أيام وأسابيع قليلة تفصلنا عن المعركة الانتخابية المقبلة, ليعود من جديد المشكل القديم المتجدد بالساحة السياسية المغربية, المعضلة القاتلة المتمثلة في العزوف السياسي.
كملاحظة أولية للمعضلة فان الأمر لا يقتصر على المغرب فقط بل يشمل عدة دول, خاصة بالعالم الثالث و الدول العربية.
ففي مصر وتونس كانت صناديق الاقتراع بالانتخابات قبل الثورة تكاد تكون شبه فارغة , إن لم نقل فارغة تماما , لكن بعد الثورة فوجئنا بالمشاركة الهائلة في الاستفتاء الدستوري المصري حيت تجاوز عدد المشاركة 80 بالمئه , تم جاءت الانتخابات التونسية لتفجر مفاجئة كبرى بعد تجاوز نسبة المشاركين عتبة 98 بالمئة, وهي نسبة جد كبيرة , وتفوق مجموعة من الدول الاكتر ديمقراطية بالعالم.
فيا ترى ماهو السر وراء التغيير الجدري لملايين الأشخاص كانوا قبل أشهر معدودة لا يحبون سماع حتى كلمة السياسية لما لها من ارتباطات إشكالية.؟
الحقيقة إن الأمر, رغم عمقه الاجتماعي والسياسي إلا انه بسيط من الناحية النظرية, فالمسألة كلها عبارة عن رابط ثقة بين المواطن من جهة و الأحزاب السياسية والدولة من جهة أخرى.
فعندما يحس المواطن بان لصوته قيمة, وانه لن يذهب هباء , وان صوته قادر على تغيير مسار بلاد بأكملها, فان روح المواطنة بداخله تتعزز و تكون حافزا له , لكي تدفعه إلى المشاركة الانتخابية و السياسية.
لكن ادا كان المواطن يعلم مسبقا , أن نتائج الانتخابات معدة ومجهزة مسبقا , وان الأحزاب قد تقاسمت الكعكة الانتخابية ,ولا تعير أي اهتمام للمواطن, فان هدا الأخير يبادلها نفس الشعور, لان عامل الثقة مفقود , وهو يعلم أيضا أن صوته لن يغير شئ فبالتالي ينعدم الحافز الذاتي و الوطني , فتنعدم المشاركة الانتخابية و السياسية .
إنها معادلة الثقة بين المواطن من جهة , و الأحزاب و الدولة من جهة أخرى.
يمكن لنا أيضا تفسير هده المعادلة بطريقة أخرى أيضا, أثارني طرح للمفكر محمد سبيلا في كتابه للسياسة بالسياسة , عندما مثل السياسة كسوق لشراء البضائع المختلفة, انطلاق من مجموعة من النظريات السياسية و الفلسفية, وأنا أقول أيضا إذا كان السوق الاقتصادي يتمحور حول, البائع ( المؤسسات التجارية و الشركات .. الخ) , تم البضاعة ( مواد غذائية تجميلية, طبية, أجهزة ... الخ.), و أخيرا المشتري ( المواطن).
فان الأمر لا يختلف كثيرا بالسوق السياسية أيضا, فهي تتمحور حول,
البائع ( الأحزاب ورجال السياسية )
البضاعة ( البرامج الانتخابية, الايدولوجيا الحزبية)
المشتري ( المواطن)
فعندما يكون البائع جشع, فان المواطن يفقد الثقة به, ولا يشتري منه, فيحصل كساد للبضاعة, ثم ركود للأسواق السياسية,
وبالتالي عزوف سياسي. وهدا هو ما نعاني منه بالمغرب.
هشام باسيطي
كاتب ومحلل سياسي.
----------------
صفحتي الجديدة على الفيس بوك
http://www.facebook.com/bsthicham
التعليقات (0)