السودان في مواجهة الإلحــاد وشباب توك
مصعب المشرّف
27 سبتمبر 2018
مثلما أثارت تشكيلة وزارة الصدمة الكثير من التساؤلات حول الكيفية التي يتم بها إختيار وتنصيب الوزراء دون إستشارتهم مسبقاً ... فقد أثـارت مشاركة فضيلة الدكتور محمد عثمان صالح ؛ بوصفه رئيس هيئة علماء السودان ..... أثارت الكثير من علامات الإستفهام والغضب لما أصاب هذا المنصب من تطاول غير مسبوق من جانب فتاة مُشوّشة الفكر جاهلة إلى درجة السذاجة بأمور دينها ودنياها ؛ وحيث جرى كل هذا الهراء في حق الدين الحنيف خلال برنامج تلفزيوني أجنبي "مشبوه" رسالياً من جهة . ويتفاخر ويتباهى فيه مقدمه بأنه لوطيّ ممارس من جهة أخرى.
ولقد حاول فضيلة الدكتور محمد عثمان صالح أن يجد لنفسه (لاحقاً) المبررات والأعذار .. ولكنها جاءت جميعها غير مقنعة . ولا تعفيه أو مكتبه من المسئولية .. كما لا تعفي قناة سودانية24 ساعة هي الأخرى من المسئولية كونها هي المؤسسة التي وجهت الدعوة إلى فضيلة رئيس الهيئة بعد أن إستضافت برنامج Shabab Talkكراعية محلية كفيلة له. ومسئولة عنه .. وحتما كانت هذه الكفالة نظير أموال سَخِـيـّة قد تكون هذه القناة الخاصة في أمس الحاجة إليها بعد تخفيض الدولة للدعم المقدم للإعلام.
إتكى الدكتور محمد عثمان صالح على سند من القول بأنه لم يتفحص الدعوة كثيراً لأنها جاءت من إدارة قناة سودانية24 . وبالتالي ظن أنها دعوة لا تخرج عن مثيلاتها وسابقاتها لجهة توخي مراعاة وإحترام المشاعر الدينية وعدم المساس بثوابتها وفق ما درج عليه حال القنوات الفضائية السودانية من تقاليد متعارف عليها منذ عهود الإعلام الأولى.
وقد كان المتوقع أن بنسحب الشيخ محمد عثمان صالح فوراً من هذا المجلس الذي كان مجلس سوء ومنكر لأن مقدمه نجس يمارس اللواط أولا بإعترافه هو والإعتراف سيد الأدلة .. ثم ولطبيعة البرنامج الذي يبشر بالإلحاد .. ولقول الله عز وجل في الآية (140) من سورة النساء [وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ].
وجاء عن عمر بن العزيز رضي الله عنه أنه رُفع إليه تقرير بأن أن فلانا وفلانا من بني أمية وأصحابهم يشربون الخمر في مجلس فلان . فقال أجلدوهم .. فقالوا له أن فيهم فلان لا يشرب وهو صائم . فقال لهم أبدأوا به هو قبلهم. لأنه جالسهم ورضي فعلهم.
ومما لاشك فيه أن تفاصيل ومجريات حلقة هذا البرنامج المسمى شباب توك . ما كان لها أن تشهد كل هذا الزخم اإعلامي وردود الأفعال المستهجِنة الغاضبة الإستثنائية بشفافية الأسافير ؛ لولا أن فضيلة الدكتور قد شارك فيها بوصفه رئيس هيئة علماء السودان.
ثم أن مجادلة العلماء للجهلاء والدهماء والعوام لا ينصح بها أحد في الأولين واللاحقين ... . فقد جاء في أقوال الامام الشافعي رحمة الله "ما جادلت عالما الا وغلبته وما جادلت جاهلا الا وغلبنى" ...
وقال بعض أهل العلم . أنه متى حاور العالم جاهلاَ . فإن الجاهل يظن لجهله أن الحق معه . ويتمادى في ظنه ويظن أنه عالم فيتضرر هو بجهله قبل غيره... وقد جاء في سورة الأعراف . الآية رقم 199 [خُــذ العفو وأمُر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين].
على اية حال فإننا في هذا الجانب وحده لا نرغب في محاكمة الشيخ صالح . فهو لدينا أرفع من ذلك ونكن له وافر التقدير والتوقير والإحترام .... ولكن نأمل (وقد أصبح حال الدنيا على ما هو عليه) أن يتحــرى الدقة والحــذر مستقبلاً ... وأن يضع لوائح وإجراءات تنظيمية روتينية صارمة فيما يتعلق بعلاقاته العامة التي ترتبط بالقدسية الروحية لمُسَمّىَ الكرسي الذي يجلس عليه أكثر من إرتباطها بشخصه أو قناعاته المتسامحة .... ومن ثم تعيين مدير مكتب إن لم يكن لديه ... أو إذا كان لديه ؛ فينبغي مستقبلاً أن يحيل مثل هذه الدعوات إلى سكرتير أو مدير مكتبه للتدقيق فيها تدقيقاً مؤسساتياً روتينياً بمراسلات رسمية قبيل البت في تلبيتها أو عـدمه .. وبحيث لا يمكن القبول مرة أخرى أن يخوض الجالس على كرسي هذه المؤسسة الإسلامية (بغض النظر عن الشخص) أن يخوض بدون علم في مستنقعات برامج أخلاقية إلحــادية آســنـــة ؛ لا يُعرف لها أصل من فصل . وتموّلها حتماً وتقف خلفها ايادي قذرة ملوثة خفية.... ويجادله خلالها جهلة حمقى. يؤذون مسامعه ومسامع عامة المسلمين.
ونهيب بمجلس الهيئة أن يبادر في أقرب إحتماع إلى التوصية بسن قائمة نظامية تحدد إجراءات وشروط إستضافة رئيس الهيئة في برامجها وندواتها .. إلخ .... يتم إرسال نسخ منها إلى كافة المؤسسات الإعلامية والتربوية ..... لاسيما وأننا في هذا الزمان الذي يشهد تنامي المؤسسات التعليمية والتربوية الخاصة ؛ اللاهثة خلف تحقيق الأرباح والحصول على الدعم والتمويل المالي الأجنبي السخي .. وعلى نحو لا نستبعد فيه رضوخ بعضها لإملاءات "إلحـادية" و "ماسونية" ، وغيرها من تنظيمات معادية للأديان عامة والإسلام خاصة.
أخيراً ؛ فإن الذي يستقيه الإنسـان من إنفعالات الفتاة "وئام شوقي" وعدم قدرتها السيطرة على نفسها حين تتحدث عن الدين وتربطه بالأشخاص والمرسسة السياسية والإجتماعية والجنس والسحاق واللواط .... يستقي من كل ذلك واقــع ومــدى التشويش والتشويه الذي يعاني منه بعض أبناء جيلها بسبب الغزو الثقافي والحضاري في العالم الإفتراضي .. كما يظــل بعض أبنـاء هذا الجيل ضحية إهمال الأسرة تعليم أبنائها أسس ومباديء الإسلام . أو أن رب الأسرة ملحد أو سادرٌ في غَيِّهِ وسعيد بجهله .. وربة أسرة كالبهيمة لا تغتسل ولا تتوضأ ولا تصلي ، ولا تخضع لله عز وجل فتتعبد له وتتقرب إليه بالسؤال والدعاء والرجاء والإستغفار أمام أولادها . فينشأ أطفالها لايجدون في أنفسهم محبةً لله أو حاجةً إليه أو خوف منه ، ووجل ونزعات إلى الطاعة والتسليم ..... فضلا عن أن بعضهم يجدون في الإسلام بفرائضه وحلاله وحرامه خصما لهم وفيع وخزاً لضمائرهم النائمة والنفس اللوّامة.
ثم نلاحـظ إهمال المدرسة والمؤسسة التربوية الحكومية أو الخاصة لمادة التربية الإسلامية ؛ بزعم أنها لاتساهم في إيجاد فرص عمل للخريج مقارنة باللغة الإنجليزية .. وهذا خطأ شنيع في الإستدلال .. فمنهج التربية الإسلامية إنما يمثل الذخيرة والركيزة الأساسية في خلق الإنسان الجاد المثقف المتمتع بأخلاق رفيعة سامية ، ويستلهم العقل وينشد الحكمة في كل أمر .. وبالتالي يكون الأقدر على الصبر ومجابهة المصاعب والأقدر على الإنتاج.
كذلك يستقي الإنسان مدى وفداحة التأثير السلبي للإسلام السياسي على عامة المسلمين. وأن معاول هذا الإسلام السياسي قد ساهمت بقدر وافر كبير في نشوء أعداد ضخمة من شباب ومراهقين ؛ يظنون أن الإسلام والإخوان المسلمين هما وجهان لعملة واحدة .. وبالتالي فإن كل الشرور والآثام والفشل الذي ينتجه منهج الإسلام السياسي أمامهم جهاراً نهـارا إنما يمثل في عقلهم نتاجاً طبيعياً (ومعطيات سلبية) لرسالة الإسلام..... على الرغم من الخطأ الفادح في هذا المذهب الذي يذهب إليه هؤلاء الشباب والمراهقين في زماننا هذا.
إنها ظاهرة أصبحت أكثر وضوحاً في الأسافير بسبب ما توفره من حرية وشفافية وتفاعلية .... ويلحظها الكاتب والقاريء على حد سواء في تعليقات المتفاعلين مع المقال والخبر ..... فالكاتب المسلم على المحجة البيضاء إذا إستشهد بآية قرآنية ، وحديث نبوي وسيرة الخلفاء الراشدين وجهوا إليه أصابع الإنطباع بأنه من الإخوان المسلمين . وأن هؤلاء يحكمون البلاد ويفعلون كذا وكذا .. أي كأنّ هذا الكاتب منهم ويمثلهم .... وكذلك إن كان له رأي في الشيوعية أو الإلحاد أو غيرهم .... وبعبارة مختصرة أدقّ أصبح الناس لجهلهم يخلطون بين التدين على المحجة البيضاء بمنهج وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدونِ ... وبين نهج أتباع الإسلام السياسي الذين لهم أجندة حزبية ودوائر مغلقة وأزياء شهرة خاصة بهم تميزهم وتفصلهم عن غيرهم من عامة المسلمين.
التعليقات (0)