السودان: خطوة للأمام وعشرة للخلف
تحذيرات من تدفق أسلحة.. ..وتلويح للبشير بتصعيد ملف "الجنائية"
بقلم/ ممدوح الشيخ
تقارير دولية متشائمة ومليئة بالتحذيرات من مخاطر في الشمال والجنوب
المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة: العنف بالجنوب شهد تطور كبيرا في الأسلحة
علماء دين يصدرون بيانا ضد انفصال جنوب السودان ويحرمون "حق تقرير المصير"
جان بينغ مفوض الاتحاد الأفريقي يحذر من احتمال عودة الحرب وانتشار ظاهرة الانفصال بمناطق أخرى
اتهام الجنائية الدولية للبشير بالإبادة الجماعية قد يجعل مستقبل ترشحه للرئاسة غامضا
قائمة الاتهام الموجهة للبشير: القتل..التصفية العرقية..التعذيب..الاغتصاب..والتهمة الأخطر: "الإبادة الجماعية"
لا أحد يرى الأوضاع في السودان تبعث على التفاؤل سوى النظام الحاكم!
فالتقارير الدولية تتوالى متشائمة ومليئة بالتحذيرات من مخاطر في الشمال والجنوب، والجديد أن أطراف أفريقية أصبحت تخشى من انتشار وباء الانفصال في القارة البائسة في حال انفصل الجنوب!
ومؤخرا اعترفت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة بأن تدفقا للأسلحة صوب جنوب السودان شبه المستقل وبعضها أسلحة ثقيلة يبعث على القلق. وقالت الديبلوماسية الأميركية: "شاهدنا في أعمال العنف التي تجري في الجنوب درجة عالية من التطور والفتك في الأسلحة التي تستخدم". وقال مسؤولون بالأمم المتحدة في أحاديث خاصة إنهم يشكون أيضا في أن الشمال يزود المقاتلين الجنوبيين بالأسلحة. وهناك من يربط ربطا مباشرا بين الأسلحة والانتخابات الانتخابات السودانية القادمة المقرر إجراؤها في إبريل/ نيسان المقبل، ما يعني أن صندوق الانتخابات يمكن أن يفتح الباب لعودة الرصاص!
وبينما أعلن الرئيس السودان عمر البشير قبوله نتيجة الاستفتاء على مستقبل الجنوب أيا كانت واستعداده للاعتراف بانفصاله أصدر علماء دين بيانا ضد انفصال جنوب السودان، ووقع البيان مجموعة علماء المسلمين وأساتذة جامعيين وأئمة مساجد ودعاة في عدة دول بينها مقدونيا والجبل الأسود، تركيا، الهند، كوسوفو، إضافة لدول العربية مثل سوريا، البحرين واليمن، ولبنان إضافة لعلماء وشخصيات من السودان.
ومن النقاط الأساسية التي ركز عليها البيان أن السودان بلد مسلم وبوابة للإسلام نحو إفريقيا السوداء لا يجب تركه فريسة لـ "أعداء الإسلام"، في إشارة للتحولات التي يمكن أن تحدثها الانتخابات الرئاسية والعامة والاستفتاء المزمع عقده بشأن تقرير مصير جنوب السودان. وجاء بالبيان عدم جواز ترك أرض خاضعة لسلطان المسلمين ليقيم عليها الأعداء. كما شدد البيان على عدم جواز الإقرار بتقرير المصير، الذي وصف بأنه "مرفوض شرعا". أما النقطة الثالثة في البيان فتقول بعدم جواز خذلان المسلم
في الشمال السودان لأخيه في الجنوب في حالة اختيار الجنوب الانفصال في الاستفتاء المقبل في العام 2011. وفي الوقت نفسه ترتفع أصوات بعض علماء المسلمين في السودان منادية بدعم الرئيس الحالي البشير في الانتخابات القادمة باعتبار الأقرب إلى الله.!
ويثير هذا البيان تساؤلات عما إذا كان ورقة ضغط يستخدمها النظام السوداني نفسه مستغلا علاقاته بالحركات الإسلامية، أم محاولة ضغط من الإسلاميين على نظام البشير لتشكل "خط أحمر" غير رسمي في مواجهة الانفصال الذي بات شبه مؤكد. والبعض يفضل تفسيرا ثقافيا يرجع لهجة البيان إلى كون موقعيه تأثروا بعلماء سودانيين تلقوا تعليمهم في بلدان عربية لا تعرف التعددية الإثنية التي تتميز السودان. واهلعا المرة الأولى التي يثور فيها جدل فقهي حول المشروعية الدينية لحق تقرير المصير الذي يراه معارضو البيان منضويا تحت مبدأ "تخفيف الضرر".
من ناحية ثانية حذر جان بينغ مفوض الاتحاد الأفريقي من احتمال عودة السودان إلى الحرب الأهلية في حال قرر الجنوب التصويت لصالح الانفصال ووصف بينغ حال السودان كمن يجلس على قنبلة موقوتة. وقال إنه لو تحقق ذلك السيناريو فقد يحفز مناطق أخرى، مثل دارفور، على الانفصال.
وفي تحول اعتبره كثير من المراقبين توجها واضحا لإقصاء البشير من الانتخابات الرئاسية القادمة أصدرت استأنف مورينو اوكامبو قرار سابقا للمحكمة الجنائية الدولية للمضي قدما في توجيه اتهام بارتكاب إبادة جماعية للرئيس البشير، كانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمرا باعتقال البشير في مارس/ آذار 2009 بسبب ارتكابه جرائم حرب في درافور فيما يتعلق بعمليات قتل جماعية وترحيل، لكنها قالت آنذاك إنه لا توجد أرضية كافية لتوجيه اتهام له بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وقد قبل قضاة الاستئناف بالمحكمة الاستئناف الذي قدمه المدعي العام مورينو اوكامبو ضد قرار غرفة البداية السابق بعدم قبول تهمة "الإبادة الجماعية" ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير في دارفور، ما يعني احتمال ترشح الرئيس البشير للانتخابات الرئاسية القادمة أصبح يلفه الغموض. وسريعا استغل معارضو البشير – وبخاصة حركات التمرد في دار فور – القرار الجديد لتبرير الإحجام عن التفاوض مع النظام السوداني باعتبار أن من غير المقبول أخلاقيا الجلوس على طاولة المفاوضات مع حكومة "متهمة بارتكاب جرائم إبادة، وتضم قائمة الاتهام جرائم: القتل والتصفية العرقية والتعذيب والاغتصاب ومهاجمة المدنيين، والتهمة الأخطر: "الإبادة الجماعية".
وفي تناغم مع مناخ التصعيد أعلن الرئيس الأميركي أوباما أن من المحتمل فرض المزيد من العقوبات على السودان، ما لم تقدم على المزيد من التعاون مع جهود أميركا، وهو أضاف أنه: "في حال لم تستجب الحكومة السودانية فسيكون من المناسب استنتاج أن أسلوب التواصل غير ناجح وأن علينا أن نمارس ضغطا إضافيا على السودان من أجل تحقيق أهدافنا. ووصف الرئيس الأميركي الوضع في السودان بالـ "مفجع والصعب للغاية".
فبعد سنوات بعد حرب أهلية حارب ضد الشمال فإن الناس في الجنوب الآن تقاتل بعضها وهناك ارتفاع حاد في العنف ومخاطر الانزلاق إلى فوضى كاملة، ويخشى خبراء في الجنوب من أن الجنوبيين سيقاتل بعضهم بعضا في المرة القادمة. وقد حدثت مؤخرا اشتباكات بسبب ماشية بين اثنين من الجماعات العرقية أدت إلى وفاة 139 شخصا!!!.
ويشهد الجنوب تصاعدا في حدة الشكوى من سيطرة استبعاد مخطط لجماعات بعينها من السلطة في الجنوب وتشكل التوترات العرقية الوقود الجديد للنار القادمة، فمعظم المناصب يستأثر بها أشخاص فقط من قبيلة الدينكا، وحسب مصدر جنوبي رفض الكشف عن اسمه خوفا من الانتقام فإنك إذا ذهبت إلى جوبا (عاصمة الجنوب) وستجد معظم الوزراء وموظفي الخدمة المدنية، ومن قبيلة الدينكا بينما جنوب السودان يضم حوالي 65 جماعة عرقية.
التعليقات (0)