السيّد الحسينيّ: ندعو الشعوب العربية للانتباه الامة تواجه خطر التفسخ
أيها الأحبة:ذكر الحديث الشريف: "لما خلق الله العقل قال له أقبل، فأقبل، ثم قال له أدبر، فأدبر، فقال: وعزتي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، بك آخذ وبك أعطي، وبك الثواب وبك العقاب".
وقال : إن هذا الحديث يختصر بصورة بليغة ومحكمة عن أهمية العقل، ودوره الحساس بالنسبة للإنسان، وكيف أنه لو استخدم هذه النعمة الإلهية استخداما صحيحا، فسيقوده ذلك في النهاية إلى الرشاد .
ان الدعوة لاستخدام العقل هي دعوة للتحرر من إملاءات الواقع والأنماط الدارجة والافكار المسبقة التي تحجّر العقل وتضعه في زنزانة الجمود. وعندما كانت اوروبا غارقة في غياهب الجهل والخرافة في القرون الميلادية الوسطى ، جمع العلماء المسلمون بين الايمان المطلق بالله ، وبين البحث عن الحقائق العلمية ، وحققوا نجاحات باهرة في الطب والفلك والكيمياء وغيرها، استفاد منها الغرب لاحقا .
من هنا يثبت بطلان قول البعض في هذه الايام أن الاسلام هو سببب تخلف أمتنا على المستوى الحضاري والعلمي ، وان انقطاع الغرب عن الدين هو سبب تفوقه . والتاريخ خير شاهد على ذلك . كما وقائع ايامنا الحاضرة تثبت النتيجة نفسها ، وها هو الغرب يفشل في أفغانستان والعراق، وها هي الازمة الاقتصادية العالمية الأخيرة أكبر شاهد على أن الفكر الغربي ليس معصوما عن الخطأ والاشتباه.
لقد فهمنا بعقلنا الاسلامي المنفتح اسباب الفشل الغربي هنا او هناك ، انه التطرف والغلو. ففي الاقتصاد ، عندهم اما اشتراكية صارمة واما رأسمالية متوحشة متفلتة من كل عقال . وكذلك الامر في السياسة. أما اسلامنا كما نفهمه في اصوله ومساره التاريخي ، فهو دين العقل ، والعقل يعني الاعتدال والوسطية .
إنطلاقا من هذا الفهم العميق لطبيعة الاسلام ، نقول انه عندما تنتفض الشعوب فلا بد من وجود مشكلة بحاجة إلى حل ، وحين تهمل من قبل حکومة ما، وتتراكم فوقها مشكلات أخرى ، تولد في في العقلين الفردي والجمعي للإنسان، شعورا بالنقص والاضطهاد ، سرعان ما ينفجر غضبا وعنفا. وعندما لا تکون هنالك من قيادة رشيدة ومقتدرة على بينة من الأمر کي تقود وتهدي هذه الجماهير المنتفضة إلى الطريق الأقوم لنيل مطالبها المشروعة، فإنه من الممکن جدا أن تتفاقم الأوضاع إلى درجة سلبية تؤثر على مصالح الجميع من دون استثناء.
هناك ضوابط وضعها الاسلام يتوجب على المجتمعات مراعاتها وعدم المساس بها. وتتعلق جلها بالمال العام والنظام والأعراف السائدة، إذ يؤمن الإسلام إيمانا قويا جدا بمسألة النظام، ويمنحه أهمية قصوى لما له من تأثير کبير في أمن وسلامة استمرار الحياة الإنسانية نفسها، بل إنه يؤثر في استمرار الأوضاع السلبية العامة على الفوضى وعدم الاستقرار .
حري بنا في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ امتنا أن نحرص على الصالح العام من حيث حفظ ورعاية المال العام، وکذلك عدم الإضرار بالنظام العام والتسبب في حالة من الفوضى و اللااستقرار؛ لأن ذلك سيکون حتما في غير صالح الشعب نفسه. وانه لواجب شرعي وفرض عقلي أن يستخدم كل انسان عقله قبل الإقدام على أمر جسيم يکون من تبعاته وتداعياته إيجاد حالة من الفلتان الأمني، لا سيما واننا نواجه عدوا شرسا يتربص بنا على الدوام.
ايها الاخوة والاخوات
لقد آلمنا أن نرى دولنا العربية تتخبط في الاضطرابات والفوضى ، ليس لاننا ننكر على الشعوب حقها في تحسين أوضاعها والمطالبة بحقوقهم المشروعة، بل لان الاحداث أخذت اشكالا عنفية عمياء ، لم تميز بين الصالح والطالح ودخلنا بالهرج والمرج، وإذا بالعدو الاسرائيلي اكبر المستفيدين من هذه الحال. وللاسف لم يعد هناك صوت واحد في امتنا يذكر بالصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني ، فمضى هذا الاخير في سياسته العداونية ضد الشعب الفلسطيني المظلوم ، قصفا وقتلا وتهجيرا وتهويدا لارضه.
خلال الاشهر الثلاثة الماضية وفي عز الاضطرابات العربية كررنا نداءاتنا ورفعنا الصوت عاليا محذرين من ان فلسطين ستضيع الى الابد اذا ما استمر هذا الانقسام في الموقف العربي عموما ، والانقسامات داخل كل دولة عربية ، والانكى من كل ذلك هو هذا الانقسام داخل الساحة الفلسطينية نفسها.
انه نداء نوجهه من موقعنا الاسلامي الى كل الشعوب العربية والاسلامية أن تنتبه لما يجري حولها ، وان تعي حقيقة الخطر الذي يتهدد وحدة الامة واستمرارها ، ويعرضها للتفسخ والانحلال ، ندعوهم الى نبذ التفرقة والى الحوار والتناصح والتشاور في معالجة أمورهم الدنيوية ،فالاسلام هو سبيلهم الوحيد للخلاص والنهوض من جديد .
هذا هو إسلامي وهذه عقيدتي ،انا مسلم . "سماحةالعلامة السيّد محمّد عليّ الحسينيّ اللبنانيّ".
Office Sayed Mohamad Ali El Husseini.
P.O.BOX : 25-5092 GHOUBEIRY 1 - BEIRUT - LEBANON.
Phone:009613961846
alsayedelhusseini@gmail.com
Skype: sayedelhusseini
http://twitter.com/sayedelhusseini
www.facebook.com/alsayedelhusseini
http://www.elaphblog.com/elhusseini
التعليقات (0)