مواضيع اليوم

السنـــــــــــــدره

فاطمـة العـٌريَض

2009-07-27 15:19:18

0

السنـــــــــــــدره

 


أحيانا لا نعرف كيف نفسر مشاعرنا ولا كيف نمسك بها نجدها متواجده بكل سطوتها وجبروتها وقوتها .....هادره تغرقنا ....... تؤلمنا وتميتنا وتحيينا فى اليوم الواحد الف الف مره.......
الف الف مره ينخلع القلب ويموت ويحيا ويرفرف ويسعد ويعود لينكمش وحيدا خائفا.....
تتجول بنظرها بين اكوام المهملات فى بيوت من تعرف...... اكثر ما يجذبها السندره واكوام المهملات التى يستعد مالكوها للتخلص منها...
تهب لمساعده الجميع اذا ما اعلنوا عن حمله التنظيف والقاء كل ما هو قديم....
قديم .... تثيرها الكلمه الى حد القفز من مكانها.... تشمر عن ساعديها وفى دقائق معدوده تكون مستعده للقيام بمهمتها الجديده
فرز القديم........المستغنى عنه ...... المهمل.....
مالاحاجه له ...الفائض....البغيض...الحمل... ذلك الذى يشكل غما لمالكه ....... العبء
يقفز قلبها من مكانه وهى ترى ذلك الكم الهائل من الفوائض ......
تدخل الخزانه والسندره والبيوت ......
لا تبالى بالاتربه التى قد تعلق بها ولا تلقى بالا لملابسها التى قد تتسخ وهى تعرف حتما انها ستتسخ......
تقف بكل قوتها متشبثه بالسلم الخشبى لتصل الى ذلك الرف العال... المنبوذ.. البعيد عن الاعين والايدى والقلوب ...
او تجلس القرفصاء فى غرفه الخزين كطفله فى محل للعب تمسك بكل قطعه وتتفحصها ثم تسأل صاحبها ........
- أتريدها؟
غالبا ما يأتى الرد بالنفى.......
- لا
ترى كل قطعه فى حنان بالغ تمسكها لبضع ثوان او دقائق حسب احساسها ... تمسكها كما لو كانت جديده تماما...لا ترى تشوهاتها وانما فقط زهوها ولمعانها.....تراه وحدها.
تنسج حكايا لذلك المفرش الخرق ، ولتلك الوساده التى احترقت اطرافها بفعل الاهمال او بنار سيجاره .......
تتخيل كل قطعه كيف كانت فى ماضيها وكيف انها كانت ذات دلال وقيمه ....
كيف انها كانت مفخره لمن اقتنوها فى زمانها....
من رأت؟
من استعملها؟ .....
من جلس على ذلك المقعد ذى الارجل الثلاث؟
ومن استقبل ذلك البرواز المتكسر الاطراف عند مدخل البيت...؟ كيف شهدوا الضحكات ... وكيف راوا الدموع ماذا سمعوا وماذا قيل فى حضرتهم.؟
احيانا لاترى سوى شىء عتيق لاقيمه له بتاتا......رغم اصرار مالكه على انه كان ذوقيمه وانه ذو تاريخ وانه وانه........الا انها لها وجهة نظر خاصه فى تثمين ما تراه.
فستان زفاف قديم .... فراء مهترىء......حقيبه يد ممهوره بتوقيع اشهر المصممين....
قطع حلى ..... علبه مجوهرات باليه ........اشياء لا تسترعى انتباهها.
لا تاريخ لها لا قصه ترويها الا قصه صاحبها فقط حين كان يزهو بها انانيا .....اشياء شخصيه بحته.....
نادرا ما يسترعى انتباه مالك الخزنه شىء يرى انه قد يستعمله فيما بعد.....او قد يعز عليه القائه ...
امتلاك ....
ما يلقى فى تلك السندره لا يعود للحياه ابدا......يموت ويتعفن وجوده مهما ان غلا او علا...تنساه العيون ..... والقلوب...
- انت محتاجها فعلا؟
- اه بيتهيأ لى انى ممكن استعملها
- بس دى قديمه جدا وانت سايبها هنا من سنين...
- مش عارف بس ممكن لو اتلمعت واتصلحت استعملها تانى...
لا تجادل ولكنها تعلم فى قراره نفسها ان تلك القطعه المسكينه لن تحظى الا بالامل الضائع فى حياه اخرى وانها بعد بضعه ايام ستعود لمكانها بالسندره مع كم اكبر من الاهمال والكراهيه والبغض لوجودها.....فتزداد قدما واتساخا واهتراءا.....لن تعود تصلح الا لسله المهملات .
تصمت...
تعمد الى عمل ثلاث اكوام ... تلقى بكل حذر فى كل كوم ما يستحق
واحدا لما لا يصلح فعلا ولن يستعمل ...
للبغيض فاقد الصلاحيه ....
المؤذى...
الثانى لما يراه صاحبه ليس ذو قيمه ولكنها ترى ان بعض الاهتمام به سيعيده للحياه فتيا قويا
والثالث لقسم حب الامتلاك الذى يراود صاحبه ولايريد ان يستغنى عنه ويراه نافعا للحظات ..
تعلم انها لحظات امل فى اعاده الحياه وانها مشاعر الحنين او الخوف من الفقد ليس الا وانها بمجرد انتهاء مهمتها وتنظيف السندره او الخزانه وخروجها من البيت لن يجد ذلك الشىء المسكين اى عنايه بل قد يهمل اكثر واكثر ليستقر حزينا مره اخرى ينتظرها فى المره القادمه او قد يسبقها مهانا ذليلا الى بائع الروبابكيا او مسحوقا دون اى كرامه فى سله المهملات ينتظر جامع القمامه ليستقر فى جربه......متعفنا.
يتعجبون من كومها الذى استئذنت فى الاحتفاظ به لنفسها انها اشياء لا قيمه لها... عندهم...
اما هى فتلتمع عيونها وترى قيمه مالا قيمه له...احيانا يثير شغفها بالقطع غيره صاحبها فيعمد الى تقريزها
- انتى غاويه تلمى زباله باين عليكى؟
- ممكن والله ...هوايه بقى
- يا بنتى انا مش شايف اى قيمه غير القرف والتراب والبهدله فى اللى انتى شايلاه ده ؟؟؟؟
- مين قال !!! ثم انا مبسوطه ...
انت تعبان ليه كده كده انت كنت هترميهم ......وللا انت طمعت فيهم وشفت لهم قيمه لما حسيت ان حد هياخدهم منك
تقطع جملتها الاخيره اى حوار ويصمت محدثها خجلا ....
تعود بكنزها لبيتها فرحه.... مستثاره بجنون ... تعيد فرز غنيمتها.....
غالبا ما تكون جميع ما اخذت ذو قيمه بالنسبه لها ونادرا ما قد تجد قطعه او اثنتين لا قيمه لهم نادرا.....
نادرا ما تخطىء التقييم...نادرا ما تكون قد اخطأت النظر......نادرا ما يخونها عقلها أواحساسها
تجلس بكل همه ...تنظف قطعها ..... تسود يديها ....
تضع كل قطعه بعنايه فى ركن الغرفه الخاليه وتبتعد ممسكه بقطعه القماش المصبوغه بلون الموت ...
تتنفس القطعه تلو الاخرى...تعود لبعض الحياه...
تنظر اليها من بعيد ...
تبتسم لها...
تتخيلها بعد ان تعود اليها الروح كامله .........
تنفق على كل قطعه ما يلزم.......لا تبخل ......ترسلها للعلاج .......
تنتظر بلهفه عودتها ...
شوقها لصنيعها يلهب عقلها .... تظل منتظره احبائها بعد التعافى
تهيىء لكل منهم مكانا خاصا يليق به .........
تقدرهم...
يوم التلاقى....تقفز فرحه منبهره.....
تزيل اوراق التغليف.....بسرعه....تمزقها لهفا....
تنظر بعيون ملت الانتظار ...
سبحان الله !!!!
تهتف بها وهى تربت على كل قطعه ......... تقترب وتبتعد لترى جمالها الحقيقى ......تتذكر كيف كانت والى ماذا آلت ....
سبحان الله
تضع كلا فى مكانه ..... ترتاح وتبتسم
تصور قطعها قبل وبعد....
لم تتخذها ابدا مهنه رغم مهارتها....ورغم نصح الناصحين ...
تدفن تلك الصور فى مكان لا يعرفه الا هى.....لا تفتحه ابدا امام قطعها ......لا تريد جرحهم او تذكيرهم.....تبغض المن
تفتح صورها تلك... وحدها... حين تحبط او تفقد املا ............
تفتحه حين تخونها احدى القطع ولا تستسلم للحياه بل تهرع للموت....
تفتحه لتبث فى نفسها نورا واملا بانها تستطيع وانها قادره وانها وانها........
كانت هوايتها شغفها الحقيقى حتى فى علاقاتها ... تختار علاقات مهمله..... تحييها...تفرح بها ...
تخلق لهم مكانا... تحافظ عليهم ...
يتركونها .......يهربون من مكانهم ......منها.....يتناسون ماضيهم موتهم .....
لا يتذكرون جهدها ...لايتذكرونها....
ينكروها.....
يهربون لمن لا يعرفهم .....لمن يرى لمعانهم فقط.....لمن لايعرف لاجروحهم ولا اصلهم....
فى لحظه اختيار مبكره فى الاربعين .....اختارت
قطع السندره...
المقتنيات الانتيك....




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !