د. قاسم عبد الهادي دايخ
الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس) يشكل ظاهرة متميزة في عالم الفكر الإسلامي المعاصر وفي مسيرة الحركة الإسلامية العالمية.
إن الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس) احدث نقلةً نوعية في شكل المواجهة بين الإسلام وأعدائه وخصوصاً الجهاز الحزبي والأمني للنظام المباد، حيث أثر على النشاط الإسلامي، إذ اخرج هذا النشاط من خندق الدفاع والتقليدية لخط الانطلاق نحو الاتجاهات المضادة، بحيث صار واضحاً إن آلية الصراع مع النظام أصبحت معكوسة عما كانت عليه في مدة ما قبل الإمام السيد الشهيد (قدس).
واستطاع الإمام الشهيد إن يجعل هذا الصراع من النمط مواجهة الحالة الفردية إلى الحالة العامة، حيث إعادة الثقة بالنفس إلى أبناء العراق من المؤمنين، ولذلك قام المؤمنون بنشر فتوى الإمام التي كانت ضد نظام صدام وحزبه المقبور. وقد اتخذت السلطات القمعية الإجراءات المشددة والقمع في كل جانب ومنها الاستنفار للعثور على أية قصاصة ورق تشكل خلية لإدارة هذه الظاهرة .
كان إعدام الإمام السيد الصدر (قدس) رد فعل طبيعياً لنظام يصارع من اجل البقاء. وكان هذا النظام كحال بقية الأنظمة المتهرئة في منطقة الشرق الأوسط يعاني من نقاط ضعف عدة وعوامل عدم استقرار بحيث إن الإمام السيد الصدر (قدس) وحركته السياسية يشكلان بحق تهديداً جدياً لبقائه ولا تحتمل المساومة والمهادنة . ولكي يستطيع هذا النظام البقاء والصمود ضد خصومه السياسيين والسيطرة على الجماهير بواسطة أساليب القسر ودوائر الاستخبارات والأمن التي استعملت أساليب غاية في القسوة ومنها الرقابة على المواطنين ومتابعة أبسط الأمور ومنها حتى القصاصات التي كانت يعثر عليها في الأماكن العامة.
لا يخفى على القارى الكريم مكانة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) وتأثيره في العناصر الإسلامية المؤمنة من جهة، وخوف النظام المباد من جهة أخرى، لذلك كان النظام يجمع إتباعه من الجهاز الحزبي والأمني والاستخباري لمتابعة المؤمنين، بل تعدى الأمر حتى للذين لديهم مؤلفات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) وان كانوا بعدين عن الأحزاب الإسلامية فهم يرتعدون من أية ورقة أو شعار يحمل اسم الإمام الشهيد.
وكان الإمام الشهيد ظاهرة متميزة في الفكر الإسلامي المعاصر ، لان يحمل لواء التغيير والإصلاح في المجتمع العراقي بصورة عامة والحوزة العلمية بصورة خاصة، الامام الشهيد قد صمم على الشهادة وبذلك نقل المواجهة مع الطاغية المقبور من خندق الدفاع إلى المواجهة وهذا ما شهدته الساحة العراقية.
ويكاد يكون فريداً من نوعه في العصر الحديث ولكن المكان والزمان كانا يقفان ضده ولو كان السيد الشهيد في غير العراق أو حتى في غير الوطن العربي لعُملت له التماثيل وغيرها وافتخروا به، ويوضح هذه الصورة السيد أبو القاسم الخوئي (قدس) عندما قال عن السيد محمد باقر الصدر « السيد الصدر مظلوم لانه ولد في الشرق، ولو كان مولوداً في الغرب لعلمتم ماذا يقول الغرب فيه... هذا الرجل عجيب في ما يتوصل اليه وفي ما يطرحه من نظريات وأفكار « فتصورا كم هي المفارقة في حياه السيد الشهيد .
لذا كان السيد الشهيد محمد باقر الصدر مدرسة في كل شيء في العلم ومن منا لا يعرف كتابي "اقتصادنا" و"البنك اللا ربوي" اللذين تسير عليهما الجمهورية الإسلامية وغيرهما من الكتب العلمية التي تتناول الجانب العلمي .
فقد كان بحق حسين العصر، السلام عليك يوم ولد ويوم استشهد ويوم تبعث حيا.
التعليقات (0)