القى د.السيد محمد علي الحسيني كلمة عبر نداء الجمعة من بيروت، تناول فيها بطلان ممارسات التنجيم بمناسبة رأس السنة الميلادية، وتطرق إلى الشأن السياسي، حيث شدد على ضرورة الحوار الإسلامي الإسلامي، والحوار مع ممثلي الديانات السماوية كافة.
وقال: "يكثر في رأس السنة من يدعي الإلهام تارة والرؤية أخرى ويحدث الناس بضرس قاطع عن غيبيات سوف تجري معهم من أحداث أو أمراض ومخاطر، والناس-المخدوعة- للأسف تصدقهم، وترتب الأثر على كلامهم وماأكثرهم!
إن الناس عندما يضعف إيمانهم بالله عز وجل، ويتركوا كل مشعوذ ومنجم دجال يتحكم بعقيدتهم وبأفكارهم، فيصبح الناس لعبة بيد المنجمين الذين يدعون ما يعلمون، لأن علمهم بأي أمر، قائم على أمرين لا ثالث لهما: إما أن يكون لهم معلومات من مصادر أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية عدة، وإما يعملون على حساب الفرضيات والتوقعات. ويستغل المنجمون الدجالون ضعف الناس وحاجتهم لمعرفة مستقبلهم وما ينتظرهم من تطورات تؤثر على حياتهم خوفا من مصيبة أو قلقا من حاجة دنيوية، فيجدون في أكاذيب المنافقين بعض الراحة النفسية، لكنها بالتأكيد راحة زائفة لا تستند إلى أي أساس علمي أو حتى فلكي كما يزعمون.
ولنرجع إلى الدين ومعتقدنا بأن الله عز وجل بيده كل شيء، وهو وحده علام الغيوب، فقد جاء في القرآن الكريم عن النبي(ص): {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ }. إياك أن تعتمد على غير الله سبحانه وتعالى ولا تستعن بغيره فهو لا شك ذنب عظيم وانتبه إلى قول وفعل المنجمين ولا ترتب على كلامهم أي أثر وتذكر القول المشهور (كذب المنجمون ولو صدفوا أي صدقوا ).
إن مناسبة رأس السنة الميلادية هي في الأساس مناسبة دينية للطوائف المسيحية، نبارك فيها للمسيحيين انطلاقا من إيماننا الإسلامي بوحدة الأديان السماوية في هدفها السامي وهو عبادة الله، وخير الإنسانية. لذا نستغرب أن تتحول هذه المحطة إلى مناسبة لشرب الخمر وممارسة الفحشاء، فالاحتفال بسنة جديدة ينبغي أن يراعي الضوابط الدينية المعروفة، فلا يستغلها أصحاب المطاعم والملاهي للكسب التجاري.
إننا مع بداية سنة ميلادية جديدة نأمل أن تنفرج الأزمات في أمتنا وتتوقف الحروب التي تنزف دماء العرب من جرائها وتسببت في ضرب وحدتهم واستقرارهم، فالمستفيد الوحيد منها هم أعداء الأمة، داخلها وخارجها، كما نأمل أن تنتهي الممارسات الإرهابية ضد المدنيين في الدول العربية والغربية على حد سواء تحت مسميات زائفة تدعي الانتساب إلى الإسلام وهو منها براء، كما أن هذه الممارسات الشاذة تتسبب بالضرر للجاليات العربية والإسلامية في الخارج وقد أوجدت حالة من الإسلاموفوبيا غير المبررة. لقد حول الأعداء هذه الأزمات إلى منصة لاستهداف الإسلام نفسه، فصوروه دين اقتتال وفتن وتشرذم، في حين أن علماء الأمة قد أجمعوا على ضرورة نبذ المظاهر الشاذة التي تدعي الإسلام، وتدعو للتوحد حول كتاب الله، وإقامة الحوار الإسلامي– الإسلامي بشكل دائم، والأهم هو استمرارية الحوار الإسلامي مع مختلف ممثلي الأديان السماوية، وتعزيز التواصل الحضاري، لأن الإسلام هو دين الاعتدال والحوار والاعتراف بالآخر والقبول به والعيش السلمي معه. لقد لمسنا هذا الموقف الإسلامي خصوصا والديني عموما، في مختلف المؤتمرات التي شاركنا فيها، في عدد من الدول العربية والغربية، وهي تشكل برأينا القاعدة الصلبة للحوار الإنساني الذي يجب أن يواكب بعمل وجهد توعوي للناس، لأنه الشرط الأساس للاستقرار والأمان.
التعليقات (0)