مواضيع اليوم

السياسة فن الممكن يا أحمدي نجاد

mahmood ayoub

2010-06-20 22:34:38

0

السياسة فن الممكن عبارة لطالما عارضها المتشددون في مواقفهم، وتعني الحصول على ما يمكن تحقيقه وتجنب السعي خلف المستحيل إذا كانت الظروف السياسية لا تسمح بذلك، ولكن البعض يسعون مباشرة خلف المستحيل ولا يُرضي طموحاتهم السياسية ما هو ممكن، ومن هؤلاء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ففي حين عرضت عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر رئيسها السابق محمد البرادعي مقترح تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، وكان المقترح يومها يُحظى بتأييد كامل من واشنطن وموسكو وباريس، إلا أنه رفضه بعد تردد، رغم الجهود التي بذلها محمد البرادعي في إظهار الغرض السلمي لبرنامج إيران النووي بما سمي يوم ذاك مقترح اتفاق فيينا النووي والذي عقد في 21 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.
وبعد اتفاق الدول الكبرى في مجلس الأمن على حزمة رابعة من العقوبات ضد طهران، قرر القبول بالمقترح التركي البرازيلي والذي هو أصلاً مقترح الوكالة الذرية فلم ينفع حينها الاتفاق، ولم يكبح جماح الدولة الشيطانية الأولى في العالم من طرحه والتصويت عليه في مجلس الأمن بعد أن ضمنت بنفوذها السياسي والاقتصادي تصويت اثنتا عشر دولة لصالح القرار.
لقد كان الإمام الخميني في الثمانينيات من القرن الماضي يسعى إلى إسقاط نظام حكم البعث في العراق، رغم الدعم اللامحدود الذي كانت تقدمه الولايات المتحدة والغرب للعراق في الحرب والتي أعلنت صراحة بأنها لن تسمح بسقوط نظام صدام حسين وقيام نظام إسلامي في العراق مشابه لما هو في إيران يهدد مصالحها ويغير من موازين القوى في المنطقة مهما كلف الأمر، ورفض الإمام يومها كل الدعوات التي كانت تطالب بوقف الحرب مع العراق، وحينما أدرك عبر رفسنجاني انسداد كل الطرق المؤدية لتحقيق المستحيل، قرر القبول بقرار وقف إطلاق النار على مضض وإن جاء متأخراً بعد أن خسرت إيران جزءاً من أراضيها.
ولعل الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني كان يدرك بأن إيران في عهده لا تحتاج لموقف متشدد يصل في نهاية الأمر إلى طريق مسدود كما حدث في مسألة الحرب مع العراق، لذلك انتهج سياسة المقايضة مع الغرب بما هو متاح وممكن وسعى إلى تشجيع التقارب معه، واتخذ موقفاً متوازناً من تداعيات احتلال العراق للكويت، وأعاد فرض إيران كقوة إقليمية، وساعد نفوذه في لبنان على إطلاق سراح رهائن أجانب في أوائل التسعينيات، وأرسل تطمينات فعلية لدول الجوار عن رغبة إيران في التعاون والتنسيق حتى بعد أن ترك كرسي الرئاسة وأصبح رئيس لمجمع تشخيص مصلحة النظام، وبالقدر ذاته وأكثر تميز عهد خلفه الإصلاحي محمد خاتمي بانفتاح إيران على جيرانها العرب والخليجيين بصفة خاصة، وانتهج سياسية فن الحوار والتفاوض مع الولايات المتحدة والغرب والخروج بأقل قدر من الخسائر، وهو لم يدلي بأي تصريح ضد المحرقة ليس لأنه لا ينكرها وليس لأنه يخشى إثارة حفيظة الدولة العبرية والمتعاطفين معها عبر العالم، بل لأنه كان يرى بأن الحديث عنها لن يأتي بفائدة لبلاده كما أن العزوف عن ذكرها لن يأتي بمضرة، وفي برنامج إيران النووي كان ينتهج سياسة هي أقرب إلى اكتساب ثقة الغرب في نوايا إيران من اكتساب الوقت كما يفعل أحمدي نجاد، وفتح حوار حضاري مع الشعب الأمريكي، وفي عهده تقاطعت مصالح إيران مع الولايات المتحدة في إسقاط نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام حسين في العراق.
أنا أحترم نوايا الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في إفهام الدول الكبرى ذات السيطرة بأن إيران دولة فاعلة على المسرح السياسي ولها نفوذ في أكثر من موقع ولها طموحات ومصالح كما لغيرها ولا يمكن ثنيها عما تعتبره حقاً من حقوقها المشروعة، لكن سياسة تحقيق النوايا تحتاج إلى أكثر من مراجعة فأنت تلعب بين كبار يسيطرون على معظم مقدرات العالم واللعب مع الكبار أو بينهم يحتاج إلى دهاء وذكاء ومرونة سياسية أكثر منه عناد وشعور مفرط بالقوة وسعي للمواجهة فقد تكون مخاطرة غير محسوبة ولعل تشديد العقوبات وسياسة استهداف العلماء النوويين الإيرانيين بالقتل أو الخطف وتحريك جماعة عبد المالك ريغي (أُعدم مؤخراً) التي حلت محل منظمة مجاهدي خلق بعد انتهاء صلاحيتها وتخلي الحليفين الاقتصاديين روسيا والصين عن مساندة إيران في مجلس الأمن، مجرد رسائل لما هو أكبر وإسرائيل ليست ببعيدة عن هذا كله، وها هو الضجيج الدولي المتعالي صباح مساء حول دورة اليورانيوم الايراني المخصب يفتح شهية أكراد إيران فبدأو يتحركون بشغب أو أُريد لهم في المناطق الغربية المحاذية لكردستان العراق، ناهيك عن التصدع الداخلي مع معسكر الإصلاحيين بقيادة موسوي وكروبي، إيران حالياً تتعرض للخطر ولو استمرت سياسة أحمدي نجاد على ماهي عليه سيكون الخاسر الأكبر هو الشعب الإيراني الذي جرب معاناة الحرب ليجرب بعدها معاناة العقوبات ولا ندري ماذا سيجرب بعدها؟!.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !