السياسي في الجمهورية الثانية
بقلم د/صديق الحكيم
رغم انشغال الجميع اليوم بمتابعة المرحلة الثانية للاستفتاء علي مشروع الدستور الجديد للجمهورية الثانية في مصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة
إلا أنني لست مشغولا بنتائج الاستفتاء لأنني واثق من فطنة الشعب المصري وقدرته علي الفرز والاختيار رغم مايشيعه البعض عنه من جهل وأمية
حقيقة أنا مشغول بنوعية السياسيين في مصر بعد الثورة وبعد إقرار الدستور الجديد ومن وجهة نظر كاتب منحاز للإسلام السياسي أستطيع تصنيف المشتغلين بالسياسة (السياسيين) إلي ثلاثة أنواع : الأمير والأجير والمختلط
وقبل التفصيل في الحديث عن الأنواع الثلاثة أري أنه من المناسب أن نمهد بتعريف جامع لكلمة السياسة بمعناها الحديث ( السياسة تعني رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتُعرف إجرائيا حسب هارولد لازول بأنها دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا(المصادر المحدودة) متى وكيف؟. أي دراسة تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة (ديفيد إيستون). وعرفها الشيوعيون بانها دراسة العلاقات بين الطبقات، وعرف الواقعيون السياسة بأنها فن الممكن أي دراسة وتغيير الواقع السياسي موضوعيا وليس الخطأ الشائع وهو أن فن الممكن هو الخضوع للواقع السياسي وعدم تغييره بناء على حسابات القوة والمصلحة.)
وبعد هذا التعريف الجامع للسياسة هيا بنا نتعرف علي أنواع السياسيين في الجمهورية الثانية
(1) السياسي الأمير: وأقصد به السياسي المتبع للمنهج الغربي في السياسة وخصوصا منهج ميكيافيللي في كتابه الأمير وهذا الصنف كان هو الغالب في مصر قبل الثورة وهو مصري يقصد من وراء العمل السياسي تحقيق مصالحه الشخصية وإرضاء نفسه وتحقيق ذاته فقط وفي سبيل تحقيق ذلك يسمح لنفسه باستخدام أية وسيلة حتي لوكانت غير أخلاقية وينازل عن المبادئ من أجل مصالحه الخاصة ويخضع لأي جهة أو سلطة أو شخص يحقق له مآربه وشعاره في الحياة (الغاية تبرر الوسيلة )ويمكن أن يطلق عليه بعض الناس لقب سياسي بارع وشاطر إذ أن السياسة الناجحة من وجهة نظر هؤلاء هي التي تمارس بشطارة دون مبادئ أو أخلاق كريمة
(2) السياسي الأجير: وأقصد به أجير عند الشعب يؤدي مهمة محددة لمدة محددة من أول الرئيس وحتي عضو مجلس محلي القرية ونموذج الأجير هو النوذج الجديد في السياسة المصرية بعد ظهور الإسلام السياسي علي غيره من النماذج السياسية والسياسي الأجير هو مصري قصد من عمله بالسياسة إعلاء كلمة الله وإحقاق الحق وخدمة الناس وتقديم العون لهم ورعاية مصالحهم باذلا في سبيل ذلك جهده وماله ووقته وقد يضحي بمصالحه الخاصة وقد يتعرض للأذي فيصبر ويحتسب ولا ينتظر من الناس جزاء ولا شكورا لأنه يدخر الأجر عند الله وهذا النموذج هو نتاج الإسلام السياسي ومفهوم الشطارة عنده هو ممارسة السياسة باستقامة وذكاء ودهاء إذ لا يعني الالتزام بالمبادئ والأخلاق الكريمة أن يمارس السياسة بغباء كما يظن بعض الناس لكن ما يحتاجه السياسي الأجير هو تعلم أدوات السياسة ومناوراتها وحيلها دون خرق المبادئ وهذه هي الشطارة والتحدي الحقيقي أمام السياسي الأجير
(3) السياسي المختلط :وهذا هو الصنف الشائع في تيار الإسلام السياسي وهو مصري هو بالأساس مع نموذج السياسي الأجير قصده لله وخدمة الناس إلا أنه في خضم الأحداث ومجرياتها وتحت تأثير ضغوط مطالب النفس والأهل والأقارب واستسلاما لإغراءات المناصب والمكاسب تختلط عنده النية وتتعدد وأحيانا ينسي القصد الأول من عمله ووهو وجه الله الكريم لأنه في الأخير بشر فينتصر أحيانا وينهزم أخري وقد شاهدنا أمثلة كثيرة لهم في مجلس الشعب 2012
والخلاصة أن السياسي في الجمهورية الثانية مع ظهور الإسلام السياسي ينبغي أن يكون صنف الأجير هو الغالب يليه المختلط الذي يغلب أن يكون قصده لله أما السياسي الأمير فلا مكان له في مصر بعد الثورة
التعليقات (0)