مواضيع اليوم

السيد د محمد علي الحسيني : الفن الإسلامي روعة وجمال وابداع فيه ثقافة الحياة


السيد د محمد علي الحسيني : الفن الإسلامي روعة وجمال وابداع فيه ثقافة الحياة


إن الفن الإسلامي، هو التعبير والتصوير والإظهار والإبداع للجمال، سواء أكان ذلك بالرسم أم النحت أم البناء أم الزخرفة أم الموسيقى أم التمثيل أم بأي وسيلة تراعى فيها الشروط الشرعية، ويمكننا من خلالها تجسيد الجمال الداخلي والخارجي بمشاعر وأحاسيس تعكس في نفوسنا صورة موجبة تجذب الإنسان إلى الجمال والراحة.

فهذه حقيقة الفن الإسلامي وذاك جوهره؛ فإنه من المستحيل أن يحاربه الإسلام أو يعاديه؛ لأن الإسلام دين الفطرة السليمة التي تنجذب إلى الكون متناغمة معه، وساعية لمحاکاته، مستأنسة به، مستنبطة كل معاني الجمال، جامعة لجميع أشتاته في الكون والنفس؛ لأن الإسلام هو الدين الحق الذي أنزله خالق الكون ومصوره، وقد بلغ المنتهى في الكمال، وتجاوز المدى في الحسن، وبلغ نهاية الإعجاز في الجمال، شكلا وجوهرا وقد أشاد الإسلام بالجمال ونوه به في مواضع متعددة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، فورد في الحديث النبوي الشريف: "إن الله جميل يحب الجمال " ،وقد خلق الله الكون في قمة الجمال، وخلق الإنسان وجعله خليفته في الأرض، حيث قال تعالى:

.{لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم }

وبث في الكون من آيات الجمال الباهرة ما يسبي الألباب ويدهش العقول، فقال تعالى:

(أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت} ، ولفت أنظار بني آدم وبصائرهم إلى جمال السماء الدنيا فقال:

.{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزينة للناظرين}

وإلى جمال الأنعام التي يرونها بكرة وعشيا، ويتمتعون بها، فقال:

{ فيها جمال لكم حين تريحون وحين تسرحون}

وأمر المؤمن بالصفح وأن يلتزم السلوك الجميل فقال:

{فاصفح الصفح الجميل}

وغرس حب الجمال في أعماق الإنسان؛ حتى أنه لينجذب إلى كل الصور الجميلة والمناظر البديعة، ويشعر وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد.

وقد لفت القرآن الکريم الإنتباه إلى أحد أهم أصول الجمال والتي تکمن في تقدير الأشياء وتحديدها، حيث لا تزيد أو تنقص، اذ هنالك أشياء لو تمت الزيادة أوالنقصان في نسبها فإن معالمها تتغير وتبعا لذلك يتغير درجة ومقدار الجمالية لها، کما في الآية : { وكل شيء قدرناه تقديرا} أو { وكل شيء خلقناه بقدر } او{وكل شيء عنده بمقدار}، ولذلك فإنك عندما تطالع السهول أو الوديان أو الجبال أو أي مناظر أخرى للطبيعة أو حتى للسماء، تجد نفسك أمام تقدير وتحديد غريب من نوعه، فالنسب محددة بما تمنح القيمة الجمالية التامة والکاملة للأشياء دون زيادة أو نقصان.

الحقيقة الأخرى التي علينا الانتباه لها في تناول القرآن الکريم لعلم الجمال، بأسلوبه السلس والانسيابي، فهو لايکتفي بوصف الإنسان والکائنات والطبيعة والأشياء، وإنما حتى النشاطات الإنسانية المختلفة بتعابير بالغة الروعة والبهاء، حيث جاء في القرآن الکريم وصف لا يمکن أن يجود به قريحة أو ذهن إنسان مهما کان متمکنا في الوصف وعلم الجمال.

فالمسلم حقا ينبعث من داخله صورة جمال الله تعالى في الوجود، وجمال دينه، والاستقامة على هديه، فالفن الإسلامي لا يعدو كونه محاولة للتعبير عن هذا الجمال والحسن الذي يتراءى في أرجاء الكون.

وعلى الفنان المسلم أن يعود بقوة إلى الفن الإسلامي الأصيل، مستلهما فلسفة الإسلام، فيستمد منها غاية عمله، ثم ينطلق في معركة البناء الحضاري مستوعبا تراث السابقين ونتاج المعاصرين استيعابا شاملا، ليفتح عوالم جديدة يثبت من خلالها عظمة الإسلام وعبقرية الفنان المسلم المعاصر وقدرته على مواكبة عصره، مع تميزه في عطاياه وأصالته في إنتاجه الإبداعي؛ ليعود بالفن إلى رحاب الإسلام، ملبيا رغبات المسلم الجمالية والروحية، ومؤسسا لفن إسلامي أصيل يتناغم مع حاجات العصر، ويتفق مع الفطرة الإنسانية السليمة ويملأ الإحساس والوجدان بمحبة الله.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات