مواضيع اليوم

السودان .. قربانا للأصنام !

عبدالسلام كرزيكة

2011-07-09 12:19:01

0

ليست مفارقة أن تكون أول خطوة، أول خطوة على الإطلاق تخطوها دولة جنوب السودان بعد ولادتها بلحظات فقط، هي إزاحة الغطاء عن تمثال الرجل الذي ساهم في إنماء حلم الإنفصال وغذاه في نفوس الجنوبيين منذ بداياته، راحلهم (جون غرنغ) ، وتم ذلك حتى قبل رفع العلم الوطني والإستماع للنشيد الوطني ، وحتى قبل الإعلان الرسمي عن الإستقلال !.. لأن إثنية جنوب السودان معروفة مسبقا، بأنها علمانية مع تقديم الديانة المسيحية على باقي الأديان والمعتقدات، تماما كالنماذج الأوروبية لكن على الطريقة الأفريقية !..

جون غرنغ ـ الصنم ـ ظهر وهو يحمل بيده اليمنى ـ التي يرفعها إلى الأمام ـ عصا !.. نعم عصا، هي لكل خارج عن المبدأ والنهج الغرنغي القويم الذي رسمت الحركة الشعبية معالمه ووضعت أسسه وتتبناه حصرا، بالتالي هي العصا لكل خارج عن سيطرة الحركة الشعبية !.. وبيده اليسرى ـ أي جون غرنغ الصنم ـ يتأبط كتابا، ورغم أن الكتاب من البرونز، إلا أن عنوانه معروف حتى من دون أن يُكتب أو يُقرأ !.. لأنه (حُمّل) إيّاه بطريقة الرّهبان المسيحيين !..

جون غرنغ ـ الحقيقي ـ ناضل من أجل قضية شعب الجنوب، ومات من أجلها، فاستحق أن يكون رمزا، واستحق أن يُصنع له صنم من البرونز أو حتى من الذهب .. صنمٌ يتم عرضه وتقديمه للعالم على رأس كل البروتوكولات الرسمية الأخرى في يوم ميلاد الدولة الحلم !.. لذلك أعود وأؤكد بأن تلك ليست مفارقة !.. إنما المفارقة الحقيقية أن رئيس السودان الشمالي عمر البشير، قد حضر مُرغما لرؤية السودان الواحد يُذبح أمام عينيه، ويتحمّل سماع النكاية من أبواق الحركة الشعبية مُكرها، ولامجال أمامه لسدّ أذنيه !.. عمر البشير الذي خسرت حكومته وحدة السودان، ستخسر قريبا رهان الحكم فيما تبقى من السودان الشمالي أيضا، لأن الضعف، والعجز، والوهن، كلها أضحت ظاهرة للعيان !.. والمفارقة أيضا أن المعارضة المُرشحة لإزاحة حكومة البشير أو منافستها على السلطة، شاركته تقديم العزاء في أفراح الجنوبيين، وحضرت طقوس ذبح وحدة السودان، وعلى رأس تلك المعارضة رئيس حزب الأمة الصادق المهدي ؟!.. وأتذكر هنا حديث أحد الإخوة المدونين السودانيين منذ يومين فقط، والذي دعى فيه إلى وقفة حداد على روح وحدة السودان في مقار حزب الأمة !.. وطلب من السودانيين الذين تُسعفهم قراءة مقاله، أن يلزموا بيوتهم كأضعف الإيمان ترحّما على إنشطار سلة الغذاء العربي !..

المدون الذي تكبّد كل ذلك العناء لأنه يحب وطنه، ولأنه يثق في قيادات إنتمائه الحزبي، لم يكن يعرف أن الصادق المهدي تجاوز حدود بيته وحدود حارته بل وطار واجتاز الحدود المرسومة بدماء آلاف السودانيين، ليشارك الجزّارين أفراحهم بذبيحتهم ؟!.. ولم يكن يعرف أن الصادق المهدي لا يختلف كثيرا عن البشير الذي يعارضه، وكلاهما لايختلفان كثيرا عن صنم جون غرنغ في هذا اليوم بالتحديد، بل وأبخس منه !.. لأن الجنوبيين يعتبرون صنم قائدهم الروحي أغلى على قلوبهم من كل شيء ويقدّمونه على كل شيء، وأكيد سيتم نصبه في أفخم وأرقى رقعة فيك يا جوبا العاصمة وتحت ظله يُصنع القرار !.. أما الشماليين فهم ينظرون إلى نظامهم كما إلى معارضيه في هذا اليوم بالتحديد، أصناما لاتنفع كما تضر، ويكفي الضرر الذي ألحقه جمودها وتعنتها وصلابة مواقفها وتعاملاتها بوحدة السودان !..

09 . 07 . 2011

 

 

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات