سيدنا محمد رسول ونبي. أي أنه شخص واحد يشغل وظيفتين. لذلك من المهم عند التعرض لما قال أن نفرق بين المقام الذي يتكلم منه : مقام الرسالة أو مقام النبوة.
مقام الرسالة :
مقام الرسالة : يسمى رسول الشخص الذي يوكل بمهمة تبليغ رسالة.الرؤساء يرسلون برسائل شفوية أو مكتوبة لنظرائهم من بقية الدول. والشخص المكلف بتبليغ الرسالة ملزم فقط بإبلاغها.فشرط هذه الوظيفة هو المحافظة على الرسالة من أي زيادة أو إنقاص أو تحريف. لذلك العصمة من الخطأ مطلوبة بل هي شرط لشغل هذه الوظيفة. فالمهمة هي تبليغ الرسالة كما هي.
فهل كان سيدنا محمد في مقام الرسالة يخضع لهذه الشروط ؟؟
العصمة من الناس:
هذه الآية تبين العصمة من الناس عند تبليغ الرسالة. والرسالة حسب نفس الآية هي : "ما أنزل إليك من ربك" أي الوحي. فنحن لا نعرف شيئا آخر أنزل عليه غير القرآن.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)الحج
تبليغ الرسالة كما هي :
هذه الآية تبين أكثر أن الرسول لا يمكن أن يزيد شيئا للرسالة كما توضح أن الرسالة هي "تنزيل رب العالمين" والشيء الوحيد الذي ذكر أنه نزل على الرسول هو كتاب القرآن
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)الحاقة
فقهاءنا للأسف يبررون وجود الأحاديث كمكمل للقرآن إعتمادا على الآية 3 من سورة النجم. لكن الآية التي تليها تبين أن ما كان ينطقه هو الوحي أي من مقام الرسالة.
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)النجم
مهمة الرسول فقط تبليغ الوحي أي الرسالة كما هي:
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)التغابن
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)المائدة
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) البينة
الطاعة فقط للرسول :
لقد قلنا أن الرسالة فيها أحكام أي أنها قابلة فقط للطاعة أو المعصية. كما أنه من المهم ملاحظة أنه لا يوجد في القرآن أمر بطاعة النبي بالمقابل هنالك في أكثر من مكان أمر بطاعة الرسول. وهذا منطقي ففي مقام الرسالة الرسول توجد آيات الأحكام أي آيات التحريم وكل الأوامر والنواهي. وللناس الحق في الطاعة أو المعصية.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ (64) النساء
رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) آل عمران
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) آل عمران
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)
الرسول آمن بالرسالة بعد أن آمن بالغيبيات التي ذكرت في "القرآن" كالقصص والملائكة..الخ
تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)هود
آمن الرسول والذين معه بآيات الغيب(القرآن) وبعدها أطاعوا الرسالة
آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)
خلاصة لمقام الرسالة :
الرسول مهمته فقط إبلاغ الناس بما يوحى إليه ثم طاعتها وتنتهي مهمته عند هذا الحد. والمؤمن مطالب بطاعة الرسول أي تطبيق الرسالة. إذ طاعة الرسول هي من طاعة الرسالة أي من طاعة الله.
مقام النبوة :
من الملاحظ في القصص القرآني وجود كثرة للأنبياء وقلة الرسل. السبب يعود لكون أن الرسالات السابقة كانت محتاجة لأكثر من نبي لنشرها وتعليم الناس تطبيقها. لكن كيف للناس أن تصدق شخص ينشر رسالة لم تنزل عليه(نبي فقط) ؟؟ الأمر يحتاج لمعجزة (آيات بينات) تبين أنه مكلف من عند الله. لذلك كان لكل نبي معجزة أو أكثر. إذا المعجزة هي وسيلة تساعد على نشر وتعليم الرسالة. . نبوة موسى هي آياته التسع ونبوة عيسى هو آية إحياءه للموتى ونبوة إبراهيم هي آية النار الباردة...الخ. من الملاحظ أن نبوة الأنبياء كانت مرئية و تنتهي بانتهاء تبليغهم الرسالة.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ(246)البقرة
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)البقرة
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)الأعراف
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ(21) آل عمران
لكن هل مقام النبوة يخضع لنفس مقام الرسالة ؟؟
النبي غير معصوم من الأخطاء :
بعكس مقام الرسالة التي بيننا أن فيها أن الله عصمه فيها من الناس والشيطان فإن مقام النبوة لا تتوفر فيه هذه الشروط.
لا عصمة من الشيطان(عدو العقل) :
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)الأنعام
لا عصمة من الناس :
الإنذار : يكون بالقرآن(الإعجاز) لأن القرآن فيه آيات القصص التي تقص مصير كل من لم يؤمن. كذلك فيه الحديث عن الغيبيات كالنار والجحيم ويوم القيامة ويوم الحساب.
بعد التبشير والإنذار من المهم تعليم الناس كيفية تطبيق الرسالة و ونشرها...الخ
تطبيق الأحكام:
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ (213)البقرة
نظام الحدود:
إن ما يميز الرسالة المحمدية عن بقية الرسائل أنها مبنية بنظام الحدود. وهو آخر ما توصل إليه المشرعون في العالم إلى حد اليوم.
سآتي فقط على مثالين للذكر وليس للحصر.
التشريع بالحدود هو مثلا أن نعاقب السارق لشيء ثمنه من
1 دينار إلى 100 دينار عقوبة تبدأ بخطية من 30 دينار إلى شهر سجن.
101 دينار الى 1000 د : سجن من شهر إلى 6 أشهر
من 1001 د الى 10000د : من 6أشهر الى 3 سنوات
وهكذا دواليك
في الرسالة المحمدية عقوبة السرقة القصوى هي قطع اليد وعرفنا أنها القصوى من كلمة نكال أي إذا أردنا أن نكيل بالسارق فأقصى عقوبة مسموح بها هي قطع يده. والسارق هو ليس من يسرق بل هو من يمتهن السرقة كأن نقول نجار لمن يمتهن النجارة وطبيب لمن يمتهن الطب.
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) المائدة
أما الحد الأقصى لعقوبة إيتاء فاحشة مبينة لمتزوجة فهو الطلاق و الإخراج من البيت. أما الطلاق من غير فاحشة مبينة يلزم الرجل بترك المنزل لزوجته.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)الطلاق
كما نلاحظ هنا أن التعدي على حدود الله ظلم !!! أي أن هذه أقصى عقوبة !!!
بالنسبة لموضوع ثياب المرأة الشرعية فهو أيضا يخضع لمنطق الحدود.
الحد الأقصى: خاص بزوجات النبي وهو غير ملزم لبقية النساء لأن زوجات النبي قال عنهم الله "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ"
الحد الأقصى: تغطية كامل الجسم ما عدى الوجه والكفين من الملاحظ أن سبب التغطية هو فقط إبعاد الأذية
أي أنه يمكن لأي امرأة يمكنها أن تحافظ على لباسها التقليدي شرط أن يكون بين الحد الأدنى والأقصى حسب الاحتياج وحسب الأذية التي من الممكن أن تتعرض لها.
تلخيص لنظام تطبيق الأحكام:
إن الرسالة تتكون من أحكام مطلقة مبنية بنظام حدودي. و وظيفة النبي كانت تحويل هذه الأحكام المطلقة إلى أحكام ظرفية وهي نفس ما يقوم به القضاة اليوم عند دراسة عقوبة المذنب. للأسف علماء الفقه لم ينتبهوا لهذا الأمر(الحدود) ودخلوا في صراع فقهي حول أي حكم يجب أن يتخذوا وللأسف اختاروا في أكثر من مكان الحكم الأقصى الذي يتجاوز حدود الله.
تلخيص لموضوع الرسالة والنبوة:
سيدنا محمد رسول ونبي
مقام الرسالة: لا يتحدث إلا الوحي أي كتاب القرآن
مقام النبوة : ينذر الناس بأهوال جهنم ويوم الحساب ويبشرهم بالجنة. وعملية الإنذار والتبشير تقوم فقط بقراءة آيات القرآن. كما أنه يطبق آيات الأحكام بتحويلها من مطلق غير ظرفي أي الحكم بين الحد الأدنى والحد الأقصى.
الأحاديث :
يؤكد الدكتور الطالبي وغيره من المفكرين أنه لا يجوز إتباع غير القرآن. فهل كان الدكتور الطالبي وغيره محقين في ذلك ؟؟
سأحاول أن أبسط أفكار هؤلاء ثم أترك لكم تدبر ذلك بأنفسكم.
كما هناك حديث صحيح ورد في كتاب مسلم والبخاري يقول بأن سيدنا محمد كان ينهى عن كتابة الأحاديث. لن أعتمد عليه فيوجد في القرآن ما يغني عنه. وأترك لكم الحكم على الأحاديث
نزل علينا الكتاب مبين ومفصل ذلك أن فيه الآيات البينات وتفصيل الكتاب
وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) الأنعام
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوحى إليه بغير القرآن وكان يدعو الناس به
إن الحقيقة عند الله وحده أما ما دونها فأفكار مشيطنة لذلك أمرنا بالتوكل فقط عليه:
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)الأحزاب
كذلك كان يفعل سيدنا محمد
وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)الإسراء
لكن واقع اليوم:
التعليقات (0)