السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية
بقلم/ حسام الدجني
من يراقب الولايات المتحدة الامريكية وسياساتها الخارجية واستراتيجياتها في المنطقة، يلاحظ أن النظام الدولي أحادي القطبية الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الامريكية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لم يعمر طويلاً، وان هناك خريطة قد تتشكل للنظام الدولي الجديد لا تسمح بالنظام أحادي القطبية، وهذا ما تحدث به صامويل هنتنجتون وهو خبير وسياسي اميركي حيث قال:"الولايات المتحدة الامريكية هي آخر نظام دولي أحادي القطبية".
حيث تشهد الادارة الامريكية العديد من الازمات، لعل الازمة الاقتصادية العالمية التي عصفت باقتصادها مؤخراً، وتطور اقتصاديات دول كالصين والمانيا والهند وروسيا، تجعل الولايات المتحدة الامريكية منزعجة من البيئة السياسية والامنية والاقتصادية التي تدور حولها وتنافسها.
كذلك فشل الولايات المتحدة في العراق وافغانستان، التي استنزفت القدرات العسكرية والبشرية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة الامريكية من أجل محاربة الارهاب، وفشلت في ذلك، فبعد أن كان الارهاب الدولي محصوراً في افغانستان وباكستان، أصبح اليوم الارهاب الدولي موجوداً في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية، وفي كل بقعة من هذه المعمورة، والسبب في ذلك السياسة الامريكية الفاشلة في المنطقة.
تشكل ازمة زلزال هاييتي مع الاتحاد الاوروبي وتحديداً فرنسا، حيث اعتبرت اوروبا ان الولايات المتحدة تحت شعار المساعدات الانسانية أصبحت قوة احتلال لهاييتي، وتشكل الازمة بداية تمرد الاوروبيين على الولايات المتحدة الامريكية.
أما ملف ايران النووي ففشلت الولايات المتحدة الامريكية من ضرب ايران من الداخل، عبر ما عرف بثورة الاصلاحيين، وأعلن الرئيس الايراني احمدي نجاد، ان ايران أنتجت 20% من اليورانيوم المخصب، وهي بسبب ذلك تدخل في ازمة جديدة مع الصين، أقدمت من خلالها الولايات المتحدة الامريكية على خطوة استفزازية للصين، حيث عقدت الولايات المتحدة الامريكية صفقة أسلحة تقدر قيمتها 6.4 مليار دولار، تشمل مروحيات اباتشي وصواريخ باتريوت، وتقول الولايات المتحدة الامريكية إنها ضرورية لتعزيز الأمن الإقليمي.
في المقابل يرى وزير الخارجية الصيني ،يانغ جيه تشي، إن مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان أضرت بالأمن القومي الصيني مصعدا بذلك من نبرة التصريحات في نزاع يهدد بتعميق الخلافات بين أول وثالث أكبر اقتصاد في العالم. تعتبر الصين أكبر دائن للولايات المتحدة الامريكية حيث تبلغ القيمة 11 ترليون دولار.
وتريد الولايات المتحدة ابتزاز الصين عبر تايوان التي تعتبرها جمهورية الصين الشعبية جزءاً من الارض الصينية، ضمن صفقة تعتقد الولايات المتحدة الامريكية انها تستطيع تطويع الصين الدولة كاملة العضوية في مجلس الامن الدولي، من خلال عدول الولايات المتحدة عن صفقة الاسلحة مقابل قبول الصين بفرض عقوبات مشددة على ايران.
هنا تأتي جولة وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الى منطقة الخليج العربي، لتضغط على زعماء وملوك دول الخليج العربي الى زيادة صادراتهم من النفط والغاز، وتوريده الى الصين حتى تستغني الصين عن خدمات ايران، وتكون الولايات المتحدة قد أحكمت الحلقات على ايران وهيأت البيئة الدولية لفرض عقوبات عليها.
أيضاً الدول العربية قد ترفض طلب هيلاري كلينتون لان زيادة الانتاج في النفط قد يؤثر على السوق، وعلى المخزون الاستراتيجي للدول المصدرة والمنتجة للنفط.
هنا اعتقد ان الصين قد ترفض الصفقة انطلاقاً من أن المصلحة الصينية مع ايران، كون ايران دولة تمتلك قرارها، أما الدول العربية فستبقى الصين رهينة للاملاءات الامريكية.
الصين كدولة كبيرة في المنطقة تطمح بدور سياسي واقتصادي في منطقة الشرق الاوسط، التي تشكل قلب العالم كما تحدثت نظرية ماكندر (قلب الارض)، وهنا تلعب المصالح في تحديد القرار الصيني.
هناك ازمة الولايات المتحدة مع روسيا على خلفية ازمة جورجيا، واستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية، وفشل الدرع الصاروخي في تشيك، وخسارة الولايات المتحدة لحليفها في اوكرانيا لصالح روسيا.
أيضاً للعودة الى الشرق الاوسط، فشلت الولايات المتحدة وادارة الرئيس اوباما، في ملف الصراع العربي الاسرائيلي، وتحديداً الملف الفلسطيني، عندما فشل الرئيس اوباما بوقف الاستيطان، وعندما اعلن السيد محمود عباس فشل المفاوضات.
اذاً السياسة الخارجية الامريكية من فشل الى فشل، وكون الولايات المتحدة حليف استراتيجي لاسرائيل، فهذا الفشل انتقل الى اسرائيل على كل الصعد، وأصبحت اسرائيل اليوم لا تجرؤ على شن أي حرب جديدة في المنطقة، بل اليوم تراجعت حتى عن التهديدات كما حدث مع ليبرمان عندما اطلق تهديداته لسوريا، ورد وزير خارجيتها وليد المعلم، خرجت القيادة الاسرائيلية لتنفي هذه التهديدات وتعلن انها داعية سلام.
نحتاج الى قمة عربية في ليبيا تعمل على تحقيق مصالحة عربية، وتوحيد الجهود الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والخروج باستراتيجية عربية موحدة، لأن اليوم الفرصة مواتية والعدو الاسرائيلي في أضعف مراحله، لذلك ينبغي على الدول العربية فتح كل الخيارات على مصراعيها، وأن لا يستمر خيار السلام خيار وحيد في المنطقة، لان العالم لا يحترم إلا الأقوياء.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)