السيد الصدر والظلامات الثلاثة
بقلم / سعد السلمان
ان ترجمة حياة شهيدنا الصدر لهي مملوءة بالمعاني السامية والاثار المثمرة والاهداف النبيلة لأن شهيدنا الصدر قد جسد حياته لخدمة الدين الاسلامي الحنيف والمذهب الحق الشريف ، فقد انبرى عالما قبل كل شيء لما للعلم من اهمية قصوى في حياة البشرية لأن العلم له فيوضات كمالية راقية كالشجاعة والسماحة والصبر والايثار والتضحية والعفو عن الناس .
لقد كان الشهيد الصدر مرجعا حقيقيا للامة فقد ايقظ الناس من سباتها أي انه اخرجهم من الظلمات الى النور بعد ان كانوا لا يعرفون الا دين كلاسيكي قديم هو ان تصلي وتصوم بلا امر بالعروف ولا نهي عن المنكر .. ولكن بعد اتساع مرجعية شهيدنا الصدر في العراق وخارجه نوعا ما ولدت مرحلة جديدة وقضية حديثة قد انسلخت من المؤسسة الدينية الانتهازية وصارت هي الرائدة في ايصال البشرية الى ما يطمحون .
ومن اولويات شهدنا الصدر ومرحلته الجديدة هي محاربة الظلم بكل انواعه سواء كان الظلم السياسي او الاستعمري او الديني وكالآتي :
1- الظلم السياسي
كان العراق سائدا عليه النظام البعثي الفاشي الذي كان منطقه السيف والارهاب فقد كان يمارس اعتى انواع العذاب على العراق من شماله الى جنوبه لذا فقد تفرعن جدا عندما خلا له الجو من المناهض والرادع بعد تصفية الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه عام 1980 ، وظن انه نجح بذلك لأن الرادع الديني هو اصوب ردع لأي ظلم واستبداد . ولكن فوجئوا بظهور صدر ثاني لهم يقول (كلا كلا يا ظالم .. كلا كلا يا شيطان) مما ارعبهم وارهقهم واسهد عيونهم . وكالعادة بثوا العيون والجواسيس على مرجعية السيد الصدر وكان هو يعلم بذلك لكنه لم يعبأ بهم لن كان يقول (ما كان لله ينمو) وفعلا نما الذي كان لله وانتشر صوت السيد الصدر في ارجاء العراق رغم التعسف والاضطهاد الذي مورس ضده وضد مرحعيته من قبل سلطة الذي البعث الكافرة الى ان تم تصفيته عام 1998 .
2- الظلم الاستعماري
لقد كان يدرك شهيدنا الصدر اهمية العراق في الشرق الاوسط على المستوى السيتراتيجي واهميته على المستوى العقائدي سواء كان عند المسملمين او عند اليهود لما لهم من ثارات قديمة منذ عهد نبوخذ نصر ، ولذا فقد كانوا يحوكون المؤامرات والدسائس للنيل من العراق خصوصا وانه يمثل مركز التشيع العالمي ، وهذا ما تنبأ به من ان امريكا تريد السيطرة على العالم وهذا من خلال الاستعمار او الاحتلال وخصوصا العراق ، ولكن بظهوره فقد اجهض تطلعاتهم الاستعمارية وهذا ما قاله (لقد هدمت مخططات الف عام) بل ان نبوءته بخصوص الاحتلال الامريكي صدقت عندما دخلوا عام 2003 ، لذا فقد كان يشجب ويندد بامريكا وبريطانيا وواسرائيل واسماهم (الثالث المشؤوم) بل تعدى كتاباته واوقواله الى خطاباته وقد جعل اغلب العراقيين يرددون ( كلا كلا امريكا .. كلا كلا اسرائيل) وهذه العبارات لها مدلولات كثيرة تعطي انطباعا لمريكا واسرائيل ان هناك قوة رادعة ورافضة لهم في العراق لا تحبذهم مطلقا ولا تريدهم ابدا لأن الاحتلال والاستعمار منبوذ منبوذ شرعا وعقلا وعرفا ولا يرضى به كل شهم وانسان وطني يحب الله ورسوله ومتمسك بدينه القويم لأن الاحتلال ظلم واستبداد وفساد وهو اصل الفساد خصوصا في العراق .
3- الظلم الحوزوي
كان شهيدنا الصدر رضوان الله عليه يعاني الامرين من الحوزة الانتهازية التي اسماها الحوزة الساكتة والتي الحقت بالناس الذل والهوان كان اول مطلبه النهي عن تقبيل الايدي وكأن صنمية آخر الزمان تجسدت في الاشخاص والعناوين ، ثم دعى الى التقليد الحقيقي المبني على الدليل الشرعي والحجة الشرعية لأنه كان يقول (التقليد دين الانسان) أي ان الدين يصح بالتقليد الصحيح فهو كان يدعو في كل حادثة الى تقليد الاعلم المجتهد الجامع للشرائط لأن الامام الصادق عليه السلام كان يقول (ما من امة ولت امرها الى غير الاعلم حتى ذهب امرهم الى سفال حتى يعودوا الى ما تركوا) والسفال يعني تدهور الامور وتسلط الاشرار على رقاب الناس وبالتالي يدعون فلا يستجاب لهم لانهم انتهجوا مسلكا فيه قد تركوا الامر بالمروف والنهي عن المنكر . وهذا ما كانت تمارسه الحوزة قبيل اعلانه مرجعا ، ولكنه قد تحمل العناء والغربة تحمل الافتراءات والاكاذيب تحمل الشبهات من قبيل ( اسرائيلي او بعثي او مبتدع بصلاة الجمعة او غيرها اعاذنا الله منها ) لكنه فعله وقوله لله تعالى ، ومن كان مع الله كان الله معه الى ان اجتباه ربه شهيدا مضرجا بدمه الطاهر .
ان الخوض في التنقيب في السير الذاتية للعظماء لهو امر راقي لأن فيه العبر والاسوة الحسنة فلو لم يكن نهجه صحيحا او اطروحته ناقصة او غير شرعية لما اجتمعنا عليه اليوم لنصرته لأنه لو كان معنا حيا لكان مطالبا بخروج الاحتلال اليوم قبل غد لأنه يعلم ان احتلال اذا دخلوا دولة افسدوها وجعلوا اهلها اذلة ونشروا فيه الظلم والدمار والاستبداد .
ان من يريد ان ينتهج سيرة الصدرين رضي الله عنهما وخصوصا الصدر الثاني عليه ان يطلق الدنيا ولا يغتر بالعناوين والبهارج وان ينتظر من هذا وذاك ان يهدوه الصواب بل الشرع والعقل والعرف والاخلاق توجب عليه المطالبة بخروج المحتل الغازي من بلد الرافدين بل حتى الرافدين لم يسلما من الاحتلال فيكف بالارض والسماء والشعب هل سلموا من المحتل ؟؟؟ هل سلموا من ناره ؟ وهل سلموا من تبعياته ؟ لا لم يسلموا لا قبل الاحتلال ولا بعد الاحتلال بل المحتل ظلم وفساد .
فالسلام على الصدر الثاني عندما كان يرفض امريكا واسرائيل والسلام عليه يوم اردوه بآلتهم البعثية شهيدا راحلا الى ربه يشكو من قلة الناصر والمعين ولكنه حي لأن الله تعالى قال ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عن ربهم يرزقون)
6- 10 - 2011
التعليقات (0)