مواضيع اليوم

السينما ضرورة أم ترف؟

nasser damaj

2009-06-08 18:41:25

0

السينما ضرورة أم ترف؟ 
بقلم: خليل الفزيع 


      صادف عرض أحد الأفلام السعودية في الرياض، وتحت مظلة الرعاية الرسمية.. تصرفات غير مسئولة من بعض المتشددين، الذين عبروا عن رفضهم للسينما بأساليب غير حضارية، وإذا كان من حق الجميع إبداء الرأي بحرية تامة، فليس من حق أحد اللجوء للشغب والفوضى والتخريب للتعبير عن رأيه، وهذا الأسلوب الذي يتبعه بعض المتشددين لن يعود عليهم إلا بفقدان شرعية الاعتراض مما يؤدي إلى تدخل رجال الأمن. وهذه الحادثة أعادت إلى الواجهة الحديث عن أهمية افتتاح دور للسينما في السعودية، ويكثر المعارضون، كما يكثر المؤيدون ولكل من الطرفين أسبابه وقناعاته الخاصة، لكن هذا الحديث يجري وكأن بلادنا لم تعرف السينما بأي شكل من الأشكال، وهذا غير صحيح، فكثرة المترددين على محلات بيع أشرطة الفيديو، تعطي انطباعا بأن هذه المحلات توزع من الأفلام أكثر مما توزعه محلات الفيديو في أي بلد آخر، مما يجعل هذا الحديث في نظر بعض القراء غير مجد، فلدينا من القضايا ما هو أهم من البحث في هذا لموضوع باعتبار السينما قادمة شاء من شاء وأبى من أبى.
     ثم إن بعض الميسورين لديهم صالات عرض في منازلهم لا تقتصر مشاهداتها عليهم فقط بل تشمل الأصدقاء والمعارف أيضا، وقد شهدت بعض المدن في السابق صالات عرض خاصة، يرتادها الجمهور برسم دخول معين، وان كانت هذه الصالات غير مرخصة رسميا، ولا ننسى أن بعض الشركات الكبرى العاملة في المملكة لديها صالات عرض خاصة بالعاملين فيها وأقاربهم وأصدقائهم، ومنذ ما يزيد على نصف قرن كان لشركة أرامكو دور عرض سينمائية يرتادها كثير من الناس، وهل يمكن تجاهل ما تبثه الفضائيات من أفلام متنوعة، أو تجاهل آلاف من الأفراد والعائلات الذين يقومون برحلاتهم الأسبوعية إلى البحرين، لا لشيء إلا لمشاهدة فيلم جديد لا غير، خاصة من هواة مشاهدة الأفلام الذين يجدون في صالات العرض الحديثة تقنيات متطورة للمشاهدة الممتعة، مما لا يتوافر في غيرها.
     وقد تردد في الآونة الأخيرة أن بعض المستثمرين ينوون الدخول في هذا الميدان إذا توفر لهم الترخيص الرسمي لمزاولة هذا النشاط اعتمادا على أنه لا توجد فتوى من هيئة كبار العلماء تحرم ذلك، واعتمادا أيضا على أن الرقابة كفيلة بإزالة الخطر المتوقع لما هو محذور مما يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف، فالسينما إن لم تكن خيرا في مجملها فهي ليست شرا في مجملها أيضا، وقد أجرت بعض الفضائيات استفتاء لمعرفة عدد المؤيدين والمعارضين لافتتاح صالات عرض للسينما في بلادنا.. بعض المشاركين في الاستفتاء وافقوا، وبعضهم عارضوا، وبعضهم وافقوا ولكن بشرط خضوعها للرقابة وهذا أمر مسلم به، وحتى الدول ذات الباع الطويل في صناعة السينما تخضع فيها الأفلام للرقابة، فإذا كان هذا الحال بالنسبة للدول المنتجة، فكيف هو الحال بالنسبة للدول المستهلكة، التي تطبق رقابة أخرى هي رقابة العرض بعد رقابة الإنتاج؟
     لكن هل السينما ضرورة تثقيفية، أم ترف ثانوي، في هذا الأمر أيضا هناك خلاف، فمن يراها ضرورة تثقيفية يعتمد على مقولة إن السينما يمكن استخدامها للتثقيف الجماهيري، باعتبارها الأشد تأثيرا على المتلقي لما تملكه من مؤثرات تقنية مبهرة، ولما يتوافر لها من إمكانيات غير محدودة لطرح كثير من القضايا الهامة وفق الشروط المراد فرضها من قبل المؤسسة الرسمية أو الدينية. أما من يراها ترفا فانه يعتمد على مقولة إن السينما لا تشكل غير وسيلة للهروب من المشاكل الفردية الخاصة، والانشغال عن أمور ذات أهمية قصوى في حياة الأفراد والمجتمعات، إلى جانب ما تؤدي إليه من استنزاف لجيوب الفقراء حيث تدر معظم الأفلام على الشركات المنتجة أرقاما فلكية يقدمها هواة مشاهدة هذا الفن برضاهم وعن طيب خاطر، وأمام هذه الملاحظات يحتار الكثيرون في تأييد أو رفض السينما، مع أن المستثمرين يجدون فيها مجالا واسعا لجني الأرباح، بل أن دولا كثيرة تجد في وارداتها المالية من الإنتاج السينمائي ما يشكل دعما كبيرا لميزانياتها السنوية ورافدا قويا لميزان تجارتها الخارجية، كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والهند ومصر وبعض دول أمريكا اللاتينية.
      والسؤال في النهاية لماذا لا تفتح دور سينما في بلادنا؟ أولا للقضاء على عشوائية ما يقدم من أفلام في السر والعلن، وثانيا ليكون الاختيار متاحا للمواطن، سواء أراد القبول أو الرفض، أما فرض الوصاية على أذواق واختيارات الناس.. فهذا أمر لابد من إعادة النظر فيه، لأن من أراد المشاهدة السينمائية لن تستطيع منعه أي قوة في الأرض مهما بلغت حدتها وتشددها وتطرفها.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات