مواضيع اليوم

السيطرة على العقول

روح البدر

2009-12-10 08:29:10

0

 السيطرة على العقول

خالص جلبي
بين الحين والآخر تقع بين يدي مقالة مهمة أقلب فيها النظر وأقول هي جديرة بوضعها أمام القارئ للاطلاع. مع هذا فإن الأخبار كما ذكر ابن خلدون يجب أن تخضع للقواعد الست التي وضعها ابن خلدون في نقل الأخبار. قال لي من أرسل البحث:

"إذا كنت تنتمي إلى مجموعة صغيرة من النخبة الحاكمة والمحدودة العدد، وتريد السيطرة على مجموعة كبيرة من البشر، أوّل ما ستستنتجه هو أن السيطرة المباشرة (بالقوة أو التهديد) غير مجدية أبداً وليس لديك أي فرصة في فعل ذلك. فبالتالي، الفرصة الوحيدة التي تمكنك من حكمهم هي السيطرة على عقولهم".

والرجل لم يضع عنوان مقالته هكذا "السيطرة على العقول" فوجدتها أنا مناسبة؟

يقول الكاتب وحتى الآن كلامه مستقيما: "ويقصد بعبارة "السيطرة على العقول" التأثير والتحكّم في طريقة تفكير الشخص، إضافة إلى الأمور التي يفكر فيها.

وتتم الاستعانة بوسائل غسيل الأدمغة في جميع المجتمعات تقريباً. وهذه الوسيلة عرفت منذ زمن سحيق، وأثبتت أنها وسيلة مجدية جداً في مساعدة السلطات على حكم الرعايا والسيطرة عليهم. أما اليوم فهي تستخدم بقوّة وعلى نطاق واسع، ذلك بفضل وسائل وتقنيات متطوّرة وفتاكة (كالتلفزيون). وأقدم وسيلة للسيطرة على العقول هي التحكّم في المعلومات التي ينهل منها الشخص. أي عملية الحدّ من كمية المعلومات، وبالتالي الحدّ من مستوى التفكير، وهذا يؤدي إلى أفق ضيّق ومحدود، مما يعني أن الأمور التي وجب التفكير فيها تصبح محدودة، فالنتيجة هي أن الخيارات تصبح محدودة".

وأتذكر عند هذه النقطة ثلاث أفكار، واحدة لعالم النفس السلوكي سكينر، والثانية للفرنسي آتيين دي لابواسيه صاحب كتاب "العبودية المختارة" الذي اضطلعت بالاشتراك مع آخرين بترجمة نصه بعنوان "فقد المناعة ضد الاستبداد" ونشر الكتاب نجيب الريس، والثالثة من أفكار مالك بن نبي حول تحويل الصراع عن طريق آلية المرآة العاكسة وهي الفكرة نفسها التي أشار إليها روبرت غرين في كتابه "لعبة القوة والسياسة".

فأما سكينر فكان يشير بوضوح إلى آلية القابلة أي إمكانية الإيحاء للآخرين أن يفعلوا ما نريد ولكن بإرادتهم هم، وهم بذلك ينفذون إرادتنا ولكن من خلال إرادتهم، أشار إلى هذا في كتابه ما بعد الحرية والكرامة حيث يسخر من الاثنتين، وترجمته سلسلة عالم المعرفة الكويتية بعنوان "تكنولوجيا السلوك الإنساني".

أما الفرنسي لابواسيه فقد أشار في كتابه "العبودية المختارة" إلى أن أباطرة الرومان كانوا يشغلون (الموب أي الرعاع) بحفلات المصارعة ورمي الخبز عليهم وإشغالهم بالتوافه في حين يمتص الرومان دم المستعمرات..

أما مالك بن نبي فأشار في كتابه "شروط النهضة" إلى آلية المرآة العاكسة وكيفية تحطيم أو رفع الآخرين بآليات لا يدركونها هم من تطبق عليهم آليات الصراع. ولكن الرجل - رحمه الله - وصل به الأمر إلى حد الهلوسة والوسوسة فكان يضع عشرة أقفال على باب بيته ويتخيل أن المخابرات يسلطون على دماغه تيارات خفية وأن الاستعمار الفرنسي خلف الباب في كل مكان، حتى هرب إلى مصر خوف الاعتقال فوقع فيما أراد الهرب منه.

يقول صاحب المقال المجهول إن " الخطوة الأخرى تتمثّل في إشغال الرعايا بمسائل ثانوية غير مهمة. فيتناول الناس هذه المواضيع الجانبية ويشغلون معظم تفكيرهم بها. وهذا يمنعهم من رؤية الصورة الكبرى. وبما أن الناس عجزوا عن رؤية السيناريو بالكامل، تذهب بالتالي جهودهم الفكرية سدىً. وكي يطبق المتحكمون قبضتهم على الرعايا بشكل كامل ومطلق، يعملون على صنع "واقع مزوّر" يبقى راسخاً في وعي الشعوب ويستمر عبر الأجيال المتعاقبة إلى أن يألفه البشر ويؤمنون به على أنه يمثّل الحقيقة"... وهذه اللعبة في غاية الخطر فليس مثل الوعي نور..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !