالبيتهم التي ترجع الى المنطقة الغربية . هذا الوضع في العهد الملكي ساعد على إنهيار النظام الملكي .والغريب إن أنقلاب ستمبر الذي قضى على النظام الملكي المنقسم هلى نفسه نشأ وأعلن من إذاعة بنغازي وأن الشخص الذي قاد الأنقلاب درس في جامعة بنغازي وعمل فيها وبدأ نشاطه فيها وكان معروفا بسلوكه الغريب من طرف المسئولين فيها ، وليس له علاقات أو معرفة مسبقة بطرابلس العاصمة وسكانها . وبدأ الأنقلاب بسيطرته على بنغازي وإعتمد على كبار الضباط وصغارهم من المنطقة الشرقية . ولم يكن أمام ضباط الأمن في طرابلس سوى إعلان الطاعة وتنفيذ التعليمات التي جاءتهم من بنغازي كما تعودوا دائما في العهد الملكي ، خاصة إنهم إعتقدوا أن قائد الأنقلاب يقوده الأبن المتبني للملك .
التعليقات (0)