السندباد المصري 2
مرويات سعيف علي
توطئة
افاض السندباد في الحلقة الاولى www.elaphblog.com/save.aspx?u=2018 على مصر من كراماته فجرى نيلها و امطرت ثم غاب و ترك الناس في لغط فمن مخبر عن موته و عن مخبر عن غيبته ..زاد اللغط لكن ابا عمر كان لا يستقر على راي لانه كان على ثقة من ان السندباد قد رحل...
كنت قد عزمت بعدما رأيت ما رأيت من امر السندبادي و اختفائه عن الناظرين المنتظرين لبركته، المتمسحين في عباءته. و بعدما استقر عندي و خلصَ رأيي أن السندباد قد رحل عن ارض مصر و قد رأيت النور في البحر يخبر عن رحيله.
وكنت على خلاف القوم انتبهت إلى انه قد غادر و حسبوا هم انه بينهم و كثرت الإشاعة أن الوالي حبسه عنده خوفا على سلطانه و انه أرسله إلى الخليفة في جنون الليل. فعزمت على أن أتقصى خبره وأعدَّ نفسي للمسير، فأخفيت الأمر حتى على الصحب الا إيلافا و قد لزمته لأعرف منه خبر السندباد وكان خبيرا في تقصي الخبر و جمعه و تمحيصه ....
أتاني يوما على عجل و أبرق لي من البشرى ما ثلُج به فؤادي فقال ان السندباد قد ظهر في بلا د الأندلس بعد أن دعاه أهلها للنجدة لكنه لم يستطع أن يكف قدر الله بعد ان أثخن فيهم النصارى النبل و السيف و الارتداد و التهجير و اهرقوا من حبر الكتب في انهار الأندلس ما يغير الماء أربعين سنة، لا يشرب منه شارب و لا يسقى منه زرع. وكان الدعاء قد انحبس في أرضهم لا يبرحه إلى السماء بعد أن كثرت خيانات أهلنا هناك بعضهم البعض
لكن السند باد في ما اخبرني عنه ايلاف صاحبهم في السفن و أحاط بهم و مشى معهم يسبقهم تارة ليكف عنهم أذى الطريق و يبيت معهم حارسا .وكان أفاض لمن استطاع السهل وأهان الرابية لهم فزرعوا و رتبوا الماء و نقلوه ... كانوا بارعين في ذلك أيما براعة، ويحكى انه قاتل ماة رجل لوحده فهزمهم جميعا و ادخل في قلوب قطاع الطرق الهلع فطلبوا الصفح، و ابتعدوا عن أهلنا المهجرين فاطمأنوا إلى الحياة والعمل و اطمأن قلبي أني سألقاه لاصطحبه.
قمت لتوي من مجلس إيلاف و قصدت كبير التجار فبعته كل ما املك من تجارة
و املاك الا داري، و قد عزمت على المسير ليلا و جرى الخبر أني قاصد ارض الحجاز لاستقر في المد ينة . فأسررت لإيلاف بوجهتي وسلمت على خاصتي و أمنَّت بعض مالي عندهم و أشهدتهم الله أنفسهم عليه، وأعددت راحلتي لمسير ثلاثين يوما أو يزيد.
بت في ليلتي أتقلب تقلب المشتاق، و أرِقت فلم يغمض لي جفن إلا و الليل قد أنصف. فرأيت في ما يرى النائم نورا يقترب مني و يخرج منه صوت كالصدى
فقال هل عرفتني قلت ألست السندبادي قال نعم فقلت لبيك سيدي قال فقر في مكانك حتى أمرك بالمسير قلت لكن..
فرأيت النور يخبوا فجأة و ينتهي و انتهت معه غفوتي و انأ لا أكاد أقول إلا مثلما قالت بلقيس لسليمان يوم شبِّه لها كأنه هو كأنه هو....
لكني شعرت فجأة بذعر أن يكون قد نزعني نزغ من الشيطان يريد أن يحبسني عن السندباد فراجعت ما رأيت فلم يستقر رأيي فعزمت على أن لا أعود عن سفري فأردت القيام عن فراشي وانأ استعيذ من شر الصوت و الحلم، لكني هلعت لما وجدتني قد حبست و تخدرت إطرافي فضننت أن الفالج قد أصابني فبكيت بكاءا مرّا
اقسم في ساعتي، أني ما جزعت يوما و لا فرقت حد الموت يوما مثلما جزع و فرقت في ذلك اليوم .حبس صوتي عن النداء، وانحبست حركتي حتى كأني ميت كنت أطلب اللطف و الرحمة والإغاثة وأنا نادم على صرفي الخدم و عتقي العبيد
مكثت عندي حتى إذا توسطت الشمس السماء زال ما كان عندي من خدر،
فقمت مسرعا و قصدت السوق ابحث عن ايلاف، فإذا هو عند أبي داوود العطار فلما راني بهت، واقبل نحوي على عجل فتنحيت به جانبا لا يسمعنا احد و قد كثر في السوق البصاصون فحدثته بما رأيت و ما حدث فسكت و هو الذي لا يسكت أبدا و اصفر و جهه ثم بادرني
خيرا يا أبا سليمان ...خيرا يا أبا سليمان...
اخذ بيدي و دعاني للجلوس و أمر بماء بارد و ثلج و ماء و زهر فلما اطمئن بالي و رأى الانفراج في وجهي قال:
يا أبا سليمان لماذا لا نذهب فنرى عبد الرحمان البصري فان له في الرؤيا علم آخذه عن ابن سيرين فرفضت و قد كنت عزمت السر في أمري وقفلت راجعا إلى داري
أمضيت كامل النهار في حجرتي لا ابرحها، ولا تبرحني الحيرة وصليت العشاء فردا وأخلدت إلى النوم، وانأ عازم على المسير قبل الفجر فنمت من التعب نوما عميقا و سبحت في طمأنينة أفقت بعدها عند الفجر نشطا و أنا أكاد انسي ما جرىالبارحة فلبست ثيابي، و حسَّنت هندامي و طلبت من الله المساعدة و دعوت دعاء المسافر و قصدت راحلتي لأطعمها و أسقيها فوجدتها في هدوء باركتا، فسقيتها، وحللت حبالها لتقوم لكنها لم تطاوعني و حرنت و جذبت رأسها للخلف وجفلت فكدت من غضبي أن أنحرها في مكانها، لكني ترويت و أنا اعرف أنها ذات جهد في السفر
لم يكن الحصير هناك ولكن رداءا ابيض كان معلقا مكانها.لا ادري كم مضى من الوقت و انأ بهتٌ في حيرة وفزع . كان الرداء رداء السندبادي الذي واريته التراب يوم المقبرة العظيم .ثم أخذته افحصه و أشمه و ارميه على وجهي .أتبرك ببركته فانشرحت و علمت أن السندبادي يريدني و يطلبني و يأمرني أن استقر في ارض مصر حتى يأتيني منه أمر....
سعيف علي الظريف
saifdrif@gmail.com
هذا نص مسافر سيلحق الحلاج و يسترسل في تلافبفه
التعليقات (0)